|
نقض وجود جهنم في الإسلام
هيبت بافي حلبجة
الحوار المتمدن-العدد: 7976 - 2024 / 5 / 13 - 08:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في إشكالية الصراع مابين الخير والشر ، في موضوع الصراع مابين إله الخير وإله الشر ، برز مفهوم العالم العلوي والعالم السفلي ، وبرزت مفردتان كورديتان منذ البداية ولهما أصل مشترك في الإشتقاق اللغوي وهما ، عالم جورين وهو العالم العلوي حيث النورالمطلق والسماء والنقاء والسعادة الأبدية وجوهر الحياة وصفاء الأرواح وإطلالة النفوس ، وعالم جيرين وهو العالم السفلي حيث الظلام المطلق والعذاب الأبدي والقاذورات والأدران والحشرات والأوحال والنتانة الكاملة . ومن ثم قابلهما فيما بعد مصطلح الجنة وجهنم والجحيم وهي مفردات كوردية تبدأ من حيث الإشتقاق اللغوي بلفظ ، جيه ، أي المكان ، وجهنم موضوع الحلقة تعني حرفياٌ المكان الذي لايمكن البقاء فيه ، أو مكان لابقاء فيه . ومن الضروري ضرورة معرفة إن الأصل في جهنم لاوجود لموضوع النار ، والتعذيب بالنار ، لإن جهنم هو المكان الموازي لعالم جيرين ، العالم السفلي ، عالم القاذورات والعذاب الأبدي . ومن الضروري أيضاٌ ضرورة معرفة إن الأصل في جهنم ، أو العالم السفلي ، لامكان للتعذيب أصلاٌ إنما هو العذاب والألم واللاحياة ، فلا أحد يعذب أحداٌ إنما هو المفهوم الأصيل للوجود البشري . ومن الضروري ثالثاٌ ضرورة معرفة إن الجنة وجهنم ليستا للتأديب أو الترغيب ، إنما هما بمثابة عوالم كاملة ، عوالم تامة ، حيث الفصل مابينهما هو الإنقسام مابين من ينتمي إلى العالم السفلي ومابين من ينتمي إلى العالم العلوي . وعلى مايبدو إن موضوع النار والتعذيب وإستبدال جلودهم بجلود غيرها ثبتت بصورة قطعية في المعتقد الإسلامي . فإلى تلك المقدمات : المقدمة الأولى : لاشك بل من المؤكد إن مايسمى بالدين الإسلامي ليس ديناٌ حقيقياٌ أصيلاٌ ، ولايتمتع بأية مقومات في الفكر كإصالة فكرية ، ولايتمتع بأية منظومة فكرية ، إنما هو عبارة عن شذرات متقطعة من هنا ومن هناك ، وإقتباسات غير مؤكدة ومنحرفة عن الأصل ، وردود أقوال غير منطقية بل سطحية ، وأسباب نزول أرضية وبطريقة ضبابية ، لذلك فإن النص الإلهي وكذلك الحديث وكذلك الفقه ترقع هنا وهناك لتكشف عن العورة الحقيقية هناك وهنا . وجهنم ، موضوع الحلقة ، لاعلاقة لها بتأصيل الفكرة في المعتقد الإسلامي ، إنما أخذت أخذاٌ مباشراٌ ودون التفكير في أصوله من التشريعات السابقة ، لذلك أتت فكرة جهنم مشوهة في الإسلام ، قزمة ، لإن صانع الإسلام ومؤلف القرآن ماكان يدرك حقيقتها : فمن جانب ، يعتقد الإسلام إن جهنم هي مكان للتعذيب في أقبية مخابرات إلهية ، وبأشد أنواع التعذيب المرعبة ، وأجمع الفقه إن أشد آية على أصحاب النار هي هذه الآية ، فذوقوا فلن نزيدنكم إلا عذاباٌ ، سورة النبأ الآية 30 . ثم يستطرد النص الإلهي ، إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم خذوه فأعتلوه إلى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ، سورة الدخان الآية 43 ثم يردف ، إنكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم إنتم لها واردون وترى المجرمون يومئذ مقرنين بالأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ، سورة الأنبياء الآية 98 . ثم يؤكد ، إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراٌ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداٌ غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاٌ حكيماٌ ، سورة النساء الآية 56 . ومن جانب ثاني ، إن إله الإسلام ماكان يدرك حقيقة العالم العلوي والعالم السفلي ، وماكان يدرك إن هناك إله للعالم العلوي ، وإله آخر للعالم السفلي ، فحسب نفسه هو المسؤول عنهما دون أن يدرك إن إشكالية الإله الواحد متعددة الأوجه ، متفارقة المستويات ، إذ من المستحيل ، في حال وجود إله واحد ، وهذا فرض غير ممكن ، إن يكون هو خالق العالم السفلي وخالق العالم العلوي ، ولايمكن أن يخلق شيئاٌ ، ولايمكن أن تكون له مشيئة ولاحتى إرادة في هذا الموضوع وفي غيره ، لإن الإله الآخر هو من يقف ضد تنفيذ إرادة هذا الإله ، أي لو كان الإله واحد ووحيد لما كان لجهنم من معنى . ومن جانب ثالث ، إن إله الإسلام ماكان يدرك إنه إله حقيقي ، أو من المفروض أن يدرك إنه إله ، ولم يتصور جهنم على إنها من مخلوقاته ، وتصورها على غرار تصور البشر ، فهي نار أبدية ، نار لهابة تلفح الدنيا ومافيها ، وتحتاج بالضرورة إلى وقود كالنار البشرية ، لذلك يؤكد إله الإسلام ، يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراٌ وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون ، سورة التحريم الآية 6 . وهكذا تبدأ الكارثة في العقل الإلهي ، حيث إن ثمت ملائكة غلاظ ينفذون إرادة إله الإسلام فهو بذاته غير قادر على التصرف في جهنم . المقدمة الثانية : ولإن إله الإسلام لايدرك حقيقة جهنم ، فقد أربك الفقه الموازي ، وأعتقد هذا الفقه إن جهنم مؤتلف من سبعة درجات ، سبعة مستويات ، وإستخدم مفردة ، درك ، دركات ، الدرك الأسفل ، وهذه المفردة هي كوردية وتعني الباب ، در كه ، وجهنم في المعتقد الزرادشتي لها سبعة أبواب ، فبحث الفقه في نصوص النص الإلهي ليجد ماهي هذه الدرجات السبعة ، فكانت الهاوية والحطمة والسعير. المقدمة الثالثة : ولإن تفكيره بشري أرضي ، ويتمتع بنفس خواص الشعور لدى الإنسان ، فهو يسعى إلى الإنتقام بكل وحشية وبشاعة ، وينادي جهنم ، هل إمتلأت ، وكإنه يود أن يرسل إليها كل البشر ، فتجبيه بنفس شعوره المستوحش ، وهل من مزيد ، المزيد من البشر ، المزيد من التعذيب ، والنص الإلهي لايستحي لإنه ، هو نفسه ، ينعت الإله ، إله الإسلام ، إنه عزيز ذو إنتقام ، وفي هذا الخصوص لامحيص من ذكر الآية التي تخلص مدى مستوى فكر وشعور هذا الإله ، تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وماكسب سيصلى ناراٌ ذات لهب وإمرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ، سورة المسد . المقدمة الرابعة : إن عدد الآيات التي ذكرت فيها مفردة جهنم سبعة وسبعين آية ، نذكر منها : ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى وتبع سبيل غير المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراٌ ، سورة النساء الآية 115 . فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيراٌ . سورة النساء الآية 55 . وإذا قيل له إتق الله أخذته العوة بالأثم فحسبه جهنم وبئس المهاد . سورة البقرة الآية 206 . إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاٌ وأولئك هم وقود النار . سورة آل عمران الآية 