أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الإنترنت السوري ومهمة الدعوة إلى الله














المزيد.....

الإنترنت السوري ومهمة الدعوة إلى الله


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1758 - 2006 / 12 / 8 - 11:34
المحور: كتابات ساخرة
    


يخيّل إليك، أحياناً، وأنت تتعامل، هنا، مع واحدة من أكثر اختراعات العصر تقنية، وتعقيداً، بأن الغاية الحقيقية من إدخال هذه الخدمة المدهشة هو دعوي بحت، ولا علاقة له بالتطوير والتحديث، ولتعزيز إيمان الإنسان بالله وبالخوارق ، ليس إلا، ولتقوية الصبر والجلد في نفوس الناس، نظراً لما للصبر من قيمة عليا عند الله، باعتبار إن الله مع الصابرين، والصبر مفتاح الفرج، والبشرى الكبرى هي للمؤمنين الذين إن إصابتهم مصيبة سوء الإنترنت قالوا إن لله وإن إليه راجعون. وصرت متأكداً تماماً أن وزارة الاتصالات هي فرع، أو قسم ملحق بوزارة الأوقاف التي من مهامها الأساسية نشر الدعوة والإرشاد وترسيخ الإيمان بالله وليس تعميم التكنولوجيا ونشر ثقافة العصر المعلوماتية، وذلك عبر تقديم معجزة كبرى، وبيّنة فصحاء لا تقبل التأويل، والشك، والشرك والبهتان اسمها الإنترنت السوري، وأن موظفيها هم مجموعة من المعممين والدعاة والفقهاء من خريجي الأزهر وجامعة الزيتونة وليس نخبة موهوبة من الفنيين التكنوقراط.

فكثيراً ما يترافق دخول المرء على شبكة الإنترنت، هنا، بكثير من الطقوس، والشعائر، والرهبة التي لا تتوافق مطلقاً مع الدقة الرياضية، والإليكترونية لهذه التكنولوجيا فائقة التعقيد والتقدم، والتي لا تقبل المزح على الإطلاق. وأول ما أفعله حين أغامر مغامرتي الكبرى في حقول النت، هو محاولة قراءة تلك الآيات الكريمة من القرآن التي يقرأها، مثلاً، المسافرون، والذاهبون إلى عوالم مجهولة لا قانون، ولا معيار، ولا ضابط لها. وتراني أردد في نفسي سبحان من سخر لنا هذا، وأتمنى منه تعالى أن يجيرني من "وعثاء" الإنترنت مثلاً، ومن انقطاعه، ومن بطئه، وتلكؤه، ومن تشفير صفحاته التي تظهر لك بيضاوية تماماً، ودائماً على عكس الواقع، فيما يقوم العداد باحتساب ساعات استخدام فعلية عليك دون أن تكون قد حققت أية فائدة أو فتحت لك أية صفحات. كما أنني أبدأ دخولي على الإنترنت بمجموعة من التعاويذ، والبسملات، والابتهالات، والأدعية المختارة من السنة النبوية، والحديث الشريف التي وضعتها خصيصاً لهذه الغاية على جهاز الكومبيوتر. كما أنني صرت أحتفظ بخطب وكاسيتات لفقهاء العصر المعروفين وخاصة تلك التي تحض على الصبر، وعدم اليأس من رحمته، وانتظار الفرج من عند الله والساعة الآتية التي لا ريب فيها على الإطلاق وهي ساعة الفالج ودنو الأجل، وانفجار الدماغ بإذن الله حيث لم يبق من حل إلاّه. وصرت زبونا مدمناً على برامج قناة "إقرأ"، ولا تفوتني أبداً، حلقة واحدة من الشريعة والحياة. وحين يفتح الإنترنت أشكر الله وأقول سبحان قدرته جل وعلا، وهو على كل شيء قدير، ولا شك بأنه راض عني في هذه الأيام بسبب بر الوالدين ودعاء "ست الحبايب" لي على الطالعة والنازلة. وحين يحرد، ويتمنع، ويحرن أحاول أن أستذكر فيما إذا كنت قد خالفت تعاليم السماء في أية شاردة أو واردة، وأقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنها مشيئة العزيز القهار، واللهم لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه.

