أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيوب المزين - همس عاشق














المزيد.....

همس عاشق


أيوب المزين

الحوار المتمدن-العدد: 1758 - 2006 / 12 / 8 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


1
وسط هذا الجو الفرنجي البارد، تسقط أقنعة المشاعر وتتعرى الأجساد مبدية عوراتها كأغنام تائهة في غابات جبال الألب. الحب هنا كلام تافه كحديث جدي، وسط أحفاده، عن الألعاب السخيفة أيام العشرينيات، فالفتاة تسامر وتنام..ولا تحب.
نعم، تركت "فاس" وتركت فيها من أحبهم: ثانويتي والذكريات..عائلتي وأمسيات الأنس بأفراحها وأحزانها..كوثر وأنوار.. وآيات حب مقروءة في محراب نزار. ودعت جمال العبقرية في بساطته لألج عالما عامراً بفقاعات النرجسية وكذبة يسمونها التقدم !: كم هو رائع ذاك الحمار الشهم!، بين أزقة "الطالعة الصغرى"، تراه يجر بدون هوادة، لا يحكمه ميكانيزم ولا قاعدة رياضية قد تتعطل يوماً ما... تباً لكل الآلات.. بخورنا وحناء تعشقها نسائنا، ليس لرائحتها مثيل في عطورهم الباريسية المصطنعة. تف على حضارة الشواذ، ههههه أتذكر ما قاله عبد العزيز مرة: العرب والأفارقة هم من يلد بكثرة في فرنسا، أما الفرنسيون فيلدون ولداً واحداً يتربى في أجواء مشحونة بالمتناقضات فيجد نفسه مثلياً..هم إلى انقراض.
آه يا حبيبتي، لو أن للنملة أجنحة لحلقت بعيداً !. لماذا يدعون أن الله لما يسخط على النملة يعطيها أجنحة؟، أ لأن رزقها على الأرض؟، لكني نملة رزقها في السماء !!.