116 . أفمن أتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ، سورة آل عمران . الآية 162 . إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاٌ . سورة النساء . الآية 140 . وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لاتنفروا في الحرقل نار جهنم أشد حراٌ . سورة التوبة . الآية 81 . نكتفي بهذا القدر ونعترض بالتالي : أولاٌ : في البدء ، ثمة مغالطة تتضمن جملة من الحماقات ، في البدء ، كان الإله ، إله الإسلام ، كان هو هو ، وماكان ماهو ماهو ، ثم فكر هذا الإله ومن ثم أراد ، وهذه هي الحماقة الأولى ، ثم جعل في الأرض ، وهذه هي الحماقة الثانية ، خليفة ، وهذه هي الحماقة الثالثة ، ثم ألهمها فجورها وتقواها ، وهذه هي الحماقة الرابعة ، ثم أرتكب الحماقة الخامسة حينما نصب نفسه ملكاٌ على جهنم . وفي الأصل لايستقيم وجود هذا التثليث معاٌ ، الإله والإنسان وجهنم ، إذ حينما خلق هذا الإله الإنسان ، خلقنا الإنسان من وفي ، ونصب نفسه ملكاٌ على جهنم ، فمن المستحيل أن يستقيم هذا إلا ضمن فرضية مزعجة تخضع لثلاثة شروط : الشرط الأول ، أن يكون الإنسان شريراٌ بطبعه ، مجرما ببنيويته . الشرط الثاني ، ينبغي ألا يكون هو من خالق الإنسان وإلا لكنا إزاء مسرحية فكاهية دراماتيكية . الشرط الثالث ، من المنطقي ألا يكون هذا الإله قادراٌ على إصلاح الإنسان ، أي أن يكون عاجزاٌ عن أي فعل من أساسه أن يغير هذا المحتوى الشرير لدى الإنسان إلى محتوى الخير . ثانياٌ : ثمت إشكالية في الفكر الإلهي ، فقد كان ، كان هو وليس معه ماهو هو ، فخلق ، ومن جملة ماخلق جهنم ، وجهنم سواء في المنطق الإلهي أو في المعتقد أو في تأصيل وجوده مرهون في وجوده بوجود الإنسان ، وهنا يبرز السؤال الصعب من سبق الآخر في الوجود ، أي في الخلق ، أي هل خلق الله ، إله الإسلام ، الإنسان أولاٌ ، أم جهنم أولاٌ ، أم خلقهما معاٌ في منذ المنذ . في الإحتمال الأول ، أي إذا خلق الله جهنم قبل خلقه للإنسان ، فقد دل ذلك إلى إن لوجود جهنم غاية منفصلة تماماٌ عن الوجود البشري ، وهذا ما لم يقل به إله الإسلام ، وحتى إنه لم يفكر به ، كما يستنبط من ذلك إن ثمت مسوغ إنطولوجي مرهونة له شرطياٌ إرادة الله خارج سياق البعد الإنطولوجي لخلق البشر ، لوجود البشر ، وهذا مبحث يتخطى حدود المعتقد الإسلامي . في الإحتمال الثاني ، أي إذا خلق الله جهنم والإنسان معاٌ في منذ المنذ ، وهذا الإحتمال مطعون فيه في الشرط الإلهي نفسه ، لإن معنى ذلك إن الله كان عازماٌ بالمطلق في تعذيب البشر والإنتقام منهم منذ البدء ، وإن الله كان ماكان صادقاٌ في إطروحته ، إني جاعل في الأرض خليفة ، سورة البقرة الآية 30 . ولا حتى في زعمه ، ماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، سورة الذاريات الآية 56 . أو في تصوره ، إنا خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ، سورة التين الآية 4 . في الإحتمال الثالث ، أي إذا خلق الله جهنم بعد خلقه للإنسان ، وهذا إحتمال كارثي بالنسبة لإله الإسلام فهذا يعني إن الإنسان لم يلتزم بما رسمه له هذا الإله ، وإنه تخطى حدود إرادته ومشيئته ، فأراد ، هذا الإله ، وكان لابد ، ولامحيص من أن يعاقب البشر ويؤدبهم ويردعهم من خلال خلقه لجهنم ، وهذه وسيلة بعدية تدل ، من جملة ما تدل ، إن