|
العقلية المزاجية والعشوائية سبب ضياع الصحراء الغربية .
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7945 - 2024 / 4 / 12 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السؤال الذي يطرحه جميع المهتمين بمسار وتطور نزاع الصحراء الغربية ، ان الوضعية القانونية المحصورة في المشروعية الدولية ، أضحت في غير صالح النظام المغربي الذي دخل حرب الصحراء بسبب التصرف مزاجيا وعشوائيا ، أي تقامر في ملف من اصعب الملفات بالمنطقة ، سيما وانه يهدد بسقوط النظام اذا أضاع الصحراء ، وأصبحت الدولة الصحراوية التي اعترف بها الملك شخصيا في يناير 2017 ، تشكل الحدود مع المغرب ، وتصبح هذه الدولة هي الفاصل الجديد في رسم الحدود التي ستصبح مع الجمهورية الصحراوية ، وليس موريتانية التي تشتغل على هذا المشروع الذي يجعل موريتانيا بعيدة عن مجاورة المغرب ، خاصة وامام تصريحات ( الأقطاب ) السياسية الغير مسؤولة باعتبار موريتانية مغربية ، وملك المغرب اعترف باستقلالها بعد ان عارض هذا الاستقلال . واعتراف النظام بالدولة الموريتانية ، اصبح حجة عليه ، مع استمرار النظام الموريتاني ، بل كل موريتانية تفكر كثيرا في حلم النظام المغربي بإعادة نظام ( الإمبراطورية ) . فهل حقا ان النظام المخزني يفكر في استرجاع موريتانية التي كانت مغربية ، مع العلم ان موريتانية عضو بالأمم المتحدة ،وعضو بالجامعة العربية ،وعضو بالاتحاد الافريقي ، وعضو بالمؤسسات الدولية كاليونيسكو ، والإسيسكو ، ومنظمة الصحة العالمية ، وبالفاو ... الخ . فمجرد الدعوة الى استرجاع موريتانية ، يعني فتح باب جهنم امام النظام المخزني ، وسيصبح النظام السلطاني في مواجهة الأمم المتحدة ، مثلما الوضع القانوني الذي فرض على الأمم المتحدة ، مواجهة اجتياح العراق للكويت . ولا اعتقد ان النظام ذا الأصول الإمبراطورية ، فكر يوما باستعادة موريتانية الدولة الكاملة العضوية بالأمم المتحدة . لكن تبقى المزايدات السياسوية من دون تأثير ، لأنها تهدف الضغط على موريتانية ، وتخويف النظام بإرسال إشارات الانقلاب العسكري ، كي تبقى موريتانية تحافظ على نفس المسافة من أنظمة المنطقة ، خاصة التي تتصارع كالنظام المغربي والنظام الجزائري . ورغم يقينية ساسة موريتانية بصعوبة ، بل باستحالة النظام المخزني باسترجاع موريتانية ، وان هناك حصانة مؤسساتية دولية تحمي استقلالها كدولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة ، فالنظام الموريتاني لا يبالي بالتهديدات ، بل تصرف على عكسها ، وفي اشد الفترات التي كان فيها النظام المخزني يلعب بورقة الانقلابات ، فان موريتانية نسقت مع جبهة البوليساريو الخروج من وادي الذهب ، لأنها اعتبرت سيطرتها عليه بمثابة احتلال غير مشروع ، بل انها نسقت مع جبهة البوليساريو عملية تسليم وادي الذهب اليه ، وذهبت بعيدا في قراراتها حين اعترفت بالجمهورية الصحراوية .. وهذه التصرفات رغم انها كانت طعنا للنظام المخزني ، فان الدولة المخزنية لم تجرأ على تهديد نواكشوط التي تبحث عن حدود جديدة تبعدها عن النظام المخزني ، وتقربها كثيرا من جبهة