|
الجذر الموروث لثقافة الإرهاب في الإسلام السياسى
ابوليلى القرمطي
الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 11:01
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ليس غريبا ما يجري في العراق على يد طوائف الإسلام السياسي التي ملأت تمام المشهد بفعاليات العنف بعد ان تبؤت مكانا مستفردا في الدولة والمجتمع بتساهل اميركي واضح وحشد عددي هائل وحيازة أدوات سيطرة جبارة(مواقع حكومية،ميليشيات، أموال، أسلحة،وإمدادات دولية مستمرة) نرى ان جميع اسباب الازمة الدموية في العراق تكمن في ممارسة الاسلام السياسي وفق النمطية المتوارثة لثقافة العنف الضاربة عمقا في المجتمع الاسلامي ، لقد وجدت هذه التيارات في حاضرنا ارضا خصبة لزراعة بذور الماضي ، وليس اختلافهما التاريخي وحده يشكل مبعث الازمة فهما ينهلان من منبع واحد باختلافات محدودة تكاد ان تختفي بتوحيد المصالح او بالتهديد المشترك فلو كانت هناك قوى علمانية وديمقراطية حقيقية فانهما لن ينزلقا الى الاحتراب الداخلي بل يتوحدان ضد القوة المفترضة تحت شعار معاداة الله ورسوله اردت ان استعرض بعض ملامح العنف التي شكلت جذرا لثقافة الموت والاقصاء والتعذيب الكامنة والمتفتحة لدى الاسلام السياسي والتي وصلت اليه عبر تجارب المجتمع والدولةمنذالعام الاول الهجري الى الان،ولو ان حكم معاوية بن ابي سفيان قد شهد التطبيقات الاولى للتعذيب السياسي خاصة بعد تنازل الحسن بن علي الذي اثار عدة اشكالات لدى جمهور المسلمين ومعارضة اهل العراق المتمسكين بالولاءللامام علي بن ابي طالب(ع) فان التعذيب قد سبق ذلك ومنذ الفترات الاولى للاسلام فقد ذكرت مصادر السيرةلابن هشام في وقائع فتح خيبر بان الزبير بن العوام قد عذب كنانة بن الربيع من زعماء بني النضير بالمقدحة اذ كان يقدح في صدره حتى اشرف على الموت ثم دفع به الى محمد بن مسلمة لقتله ثارا لاخيه الذي قتله بنو النضير وقد ذكر ذلك ايضا ابن كثير في البداية والنهاية وقد ابدع زياد ابن ابيه عند توليه للعراق في ابتكار مواهب ارهابية قل نظيرها وشرع منع التجول ليلا والقتل على الظن وقتل النساء وقطع اللسان حتى ان عامله على البصرة الصحابي سمرة بن جندب اعدم ثمانية الاف من اهلها على مبدا القتل على الظن ،وامر زياد بقطع لسان رشيدالهجري وصلبه، كماان الحجاج اضاف في القتل الكيفي اسلوب قطع الراس بالسيف و الصلب بعد القتل ( حالة ميثم التمار) واضاف هشام بن عبد الملك طريقة القتل بقطع الايدي والارجل كما في اعدام غيلان بن مسلم الدمشقي وطريقة الذبح كما اعدم عامل العراق خالد القسري الجعد بن درهم المعتزلي ذبحا، وطريقة الاحراق كما امر بها خالد نفسه بحق الداعية الشيعي المغيرة بن سعيد العجلي، وكتب ابراهيم الامام زعيم الدعوة العباسية الى ابي مسلم الخراساني بقتل أي غلام بلغ خمسة اشبارا اذا شك في ولائه فما كان من ابي مسلم الخراساني الا ان بلغ عدد ضحاياه اثناء الدعوة ستمائة الف ضحية بين رجل وامراة وغلام . ومن الطرق التي شاعت وتعتبر اكثر سادية من غيرها هي حمل الرؤوس واول راس حمل هو راس عمرو بن الحمق احد انصار علي (ع) ثم راس الحسين واصحابه من الكوفة الى الشام بنحو استعراضي فاضح يندى له الجبين وانتشرت الظاهرة في الاندلس على يد المعتمد بن عباد والي اشبيليه حيث اقام حديقة لزرع الرؤوس المقطوعة ، ان حالة المعتمد بحاجة الى وقفة تمحص شديدة باعتباره من مثقفي عصره، واستخدمت على مديات الحكم الاسلامي ادوات مختلفة مها الدرة عند عمر بن الخطاب واستبدلها عثمان بالسوط ثم العصا والصفع باليد على الوجه(الشائع لدينا بالراشدي) واعتقد ان التسمية ماخوذة من العصر الراشدي، لان الخلفاء الراشدين جميعهم استخدموا