اتريس سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 7958 - 2024 / 4 / 25 - 22:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
1 _ لِأَنَّ اَلْحَيَاةَ مِثْل اَلْخُدْعَةِ اَلسِّحْرِيَّةِ، عِنْدَمَا تَكُونُ طِفْلاً، لَا تَرَى سِوَى مُقَدِّمَةِ اَلْمَسْرَحِ. إِنَّهُ أَمْرٌ رَائِعٌ، نَحْنُ نَتَعَجَّبُ، وَنَسْأَلُ أَنْفُسَنَا أَسْئِلَةً، وَنُرِيدُ أَنْ نَعْرِفَ اَلْمَزِيدُ. وَبَعْدُ ذَلِكَ، نَنْمُو. شَيْئًا فَشَيْئًا، يَنْكَشِفَ مَا وَرَاءَ اَلْكَوَالِيسِ، وَنُدْرِكُ أَنَّ اَلْأَمْرَ مُعَقَّدٌ. أَنَّهَا أَقَلُّ جَمَالاً، بَلْ إِنَّهَا حَيَاةٌ قَبِيحَةٌ فِي كَثِيرٌ اَلْأَحْيَانِ، نَشْعُرُ بِخَيْبَةِ أَمَلٍ. لِلْأَسَفِ نَمْضِي، وَنَحْنُ لَا نَزَالُ نَشْعُرُ بِالْحَيْرَةِ وَ الدَّهْشَةِ
2 _ يَظُنَّ اَلْكَثِيرُونَ أَنَّ كَوَّنَ اَلشَّخْصُ ذَكِيًّا أَوْ مَوْهُوبًا فَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ كَافٍ لِكَيْ يُحَلِّقَ فِي سَمَاءِ اَلنَّجَاحِ. وَ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى اَلظُّرُوفِ، وَهَذَا مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِي اِعْتِقَاد خَاطِئٍ، فَظُرُوفُ اَلتَّنْشِئَةِ وَ الْمُجْتَمَعِ اَلْمُحِيطِ بِالْفَرْدِ يَلْعَبَانِ دَوْرًا أَسَاسِيًّا فِي تَحْقِيقِهِ لِذَاتِهِ، بِالْإِضَافَةِ لِلْمَوْهِبَةِ وَالذَّكَاءِ. بَلْ أَحْيَانًا يَحْدُثُ اَلْعَكْسُ تَمَامًا. فَيَنْقَلِبُ اَلذَّكَاءُ عَلَى صَاحِبِهِ فَيُجْرَهُ إِلَى حَافَّةِ اَلْجُنُونِ. بُعْدٌ تُعَارِضُ أَفْكَارَهُ مَعَ أَفْكَارِ اَلْأَكْثَرِيَّةِ وَعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَحْقِيقِهَا لِأَسْبَابٍ قَهْرِيَّةٍ. فَوُجُودُ اَلشَّخْصِ فِي اَلْمَكَانِ اَلْخَاطِئِ سَيَدْفَعُهُ إِلَى عَدَمِ تَحْقِيقِ أَيِّ شَيْءٍ، وَسَيَبْدُو غَارِقًا فِي مُسْتَنْقَعِ مِنْ اَلْفَشَلِ، بَيْنَمَا لَوْ وَضَعَ فِي اَلْمَكَانِ اَلْمُنَاسِبِ سَيُزْهِرُ وَيَخْرُجُ أَعْمَقُ إِمْكَانِيَّاتِهِ.