البوليساريو ومن الجزائر .. فأي تنسيق للدولة الموريتانية مع الدول المغاربية التي تفكر في بناء وحدة تكاملية في جميع المجالات ، وباستثناء النظام المخزني ، يجب ان يأخذ بعين الاعتبار المشروع الموريتاني بتغيير الحدود مع الدولة المخزنية ، ولتصبح حدود الجمهورية الصحراوية هي المرسومة مع حدود الدولة المخزنية . ولهذا السبب بالذات اعترفت موريتانية بالدولة الصحراوية ، واعتبرت هذا الاعتراف استراتيجي لمستقبل الدولة الموريتانية . ان عجز النظام المغربي في انهاء حرب الصحراء ، وعجزه في اقناع المجتمع الدولي بأطروحة مغربية الصحراء ، وأصبحت وضعيته بالكارثية ، لأنه مهدد بنسخة تيمور الشرقية ، واجتماع المجتمع الدولي على التمسك بالمشروعية الدولية لحل نزاع الصحراء الغربية ، عبر الاستفتاء وتقرير المصير ، وتجاهل المجتمع الدولي لخيار الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام في ابريل 2007 ، بل وتجاهل المجتمع الدولي لاعتراف النظام المخزني وامام العالم بالدولة الصحراوية في يناير 2017 ، ونشر ذاك الاعتراف بالجريدة الرسمية للدولة العلوية عدد : 6539 / يناير 2017 . وهذا التجاهل العالمي لاقتراح حل الحكم الذاتي ، والتجاهل العالمي لاعتراف الملك شخصيا بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، مرجعيته ان المشروعية الدولية ليس فيها اية إشارة الى حل الحكم الذاتي ، او إشارة الى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية . لكن القرارات الأممية ، قرارات مجلس الامن منذ سنة 1975 ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، من سنة 1960 ، خاصة إصدارها للقرار الشهير 1514 الذي ينص فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير .. فلهذا السبب تعطل حتى مناقشة هذه الخرجات المزاجية ، التي ضربت في الصفر ، وضربت عرض الحائط حل الحكم الذاتي ، والتجاهل التام لاعتراف الملك بالدولة الصحراوية ، واعترافه بالحدود المتوارثة عن الاستعمار . وهنا يكون النظام قد اعترف بجزائرية الصحراء الشرقية ، وهو ثالث اعتراف بهذه الصحراء ، سواء الاعتراف الأول عند ابرام اتفاقية الحدود بين الحسن الثاني وبين الهواري بومدين في سنة 1971 ، والاعتراف الثاني كان في سنة 1994 عندما صادق البرلمان الملكي على اتفاقية الحدود الموقعة سنة 1971 ، بحيث أصبحت الدولة المخزنية تعترف بجزائرية الصحراء الشرقية ، في الوقت الذي أصبحت فيه الصحراء الغربية معلقة ، ومواقف المجتمع الدولي تركز فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير . فاصبح النظام المخزني في هذا المجال هو كذلك معلقا ، بل معزولا .. لماذا مال المجتمع الدولي الى اتخاذ نفس المسافة من اطراف النزاع ، ولم يناصر أحدا على حساب احد ؟ . النظام المخزني يعتقد في قرارة نفسه ، ان المجتمع الدولي اساء لأطروحة مغربية الصحراء ، وكان عليه حتى يكون منطقيا مع ذاته ، ان يناصر احدى خرجات النظام المغربي لحل قضية نزاع الصحراء الغربية . لكن النظام المخزني من نزاع الصحراء لم يكن له موقف واحد مقنع ، بل وهو يعالج قضية الصحراء ، خرج بالعديد من المواقف المتضاربة والمختلفة ، التي تكذب بعضها البعض . في حين سنجد ان جبهة البوليساريو كان لها موقف واحد ، تمسكت به طيلة حرب الصحراء الدبلوماسية او العسكرية منذ سنة 1975 ، الذي هو الاستفتاء وتقرير المصير . بل سنجد ان دعوة المجتمع الدولي الى حل الاستفتاء ، يمثل احسن موقف بالنسبة للحياد ، والاحتفاظ بنفس المسافة من اطراف النزاع . لان الذي سيحدد الجنسية السياسية للصحراء ، يبقى الاستفتاء وتقرير المصير ، من خلال نتيجته التي تعبر عن إرادة الصحراويين الحرة والنزيهة . بل حتى الاتحاد الأوروبي حين لا يعترف بمغربية الصحراء ، ويتمسك بنتائج الاستفتاء وتقرير المصير ، فان الاتحاد الأوروبي يمارس الحياد عندما يرهن الموقف الأوربي بنتائج الاستفتاء وتقرير المصير . وهو نفس الحكم والنظرة عن احكام محكمة العدل الاوربية حين الغت اتفاقيات الصيد البحري والتجاري والفلاحي المبرمة مع النظام المغربي .. ولو كانت تصرفات الاتحاد الأوربي غير محايدة لناصرت أطروحة مغربية الصحراء ، او اعترفت بالدولة الصحراوية ، والحال ان الموقف الأوروبي المربوط بنتائج الاستفتاء يبقى موقفا محايدا ، وانّ في صميمه وهو على اطلاع بنتائج مسطرة الاستفتاء ، يبقى محتفظا بنفس المسافة من اطراف النزاع ، أي ان الاتحاد الأوروبي رمى النظام المغربي على قارعة الطريق ، رغم يقينيته بان ذهاب الصحراء ، سيتبعه ذهاب الريف ، والذهاب الكبير هو ذهاب النظام . فالاستفتاء وتقرير المصير تنص عليهما المشروعية الأممية ، التي تجهل شيئا يسمى حل الحكم الذاتي ، بل حتى اعتراف الملك بالجمهورية الصحراوية ، لم يغريها ولا أثر فيها ، لان لا مفر من الحل الاممي الذي سيكون حل تيمور الشرقية . فمصير الصحراء كما يبدو من خلال المعطيات المرصودة ، لا مفر له من حل المشروعية الأممية .. والالتزام بالمشروعية الدولية ، تجد تبريرها في كون النظام المغربي ، هو كذلك يردد أسطوانة المشروعية ، لكن هذه المشروعية في نظر النظام المخزني ، هي السبب في انهاء مأمورية العديد من الممثلين للأمين العام بملف الصحراء ،وهي نفسها وضعت Staffan de Mistura في فوهة البندقية ، كما انها السبب الحقيقي في عدم انهاء المشكلة الصحراوية . وهنا نطرح السؤال او لنتساءل مع انفسنا : هل للمشروعية الدولية فهمان وتفسيران ، او لها تفسيرات كثيرة ، واحدة هي كما أراد النظام المخزني التعامل معها ،والأخرى المقابلة هي فهم وتفسير المعنى القانوني الدولي لها ، ويبق النظام المخزني سجين فهمه وتفسيره ، الذي أضاع فرصا كثيرة لحسم مسألة الصحراء ، التي تعني اغلاق الملف الذي سيظل مفتوحا الى حين اخضاعه للاستفتاء تقرير المصير . اذن . هل فشل النظام المخزني في نزاع الصحراء الغربية ، ما دام الملف بقي مفتوحا الى الآن منذ سنة 1975 .. وما هي أسباب الفشل اذا كان هناك فشل لطرف ( النظام ) المغربي ، ونجاح لطرف اخر ، رغم ان مؤثرات النجاح تبقى بعيدة بسبب تهرب النظام المخزني ، وبسبب تدرعه بأسباب مختلفة ، لخلق العراقيل وجرجرت الوقت الذي لا يلعب لصالحه . ان مشكلة الصحراء الغربية ، هي مشكلة النظام السياسي بالأساس ، أي القصر او الملك ، وليست بمشكلة الشعب المغربي ، الذي يجهل أي شيء عن الصحراء ، ولا يعرف غير الأسطوانة المشروخة التي تكذبها ارض النزاع " الصحراء مغربية وستبقى مغربية ، وان المغرب في صحراءه والصحراء في مغربها " ، مع العلم ان المعطيات المتوفرة على الأرض ، تشهد بغياب الشعب عن ملف الصحراء ، وان هذه المعطيات تكذبها الحالة المادية في الصحراء ، وتكذبها المشروعية الدولية . فكيف تحميل الشعب بنتائج افلاس وفشل مشروع ، والنظام الملكي ، بل الملك شخصيا اعترف بالدولة الصحراوية في يناير 2017 ، واعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، خاصة وان برلمان الملك ، وفي غياب حكومة الملك ، صادق على القانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، الذي يحتم على اية دولة تريد الانتماء الى الاتحاد ، ان تعترف بجميع مكونات الاتحاد ، والاعتراف بالمكونات هو اعتراف ملكي بالجمهورية الصحراوية ، رغم ان مصادقة البرلمان على القانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، تم تحميله للشعب من خلال نوابه ( نواب الشعب ) في البرلمان .. فاصبح الملك متملصا من الاعتراف بالدولة الصحراوية ، ومن نتائج هذا الاعتراف ، عن طريق تحميل مسؤولية الاعتراف بالشعب من خلال البرلمان الذي هو برلمان الملك ، وليس ببرلمان الشعب المهمش في جميع الميادين التي تهمه .. اذن لماذا فشل النظام في حسم نزاع الصحراء الغربية ، رغم مرور سبعة وأربعين سنة عن هذا النزاع ؟ . وحتى يظهر الجواب سريعا ، لماذا كانت للنظام وهو يعالج نزاع الصحراء بالأمم المتحدة ، وبجميع المحافل الدولية مواقف مختلفة ، وبعضها يبطل الاخر ، الذي مرد هذا الوضع الى المزاج السلطاني في تدبير ملف الصحراء ، المهدد لأصل النظام ، واصبح يهدد وحدة التراب بخلق الجمهورية الريفية التي تعني استقلال الريف عن البلد المغرب ؟ ان سيطرة المزاج ، والنظام المغربي هو نظام مزاجي في تعامله مع قضية الصحراء التي تهدده ، كان سببا اقنع المجتمع الدولي بعدم جدية دفوعاته ، واقنع المجتمع الدولي لتجاوز هذه الضبابية ، وتجاوز كثرة المواقف الذي يكذب بعضها البعض ، هو الاستفتاء وتقرير المصير ، لان المشروعية الدولية نجحت في تثبيت وفي فرض الحل الديمقراطي الذي يتجاوز الحلول المزاجية ، ويبق فقط حل الاستفتاء وتقرير المصير الذي نتيجته معروفة حتى قبل اجرائه .. ان ملف قضية الصحراء ، ليس وليد اليوم ، ولا يعود الى السبعينات ، بل هو ملف يرجع الى الخمسينات من القرن الماضي .. ومنذ ها ومواقف النظام كانت ارتجالية وعشوائية ومزاجية ، ولم تكن لتقديرات سياسية جيوبوليتيكية ، وجيواستراتيجية ، واهمها ان يتحول صراع الصحراء ، الى صراع بين ( حضارتين ) متباعدتين ومتناقضتين ، الإرث الأيديولوجي للدولة الجزائرية ، واهمها حرب الشعب التي حررت الجزائر التي نالت استقلالها سنة 1962 ، ومواصلة الجزائر بتأثير رصيدها الأيديولوجي ، خاصة داخل مجموعة دول عدم الانحياز ، وبالقارة الافريقية ، وموقفها من القضية الفلسطينية ، تستعمل هذا الإرث الأيديولوجي في التعامل