أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - المتشرد العجوز














المزيد.....

المتشرد العجوز


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7959 - 2024 / 4 / 26 - 11:25
المحور: الادب والفن
    


الفضول وحده دفعني لمعرفة ما حدث لهذا الرجل العجوز الذي أفترش الرصيف وجعل من الشارع مأوى له . حياة ألفها وألفته بعد أن لفظه البيت وطردته العائلة من حضنها الدافىء حيث إتخذت زوجته قرارها الخطير في منعه من أن يطأ عتبة البيت أثر شجار تافه بينهما تطور فيما بعد أن أستدعت البوليس كي يفض ما بينهما من نزاع . السبب حسب إدعاء بطل قصتنا الرجل العجوز وإسمه ( علي ) أنه تحامق عليها بعد فورة مزاج نزق وصفعها على خدها . في الناصرية مسقط رأسه كانت الصفعة أمر غير ذي بال , لكنه الآن يعيش في أمريكا والقوانين هنا لا تسمح له بصفع زوجته حتى لو كان معتاداً على الصفع . تحرياتي الخاصة عنه قادتني إلى معرفة حقيقة حاول أن يخفيها عني زمناً وهي أن الزوجة عاقبت ( علياً ) بسبب إدمانه على المخدرات . كان الرجل العجوز ببساطة يتعاطى الكريستال وهو نوع خطير من المخدرات تصيب المخ بلوثة عقلية وتهلك الجسد خصوصاً والرجل كان نحيل الجسم شاحب الوجه بأسنان نخرة يميل حين يسير كشجرة صغيرة تعصف بها الريح . إعتدت السير في شارع ( مين ) كل يوم تقريباً . وفي كل يوم أصادف في طريقي متشردين يفترشون الرصيف فرادى وجماعات . صار وجهي أليفاً بالنسبة لهم , كذلك هم صاروا أليفين لرجل ٍ يتنزه في الشارع نفسه يرمي السلام هنا وهناك . يستوقفني أحدهم طالباً فكة فأعطيه دولاراً يسر به وحده ( علي ) بالرغم من عوزه كان يرفض أن يمد يده لأحد خشية ذل السؤال . حتى حين أعرض عليه المساعدة يرفضها بإباء ألحّ عليه كثيراً ليقبل عزيمتي على غداء . منظر رجل ٍ عجوز ٍ يفترش الشارع يفطر الفؤاد فما بالك لو كان هذا الرجل إبن بلد . أقول له : - يارجل حاول إصلاح ذات البين مع زوجتك . تودد لها لاطفها , عدها بأن تقلع عن عادتك السيئة في تعاطي المخدرات . يقول لي : - تعبت وأنا أحاول مراراً في أن تعفو عني وتعيد النظر بموضوع مبيتي خارج البيت لكنها ترفض بإصرار منحي فرصة ثانية . ماذا أفعل ؟ يتساءل بحرقة والدمع يتلألأ في عينيه . : - هل فكرت بالعودة للناصرية لعلك تعيش هناك بين الأهل والأقارب بما يحفظ ماء الوجه ؟ يصفن ( علي ) صفنة طويلة كمن يتأمل أفكاره ويقلّبها ثم يهمس لي كمن يبوح بسر ٍ خطسر ٍ : - العراق الذي تعرفه ليس هو البلد نفسه . تغيرت الناس والظروف ليست كما تظن . أقول له متسائلاً : - كيف تظن الظروف هناك ؟ : - أظنها ألعن من الظروف هنا في أمريكا . على الأقل الدولة هنا تمنحني راتب الرعاية الإجتماعية وهو يكفيني ويزيد كوني أعيش في الشارع . يراودني حلم أن أعود ذات يوم ٍ الى البيت وحضن الزوجة والإستحمام بالماء الدافىء . : - بلا امرأة تمنحك الحب وبلا بيت ماذا تفعل بنفسك يارجل ؟ : - أنبش الذكريات وأعيش عليها . حياتي عبث وقبض ريح . أنا رجل متداع ٍ مستقبله الموت . أشعر بأني عديم الأهمية لا أحلام لي حتى فكرة العودة إلى البيت أزلتها من رأسي . ثم وضع رأسه بين يديه وأجهش بالبكاء . رحت أرقبه برهة من الزمن حتى شعر بالهدوء ثم غشيه النعاس فإستسلم للنوم كالطفل الوديع .



#علوان_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بماذا أفكر ؟
- ثلاث ورقات حمراء
- الضحك
- بماذا يحلم الموتى ؟ع
- الجميلة والتمساح
- ماذا أكلت اليوم ؟
- الوردة بعد القطاف
- هدايا لطيفة
- متشرداً في بغداد
- رجل يضاجع شجرة
- تأملات رجل حالم
- نزهة في شارع أبي نؤاس
- طاولة فارغة
- قاص يشار له بالبنان
- البائعة الجميلة
- جريمة في منتزه عام
- المواطن السعيد الحظ
- شجرة الأخبار 2
- نشرة الأخبار
- القليل من صبرها


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - المتشرد العجوز