أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يونس زكور - العنف والإرهاب أية علاقة ؟















المزيد.....


العنف والإرهاب أية علاقة ؟


يونس زكور

الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 10:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد برزت كلمتا العنف والإرهاب في القاموس السياسي, بشكل واضح في السنوات الأخيرة , وترتبط هاتان الكلمتان بشكل كبير بحيث لا يمكن تصور الإرهاب بدون استخدام العنف أو التهديد به. فالإرهاب ليس بفلسفة كما يعتقد البعض ولكنه عمل منهجي يقوم على العنف بالأساس(1).
وبذلك يصعب تحديد العلاقة بين كل من العنف والإرهاب, فمتى يسمى العنف إرهابا ؟ ومتى لا يستحق هذا الوصف, فهل الإرهاب درجة معينة من العنف؟ أو هو ارتكاب للعنف في ظروف معينة ؟ أم لأهداف محددة ؟
وبالرجوع إلى الفقه الدولي يمكن أن نميز بين اتجاهين بصدد المقصود بالإرهاب كصورة من صور العنف :
الاتجاه الأول : يعول على طبيعة الهدف من عمل العنف هل هو سياسي أم غير سياسي, فإذا كان الهدف سياسيا صار العنف إرهابا أما إذا لم يكن الهدف سياسيا صار العنف عنفا خالصا, أو عاديا وهو الذي قد تكون أهدافه اقتصادية أو اجتماعية كالسرقة أو الثأر ...
إلخ (2) .
وهـذا الاتجـاه يمكـن أن تـوجه لـه مـجموعة مـن الانتـقادات علـى اعتـبار أن القـول بضرورة استخدام الإرهاب للعنف أو التهديد به يخرج من نطاق هذا الأخير العديد من الأعمال التي تعد من صميم الأفعال الإرهابية , مثل تعطيل الاتصالات باستخدام الوسائل الإلكترونية أو غزو البلاد بالعملات المزيفة التي تلحق الضرر بالاقتصاد القومي, أو إرسال خطابات بريدية تحمل مكروبات وبائية إلى غير ذلك من صور الضرر البالغ التي لا يستخدم فيها العنف (3) .
أما الاتجاه الثاني: فيسلم بالدور الهام الذي يلعبه الباعث السياسي في الكثير من الجرائم السياسية إلا أنه لا يعتقد أن مثل هذا الدور يصلح لأن يتخذ كأساس لتعريف الجريمة
الإرهابية التي تجد معيار تمييزها في قصد إشاعة الرعب , ومن أنصار هذا الاتجاه العالم الإنجليزي "ولكنسون" الذي يعرف الإرهاب بأنه استخدام السلاح والمتفجرات أو العنف لتهديد أرواح الأبرياء وتخويف الأغلبية وبث الرعب في قلوبها (4) .
وانطلاقا من هذا الاتجاه فإن الأثر النفسي الذي تحدثه الواقعة الإرهابية هو الهدف من العملية وليس ضحاياها, حيث أن الإرهابيين ينطلقون من شعار " أقتل شخصا وأرهب عشرة آلاف شخص" « Kill one, frighten ten thousand » (5)
ورغم اختلاف الاتجاهين فإن خصيصة العنف في العمل الإرهابي تظل حاضرة
الشيء الذي يجعلنا نطرح السؤال ما هو الفرق بين الإرهاب والعنف ؟
أولا : تعريف العنف
- في اللغة : تشتق كلمة عنف في اللغة العربية من الجذر (ع ن ف) وهو الخرق بالأمر وقلة الرفق به, وهو عنيفا إذ لم يكن رفيقا في أمره , وفي الحديث الشريف : " إن الله تعالى يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" وعنف به, وعليه عنفا, وعنافة, أخذه بشدة وقسوة , ولامه وعيره واعتنف الأمر: أخذه بعنف وأتاه ولم يكن على علم ودراية به , واعتنف الطعام والأرض : كرمهما واعتنفته الأرض نفسها : نبت عليه , وقال ابن الأعرابي في معنى الكرامة :
إذا اعتنفتني بلدة لم أكن لها نسيا ولم تسدد علي المطالب
وطريق معتنف : غير قاصد وقد اعتنف اعتنافا إذا جار ولم يقصد, والتعنيف التعبير واللوم والتوبيخ والتقريع (6) .
ويرى البعض أن كلمة عنف في اللغة الإنجليزية "violence" مشتقة من الكلمة اللاتينية "violentia " وتعني إظهارا غير مراقب للقوة ردا على استخدام متعمد لها , في حين يرى البعض الآخر أن كلمة "violence " مشتقة من الكلمة اللاتينية "vis " أي القوة و "Latus " والتي تعني "يحمل", فالعنف من الناحية التاريخية يعني حمل القوة في تجاه شيء أو شخص , فهو يعني الإكراه المادي الواقع على شخص لإجباره على سلوك أو التزام ما (7) .
من خلال ما تقدم يتبين أن كلمة "عنف" تشير في اللغة العربية إلى سلوك يتضمن معاني الشدة والتوبيخ واللوم والتقريع , وعلى هذا الأساس , فالعنف قد يكون سلوكا فعليا أو قوليا, أما في اللغة الإنجليزية فالعنف يشير فقط إلى سلوك فعلي ينطوي على استخدام القوة المادية, وهكذا يمكن القول أن الدلالة اللغوية لكلمة عنف في اللغة العربية أوسع من دلالتها في اللغة الإنجليزية .
وفي الاصطلاح : أورد الباحثون تعريفات متعددة للعنف يمكن أن نلخصها في ثلاثة اتجاهات أساسية :
- الاتجاه الأول يؤكد أنصاره أن العنف هو استخدام القوة المادية لإلحاق الأدى والضرر بالأشخاص وإتلاف الممتلكات , ومن هذه التعريفات على سبيل المثال نذكر تعريف" تشارلز ريفيرا", و"كنيت سويتزر"(8) , إذ عرفا العنف بأنه :
" الاستخدام غير العادل للقوة من قبل مجموعة من الأفراد لإلحاق الأذى بالآخرين والضرربممتلكاتهم"
- أما الاتجاه الثاني فهو يعد تطويرا للاتجاه السابق إذ ينصرف مفهوم العنف ليشمل التهديد باستخدام القوة إلى جانب الاستخدام الفعلي لها, ومن التعريفات التي تنطوي تحت هذا الاتجاه تعريف "ساندرا بول روكيخ"(9) الذي يعرفه بأنه : "الاستخدام غير الشرعي للقوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالآخرين"
- ونظر الاتجاه الثالث إلى العنف نظرة شمولية حيث اعتبره مجموعة من الاختلالات والتناقضات الكامنة في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع , لذلك يطلق عليه اسم العنف الهيكلي أو البنياني, ويتخذ هذا العنف عدة أشكال منها غياب التكامل الوطني داخل المجتمع, وسعي بعض الجماعات للانفصال عن الدولة, وغياب العدالة الاجتماعية ... ويطلق البعض على العنف الهيكلي اسم "العنف الخفي" وذلك لأنه عنف كامن في البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات(10) .
ومن خلال هذه الاتجاهات يمكن أن نضع تعريفا إجرائيا مؤداه أن العنف هو كل سلوك فعلي أو قولي يتضمن استخداما للقوة أو التهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالذات أو بالآخرين, وإتلاف الممتلكات لتحقيق أهداف معينة .
ثانيا : الفرق بين العنف والإرهاب
ويمكن رسم الإطار العام للتفرقة بين العنف بصفة عامة والإرهاب بوصفه عمل عنف من خلال النقاط التالية :
- العنف هو الإكراه المادي الواقع على شخص أو جماعة لإجباره أو إجبارها على سلوك ما أو بهدف التصفية الجسدية والاستيلاء على الأموال عن طريق القوة أو بهدف الانتقام كتدمير بعض المنشآت وحرقها ... بينما تتجاوز أهداف العمل الإرهابي أهداف أعمال العنف الإجرامية العادية كالسرقة والقتل إلى النطاق الأوسع الذي يهدد أمن المجتمع وسلامته من الناحية السياسية والأمنية بما يثير الرعب والفزع بداخله (11) .
- بينما توجد علاقة مباشرة بين الفاعل والمجني عليه في جرائم العنف غالبا ما تكون هذه العلاقة مفقودة بين الإرهابي وضحاياه في الجرائم الإرهابية , فهدف الإرهابي ليس هو الضحية المباشرة ولكن هدفه هو خلق جو من الفزع والرعب في المجتمع (12) .
- يمكن التمييز بينهما أيضا من خلال الغاية الأيديولوجية التي توجد في الإرهاب ولا توجد في العنف, ومن تم يطلق على الإرهاب "العنف المذهبي" . ويستند أنصار هذا المعيار إلى حجة تاريخية مفادها أن العنف قد استخدم من قبل قادة الثورة الفرنسية كمذهب و كنظام للحكم . وأطلق عليه بذلك اسم الإرهاب, كما يستندون إلى حجة لفظية أخرى اعتمادا على القطع isme في كلمة terrorisme والتي تدل على فكرة المذهب الذي يتخذ من الرعب أساسا لنظامه (13) .
رغم هذه التميزات فإن رسم خطوط فاصلة بين الإرهاب والعنف على مستوى الممارسة العملية هو أمر بالغ الصعوبة باعتبار الإرهاب يستند في ممارسته بشكل كبير على العنف .