الإله ، الله إله الإسلام تورط في خلقه للبشر ، وإنه كان جاهلاٌ فيما يخص طبيعة البشر ، وإنه لايستطيع إصلاح البشر ، وعاجز عن الإصلاح ، فكان لامحيض من خلقه لجهنم لردع هذا المخلوق الأرعن ، الذي هو الإنسان . ثالثاُ : لننتقل الآن إلى الإشكالية الكبرى ، إشكالية الإشكاليات ، وهي ماهي الضرورة التي أجبرت الإله وأرغمته على خلق جهنم ، لإن لو زعمنا إن إله الإسلام خلق جهنم من تلقاء رغبته ، كأننا نؤكد على إن هذا الإله هو إله شرير ، إله مستبد ، إله يتلذذ بتعذيب مخلوقاته . فلامناص هنا ، ومن حيث التأصيل ، من وجود ضرورة أنطولوجية ، ضرورة ثابتة ، ضرورة خارجية ، ضرورة فرضت شروطها على هذا الإله ، ضرورة هي بطبيعتها خارج حدود البشر ، خارج حدود إله الإسلام ، خارج كل ما ينتمي إلى مخلوقات هذا الإله ، أي أن لابد من ضرورة مستقلة بالقطعي عن هذا الإله ويمكنها أن تفرض شروطها الخاصة على الإله وفقاٌ لإرادتها الخاصة بها . وهنا ، وللتوضح ، لابد من أن تكون الضرورة ، إنطولوجية بحتة من جانب ، وذاتية بحتة من جانب ثاني ، ومستقلة بالقطيعة عن الإله وعن مخلوقاته من جانب ثالث ، أن تتصرف وفق إرادتها الخاصة الباطنية من جانب رابع . أن تكون قادرة بالكلي على فرض شروطها على هذا الإله من جانب خامس . رابعاٌ : في موضوع العلاقة مابين جهنم والإله ، هذا الموضوع له جانبان ، الجانب الأول وهو الجانب الإنطولوجي ، والجانب الثاني وهو الجانب الغائي . وفي الجانب الأول ، ما حقيقة جهنم في المستوى الإنطولوجي ، إن الوجود هو وجود واحد وهو وجود الله فلاوجود قبله ويمتنع أي وجود بعده ، وهو وجود كلي كامل ، فحينما خلق إله الإسلام جهنم ، فقد خلقها ضمن فرضيتين ، إما أن تكون لجهنم وجود حقيقي ، وإما أن تكون لها وجود كاذب . فإذا كانت وجوداٌ كاذباٌ فكيف يمكن لهذا الإله أن يخلق وجوداٌ كاذباٌ ، وهل يحتسب الوجود الكاذب ضمن حدود مقومات الخلق ، لإن هذا الوجود الكاذب هو ( ...) هو لاشيء هو لاوجود . وإذا كانت وجوداٌ حقيقياٌ فلقد أصبح لدينا وجودان حقيقيان ، وجود الله ووجود جهنم ، وهذا يفضي إلى إشكالية أخرى قاتلة وهي إن جهنم أبدية سرمدية وغير مخلوقة ، فالوجود تعريفاٌ هو وجود سرمدي أزلي أبدي لايمكن أن يخلقه أحد ، ولذلك قلنا في حلقة سابقة إن الله لايمكن أن يخلق ، لايمكن أن يخلق أي شيء على الإطلاق ، فإن أدعى الخلق ، فالمخلوق لايتمتع بأي وجود ، وهذا يفضي إلى إستنتاجات بعيدة المدى ، متعددة المستويات ، بمعنى ، على الأقل ، إن هكذا إله غير موجود . وفي الجانب الثاني ، وطالما إن الإله تعريفاٌ هو الخالق الكلي فلايمكن أن يتوازى معه مفهوم الغاية ، فلا غاية ممكنة مع إله الكون ، لذلك كي تكون الغاية أصيلة لابد من ثلاثة فرضيات كلها ، حسب التعريف الإلهي ، كاذبة ، الأولى أن تكون جهنم ليست من مخلوقات الإله فرضية كاذبة إسلامياٌ ، الثانية أن يكون الإنسان ليس من مخلوقات الإله فرضية كاذبة إسلامياٌ ، الثالثة أن تكون الغاية جزء عضوي من الذات الإلهية بمعنى إن طبيعة هذا الإله تقتضي وجود جهنم ، بمعنى إن جهنم هي ليست جزء من الله فقط إنما هي الله نفسه . وهنا وللتوضيح ، لإن ضمن فرضية إن الله قد خلق الإنسان وكذلك جهنم وإن لاغائية عضوية في الذات الإلهية ، تنتفي كافة أسباب ومسوغات البناء وتستبد المزاجية المطلقة