|
هواجس أدبية ودينية 159
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 7975 - 2024 / 5 / 12 - 22:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المقدسات المقدسات اعتبره حقل عام، أنه فكر، تم تحويله إلى قوقعة مغلقة من قبل البعص، لتصنيمه. أنا أرى المقدسات، القوقعة، تمسني في العمق كما الأخرين، وحقل يؤدي إلى اصطفافات اجتماعية وسياسية واقتصادية، وتخندق، وحروب. أرى أن المقدسات يجب فتحها، كسر القوقعة من أجل كشفها لنرى ما في داخلها. هذا يستدعي القراءة، قراءة تاريخية لتاريخنا، حتى ندخل العصر ونصبح جزء منه. القرآن نص، له زمن وتاريخ نزول، وله قراءة بل عدة قراءات، وإذا لا يبادر المسلمون إلى قراءته قراءة معاصرة، العدو هناك على الباب، مسلح بكل شيء، بالسلاح والتكنولوجيا، والعقل المفتوح الصادق والكاذب، والمساحات السياسية العالمية التي ترفده بالقوة. مصر، الدولة ممولة تكوين، وتم تسميته بمؤوسسة تكوين، كما أنها تمول الأزهر. نحن أمام تيارين متناقضين تمولهما الدولة المصرية، وعلى المتدينين تقبل الواقع وفتح صدورهم للحوار الجاد دون ذكر الثوابت، هذا من أجلهم ومن أجل المستقبل
مهمة المثقف قلت سابقة، وأقولها الأن أن مهمة المثقف هو الهدم، تكسير الأصنام، أن لا يبني أصنام جديدة، الحياة لا تحتمل الصنم الواقف. الديمقراطية ليست الحرية، هذا يجب أن نراه ونعرفه من أجل أنفسنا وأهلنا. في الديمقراطية تنام أو تغفو السلطة، تختفي عن العين، بيد أنها يقظة جدًا، عينها مفتوحة على وسع مثل الذئاب الكثير من أهلنا القادمين من الشرق، يظنون أن الديمقراطية هي الحرية ويحق لهم فعل ما يشاؤون، ويستطيعون تغيير الثقافة والسيطرة على الدولة. هذا الكلام غير دقيق، الدولة مقيدة بالقوانين والدستور، وهذان المفهومان قابلان للقفز عليهما عندما تتعرض السلطة للخطر. بهذه الحالة، تفك السلطة القيد عن نفسها، أي القوانين والدستور، وتتعرى من كل الحوامل الثقيلة القديمة المعلقة بها، كحقوق وحريات وإنسان. كل شيء مرهون بالزمن، والتحولات الداخلية والخارجية للدولة. أخوتنا المؤمنين، لا يريدون رؤية الحقيقة، والحقيقة في مرات كثيرة تأكل الأخضر واليابس. وإذا انقلبت السلطة على الدولة، لسبب من الأسباب، على من يقف في وجهها ان يجهز نفسه للهرس، بعد ذلك ستأكله وتحوله إلى خراء. وأعذر من أنذر.
الحروب المعاصرة أغلب الحروب المعاصرة هي حروب وظيفية تحت حجج مختلفة، لتحريك السوق، للبيع والشراء، لتجريب أحدث أنواع السلاح. إن ادخال مفهوم الديمقراطية في الحرب، هو لذر الرماذ في العيون، لاضفاء طابع أخلاقي على صراع لا أخلاقي.
السويد السويد دولة فقيرة ثقافيًا، لا تملك حمولات قديمة، دينية وقومية ومذهبية تتكئ بهم على نفسها، بل تخلصت من هذه القيم الماضوية العفنة منذ أكثر من مئتي سنة. اليوم هي في حالة انكماش على نفسها، تعيد قراءة نفسها من جديد بوصول الكثير من الناس إليها من ثقافات وقيم أخرى، ثقافات ماضوية، بل غارقة في الماضي السعيد. تعيش السويد اليوم الصدام الثقافي، يرافقه حمولة سياسية ثقيلة، داخلية وخارجية تدفع هذا البلد إلى الخوف على نفسه والبحث عن طريق يجنبها الصدام المباشر. الصدام سيكون بين القيم الديمقراطية التي تبنتها، والقيم الدينية والقومية القادمة إليها، بالإضافة إلى الضغوط التي تتعرض لها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، وروسيا من جهة أخرى. الدين والقومية، كيانان عنصريان، لا يمكنهما العيش إلا في الفضاء المغلق، يخافان من الانفتاح والحرية، يخافان من الذوبان في الفضاء العام لأي مجتمع يعيشان فيه. المستقبل غامض ليس للسويد وحدها، وأنما لأوروبا وروسيا معًا، وزاد الطين بلة وجود ثقافات أخرى تسحبها إلى النفق المظلم. الخوف الأكبر يأتي من الولايات المتحدة التي تريد دمار العالم القديم، آسيا وأفريقيا وأوروبا.