3 _ لَمْ أَعُدْ أُؤْمِنُ بِأَنَّ اَلْغَبَاءَ فُطْرِيٌّ لِأَنِّي لَاحَظَتْ مُؤَخَّرًا، أَنَّ كَثِير مِنْ اَلْغَبَاءِ عِنْدَنَا، يَأْتِي بِالتَّعَلُّمِ وَالِاكْتِسَابِ
4 _ اَلَّذِي يَنْهَمِكُ فِي مُتَابَعَةِ اَلنِّسَاءِ وَالْإِعْجَابِ بِهُنَّ، لَا تَتُقْ فِيهِ أَبَدًا، مُهِمًّا اِدَّعَى اِرْتِبَاطُهُ بِقَوَاعِدِ اَلْقُوَّةِ. لَا تَثَقْ أَبَدًا فِي هَذَا اَلنَّوْعَ، أُلْغِيَتْ مِنْ حَيَاتِي هَذَا اَلنَّوْعَ مِنْ اَلْأَصْدِقَاءِ تَمَامًا، أَدْمِغَتُهُمْ فَارِغَةً، وَحِكَايَاتُهُمْ تَرْتَبِطُ بِالْفُرُوجِ وَالْمُؤَخَّرَاتِ وَ غِيَابَ اَلْأَهْدَافِ اَلْعُلْيَا فِي اَلْحَيَاةِ، هَذَا اَلنَّوْعَ مِنْ اَلْأَصْدِقَاءِ تَافِهٌ وَسَافِلٌ وَلَنْ يُفِيدَكَ أَبَدًا فِي أَيِّ مَشُورَةٍ، بَلْ سَيُضَرُّكَ بِقَرَارَاتِهِ. أَيُّ شَخْصٍ مَهْوُوسٍ بِالنِّسَاءِ وَيُرَاسِلُ هَذِهِ وَهَذِهِ وَ هَذِهِ، لَاتَثَقْ فِيهِ أَبَدًا وَلَا تَتَّخِذُهُ خَلِيلاً، سَيُضَرُّكَ سَيُضَرُّكَ سَيُضَرُّكَ.
5 _ اَلْوَقْت وَالصَّمْتِ هُمَا مِنْ أَثْمَنِ اَلْأَشْيَاءِ فِي هَذِهِ اَلْأَيَّامِ
6 _ اَلْأُمَّة اَلَّتِي تَقَدَّمَ اَلنَّقْلُ عَلَى اَلْعَقْلِ دَيْدَنَهَا اَلْجَهْلَ أَوْ مَبْغَاهَا اَلتَّسَوُّلِ لِحَفْنَةِ دَرَاهِمَ، لَا غَرَابَةً مِنْ أَنْ تُعْطِيَ شَهَادَةٌ إِلَى لِحْيَةِ بَغْلٍ وَتَمْنَحُهُ لَقَبَ اَلْعَالَمِ اَلْعَلَّامَةِ وَالْإِمَامِ اَلْفَهَّامَةِ. مِثْلٌ هَذِهِ اَلْكُتُبِ اَلظَّلَامِيَّةِ، إِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى مُسْتَوَى اَلِانْحِطَاطِ اَلْفِكْرِيِّ وَالتَّدَهْوُرِ اَلْعَقْلِيِّ لِلْمُؤَلِّفِ وَالْمُجْتَمَعِ مَعًا !
7 _ أَتَسَاءَلُ، كَيْفَ سَتَنْجُو حَمَامَةَ رُوحِكَ اَلْمُتَمَرِّدَةِ مِنْ كُلِّ تِلْكَ اَلْمَطَارِقِ اَلْمُمْتَعِضَةِ، وَالْوُجُوهُ اَلْفَظَّةُ مِنْ حَوْلِكَ ؟ أَيْنَمَا ذَهَبَتْ، سَتَكُونِينَ إِلَيْهِمْ، حَتْمًا كَمَا يَشَاؤُونَ، سَتَتَذَوَّقِينَ اَلْوَهْم مَعَهُمْ، وَسَتَحْسُبِينَ أَنَّكَ حُرَّةٌ فِي اَلْقَرَارِ وَالْوُجُودِ وَالِاخْتِيَارِ. وَ سَتَعِيشِينَ هَكَذَا حَاضِرَةٌ غَائِبَةٌ، إِلَى أَنْ تُصَلِّيَ يَوْمًا إِلَى جَوْهَرِ اَلْعُبُودِيَّةِ اَلْمُرِيحِ مَعَهُمْ, فَتُدَافِعِينَ سَاجِدَة عَنْهُمْ وَعَنْ غَبَائِهِمْ اَلْمُقَدَّسِ، فِي اِسْتِعْذَابٍ شَرِسٍ، لِعُبُودِيَّتِكَ اَلْمُكَرَّمَةِ, كَذِبًا بِنُصُوصِ فَارِغَةٍ, أَيْ إِلَى أَنْ تُصْبِحِيَ صَمَّاءُ اَلْقَلْبِ وَالرُّوحِ، وَ تَصِيرِينَ مِطْرَقَةٍ جَدِيدَةٍ فَوْقَ أَرْوَاحِ غَيْرِكَ مِنْ اَلْبَشَرِ, لَا حَل قَرِيبٍ، وَلَا فِكَاكَ لَنَا مِنْ هَذَا اَلْعَالَمِ اَلْأَسْوَدِ يَا صَغِيرَتِي, نَحْنُ نَقِفُ جَمِيعًا مَعًا، أَمَامَ طَابُورِ عَقِيدَةِ اَلرِّمَالِ, نَحْنُ نَطْحَنُ عَلَى ذَاتِ اَلرَّحَى، وَنَدْفِنُ عِنْدَ ذَاتَ اَلْمَنَابِر, نَتَهَجَّدَ بِكُلِّ رِضًى وَ قَنَاعَةٍ، وَنُثَابِرُ بِقَسْوَةٍ، كَيْ نُعِيدَ إِنْتَاجُ هَذَا اَلْعَدَمِ اَلْمَقِيتِ، وَ إِنْتَاجَ ذَاكَ اَلْجَهْلِ اَلْمُقَدَّسِ، اَلَّذِي يَلْتَهِمُ أَفْهَامَنَا اَلْغَضَّةَ، بِكُلِّ يَقِينٍ وَتَوْقٍ وَشَهِيَّةٍ.
