لطيف روفائيل
الحوار المتمدن-العدد: 1756 - 2006 / 12 / 6 - 11:57
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
بعد طرح مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي الى المؤتمر الثامن على الجماهير لمناقشته تسارعت الكثير من الاقلام وبالوان مختلفة في رصد ملاحظاتها وبلورة اراءها , وعلى أثر هذه المبادرة و ما سطرته هذه الاقلام من افكار يحول الحزب الى ملك للناس وليس حكرا على الشيوعيين فقط .
واعترف انني من النشطين في متابعة اغلب الملاحظات والاراء التي طرحت على المواقع الانترنيتية , ومن خلال هذه المتابعة الانترنيتية لفتت انتباهي تلك الاقلام التي تنادي بتغيير اسم الحزب , وحقا ارى ان هذه النقطة تحتاج الى وقفة فهي لن تاتي بالسهولة ذاتها مع الرغبات وانما الى دراسة جدية لمجمل تاريخ الحزب ابتدا بالجانب الفكري الذي يسترشد ويؤمن به ومن ثم تاريخه السياسي ومارافقه من اخفاقات ونجاحات وتاثير ذلك كله على الحزب سواء المرابط منها باستراتيجية الحزب او الفعل الانعكاسي لها على اسم الحزب .
اما اذا ابتعدنا عن تقييم التجربة التاريخية للحزب ومعالجة مواطن الخلل والسلبية ونكران البطولة والنضال وتسلق اعواد المشا نق لاشخاص حاملين اسم الشيوعية واختزال كل هذا في كلمة واحدة هي الرغبة في تغيير اسم الحزب نكون قد جنينا على الحزب وتاريخه ومناضليه.
فالشيوعي هو الانعكاس الحقيقي لحب الوطن والشعب ... والشيوعية في العراق هي الصفة المييزة للشهداء الذين تسلقوا المشانق والذين سحلوا في الشوارع والذين استشهدوا في جبال كردستان والاهواروعندما يذكر اسم الحزب في الحال يمر من امامنا طيف كل هؤلاء المناضلين والشهداء , لذا فانني اعتبر ان النجاح كان حليف الحزب مع الجماهير في صدقيته لنقلها الى مستقبل افضل وانقاذها من الاستغلال ولم يكن النجاح حليفه في انقاذ ذاته من الملاحقات المتكررة وعليه عندما ننادي بتغير اسم الحزب ان نتفق اولا على الدور الاجتماعي الذي لعبه . ويجب التفريق بين اسم الحزب والاخطاء التي رافقت تاريخه ولانحمل الاسم بحد ذاته تبعيات تلك الاخطاء .
لاجل هذا انني من خلال هذه المقالة راغب بمحاورة الاقلام التي تنادي بتغيير اسم الحزب, وحواري هذا ملزم باحترام تلك الاقلام التي اجتهدت رايا ترى ان الضرورة وصيرورة الواقع الاجتماعي تفرض على الحزب تغيير اسمه وذلك تماشيا مع رغبات الواقع الجديد والمستجد ففي الحوار والمناقشة هناك الكثير من القضايا والافكار التي نتقارب مع بعضنا والكثير التي نتباعد عن بعضنا . وانني اذ اتباعد مع المنادين بتغيير اسم الحزب الشيوعي العراقي .
وساناقش كل فكرة اختزلتها من كاتب على حدة بعد ان احصر لب الفكرة المستنتجة من المقالة بين قوسين لاجل ايصالها الى القاريء .
المناقشة الاولى...........
{من الكتاب من نادى بتغيير اسم الحزب مسترشدا بنظرية السوق التجارية – (عرض وطلب ) في تاسيس الاحزاب وصياغة الاسم معتبرة ان اسماء الاحزاب ماركات تجارية مسجلة تنال الشهرة والانتشار مع الديمومة عبر الزمكانية ...... }
ان كلمة التجارة تعطي انطباعا لايقبل الشك هو المنافسة المشروعة وغير المشروعة لاجل تصريف البضاعة وكسب اعلى نسبة من الارباح ..اما الماركة التجارية فهو اعلان مسبق للبضاعة المصنعة من هذا المصنع او ذاك .
وحسب فهمي لهذا المصطلح ان يكون الحزب مدعوما من قبل شركات راسمالية كبرى ويقوم الحزب حين تسلقه قمة السلطة بخدمة مصالح الشركات التي اوصلته الى الحكم بالمبالغ الطائلة التي صرفت لهذا الامر من خلال تجنيد سياسة اقتصادية مربحة لتلك الشركات التي تقدمت مشكورة بعرض خدماتها .
والافتراض هنا ممكن في افلاس الشركة كامر غير مستبعد عندها يضطر الحزب الى الارتباط يشركات اخرى والذي قد يجبر على تغيير اسمه اذا كانت الحاجة ملحة للاقدام لهذا العمل .
