رولا حسينات
(Rula Hessinat)
الحوار المتمدن-العدد: 7973 - 2024 / 5 / 10 - 22:48
المحور:
الادب والفن
-هيا...قم من مكانك واجمع الحطب، الكثير من الحطب...أدارت ظهرها وهي تسير بعصا تتحسس بها الحصى المتناثرة هنا وهناك في مسيرها البطيء، بالكاد تستطيع أن تتسع خطوتها الضيقة لأكثر من ذلك، صورتها العتيقة، ظهرها المحدودب، ملابسها القاتمة كلها تنبؤ عن امرأة غائب عنها الزمن، هجرها ومضى... هيا، لن تنال شيئاً على العشاء إن لم تجلب الحطب. قام من مكانه وهو ينفض ما علق من أتربة بردائه، يبدو أن عليه أن ينسجم مع هذه الحياة البغيضة، لن يحتمل الحشرات التي يجدها متسللة في ثيابه...تلفت يمنة ويسرة إلى حيث يمكنه أن يجمع الحطب... الكهف الصغير في بطن الجبل بعيد إلا عن وحوش السماء، عليه أن يهبط إلى قيعان الوادي حيث يستطيع أن يجد الحطب أو أن يبحث عن أغصان يابسة بين بضع الأشجار العالقة في بطن الوادي...مضت سبعة أيام وهو لا يزال لا يدري إلى أن تذهب تلك العجوز، تغيب النهار وقبل الغروب تأتي، ما الذي تفعله عجوز في عمرها الذي نُهب منه الكثير، ولكنه بالفعل يستطيع أن يقرأ السماء ولكنه لا يستطيع أن يقرأ أي شيء عنها...ضحك ببلاهة وتمتم: يبدو أنني أحمق...لقد صدقت كل الأكاذيب التي أدعيتها...ولكن ربما أستطيع أن أفسر عدم حدوثها...نظر حوله، أخذ نفساً طويلاً...هو بالفعل عالق بين الواقع والخيال...بين الصدق والكذب، هو متعلق بالفعل بذلك الفتيل الذي يروح ويجيء مع لفحة الهواء الباردة وقد انطفئ قبل أن يفكر في كيفية استجابة أمنيته...
-أوقدت النار...ضع القدر وضع فيه كوبان من الماء لا تكثر، احرص على ألا تزيد أو أن تنقص.
لم يكن بيده سوى أن يطيع ما تقول، فقد آوته حين كاد أن يموت، الجرح الغائر الذي أصابه عندما علق بالأسلاك الشائكة كاد أن يقتله...الكثير من الدماء قد نزفها...جسده البالي سقط صريعاً في الوادي السحيق، ولكنه نجى...كيف طببته هو لا يدري...الأيام الثلاثة التي لم يستفق فيها كانت عالماً آخر، عالماً مليئاً بالكوابيس، فقد كان يعدم الألاف المرات والناس يصفقون ويرقصون ويهللون...المقصلة في الساعة العامة حيث صورة الزعيم الذي يقف بكشرة تملأ وجهه وعقدة بين الحاجبين، هي كابوس بحد ذاتها...عندما استيقظ كانت أمام النار تقلبها بعصا صغيرة في كل مرة تلتهم منها النار شيئاً...
-استيقظت...لقد استيقظ بالفعل...دون ألم، تفقد يده، لم يكن هناك جرح...أسحر هذا، أم قد خيل إليه...من تكونين أيتها العجوز.
#رولا_حسينات (هاشتاغ)
Rula_Hessinat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