8 _ لَا تُحَاوِلُ أَنَّ تَحَطُّمَ اَلْخُرَافَاتِ اَلَّتِي يُؤْمِنُ بِهَا مِلْيَارَاتُ اَلْبَشَرِ. فَقَدْ أَصْبَحَتْ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ حَيَاتِهِمْ وَوَعْيِهِمْ وَ تَغَلْغَلَتْ فِي أَعْمَاقِهِمْ، وَهِيَ اَلَّتِي تُعْطِي اَلْمَعْنَى لِوُجُودِهِمْ، لِهَذَا فَهْمُ سَيَسْتَمِيتُونَ بِالدِّفَاعِ عَنْهَا وَمُهَاجَمَةِ كُلٍّ مِنْ يُشَكِّكُ بِهَا أَوْ يُحَاوِلُ تَفْنِيدُهَا. وَلَا تِنِس أَنَّ اَلْإِنْسَانَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ مِنْ دُونِ أَوْهَامٍ، وَهُوَ اَلْكَائِنُ اَلْوَحِيدُ مِنْ بَيْنِ كُلِّ اَلْكَائِنَاتِ اَلَّذِي صَنَعَ اَلْخَيَالُ وَالْخُرَافَةُ وَالْأُسْطُورَةُ بِكُلِّ أَنْوَاعِهَا، وَنَجَحَ فِي اِسْتِغْلَالِهَا وَتَوْظِيفِهَا وَإسْتِخْدَامِهَا لِأَغْرَاضٍ كَثِيرَةٍ، وَهَذَا سِرُّ تَفَوُّقِهِ عَلَى بَاقِي اَلْمَخْلُوقَاتِ، وَلَوْلَا قُدْرَةُ اَلْإِنْسَانِ عَلَى صُنْعِ اَلْخُرَافَاتِ وَالْأَوْهَامِ لِمَا تَمَيَّزَ كَثِيرًا عَنْ بَاقِي اَلْكَائِنَاتِ
9 _ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اَلْكَثِيرَ صَارَ يُحِبُّ اَلْعَلَاقَةَ اَلْوَهْمِيَّةَ أَكْثَرَ مِنْ اَلزَّوَاجِ وَالْوَاقِعِ، فَإِدْمَانُهُمْ عَلَى اَلرَّسَائِلِ اَلنَّصِّيَّةِ أَصْبَحَ مَصْدَرُ نَشْوَتِهِمْ وَطَرِيقَةِ عَيْشِهِمْ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ تِلْكَ اَلْعَلَاقَةِ فِي اَلْوَاقِعِ بِالزَّوَاجِ أَوْ اَلْخُطُوبَةِ فَإِنَّهَا لَنْ تَنْجَحَ لِأَنَّهَا خَسِرَتْ أَهَمَّ مَا كَانَ فِيهَا وَهُوَ كَوْنِهَا وَهْمِيَّةً وَنَصِّيَّةً ? اَلْوَهْمُ وَالْخَيَالُ صَارَ عِلَاجُ كُلِّ نَقَائِصِ اَلْوَاقِعِ وَالْمُدْمِنِ عَلَيْهِ سَيُصْبِحُ يُحِسُّ بِالْخَوْفِ لِوُقُوفِهِ فِي اَلشَّارِعِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ بِفَارِغٍ اَلصَّبْرِ اَلْعَوْدَةِ إِلَى عُزْلَتِهِ وَالِانْغِمَاسِ فِي حَيَاتِهِ اَلَّتِي هُوَ يَعْتَبِرُ نَفْسَهُ فِيهَا كَخَالِقِ وَضْعِ فِيهَا كُلُّ مَا يُحِبُّ وَيُرِيدُ دُونَ أَدْنَى عَرَاقِيلَ أَوْ تَنَاقُضَاتٍ تُوَاجِهُهُ
