أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أسامة خليفة - قراءة في رواية «قناع بلون السماء»..الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية















المزيد.....

قراءة في رواية «قناع بلون السماء»..الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية


أسامة خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 7967 - 2024 / 5 / 4 - 14:07
المحور: القضية الفلسطينية
    


رواية «قناع بلون السماء»، رواية تنتمي إلى الأدب المقاوم، وتحديداً أدب السجون، للروائي الفلسطيني الأسير باسم خندقجي الذي يقضي حكماً بثلاثة مؤبدات، لم تستطع قضبان سجن «نفحة» منعه من ممارسة حريته ومقاومته، حاملاً سلاح القلم، متجاوزاً جدران زنزانته، يحمله إبداعه شعراً ورواية إلى كل العوالم لتفوز روايته لتميزها بالجائزة العالمية للرواية العربية، حدث يؤكد أن الإبداع حرية، ينتصر دوماً على عتمة الزنازين، بل هو انتصار للأسير على السجان، لا قوة بوليسية في الكون تستطيع أن تحجز الفكر وتمنعه عن الإبحار بعيداً، وإلا لما وصلتنا الرواية وشدتنا إلى أحداثها واستمتعنا بقراءتها وأعجبنا بحبكتها، وأثرت في عقولنا وعواطفنا، بما دار من صراع عبر جدل أو حوار داخلي بين نور الفلسطيني اللاجئ وأور المستوطن الصهيوني الأشكنازي، لاسيما بالنسبة لقارئ فلسطيني عاش في مخيمات البؤس وعانى تجربة اللجوء، يميز الفرق بين المخيم الفلسطيني في الشتات والغيتو اليهودي في أوروبا، يميز بين التاريخ والأسطورة، الفرق بينهما المخيم والغيتو حسب الكاتب في القدرة على أسطرة المأساة والإمعان في تخيلها، هم أسطروا وتخيلوا كما يجب إلى الحد الذي خلقوا فيه مخيماً وشتاتاً ولجوءاً لنور وأمثاله.
ومن المخيم ينتقل إلى مكان آخر في فلسطين، ماذا يسميه في تفاصيل البنية الكولونيالية للنظام الصهيوني؟. هل هو كيبوتس أم مستوطنة أم مستعمرة؟. يقول أور: إنه كيبوتس وليس مستوطنة .. كيبوتس له تاريخه وعراقته، فأهلاً وسهلاً بك في أحد أهم الكيبوتسات الاشتراكية في إسرائيل.
يتجاهل أور أن مستوطنة مشمار هعيمق قد أقيمت على أنقاض قرية فلسطينية مدمرة كانت تسمى أبو شوشة، والآن في القدس يجري اغتصاب بيوت الفلسطينيين.. حيث ينصح مراد صديقه أن يتجه كخبير آثار للتأكيد على ملكية أراضي الشيخ جراح بصفتها قضية أهم وأكثر إلحاحاً من البحث في تاريخ مريم المجدلية.. «في القدس يا مراد أنا أتجرع أكاذيب وأساطير ملعوباً بأسفل سافلها.. أتجرعها ثم ألفظها بمناعتي وحصانتي وعزمي على مواجهة الاغتصاب التاريخي الذي نتعرض له منذ نكبتنا على الأقل..»، إنه الإصرار على استلاب التاريخ وتقييده بالسيطرة والعنف والتعسف..
يتساءل الكاتب لماذا ينتزع كاتب أجنبي المجدلية من سياقها التاريخي الجغرافي الفلسطيني ليلقي بها في مهاوي الغرب ؟. لماذا؟. أراد الكاتب أن يسرد سيرة أخرى لمريم المجدليّة التي زورها المستشرقون والكتاب الغربيون مثلما فعل دان براون في رواية «شيفرة دافنشي»، مؤكداً أنها قصة واقعية حقيقية، ويدعي أن الكنيسة أخفت زواج المسيح من مريم المجدلية، وأنها أنجبت له ولداً، ومن أجل الحقيقة تحامل نور على نفسه وارتدى قناعاً صهيونياً أشكنازياً، وتغلب على الخوف ومخاطر المغامرة، أغلبنا لا يستطيع ارتداء هذا القناع، ليس خوفاً من الصهيوني المتمكن بالأرض، إنما لأن الانسان لا يستطيع أن يخرج من جلده، حتى سماء اسماعيل الفتاة التي تحمل هوية إسرائيلية رفضت بشدة هذا القناع، ودافعت عن هويتها في أصعب وأحلك الظروف، «هذه العربية التي لا تسأم من الحديث في السياسة ومعاني الهوية». عرّفت نفسها واسمها: « سماء إسماعيل من هذه البلاد لم تقل إنها إسرائيلية أو عربية من إسرائيل »، وإيالا تذمرت من الطريقة التي عرّفت بها سماء نفسها. وحتى صديقه المقرب الأوحد مراد في سجون الاحتلال سيشتمه حين يعلم أنه واسى أوشارات بغياب زوجها الطيار الإسرائيلي مستنفراً في قاعدته العسكرية استعداداً لعدوان قادم على غزة، حين قال: إن جميع الصهاينة فخورون بالجيش وسلاح الجو الصهيوني، هاتفاً بشعار الجو الصهيوني «الجيدون للطيران».
