أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - محنة عشتار














المزيد.....

محنة عشتار


سنية عبد عون رشو

الحوار المتمدن-العدد: 7951 - 2024 / 4 / 18 - 05:03
المحور: الادب والفن
    


تبدو الفتاة قلقة حياله ...والسؤال الذي يبقى ملحا داخل راسها لم تنطقه بعد أمامه ..فهي تلوذ بالتأني ...كانت تنتظره كل يوم بعد عودته من نهار عمل مضن من خلال كوة في غرفتها دون ان يلاحظ ذلك الترقب وتلك القطرات المتساقطة من مسام جسدها الرقيق في نهار تموز اللاهب ..... لقد غدت تدور في أفلاكه ولا انفكاك منها وليت الزمان ينصفهما ويلم شملهما دون عناء...
بضفائرها السود وعقد يطوق جيدها ونظرة عينيها الصغيرتين الحادتين تبدو أجمل صبية رأتها عيناه ...عشتار (كما يناديها) أضناها تعلقها به ولوعة روحها...لكن أحلامها تبقى نقية ...
فقد قال لها يوما ان قاربنا لن يغرق أبدا وستجري الرياح بما تشتهي السفن ولن تبقى لهفتنا مضطربة في غد ...وهي تصدقه تماما لكن في دواخلها تسكن أفكارا مرعبة لا ترغب ان تبوح بها أمامه ...
جرأته وحماسته أزاء الأحداث في ساحة التظاهر وازاء البطالة التي رافقته منذ سنين عالقة بمخيلتها ...فهي تقف بين نارين كليهما يعذب روحها ...
براءتها تروي قصة شقائها انها تهرب منه واليه ....
ومن الحاح اسرتها وسعيهم لتزويجها دون يعرفوا سبب رفضها....فهذا زمن تتفجر فيه صخور الارض لمعاناة الارواح المثقلة بشظف العيش ...

فكان التظاهر وسيلة العاطلين الوحيدة ليطالبوا بحقوقهم بعد تخرجهم من الجامعات ...فقد اكلت معاول السنين أجمل محطات أعمارهم الفتية ونبذتهم ساحة عمال البناء وذاقوا لهب سياط العوز والفاقة ...

عشتار مصممة ان تمضي بانتظارها دون ان تضل طريقها ....لكنها تتوجس خوفا من اجله انه يسلك طريقا وعرا وإنها ابدا في قلق مريب ..حين يلقي قصائده بين حشود اقرانه ...وبين حشود المتظاهرين .اشعاره تلهب حماستهم ليطرقوا كل الابواب المؤصدة امام ربيع صباهم ..وكما يقول سيد البلاغة ( الفقر في الوطن غربة ) ...

في سوق المدينة تسحب غطاء رأسها برقة وتأنٍ وترمقه بنظراتها الوله وهي تتهجى حروف اسمه مرارا في سرها وتتعمد ان يراها ...خطواته المتعثرة تنبئها بلهفته وشدة شوقه ...تبتسم له بغنجها المعهود وتمضي ...وكيف تفضح سر قلبيهما وان يشاع خبر قصتيهما ...
ستجبر بالتأكيد على زواجها عنوة من أي طارق يتقدم لخطبتها ...وربما لا يتقدم لخطبتها أي رجل وتلك هي سمة تقاليدنا والعشائرية التي غدونا نسبح بفضائها عند ذاك يتهاوى قطار عمرها سدى ...

في المقابل هناك في ساحة المدينة حيث يتجمع الفتية .....لم ينتبه الفتى الى ما حل بقدميه الحافيتين وقميصه المتهدل وهو يدس جسده المتهالك وروحه الهائجة بحماسة آمالهم الضائعة وغير آبه بمن قضى نحبه في هذا المكان .. ...فهم لا يمتلكون صخرة يستندون اليها ولا حتى قريب ذو نفوذ يسندهم بعد الله سبحانه وتعالى ...

حتما سيكون التظاهر وسيلتهم الوحيدة وعزاء نفوسهم للتعبير عما يجول بخواطرهم المتعبة ومعاناتهم الأبدية مع الفقر الذي عصي الفكاك عنهم ..

تقول فتاته ...يا لدهشتي ظننته لا يقوى على حمل جسده وسط حشود المتظاهرين ...كان الفتى يفتح ذراعيه واسعتين لإحساسه بوجع يدفعه بإرادة لم يشعر بها من قبل لكنه لا يعرف كيف يصفها لحبيبته التي تؤنبه وتخاف عليه من الأذى وترفض ان يندس بين تلك الحشود الصاخبة وهي تسمع وترى عويل الامهات الثكلى وأنين الحبيبات .. الخوف يملأ قلبها الغض دائما وأبدا من أجله ...
كان التفكير بالهجرة أمرا واردا بالنسبة له ..لكن ذلك قبل ان يعرف تلك الحبيبة التي شدته لجذور هذه الأرض ...انها المرأة وهي الحبيبة والوطن ..

أما الصبية .....فكانت تراقب سنان الرعد والغيث الهاطل... أمانيها الموحشة يتسامق فيها العوز والضجر ولحظاتها أشد قسوة مما يعانيه فتاها فهي مثله غدت جليسة الدار بعد سنوات المثابرة لسنين خلت فهي تعيش ضمن أسرة كثيرة العدد قليلة المورد تشكو العوز هي الأخرى ....فلا منقذ لهما سوى مصباح (علاء الدين ) ...

تطفح حمرة على ملامح وجهها الأسمر وهي ترمقه بنظراتها المتفائلة .
فاجأته بضحكتها الخافتة وهي تسأله بشيء من الخجل : ما الذي يجري هناك في تلك الساحة ...؟؟؟ وهل هناك نتائج بشرى قادمة ...؟؟؟ ... اتمنى المشاركة بالرغم من هواجسي وخوفي ولكن اهلي منعوا تواجدي هناك فهم يعرفون أساسا ليس هناك من يحترم انسانية الانسان وحقه في التظاهر...

أجابها بحماسة ..الشمس وحدها تعرف ضراوة المشهد وحماسة القلوب التي تحترق هناك
انها لحظات تعسر فيها الطلق وصراخ الوليد ...


....قالت : تقودني محنتي الى اسئلة كثيرة .....



#سنية_عبد_عون_رشو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنية عبد عون رشو - محنة عشتار