10 _ أَكْبَرَ خَطَأٍ يَرْتَكِبُهُ اَلرَّجُلُ هُوَ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ أَجْلٌ اِمْرَأَةٍ، اَلْمَرْأَةُ لَا تُؤْمِنُ بِالتَّضْحِيَاتِ، لِأَنَّهَا بِبَسَاطَةِ حِينَمَا تَجْدَ صَفَقَة أَفْضَلَ مِنْكَ سَوْفَ تَقْفِزُ إِلَيْهَا وَسَتَنْسَى جَمِيعُ اَلتَّضْحِيَاتِ اَلَّتِي قُمْتُ بِهَا مِنْ أَجْلِهَا بِدُونِ تَأْنِيبِ اَلضَّمِيرِ وَبِدَمٍ بَارِدٍ. إِذَا لَا تَدَخُّل فِي عِرَاكِ مِنْ أَجْلِ اِمْرَأَةٍ. لَا تَتَغَيَّرُ عَلَى أَصْدِقَائِكَ مِنْ أَجْلِ اِمْرَأَةٍ. لَا تُسَاعِدُ اَلْمَرْأَةُ لِلْوُصُولِ إِلَى اَلْقِمَّةِ لِأَنَّهَا سَتَبْصُقُ عَلَيْكَ مِنْ أَعْلَى وَتَرْكُلكَ وَهَذَا نُشَاهِدُهُ دَائِمًا، اِرْجِعْ إِلَى اَلتَّارِيخِ وَسَتُعْرَفُ بِأَنَّ اَلنِّسَاءَ كَانُوا يُمَارِسُونَ اَلْجِنْسُ مَعَ اَلْعَدُوِّ وَ الْجُنُودِ اَلَّذِينَ هَجَمُوا عَلَى بِلَادِهِمْ
11 _ أَيُعْقَلُ أَنْ أَكُونَ مُجَرَّدَ ظِلٍّ غَضُوبٍ أَضَاعَ جَسَدُهُ فِي زَحْمَةِ هَذِهِ اَلْأَفْكَارِ اَلزَّائِفَةِ
12 _ عَلَى هَذَا اَلْوُجُودِ اَلْعَابِثِ أَنْ يَتَطَلَّعَ إِلَى صَلْصَالِ مِنْ نَوْعٍ جَدِيدٍ
13 _ إِيَّاكَ وَأَنْ تَلْعَبَ دَوْرَ رَجُلِ اَلْمَافِيَا وَأَنْتَ تَلْبَسُ جَوَارِبَ مَثْقُوبَةً، فَرِجَالَ اَلْمَافِيَا اَلْحَقِيقِيِّينَ كَانُوا أَصْحَاب ذَوْقْ وَعَقْلٍ لَامِعٍ وَمَا تَفْعَلُهُ أَنْتَ يُسَمَّى نَتَائِجَ دَعْوَةَ اَلْمَظْلُومِ
14 _ إِنَّ اَلْجَهْلَ مُهِين لِكَرَامَتِنَا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَرْضَى بِسَعَادَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى اَلْأَوْهَامِ وَاللَّامُبَالَاةِ. فَالسَّعَادَةُ اَلْحَقِيقِيَّةُ، رِحْلَةٌ شَاقَّةٌ تَتَطَلَّبُ مِنَّا اِسْتِخْدَامِ عُقُولِنَا وَمُوَاجَهَةِ اَلْحَقِيقَةِ، مَهْمَا كَانَتْ مُؤْلِمَةً