لارتداء نور القناع ما يبرره لدى الكاتب، لتوفير مادة الرواية لبطله نسيم شاكر، هذا بالنسبة للقصة، أو لأجل نسج سردية تاريخية أخرى تناسب إرثنا الثقافي بديلاً لسردية مؤرخين زيّفوا وزوّروا الواقع بقصد أم بغير قصد، لأجل ذلك قام الكاتب بسرد معلومات تاريخية ودينية ضرورية للعمل الروائي، حول المجدلية وثورة باركوخبا، والمعركة التي خاضها تحتمس الأول في مجدو، وعن معارك جيش الإنقاذ، كلها كانت مرتبطة مكانياً بموقع الحفر، لم يكن فيها إطالة على حساب تشويق الحدث ومتابعته، أراد لسرده أن يبوح في التاريخ المسكوت عنه، يقول: ما التاريخ في نهاية الأمر سوى تخيل معقلن، والبحث في الآثار بحث علمي يفصل حقائق التاريخ عن الأساطير، هذه ليست فقط بعثة آثار علمية بل كما يقول الكاتب على لسان سماء إسماعيل: ألا تعلم أن الآثار سياسة؟. أنتم من أحلتم التوراة دليلاً سياحياً، أليس كذلك؟. هذه أسئلة مهمة يطرحها الكاتب ومنها أسئلة وجودية "من أنا؟. من أبي؟. ما الأزقة؟. أين هويتي؟. أين ظلي؟. أين مرآتي؟. ماذا أفعل هنا؟. " هل تضيع هويته وملامح وجهه تحت القناع متقمصاً شخصية أور الصهيوني الأشكنازي ؟. وأسئلة أخرى: أتعاتبني يا صديقي على مسعاي المجدلي وتتهمني بالهروب من الواقع إلى دهاليز تاريخية مجهولة المصير والمعنى؟. أليس الاستشراق الذي أهلكتني به هو من قضى على أنفاس المجدلية في بلادنا، وجعلها تترنم وتبتهل وتصلي باللاتينية واليونانية والفرنسية؟..
«قصة المجدلية» قصة مشوقة داخل قصة البحث في التاريخ والآثار، صراع بين بطرس والمجدلية، صراع بصبغة دينية بين الذكورة والأنوثة، فيها انتصار النهج الذكوري على النهج الأنثوي، واختفت المجدلية بوصفها حضوراً عرفانياً من المتون الدينية الإنجيلية الرسمية، معلنة بطرس أنه أول رئيس للكنيسة، ووحده من يحوز على الشرعية اليسوعية ليُقصي بصورة نهائية المجدلية منافسته الأقوى.. أما بالنسبة لـ«قصة نور-أور» فبعد نجاحه في الوصول والوقوف على حافة بئر المجدلية عاجزاً عن أن يرى ما في أعماقها، يخبرنا عن حلم ذات ليلة: بأنه نزل في هذه البئر، ينتزع غطاء كوة، ويدخل في دهليز مظلم ضيق، ليلمح في آخر الممر سبعة مشاعل متوهجة، ويصل إلى غرفة حيث يسمع صوت أنثوي رقيق ينبعث منها، يرنم بترنيمة، دقق فيها ملياً، رفعت الفتاة رأسها نحوه فجأة، ثم جمعت ضفائرها وراء ظهرها، كانت تشبه سماء إسماعيل، هكذا تنتهي قصة المجدلية بحلم بعيداً عن الواقع، لكن كان له أثره على عواطفه، حين يقول: أظلمت آفاق روايتي المجدلية وحلت محلها تجليات سماء.
كان اختيار عمل بطل القصة وتخصصه بعلم الآثار ذا أهمية بالغة، اختياراً موفقاً خدم الفن القصصي حيث يجري الحديث عن التنقيب في سياق السرد بسلاسة، وخدمت القضية الوطنية، فالأرض تبوح بأسرارها لمن يداعبها بيديه، هل هما يدا نور أم أور الباحث الأشكنازي؟. هل هما يدا سماء إسماعيل أم أيالا شرعابي اليهودية الشرقية؟. حيث تقفون لا يوجد سوى نكبة وشعب هجر من أرضه... حيث تقفون مقام شيخ تتبارك فيه النساء العاقرات من أجل الحمل والولادة، ولا « يوجد شمشون هنا ولا ما يحزنون». لا تريد اليد الصهيونية أن تنبش الحقائق الكامنة في مواقع الحفريات، لقد كان عمل نور في الحفر والتنقيب سريعاً ومتقنناً، أثار إعجاب المشرف العام على موسم التنقيب الثاني عن معسكر الفيلق الروماني السادس البروفيسور بريان مور، لقد عثروا هناك على قطع نقدية رومانية ليس إلا، لكن ثمة ما يمكن أن يكشف عنه في هذا السهل الواسع من حقائق مؤلمة للإنسانية تتحدث عن الوجع الفلسطيني وآلام النكبة وعن قرىً وبيوت فلسطينية تم تدميرها وإخفاءها تحت أشجار الغابة.
بعد إلغاء عملية التنقيب تحسباً من شقوط صواريخ إثر معركة سيف القدس التي اندلعت بسبب مسيرة الأعلام الصهيونية في القدس، واقتحام المسجد الأقصى من قبل المستوطنين. ومصادرة بيوت الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، يُخرج الكاتب بطله نور من مستعمرة مشمار هعيمق، ممزقاً القناع، وبطاقة هوية أور شابيرا الاشكنازية المزورة، ونازعاً قلادة نجمة داود من عنقه، يرميهما بعيداً نحو السهل المحاذي للرصيف، ويعيد نور برمجة هاتفه من العبرية إلى العربية، في ختام الرواية ينتصر نور على أور، تلحق به سماء إسماعيل وتقلّه بسيارتها إلى رام الله، يستعيد لغته العربية ويقول لسماء إسماعيل: أنت هويتي ومآلي.