على الحيثيات : وهذه هي إشكالية الإله الواحد ، فالإله الواحد ، إذا كنا نؤمن بوجود إله وهذا أمر مستحيل ، لايمكن أن يفسر أساس الكون ووجود الكون ولايمكن ، وهذا هو المهم ، أن يفسر حتى وجوده هو . خامساٌ : في أساس أصالة وجود حهنم وليس في فكرة تأصيل جهنم ، لدينا ثلاثة فرضيات ، الفرضية الأولى ، أن يكون وجود جهنم هو جزء أصيل من وجود إله الكون ، أي أن تكون جهنم من الله ، الفرضية الثانية أن يكون وجود جهنم وجود مستقل ومنفصل عن الوجود الإلهي بالقطع وبالتمام ، الفرضية الثالثة ، أن تكون جهنم في وجودها مخلوقة من إله الكون : وإذا كانت جهنم جزء أصيل من الذات الإلهية ، فهذا يدل على مانسميه بالإله ، هو مؤتلف من أطراف عديدة ، مثل الإنسان تعريفاٌ وكذلك جهنم والجنة والحيوانات والنباتات والحشرات والطيور ، وكوننا هذا ، فالإله هو هذا الكون ولاينتمي إلى ماهو خارج هذا الكون . وهذا يفضي إلى نتيجة مزعجة : إن كوننا هذا ، إن هذا الكون هو الإله نفسه ، إن الطيور هي آلهات ، إن كل فرد بشري هو إله ، وإذا كان الأمر كذلك فما هو مسوغ وجود جهنم . وإذا كانت جهنم مستقلة عن الإله ، فهذا يدل على إن الإله ليس له أي سيطرة على جهنم التي تتصرف وفقاٌ لمعايير ومقايس خارجة عن العلم الإلهي . وإذا كانت جهنم من مخلوقات هذا الإلهي ، فهي فرضية كاذبة ، إذ قد رأينا إن هذا الإله ، عاجز في تمامه وفي كليته ، عن خلق أي شيء ، كما إن الأمر يتحول إلى مسرحية هزلية سخيفة تافهة . سادساُ : ثمت إشكالية من نوع خاص وهي إن خلق الله ، إله الإسلام ، لجهنم وكذلك للجنة ، يفرض حتماٌ وبالضرورة أمراٌ تاماٌ يخص أن لابد من أن يدخل جهنم ، وكذلك الجنة ، شخصاٌ معيناٌ بذاته معروف بضرورته على الأقل ، وإلا لكنا أمام قانون الإحتمالات وشرط تحقيق مضمونه ، وخلق جهنم ، وكذلك الجنة ، يرفض بالمطلق قانون الإحتمالات ، والمعنى إن إله الإسلام يضع شرطاٌ لمن يدخل جهنم وكذلك لمن يدخل الجنة وهذا مرفوض في حدود مفهوم الخلق ، لإنه ، ومن الممكن ، ولما لا ، ألا يدخل أحد ، ولاشخص ما ، جهنم ، لإنهم ، البشر كلهم ، قد تجنبوا إرتكاب الآثام وبالتالي دخل كلهم الجنة ، حين سيكون وقود جهنم البؤس الإلهي ، أو بالعكس قد يدخل البشر كلهم جهنم لإقترافهم آثام وذنوب تطيح بالشرط الإلهي الإيجابي . وهنا لايمكن أن نعلل قضية الخلق على مجرد شرط قد يتحقق وقد لايتحقق تحت زعم لابد أن يكون هناك شخص ما سيدخل جهنم أو شخص ما سيدخل الجنة ، لإن جوهر قوانين الإحتمالات هي معطيات بشرية ، هي مضامين قد وقد لا ، ولايمكن وفي مطلق الأحوال تحديد شخص ما بدخوله إلى جهنم أو بدخوله إلى الجنة ، فحتى إبليس لم يعص سوى أمر فرضه إله الإسلام بطريقة خاطئة وإلا فإنه منذ المنذ وحتى المنذ هو يؤمن بالله ، وكذلك نبي الإسلام فإنه قد حرم ماحلله الله ، حسب الآية الموازية ، وذنبه في بنيته أعظم بكثير من ذنب إبليس . وأما الزعم إن ذلك الكائن سيدخل جهنم ، وذاك سيدخل الجنة بطريقة مسبقة فهذه حتماٌ مسرحية هزيلة سخيفة . سابعاٌ : لنخلص بإقتضاب : من زاوية ، لايمكن تبرير وجود جهنم إلا من خلال فرضية كهذه ، حينما خلق إله الإسلام ، الذي أسمه الله ، الإنسان ، تمرد هذا الأخيرعلى الله وحطم أصنام نواميسه ، ولم يعد هذا الإله قادراٌ على السيطرة على هذا الكائن المتمرد ، فما