وحين أدخل إلى النت، فكثيراً ما أشعل البخور لأطهر المكان من الأرواح الشريرة، وطرد الأشباح والعفاريت، والجان، وأضع يدي على قلبي ثم أرفعهما في طقوس وجدانية خالصة وصادقة تبتهل إلى الله تعالى. كما أنني اقتنيت مجموعة نادرة من الأعشاب السحرية، كما يفعل البوذيون وفقراء الهند، وأشربها قبل وبعد الدخول للنت، علّ ذلك يفك السحر، ويبعد النحس والتشفير والانقطاع عنه. وكم صرت أكثر من العبادات، وأقوم الليل، والنهار، وأكثر من التراويح، والفروض والنوافل، وأصوم عشراً من شوال، وثمان من آذار، ونصف "تشرين"، والثلث الأخير من شباط، وألعن دائماً ماركس وغاليلو وإينشتاين. وحين ذهب صديقي الأصولي العابد الناسك الفقير لله، إلى أحد المزارات القريبة في الجوار، لزيارة بعض الأضرحة المقدسة، أرسلت معه جهازي المحمول لكي يتشرف ويتبارك بالأتقياء، وطلبت منه أن يحضر لي حجاباً، و"خلعة" خضراء، ما زلت أضعها على الكومبيوتر منذ ذلك التاريخ علّها تساعد في فتحه، وتسريعه، وعدم انقطاعه، وفك تشفيره.

وكثيراً ما كلفت نفسي أكثر من طاقتها حين كنت أتعهد بتقديم النذر، وراء النذر، لوجه الله تعالى، وأوليائه الصالحين، والصحابة الكرام، والعشرة المبشرين بالجنة، علّني أوفق بيوم إنترنتي بدون مشاكل أو انقطاع. بحيث صرت لا أعرف عدد الثيران، والخرفان، والتيوس، والديوك، والصيصان التي يترتب عليّ إيفاءها. ولا أدري بالضبط من أين سأوفر كل تلك الأموال لأفي بعهدي أمام الله. كما أنني قررت التوبة عن كافة المعاصي، والموبقات كشرب المنكر، والعياذ بالله، ومصاحبة العلمانيين والليبراليين والثورجيين والمعارضين الملاعين الكبار، أوأكل لحم الخنزير، ومصاحبة الزنادقة والكفار، وغض البصر كلياً، حتى عن موجز الأخبار المحلي، والامتناع نهائياً عن النظر إلى عناوين جرائد الصباح، والإقلاع بتاتاً عن النميمة، والوشاية، أوالكتابة عن الفساد، و"استغياب" المسؤولين، وأولاد الحلال.

فلا عجب بعد ذلك كله، أن تزداد كل مظاهر الورع، والتقوى، والإيمان، وترى كل تلك المشاهد الطالبانية في الشوارع والأزقة والحارات والأسواق. وبالأمس فقط، وحين رأيت قافلة من المنقبات "المُشَدّرات" من الأعلى إلى أخمص الأقدام، يلحقهن طابور سادس من أصحاب الدشاديش، واللحى والعمائم المائلات، أدركت على الفور أنهم ربما زملاء أنترنت، وهم مثلي من ضحايا تمنع وحرن تلك التكنولوجيا البلهاء، اللذين هداهم الله، كما هداني، ودخلوا جميعاً في دين الله أفواجاً أفواج، بعد نزوات آثمة للعصرنة، ومحاولات فاشلة ومريرة لدخول الحضارة، وخلع أثواب الغيبيات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدي الوزير: لا تعتذر !!!
- كيف فضحتهم إيران الصفوية؟
- انتفاضة محاكم التفتيش السلفية
- الهَيْلَمة السياسية
- نساء مصر، و-كامب- الشيخ محمد بن عبد الوهاب!!!
- هولندا والمسلمون: نهاية حقبة
- الفياغرا في زمن البداوة
- هل يعود السفير الأمريكي إلى دمشق؟
- الأمّة الافتراضية
- إيلاف وليبرالية الأعراب
- محاكمة صدام: فشل سياسة الجواكر البوشية
- حزب الله الفلسطيني: والخيارات الإلهية!!!
- الجريمة والنقاب
- هل هي قصة لحم مكشوف، أم فكر مكشوف؟
- جبهة الخلاص الوطنية الأمريكية وطريق الضلال
- مثلث برمودا الفكري: نقاب، وحجاب، وجلباب
- قناة الشام الفضائية: الكوميديا السورية السوداء مستمرة!!!
- كل ربع ساعة وأنتم بخير
- المزرعة الإخوانية
- الحوار المتمدن في دائرة الاستهداف


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الإنترنت السوري ومهمة الدعوة إلى الله