هذا المصطلح التجاري ينطبق وبدقة كما ذكرنا على الاحزاب التي اشبه ماتكون بواجهات اعلامية لشركات معينة ورؤيانا هي للحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الامريكية المدعومة والمرتبطة بكبرى الشركات المتنفذة لاننا لم نرى حزبا اخر دون هذين الحزبين طيلة الانتخابات الامريكية تمكن من الوصول الى الحكم . عموما فان أي من الحزبين المتنفذين سيخدم مصالح الشركات التي ساندته وحققت له الفوز ويتم ذلك من خلال تدوير السياسة الاقتصادية بما يخدم تلك الشركات في تصريف صناعتها وفتح اسواق لها في العالم مهما كانت الوسائل المتبعة اخلاقية او غير اخلاقية فليست الذاكرة ببعيدة عندما انتعشت شركات تصنيع الاسلحة الامريكية ابان الحرب العراقية الايرانية وفضيحة ايران غيت كما كان انتعاشها من خلال حرب الخليج الثانية ومبيعاتها من الاسلحة الى دول الخليج بحجة التهديد الصدامي رغم عدم قدرة دول الخليج استخدام هذه الاسلحة وكما انتعاش الشركات النفطية في عهد بوش الابن وهكذا دواليك ..
ومع ذلك فهذه الاحزاب ومثيلتها في العالم ورغم خسارتها المتكررة للمعركة الانتخابية لم تحاول التفكير في طرح مشروع تغيير اسم الحزب.
من الموكد ان هذا التفسير لايلقى ترحيبا وسط الاحزاب التي نشات كضرورة لانقاذ المجتمع من الفساد والاستغلال والعبودية وتقويض التناقض الطبقي في ثنايا المجتمع لاجل المساواة والعدالة ومثل هذه الاحزاب ليست ظاهرة ممكن ان تختفي مع التغيير الذي يحصل في المجتمع بل هي احزاب تساير وتواكب التطورات الاجتماعية التي تكون هي الرائدة في قيادة هذا التطور .
ولو عدنا عقودا من الزمن من بداية العشرينات من القرن الماضي من تاريخ العراق لوجدنا اختفاء العديد من الاحزاب بافكار وبرامج مختلفة كونها لم تكن قادرة على استيعاب التغييرات الحاصلة داخل المجتمع وذلك ينبع من هشاشية الافكار التي كانت تحملها وعدم قدرتها على تطويرها بما يلائم التغييرات الواقعة فكان جمودها وزوالها .والذي سيحدث ايضا للكثير من الاحزاب الكارتونية المتواجدة حاليا على الساحة العراقية .
اما الحزب الشيوعي العراقي المسترشد بالنظرية الماركسية والمبنية على الديالكتيك الاجتماعي قادر من خلال تلك الافكار المبنية على التطور في استيعاب اية مرحلة جديدة او تغيرات حاصلة كون ان الشيوعية هي منهجية فكرية تعمل على تحليل الواقع بهدف تغييره نحو الافضل .وهي فكرة مبنية على تطور مراحل .
ولهذا نجد ان الحزب السيوعي العراقي خلافا لبقية الاحزاب المرحلية بقي منتصبا ولازالت جماهريته في كل مدن وقرى العراق واسمه يتردد في كل بقعة عراقية وقلما تخلو مدينة او قرية عراقية لايوجد فيها تنظيم شيوعي خلافا حتى للاحزاب الحالية التي تتمركز جماهيريتها ضمن الكثافة الطائفية او القومية التي يحددها موقعها الجغرافي في الارض العراقية , رغم انني لاانكر تقلص جماهيرية الشيوعيين في هذه المرحلة ولاسباب سيتم سردها عند مناقشة الفكرة الثانية المنادية بتغيير اسم الحزب .
ومن المؤكد ان تغيير اسم أي حزب له من الاسباب التي تفرض عليه في انجاز هذه الخطوة والحزب الشيوعي العراقي بعيد عن تلك العوامل الذاتية وعلاقتها بالموضوعية التي تدعوه الى تغيير اسمه فالذاتي عنده غير متخلف عن الموضوعي وان كان الموضوعي اصابه بعض التشويش والمقصود هنا بالموضوعي حالة المجتمع العراقي الان , فيجب اعطاء حق للغة المصطلحات ووضعها في الرؤية الصحيحة ودفعها باتحاه الرؤية السليمة فاسم الشيوعية في العراق منحاز كليا الى جانب المظطهدين والمستغلين والطبقات المسحوقة لا الى جانب اصحاب الشركات ورؤؤس الاموال .
الحزب الشيوعي العراقي اسم يحمله الفقراء والعمال والكادحين منذ اكثر من سبعين عاما وهو الذي يحمل على اكتافه المصانع والمعامل والحقول في دفاعه عن العامل والفلاح والمستغل وليس العكس, المصنع او المعمل يحمل اسم الحزب .
اذا خلاصة هذه المناقشة في التشبيه التجاري لاسم الحزب الشيوعي العراقي واعتباره ماركة تجارية مسجلة بعيدة عن واقعه التاريخي والنضالي والافكار والمنهجية التي يؤمن ويسترشد بها .
#لطيف_روفائيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