كان منه إلا أن يخلق جهنم والجنة ، في جهنم حالة مرعبة من الردع ، تستبدل الجلود بجلود غيرها ، وتصب المهل على الرؤوس ، وفي الجنة عربدة مطلقة ، حياة وحشية ، فض بكارات ، إحتساء أنهار من الخمر ، في جهنم نار ونار ، وفي الجنة يتحول الإنسان إلى إله مطلق ، إلى إله كامل الإرادة مطلق المشيئة . ومن زاوية ثانية ، كما لايستغني إله الإسلام عن ألوهية الإنسان لتبرير وجود جهنم والجنة ، فإنه يعتمد على نفس التصور مع الإبليس ، حيث يتحول هذا الأخير إلى إله ينافس الله على عرشه . ثامناٌ : تعتقد شخصيات إسلامية معاصرة ، شخصيات متواضعة في الفكر والتحليل ، إن وجود جهنم ضرورة لتحقيق العدل ، فالعدل الإلهي لايمكن أن يتحقق إلا بوجود جهنم والجنة ، كما إن إطروحتي الثواب والعقاب تقتضي بنفس الضرورة وجود جهنم ووجود الجنة ، وتتمادى هذه الشخصيات في التحليل وتؤكد إن وجود جهنم لدلالة واضحة على وجود الله ، ولو لم تكن جهنم موجودة لتأكدنا على عدم وجود الله ، لإن عدم وجود جهنم كان يعني غياب العدالة وبالتالي لغاب صاحبها وهو الله . هذه الرؤيا قاصرة ، ونقتضب كالآتي : من جانب ، إن العدالة الإلهية هي جوهر الحياة البشرية ، فلاعدالة قبله ولاعدالة بعده . ومن جانب ثاني ، أين كانت العدالة الإلهية قبل خلق الله للإنسان . أين ستكون حين زوال البشر من الوجود ، حين إنقراض الإنسان . ومن جانب ثالث ، تتحول العدالة إلى غاية الوجود ، وهذا أمر متضارب ومتعارض ومتناقض . ومن جانب رابع ، كإن إله الإسلام لايستطيع تحقيق العدالة بنفسه . ومن جانب خامس ، هل جهنم وسيلة لتحقيق العدالة أم وسيلة ردعية . وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة والستين مابعد المائة .
#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقض لودفيغ فيتجنشتاين
-
نقض محي الدين بن عربي
-
نقض القوانين الهرمسية الكونية السبعة
-
نقض مفهوم الجهاد في الإسلام
-
نقض إسبينوزا
-
نقض موضوع ـ المحلل ـ في الإسلام
-
نقض هيجل
-
نقض تحريم التبني في الإسلام
-
نقض الدين والفلسفة
-
نقض ذبح إبراهيم لإبنه في النص الإلهي
-
نقض اللاوعي الجمعي لدى كارل يونغ
-
نقض وجود الجنة ومحتواها في الإسلام
-
نقض مفهوم الدين لدى فراس السواح
-
نقض موضوع الزنا في الإسلام
-
نقض إطروحات علي حرب البائسة
-
نقض المنظومة الفكرية لدى ألبير كامو
-
نقض مفهوم الكون لدى هولباخ
-
نقض وجود الإله
-
نقض محنة سيدنا إبراهام لدى كيركجارد
-
نقض سورة الفاتحة في النص الإلهي
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: هل الصين مستعدة لحرب تجارية ضد أمريكا بعد فرض ت
...
-
المتمردون يعلنون وقف إطلاق النار في الكونغو الديمقراطية -لأس
...
-
الولايات المتحدة تطالب بانتخابات في أوكرانيا
-
من سيحصل على القارة القطبية الجنوبية
-
سحب القوات الأمريكية من سورية يطلق أيدي تركيا وإسرائيل
-
خطوات باشينيان العمياء: صبر موسكو ينفد
-
مرئي بالعين المجردة.. -موكب كوكبي- نادر يزين السماء طوال فبر
...
-
مواصفات الهاتف الجديد من Asus
-
OpenAI تطلق نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي مجانا
-
ترامب يعلق الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا لمدة شهر إثر تو
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|