15 _ مِنْ أَعْظَمِ سِمَاتِ اَلنُّضْجِ وَالْوَعْيِ وَقُوَّةِ اَلشَّخْصِيَّةِ هِيَ قُدْرَةُ اَلْإِنْسَانِ عَلَى اَلتَّجَاهُلِ؛ تَجَاهُلَ اَلْجَاهِلِ، تَجَاهُلَ اَلْمُسْتَفِزِّ وَمِنْ يَرْمِي اَلْكَلَامُ بِلَا هَدَفِ، تَجَاهُلِ اَلْهَفَوَاتِ، وَتَجَاهُلِ اَلْمُتَجَاهِلِ. قِمَّةُ نُضْجٍ هِيَ قُدْرَتُكَ عَلَى مَعْرِفَةِ اَلنُّفَايَاتِ اَلْعَقْلِيَّةِ اَلَّتِي يَجِبُ أَلَّا تَلَوُّثَ بِهَا دِمَاغُكَ وَمَعْرِفَةُ اَلطَّيِّبَاتِ اَلَّتِي يَجِبُ أَنْ تَشْغَلَهُ بِهَا
16 _ إِنَّ اِحْتِرَافَكَ فَنَّ اَلِإسْتِغْنَاءِ يَجْعَلُكَ مَالِكًا لَا مَمْلُوكًا
17 _ كُلُّ شَيْءٍ يَمُرُّ بِحَيَاتِكَ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ اَلْعَبَثَ
18 _ يَجِبَ أَنْ تُدْرِكَ أَنَّنَا جَمِيعًا مُخْتَلِفُونَ وَعِنْدَمَا يَشْبَعُ أَحَدُهُمْ اِحْتِيَاجَهُ اَلنَّفْسِيَّ عَلَى حِسَابِكَ أَنْتَ، فَهَذَا لَا يَكُونُ بِسَبَبِ أَنَانِيَّةِ هَذَا اَلشَّخْصِ فَقَطْ، بَلْ بِسَبَبِ عَدَمِ إِدْرَاكِكَ أَنْتَ لِحُقُوقِكَ وَإحْتِيَاجَاتِكَ أَنْتَ وَتَكْوِينُكَ اَلنَّفْسِيُّ مُخْتَلِفٌ، وَيَجِبَ أَنْ تَتَصَرَّفَ عَلَى هَذَا اَلْأَسَاسِ، فَمَا يَحْتَاجُهُ غَيْرُكَ لَيْسَ مِنْ اَلضَّرُورَةِ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ، وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ. عَلَيْنَا أَنْ نَنْتَبِهَ لِتَصَرُّفَاتِنَا نَحْنُ، وَرُدُودَ أَفْعَالِنَا وَنَتَأَمَّلَهَا، عَلَيْنَا أَنْ نَفْهَمَ أَنْفُسُنَا قَبْل أَنَّ نُتْعِبهَا فِي مُحَاوَلَةِ فَهْمِ اَلْآخَرِينَ وَ تَصَرُّفَاتِهِمْ تُجَاهَنَا، عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَمِعَ أَكْثَرُ لِأَنْفُسِنَا وَنَنْتَبِهُ لِإحْتِيَاجَاتِنَا وَنَكُونَ عَلَى وَعْيِ بِهَا، عِنْدَمَا تَكُونُ وَاعِيًا بِذَاتِكَ، سَوْفَ تُوَفِّرُ عَلَى نَفْسِكَ اَلْكَثِيرَ مِنْ اَلْأَلَمِ اَلنَّفْسِيِّ اَلَّذِي يَأْتِي نَتِيجَةِ اَلْجَهْلِ بِنَفْسِكَ. اِسْتَمَعَ أَكْثَرُ لِنَفْسِكَ وَأَفْهَمَهَا ؟
19 _ اَلْأَدْيَان مَا هِيَ إِلَّا مُجَرَّدُ دُسْتُورِ مَوْضُوعِ مُنْذُ آلَافِ اَلسِّنِينَ، مِثْلٌ دُسْتُورِ أَيِّ دَوْلَةِ، مَجْمُوعَةِ أَوَامِرَ وَ نَوَاهِي مَحْكُومَةٍ بِالْعُقُوبَاتِ.