يونس زكور
[email protected]
باحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس – آكدال
للعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
الرباط


1- Omar Malik , Enough of the definition of terrorism, published in Great Britain in 2000, By the royal institute of international . p 50.
2- زكور يونس , الإرهاب مقاربة للمفهوم من خلال الفقه والقانون. مشروع نهاية الدراسة , تحت إشراف د. سعيد خمري, 2005-2006 , الكلية المتعددة التخصصات آسفي , ص 88.
3- احمد جلال عز الدين , الإرهاب والعنف السياسي كتاب الحرية , ط 1 , مارس 1986, ص 43.
4- نفس المرجع السابق .
5- Omar Malik , op, cit , p 7.
6- 6- توفيق ابراهيم حسنين, ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية, بيروت , مركز دراسات الوحدة العربية, 1992 ص 41 .
7- إمام حسنين عطا الله, الإرهاب البنيان القانوني للجريمة , دار المطبوعات الجامعية 2004 , ص 238.
8- توفيق ابراهيم حسنين , مرجع سابق, ص 42.
9- نفس المرجع, ص 43.
10- نفس المرجع , ص ص 44 – 45.
11- زكور يونس , مرجع سابق , ص 91.
12- Omar Malik , op, cit , p 22.
13- إمام حسنين عطا الله, مرجع سابق , ص 246.



#يونس_زكور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟ ...
- هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة ...
- بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال ...
- الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك ...
- -فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري ...
- -نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل ...
- مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد ...
- بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار ...


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يونس زكور - العنف والإرهاب أية علاقة ؟