الثقافة إن تكسير الثقافة القائمة على الخداع والكذب والتورية هي مهمة صعبة جداً. ومهمته يقع على الأدب والفن والفلسفة. إن اختراق المألوف والعادي، وتكسيره وتعريته، يعني أنك تطرق باباً موصدًا. يعني أنك تكسره لتفتح على الباب الأخر، تخترقه وتدخل في ممراته الضيقة، حتى يرى الجميع النتن والقذارة الكامنة في هذه الثقافة التي نترعرع عليها. نحن نعيش أكبر كذبة، نتغذى عليها ونحيا حياتنا من خلالها. وهي الأكثر تدجينًا لنا. إن الثقافة هي المدخل والمخرج إلى الجمال والقباحة، إلى الحرية أو العبودية.
الوصايا هل الوصايا العشر، نداء أجوف أم خبايا لإغلاق النفس البشرية والتعتيم عليها ومنعها من الخروج إلى الحرية؟ هل هذه الوصايا قيد وعبودية، تتنافر مع النفس الإنسانية أم جزء من حقيقة الحياة؟ أيهما هو الأصح أن تسرق أم تبقى جائعًا، وتمتنع عن السرقة؟ إن تمارس الجنس أم تبقى عفيفاً، عذرياً، طاهرًا لا تمس الجنس الأخر؟ ولمصلحة من هذه الطهارة العقيمة الجوفاء؟ من هو الكائن الحقيقي الذي وضع المعايير وأطبق على الحبال المجدولة، وركنها جانباً لتتحول إلى عمليات محبوسة تحتاج إلى الحرية لتنطلق. هل حقيقة أن الإنسان لا يسرق أو يمارس الجنس إلا بشروط؟ لمن أطلق هذا النداء ولمصلحة من؟ أليس الخجل والإحساس بالذنب وعملية التورية، وكل الخبايا خرجت من هذه التوصيات الغريبة، غرابتها عن النفس الإنسانية، جعلت الإنسان يشعر بعقدة الذنب وحولت حياته إلى مارتون كبت وقهر وإغلاق على الذات والآخر؟ ألم يحن الوقت لرمي كل القيود جانبًا وخاصة العلاقة الخلاقة بين الرجل والمرأة، والعودة إلى الأبدية والعيش في الحياة بكل تنواعاتها؟ لمصلحة من هو الكبت، والأمراض النفسية والعقلية الخارج منه؟ إن الأوصياء على الوصايا يعيشون حياتهم بالطول والعرض، وندفع نحن ثمن وصايا لا علاقة لها بالنفس الإنسانية هي أسئلة مشروعة جداً. بالمناسبة، هذه الوصايا، وصايا سياسيةجاءت من فوق، وضعها حمورابي، وسرقها لصوص الدين وسموها باسمهم. وفي داخل هذه الوصايا، صراع بين الطبقة النافذة والمتحكمة ورجال الدين من جهة، والفقراء والمسحوقين من جهة أخرى
اعتقد اعتقد، أنا، أنت، نحن، كنا السبب في هزيمة العام 1967. كان الصراع، الذي تكثف عسكريًا، بين منظومتين فكريتين منقسمتين عموديًا وأفقيًا على بعضهما، الغرب بحداثته وتطوره والشرق بتخلفه وجهله. بين عقلية المختار. وعقلية الإنسان المعاصر عقلية المختار، أو المخترة هي الغالبة في عقل الإنسان الشرقي، ولم يخرج منها إلى اليوم، بالرغم من القسوة التي تعرض لها خلال المئتي سنة الأخيرة.
نقل الرومان معركتهم عندما نقل الرومان معركتهم من روما إلى قرطاجة أول شيء فعلوه أنهم حطموا آلهة القرطاجيين, ثم دمروا كل شيء في طريقهم. وللمزيد في الامعان في الأذى والتدمير, فلحوا الأرض وزرعوها بالملح حتى لا تنبت الحياة هناك على الأطلاق. وما زالت هذه المدينة عارية جرداء إلى اليوم, تذكر الجميع أن الإنسان أحقر عدو للإنسان والطبيعة والحياة.
الانحناءات التاريخية
في الانحناءات التاريخية الخطيرة, يقفز علينا من أسفل معادلات الحياة قوى سياسية دنيئة, قذرة, برغماتية بامتياز, وصولية, تقبض على التاريخ وتحوله لمصلحتها. هذا ما نراه في أكثر من مكان في التاريخ البشري برمته.