20 _ هُنَاكَ أَسْرَارٌ فِي جِسْمٍ اَلْأثْنِى لَا تَعْرِفُهَا حَتَّى اَلْأثْنَى نَفْسهَا. وَ سَوْفَ أُعْطِيكُمْ ثَلَاثَةَ أَسْرَارٍ. إِذَا فَكَّرَتْ فِي اَلزَّوَاجِ مِنْ فَتَاةٍ وَ وَجَدَتْ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ اَلْعَلَامَاتِ اَلثَّلَاثَةِ فَأَنْتَ مَحْظُوظٌ جِدًّا أُمًّا إِذَا تَوَفَّرَتْ اَلْعَلَامَاتُ اَلثَّلَاثَةُ فِي نَفْسِ اَلْمَرْأَةِ فَأَنْتَ أَمَامَ كَنْزٍ لَا تُفَرِّطُ فِيهِ حَتَّى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ اَلْمَرَّةِ جَمِيلَةً، اَلْعَلَامَاتِ هِيَ أَوَّلاً ثُقْبٌ فِينُوسْ وَهِيَ ثُقْبٌ تُوجِدُ أَسْفَلَ ظُهْر اَلْفَتَاةِ، اَلْقَدَمُ اَلْمُمْتَلِئُ مِنْ اَلْخَلْفِ. اَلثَّالِثَةِ اَلنَّقْرَ اَلْمَوْجُودَةَ عَلَى ظَهْرِ يَدِ اَلْفَتَاةِ. مِنْ خِلَالِ خِبْرَتِي بِأَنَّ وُجُودَ هَذِهِ اَلْعَلَامَاتِ فِي أَيِّ اِمْرَأَةٍ يَعْتَبِرُ كَنْز بِكُلِّ مَعْنَى اَلْكَلِمَةِ.
21 _ أَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا اَلِاعْتِدَاءِ اَلصَّارِخِ، وَالْمُتَزَايِدَ عَلَى خُصُوصِيَّةِ اَلْإِنْسَانِ، مِنْ قَبْلُ أَذْرُعُ ثَوْرَةِ اَلِاتِّصَالَاتِ، وَتَعَاظُمَ سَطْوَةِ وَسَائِلِ اَلتَّوَاصُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ، سَيُشَكِّلُ يَوْمًا مَا مُنَاخًا جَدِيدًا، يَدْفَعَ اَلْإِنْسَانِيَّةَ نَحْوَ اِصْطِنَاعِ قِيَمٍ أَخْلَاقِيَّةٍ، مُخْتَلِفَةً تَمَامًا عَمَّا نَعْرِفُ، وَغَيْرُ مَأْلُوفَةٍ فِي اَلْفَهْمِ اَلْعَامِّ أَوْ اَلسَّائِدِ، وَ الْخَطَرُ اَلْأَهَمُّ، كَمَا أَزْعُمُ فِي أَنَّهُ لَنْ يَكُونَ لِمَفْهُومِنَا اَلْحَالِيّ عَنْ اَلْكَرَامَةِ اَلْإِنْسَانِيَّةِ، أَيْ نَصِيبِ فِيهَا
22 _ اَلْإِعْجَابُ بِعَظَمَةِ اَلطَّبِيعَةِ، يُصْبِح وَاضِحًا بِشَكْلٍ مُتَزَايِدٍ، فَقَطْ مِنْ خِلَالِ عُقُولِنَا اَلْمُنْدَهِشَةِ اَلْمُتَسَائِلَةِ، اَلْمُسْتَفْسِرَةَ دَائِمًا، عَنْ كُلِّ شَيْءٍ تُصَادِفُهُ، أَوْ كُلِّ تَنَاقُضٍ تُدْرِكُهُ. وَقَدْ قِيلَ يَوْمًا بِأَنَّ اَلطَّبِيعَةَ تُكَافِئُ اَلْفُضُولَ اَلْعَقْلِيَّ. كَيْفَ لَا، وَقَدْ بِتْنَا اَلْيَوْمُ نَعْلَمُ عِلْمُ اَلْيَقِينِ، بِأَنَّ اَلْمَعْرِفَةَ قُوَّةً، وَالْجَهْلُ ضَعْفٌ وَنَرَى كَيْفَ أَنَّ اَلْكَائِنَاتِ اَلْبَسِيطَةَ تُنْفِقُ بَعْضَ اَلْجُهْدِ اَلْفُضُولِيِّ، لِجَمْعِ اَلْمَعْلُومَاتِ حَوْلَ اَلْعَالَمِ اَلَّذِي تَعِيشُ فِيهِ وَتَحْسِينِ فُرَصِهَا اَلْأَحْرَى بِالْبَشَرِ بِمَا وَصَلُوا إِلَيْهِ مِنْ مُسْتَوَى وَعْيٍ أَنْ يَذْهَبُوا أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ، نَحْنُ لَا نُحَاوِلُ فَقَطْ، اَلْعُثُورُ عَلَى اَلطَّعَامِ وَ الِاخْتِبَاءِ مِنْ اَلْأَعْدَاءِ، بَلْ لَدَيْنَا أَيْضًا فُضُولَنَا اَلتَّسَاؤُلِيَّ اَلَّذِي يَمْتَدُّ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ. فِي زَعْمِي، نَحْنُ نُصَيْرْ عُقَلَاءَ أَكْثَرَ، لَطَالَمَا بَقِينَا جَائِعِينَ مَعْرِفِيًّا. وَمُدْرِكُونَ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ أَنَّ اَلْعِلْمَ غَايَةً، وَ أَنَّ جُهْدَ اَلتَّعَلُّمِ هُوَ أَفْضَلُ وَسِيلَةٍ لِإِشْبَاعِ هَذَا اَلْجُوعِ.
23 _ يُمْكِنُكَ أَنْ تَخْتَبِرَ قُدُرَاتِكَ اَلْعَقْلِيَّةَ، وَمَدَى فَرَادَةِ مِيزَاتِكَ اَلشَّخْصِيَّةَ, مِنْ خِلَالِ تَحَمُّلِكَ لِلْعُزْلَةِ اَلصَّامِتَةِ، وَسَعْيُكَ إِلَى اِكْتِشَافِ فَوَائِدِهَا اَلْبَطِيئَةِ، وَأَنْتَ تَحْيَا فِي عَالَمٍ مَجْنُونٍ، سَرِيع اَلْخُطَى، غَيْرَ مُبَالٍ.
24 _ سَتَظْهَرُ شُمُولِيَّةً جَدِيدَةً سَتَجْعَلُ اَلْإِنْسَانَ يُحِبُّ عُبُودِيَّتَهُ
25 _ كَانَتْ اَلْحَيَاةُ رَائِعَةً فِي اَلْعَصْرِ اَلْحَجَرِيِّ، يَنَامُونَ فِي كَهْفِ حَتَّى اَلظُّهْرِ، يَأْكُلُونَ اَلْفَوَاكِهُ وَيَصْطَادُونَ لَلْمَامُوثْ وَ يُحَوِّلُونَهُ إِلَى شَطَائِرَ كَبِيرَةٍ يَأْكُلُونَهَا لَيْلاً حَوْلَ اَلنَّارِ اَلْمُشْتَعِلَةِ وَ يَرْقُصُونَ وَيَمْرَحُونَ وَلَا وُجُود لِقَانُونٍ وَلَا لِطَبِيبِ أَسْنَانٍ وَلَا مَفَاصِل، يَتَزَوَّجُونَ مَنْ يُحِبُّونَ وَيَسْبَحُونَ فِي اَلنَّهْرِ وَلَا يَنْتَبِهُونَ لَمِنْ أَكْلِهِ تِمْسَاح أَوْ أَفْعَى أَنَكُونْدَا. اَلْآنُ اَلتِّكْنُولُوجْيَا أَفْسَدَتْ كُلَّ شَيْءٍ !
26 _ لَقَدْ اِتَّضَحَ مِنْ خِلَالِ رَكْضِهَا خَلْفَ طُمُوحَاتِهَا أَنَّهَا تَصْبِرُ كَالتِّمْسَاحِ وَتَحَمُّل اَلذُّلِّ كَالْعَبْدِ وَتُخَطِّط كَالثَّعْلَبِ وَلَيْسَ لَهَا أُنُوثَةُ كَالضَّبْعِ وَتُحِبّ اَلْمَالَ كَالسَّارِقِ ? هِيَ لَيْسَتْ أَمِيرَةً هِيَ مَاكِينَةٌ وَآلَةٌ لَا تَرَى إِلَّا مَا بَرْمَجْتُ عَلَيْهِ.
#اتريس_سعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