#أسامة_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم العمال العالمي غزة من وطأة الحصار إلى أهوال الإبادة الجم ...
- عقدة في المفاوضات أم عقد؟.
- سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي
- الإعلام الأمريكي جزء من النزاع الإقليمي
- يوم الأسير الفلسطيني
- ألمانيا والهولوكوست الفلسطيني
- رؤساء الولايات المتحدة الأشد ضرراً بالقضية الفلسطينية
- طوفان الأقصى وسيكولوجيا «القلق الوجودي»
- طوفان الأقصى والتوتر في الجامعات الأمريكية
- «الكيان الصهيوني» أم «دولة إسرائيل»؟.
- لماذا المقاطعة الأكاديمية لجامعات إسرائيل؟.
- المكونات السياسية العراقية وموقفها من الحرب على قطاع غزة
- طوفان الأقصى والتداعيات الإقليمية والدولية
- عودة ترامب والقضية الفلسطينية
- «طوفان الأقصى»، من هنا، إلى أين؟
- زلزال «طوفان الأقصى» يهز إسرائيل
- طوفان الأقصى ومشروع الغرب الاستعماري
- طوفان الأقصى، والذكرى 55 لانطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير ...
- هل يفجّر الفلسطينيون جدار فيلادلفيا مرة أخرى؟.
- جولة بلينكن ومقترح باريس لهدنة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أسامة خليفة - قراءة في رواية «قناع بلون السماء»..الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية