|
خسارة على التسامح
سعيد الحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1756 - 2006 / 12 / 6 - 11:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
. أخذت نفسا عميقا، ورددت مع صديقنا د. احمد البغدادي "حسافة (خسارة) على التسامح".. فعندما تستلم رسالة هاتفية بصيغة تتوعد وتهدد.. ويقول فيها صاحبها متشفيا ومهددا: " لن تسلم غدا عندما يسقط اصحاب الفكر الفارغ".. لا تملك فعلا الا ان تقول " حسافة على التسامح" مليون مرة.. ليس لأن النتائج البرلمانية الأخيرة جاءت بأحزاب الإسلام السياسي تمهيدا للتشريع لدولة دينية يحلمون بها بعد ما فشلت جميع تجاربها في كل مكان وانتهت بكوارث أين منها كوارث العسكر في عالمنا العربي.. ولكن " حسافة" لأننا وصلنا إلى هذا المستوى الهابط من التشفي المتطرف الغارق في جهل مفضوح والمأخوذ بنشوة استقواء بقوة عددية يمكن أن يقودها هكذا مستوى من التطرف لارتكاب أعمال تصفية وعنف ضد المختلف والمغاير، فقط لأنه مختلف فكرا ومختلف منهجا. " لن تسلم غدا"، بماذا نفسرها خارج سياق التهديد والوعيد بالإقدام على العنف؟ صحيح " حسافة على تسامحك" يا البحرين، يا من تدير الأغلبية وهي منتصرة اختلافها مع الآخر بالتهديد، فكيف إذا ما انهزمت يوما هذه الجماعات؟ ليس عن خوف نكتب.. ولكننا نكتب اليوم ونحن المتفائلون دوما "بحسافة" على انتهاء ذلك المناخ البحريني الجميل من روعة التسامح الذي عشناه في فترة تكويننا الأول ومطلع شبابنا.. و" حسافة" عليكم يا جيلا لم يعايش تلك الفترة ولم يتنفس مناخها، ولم يختزن هواءها، وهي الفترة التي كنا فيها نختلف ونختلف إلى أقصى درجات الاختلاف.. لكننا لم نكفّر ولم نؤثّم ولم نجرّم.. فظلت مساحات الفهم المشترك قائمة.. لأننا أبناء بحرين التسامح.. ذلك التسامح الذي خطفه في لحظة انعطاف وانكسار فكر قادم من كهوف الماضي، لم يملك من أدوات الوعي سوى التهديد والعنف والمصادرة والإلغاء. وللأسف يحدث هذا باسم الدين..!! لقد أصبح الشقيق يضيق بشقيقه والصديق يكاد يفتك بصديق طفولته وصباه.. فقط لأنه اختلف فكرا. حتى الزوج رفع يمين الطلاق على زوجته بعد عقود وعقود من العشرة المشتركة فقط لأن الفتوى صدرت ورخصت له بتطليقها إذا لم تنتخب هذا المرشح " المؤمن". وكذلك فعل "واعظ حينا" حين هدد بأن من لم ينتخب " القوي الأمين" سيدخل النار على عقبيه. "حسافة على تسامحك"، ليس لأنك اخترت الدين كما أوهموك وكما خدعوك.. ولكن "حسافة على تسامحك" لأنك تركتِ لهم المجال واسعا لاستغلال الدين لخدمة جماعات وأحزاب لها فكرها الديني الخاص جدا، الذي من خلاله تريد الوصول والحصول على حق التشريع " للدولة الدينية" التي يحلم بها كل فريق منهم بطريقته وبحسب فكره الديني الخاص به، وهو الفكر الذي لم يؤسس يوما سوى دولة الصراع الطائفي والاصطراع المذهبي. عودوا وانظروا إلى جميع التجارب التي قادها الفكر الديني بغض النظر عن مذهبه هنا أو طائفته هناك، فستجدون انها لم تنجح أبدا حتى في تأسيس " الدولة الدينية" التي يحلمون بها، لأنها جميعها تجارب انتهت بدولة الطوائف وبحرب الطوائف. " حسافة على تسامحك"، لان التهديد والوعيد هو " سيفنا البتار" للتعامل. فالذين لم يدخلوا " بيت الطاعة" صاغرين، كانت الفتاوى لهم بالمرصاد. وعلى خلفية الوعد بالجنة والوعيد بالنار جرت الأمور في جميع ساحات الإسلام السياسي وأحزابه التي دخلت الانتخابات، فكان الناخب ينتخب " القوي الأمين" هنا وينتخب " المرشح المؤمن" هناك، ليس ثقة في الأول وليس اقتناعا بالثاني، ولكن اطمئنانا على مقعد له في الجنة مقابل مقعد لهم في البرلمان. ومن لم يسكت عن هكذا منطق، فليسكته تهديد صارم كالذي وصلنا متوعدا: " لن تسلم غدا". وبعد ذلك لا تريدون أن نقول " حسافة عليك يا أم التسامح .. يا بحرين!
#سعيد_الحمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضد المرأة.. أم ضد الاصلاح؟
-
ديمقراطية بلا حداثة .. أضغاث احلام
-
حوار أديان أم حوار أفكار؟
-
كرامتي في دوري و مساواتي
-
في إيران , اعتداء صارخ على الديمقراطية المزعومة
المزيد.....
-
ترامب يتحدث في اجتماع تقني عالمي برعاية الصندوق السيادي السع
...
-
تونس: الإفراج عن الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين
-
أبو ردينة يحذر من حرب شاملة على الضفة
-
الجيش الكويتي يعلن مقتل اثنين من قواته البرية وإصابة آخرين
-
فانس: انتقادات زيلينسكي لترامب في العلن لن تؤثر على موقف الر
...
-
-بوليتيكو-: المسؤولون الأوكرانيون يخشون تحالف بوتين وترامب
-
ماسك يسخر من تصريحات زيلينسكي حول مستوى شعبيته العالي
-
-لجنة الطوارئ المركزية- في رفح: أكثر من 20 فلسطينيا قتلوا جر
...
-
الجيش اللبناني: العدو لم يلتزم بالانسحاب الكامل من الأراضي ا
...
-
محمود عباس يرحب برفض رئيس دولة الإمارات تهجير الشعب الفلسطين
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|