2

مضى شهران على دخولي فرنسا..كل الفرحة اختزلتها يوم مجيئي ليتوه كياني بعدها في بحر من الأحزان. لم أفهم أن الدنيا لا تعطي كل شيء، وإن منحتنا شيئاً أخذت أشياء. لكني لم آخذ شيئاً وخسرت كل شيء في المقابل !. يقولون لي: لقد عبرت البحار..الكل يحلم أن يسافر إلى هناك، ولو على حساب حياته..أن يضع قدمه على الضفة الأخرى بأي ثمن:فحياته لا تهم مادامت ذليلة وسط وطنه..هو ذليل بين أهله وأحبابه فكيف سيجد سعادة كبرى مع أناس لا يعرفهم؟.
أيام قليلة قبل توصلي باتصال المصالح القنصلية معلنة لي منحي تأشيرة المرور إلى "الجنة الموعودة"، انقبضت نفسي واختنقت..كنت أقول لها: حتى لو منحوني تأشيرة المرور سأقول للجميع أني لم أحصل عليها وسأبقى هنا، في فاس..سأركب الحافلة رقم 6 مع "أولاد الشعب"، وسندخل مدرجات جامعة "ظهر المهراز" جميعاً..لندرس القانون..القانون؟، لا لن أساير، فدروس القانون صعبة..قلت لها: سألغي دراستي في فرنسا لكي أبقى معك..لن يبقى عليك إلا تغيير الشعبة وسنكون حينها معاً..حسناً، سأفكر..لا هي فكرت ولا أنا ألغيت دراستي هنالك.
اتصل بي أنوار وقال أنه ينتظرني في "لافياط"، وأنه من اللازم علينا الذاهب إلى الجامعة لنتسجل...كنا سعيدين: فقد نجحنا سوياً وسندرس سوياً..القانون. لنعرف ما لنا وما علينا..وخصوصاً، لنعرف ما لدى المغاربة من حقوق ونموت من أجل القضية..لكن الأمل مات والقضية لم تمت...أمرر أصابعي على وجهي في حسرة..أتحسس قطرات تتدفق، كانت كتلك التي تنزل من عيني كلما تشاجرت مع كوثر..لكنها هذه المرة أكثر ملوحة وأكثر ثقلاً عند نزولها. عندما توصلت بالاتصال تشنجت أطرافي وتجمدت في مكاني. أحسست أن كل الأحلام الوردية على هذه الأرض قد انتهت..أحلامي مع كوثر بحب أبدي وأحلامي مع شلتنا بثورة لتغيير الأوضاع..أ الدنيا بهذه القساوة؟..أ يكون هذا قدراً منصفاً؟..عدت للبيت بحزن، أسحب خدي من حين لآخر إلى الأسفل لتنهمر الدموع داخلها عوض الانسكاب خارجاً..وإلا، ستفضحني وسيعرف الجميع أني أحبهم كثيراً وأني غير قادر على فراقهم... . وجدت الباب مفتوحاً..دخلت. كانوا جميعاً هناك: أبي وأمي وعمتي هي الأخرى في غرفة الجلوس. قامعاً دموعي داخل الخدين دائماً، لم أقدر كتم الخبر. أعلمتهم أني سأرحل عنهم وأن غرفتي في السطح ستغلق..وبأن فراشي في الركن سيستعيد حيويته لأني لن أنام فوقه بعد الآن، وحتى التلفاز لن تسخن أسلاكه بعد اليوم..فاتورة الكهرباء ستبخس...أيوب سيرحل، قلتها وقد ثارت دموعي كما ستثور كل الأمم المقموعة، فمصير الإنسان أن يعيش حراً.
كشك يصرخ: "كل المغنيين لهم مقعد في جهنم، إلا أم كلثوم...". الحمد لله، هناك عالم جليل تطربه أم كلثوم. كشك يردف: إلا أم كلثوم فلها مقعدان !!. لماذا يا عم كشك، أنا أحب أم كلثوم كما أحبك، أو أكثر. فهي تؤنس وحدتي وتذكرني بأغلى كنز أعطاني إياه ربي على شبابي..حب يقويني..حب جمعني بوالدي طوال هذه المدة..عثمان، كم علقت له "الفلاقة" عندما كان يتأخر في عودته من المدرسة..لكنه اليوم ودعني وهو يريد أن يقول شيئا..عيناه كانتا عامرتين بالحزن..كان يريد أن يقول: سأفتقدك، سأفتقد ضرباتك ومقابلات الكرة بيننا في صحن البيت. عمر، كان حزيناً وأراد أن يخفي ذلك بترتيب غرفتي حسب ذوقه الخاص..ليوهمني أن الصراع بيننا قائم. شيماء، أتذكر أنها بكت بعد خروجي ولو أني لم أراها. فهي رقيقة ككوثر. من شدة حبي لأمي لا أقوى أن أراها تبكي أمامي..أبي، يحاول إخفاء مشاعره، فهو الرجل الصلب..الذي لا يسقط. رغم كل هذا، بكى الجميع فكانت ثورة الدموع... .



#أيوب_المزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قسم المسيرة المظفرة...مسيرة حب
- عرب بلا نظم سياسية ولاتنمية حقيقية
- ظاهرة الحِجاج اللغوي ونشأة منطق اللغة
- الوحدة المغاربية ومشروع النهضة في الوطن العربي
- قراءة نقدية في تراتيل عبد الحميد العوني الشعرية مدرسة الصورة ...
- الحسناء التي... -إلى كوثر
- قراءة في مقال (*)-إعلان العاصفة على المؤسسات الدولية-
- أهذه مبادرتك الوطنية لتنمية البشر يا ملك؟
- الدخول المدرسي على الطريقة المغربية !!!
- من -كفاية- في مصر إلى -باراكا- في المغرب: على طريق تأسيس وعي ...
- حجاب المرأة بين ستر المفاتن وإخفاء القذارات
- قراءة في كتاب البطن العالمى بين الولائم والوضائم
- لاجئ طبيعي
- الرجل المثمر- المهدي المنجرة
- مجلس النوام _ عن كتابي: صرخات حق يحتضر
- فاس العتيقة بعد مجيء القمر وبعد هروبه
- حبيبة القلب
- حوار مع خبير المستقبليات المغربي الدكتور المهدي المنجرة
- العالم الإسلامي : الوضع الراهن والمستقبل
- عرب بلا نظم سياسية ولا تنمية حقيقية(**)


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيوب المزين - همس عاشق