اسلوب التعزير وهو اقامة المجني عليه حاسرا في مكان عام للتشهير به حتى اضاف مصعب بن الزبير عليه نزع عمامة المعزر وحلق الراس واللحية، وتطورت الاساليب وجاء المعتضد العباسي بطريقة سلخ الجلد كماجرى مع بعض الخوارج اذ سلخت جلودهم مثل الشياه وسلخ السلاجقة جلد احمد بن عبد الملك بن عطاش الاسماعيلي صاحب قلعة الاسماعيلية وفعلها المعز الفاطمي في الفقيه ابي بكر النابلسي اذ سلخ جلده وحشاه تبنا وصلبه، وقبله قام خالد بن الوليد بحرق بعض المرتدين بعد اسرهم حسب اوامر صدرت له من ابي بكر الصديق، وابتكر محمد بن عبد الملك الزيات وزير الواثق تنورا من الساج تخرج منه مسامير حادة يوضع فيه المعذبين لشوائهم، وقام السفاح العباسي بابتكار التعذيب بالطشت المحمي وعذب به عبد الحميد الكاتب الى ان مات، واشتهر لديهم القتل والاغتيال بالسم والخنق بالمخدة وكيس النورة ونفخ النمل في البطن والتبريد بعد الجلد كما في مقتل سعيد بن المسيب على يد عبد الملك بن مروان ومقتل خبيب بن عبدالله بن الزبير على يد عمر بن عبد العزيز وانتشرت بينهم التكسير بالعيدان والان تجري شبيهة لها التكسير( بالهنكلانه والبلوك ) كما لدى جيش المهدي وقرض اللحم كماهو الان لدى السنة في اللطيفية وديالى وقلع الاظافر والتعذيب الجنسي كاغتصاب النساء كما لدى البعثيين طوال مدة حكمهم اذ اضافوا اغتصاب الرجال ويذكر ان اكبر الحوادث في اغتصاب النساء كانت حادثة المدينة المنورة في عهد يزيد بن معاوية حين ارسل قائده مسلم بن عقبة المري على راس جيش لتاديب اهل المدينة الذين عصوا اوامره وبعد ان اقتحمها اباحها لجنده ثلاثة ايام قتلا ونهبا واغتصابا للنساء وقد بلغ عدد النساء المغتصبات سبعة الاف امراة(جردت على اساس الولادات غير الشرعية في المدينه ذلك العام)ولم يكن ذلك القائد نادما على فعلته فقد روى المؤرخون عنه ساعة احتضاره انه قال )اللهم انك تعلم اني لم اشاق خليفة ولم افارق جماعةولم اغش اماما سرا ولا علانية ولم اعمل بعد الايمان بالله ورسوله عملا احب الي ولا ارجى عندي من قتل اهل الحرة) وذلك يطابق مافعله صدام في الانفال والدجيل اذ لم يعتذر في محاكمته عن شيء من جرمه بل تراه ينافح عن افعاله ووجد من يعتبر ذلك شرعي في دفاعات المحامين وبعض العرب ثم جاء العثمانيون واضافوا الخوزقة اما المعاصرون فحدث دون حرج عن اضافاتهم الوحشية كالاذابة بالاسيد والدهس بالسيارات واستيراد ادوات التعذيب المتطورة تلك ملامح سريعة من مشاهد الثقافة الظلماء التي تستعرض الوجدان القمعي كقاسم مشترك للحقب المستترة والتي تلقي بظلالها على الكادر التنظيمي لاحزاب الاسلام السياسي وتشكل مرجعا تاريخيا مهما لثقافته في الحكم والسلطة والتي تفصل تلقائيا في اختياراتها البراغماتية قيم الايمان الحقيقي عن ايمانها السياسي فلا عجب ان نتابع سمعا ومشاهدة صورالموت للموجة الظلامية الجديدة والممارسات القمعية في البيوت والدهاليز عند هذا الطرف اوذاك فالضرع الذي يغذي هاتين الجهتين هو هذه الثقافة الشوهاء المسكوت عنها والمستورة في وجدان الاسلام السياسي دون قدرة احد من تسليط الضوء عليها لانها تاخذ تابويتها وقداستها من تلبية رغبة الانتقام لدى الميليشيات المعاصرة وتجعلها امتدادها الطبيعي وتخضعها لسلطة ثقافتها القميئة التي انتجها سلف سلطوي قمعي ينظر اليه بعين القداسة لدى سواد المسلمين( اصحاب واتباع واتباع الاتباع وهلمجرا)فهم كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم
#ابوليلى_القرمطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البابوج لباس اهل التقوى-من ثقافة الاسلام السياسي: التلويح با
...
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|