من خلال الدموع ومن خلال الدموع: ـ هل تستطيع أن تحمينا يا عم؟ سنكون زوجات لك، خادمات. نحن أطفال، بيد أننا نستطيع القيام بما تأمره لنا مقابل حمايتنا وإطعامنا. نحن يتيمتان. وليس لدينا من يعيننا. نظرت إلى وجهها البريء، الألم الإنساني القابع فوقه. وقبل أن أنطق بكلمة واحدة، لمحت مجموعة خيالة فوقنا. كانوا ساخطين. أمزجتهم سوداوية كالزفت المغلي. أصبحوا وجهًا لوجه في وجهي. وهم في حالة غضب وهياج. حدث هذا على بعد فرسخ من قرية الرميلان القرب من نهر الخابور. نزلوا من على الجياد والتفوا حولنا. حضنت الطفلتين، وقربتهما من قلبي في محاولة أن أحميهما. نظروا إلي باشمئزاز. وراحوا يشيعون نظرات حاقدة صوبي. رأيت الدماء تغلي في عيونهم وعروقهم. امتشق أحدهم سيفه ووضعه قرب عنقي. ـ أنت تعرف ماذا يعني حمايتك للخونة. شعرت بالدوار. عادت فتاة بلوفديف الصغيرة ذات الثالثة عشرة من العمر تلوح بيدها لي. ـ عماه. انقذني. ـ آه. كان صوتها الآسر في أذني ـ لماذا لم تفعل شيئًا؟ عراني الجنود أمام عينيك. اغتصبوني جميعهم. صلبوني عارية على تلك الخشبة القاسية من ذلك الخشب الصلب الذي قطع بسرعة، وجلب على عجل. لماذا كنت ساكتًا، عندما وضعوا جسدي الغض عليه؟ لماذا لم تفعل شيئًا عندما مثلوا بجثتي أمام الجميع؟ أبي وأمي قتلوا أمام عينيك. لماذا بقيت كالصنم؟ وأذكر كلماتها: عاري هو عارك، سيلاحقك طوال الدهر. لا تظن أن ما يفعلوه بي هو حالة عابرة. سترى أنهم سيفعلونه في زوجتك وبناتك في القادم من الأيام. بحسرة وتردد، قلت لها: ـ أنا ضعيف يا أبنتي. إنهم أقوياء. إنهم مسلحون بالأوامر. وأنا وحيد وعاجز. لم تمهلني. ولم تعطني الفرصة لأهرب، قالت: ـ لماذا تركت كفني في العراء؟ لماذا لم تدفنه؟ لماذا لم تزره؟ لماذا لم تعبر عن يقينك الحر، رفضك لما جرى ويجري؟ على الأقل، كان عليك أن تفتح ذراعيك للريح والأرض، أن تحتضن ذرات التراب أو تضع وردة، زهرة فوق رأسي قبل أن تمضي إلى مللك. صرخت بملء فمي: ـ أنا عاجز. أنا إنسان! بصقت في وجهي، رذاذه ما زال قابعًا فوق جبيني: ـ يا خجلي من نفسي، منك. أعرف أنك جبان. ستتنكرني أمام الجنود وأمام نفسك. رفعت نورما عينيها وحدقت في عيني، قالت فتاة بلوفديف: ـ أفعل شيئًا. ها الفرصة واتتك. كفر عن ذنبك. لا تكتفي بالرصد والكتابة، والتعبير عن الخوف، وعشق الحياة بالحيلة. وأضافت: ـ أنقذنا يا عماه. قلت: ـ لا أستطيع. ابتعدت عن الفتاتين. تشدني إليهما كلمة خيانة. بسخرية لاذعة, سألت: ـ ماذا يعني خونة؟ خيانة؟ ضحكت الأرض باستهزاء. ـ معناه أنك تسير عكس اتجاه القطيع. قرب الجندي حذائه من مؤخرتي وأدخله فيها بقوة شديدة. ـ هذا هو معنى الخيانة يا ابن العاهرة. أن يتمرغ شرفك بجوفك. أن تصمت. عندما نقول لك أنت خائن فمعنى هذا أنت خائن. لا تفلسف معنى الخيانة يا قذر. وضعت يدي فوق حنجرتي. حككتها. بخنث, أردت استدراج عطفهم وشفقتهم: ـ كنت جنديًا في جيشكم. وأعرف مراد، مسؤول كبير في الحكومة. ثم, إنهما صغيرتان. فتاتان حافيتان قادمتان نحوي يطلبان الماء. ما الضير في سقايتهما؟ ثم خفضت صوتي إلى أن أصبح هسيسًا ناعمًا، ذليلًا، يدغدغ الجبن القابع في داخلي كإنسان. قال أحدهم، يبدو أنه كبيرهم: ـ إلى ماذا تريد أن تصل؟
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس سياسية 158
-
هواجس ثقافية وسياسية 167
-
هواجس ثقافية وفكرية وسياسية وأدبية ـ 166 ـ
-
هواجس ثقافية وفلسفية 165
-
هواجس ثقافية وسياسية 164
-
هواجس ثقافية 163
-
هواجس ثقافية وسياسية 162
-
هواجس ثقافية 161
-
هواجس ثقافية 160
-
هواجس ثقافية وإنسانية 159
-
هواجس ثقافية 158
-
هواجس ثقافية 157
-
هواجس ثقافية 156
-
هواجس ثقافية 155
-
هواجس ثقافية 154
-
هواجس في الثقافة 153
-
هواجس ثقافية وسياسية ـ 152 ـ
-
هواجس فكرية وثقافية ـ 151 ـ
-
هواجس ثقافية وفكرية 150
-
هواجس ثقافية وسياسية ـ 149 ــ
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|