مع أنظمة لها ارثها الأيديولوجي كذلك ، التي من خلاله تتحدد طبيعة العلاقات الاحتياطية مع دول الجوار . ان الصراع اليوم اضحى حضاري بين ( حضارتين ) متقابلتين ، ومتناقضتين ، ولا يجمع بينهما لا خير ولا احسان .. وهنا مكمن الخطورة حين يتحول صراع المنطقة ، وبالضبط صراع الصحراء الغربية ، الى صراع وجود ، الأخطر من صراع الحدود .. فمن خلال خطابات رئيس الجزائر السيد عبدالمجيد تبون ، تظهر إشارات توظيف الإرث الأيديولوجي ، أي الحضاري ، في تأكيد التواجد الجزائري ، وفي رفضه التعامل مع الإرث الأيديولوجي للنظام المغربي كنظام مخزني تقليداني ، بتريركي ، بتريمونيالي ، طقوسي ، غارق في المحافظة باسم القيم السلطانية المتعارضة مع قيام الدولة الجزائرية ، التي منها الدفاع عن تقرير المصير كما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة ، الذي يعترف بحق الشعوب المستعمرة في نيل استقلالها ، وان كان في الحالة المغربية ، هو حق يراد به باطل .. فالاستفتاء كان واجبا لما كانت اسبانية تحتل الصحراء ، واصبح حق يراد به باطل لما أصبحت الصحراء في حلتها مغربية كما كانت منذ مئات السنين .. وطبعا هنا أصبحت تصرفات النظام المخزني حجة عليه ، لأنه بتصرفاته الغير متوازنة ، كان يسهل معارضة أعداء مغربية الصحراء ، للضم بالقوة لأراضي الصحراء ، لكنه ضم مزاجي ارتجالي وعشوائي ، لان النظام لا يسيطر على كل الصحراء ، بل يسيطر على جزء من الصحراء ، الثلثين ، وثلث الأراضي يسمى بالمنطقة العازلة التي من المفروض ان تخضع للأمم المتحدة ، في حين تظهر الأمم المتحدة غير مبالية بتلك الأرض الذي يجوبها الجيش الشعبي الصحراوي بمسميات كثيرة ، أهمها وصفها بالأراضي المحررة ، في حين بقيت الگويرة التي كانت جزءا من اراضي وادي الذهب بيد الاحتلال الموريتاني ، الذي برر انسحابه من الوادي بسبب الاحتلال والاستعمار ، لكنه ماذا عن احتلاله لل " گويرة " التي هي جزء من وادي الذهب ، لكنها بقيت موريتانية خارج سيطرة النظام المغربي الذي دخل من جديد الى وادي الذهب .. فالوضعية الجغرافية للصحراء الغربية ، خاصة بعد سنة 1979 ، وهي السنة التي أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الشهير تعتبر فيه منظمة البوليساريو بمثابة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ، وكان الاعتراف هذا جوابا على سيطرة النظام المغربي ، وبالقوة على وادي الذهب الذي انسحبت منه موريتانية في نفس السنة 1979 .. ان هذا الوضع الذي عليه الصحراء اليوم ، خلق مصاعب اقناع النظام المغربي للمجتمع الدولي بأطروحة مغربية الصحراء ، وأعطى الانتصار لدعاة الاستفتاء وتقرير المصير ، الذي اصبح المطلب امميا وجغرافيا ، وعربيا باستثناء دول الخليج ذات المواقف المتدبدبة والغير قارة .. حين يدار ملف جيوسياسي ، وجيواستراتيجي بالمزاج ، فلان النظام الذي طرح مواقف متناقضة مع بعضها ، يريد ان يتخلص من ملف يهدد وجوده ، ويهدد نظامه .. لذلك حين يكون بصدد معالجة الملف ، لا يتردد في اعتماد أي مخرج يعطل سقوطه ، لان الأساس من المواقف المتناقضة هي اللعب على جرجرة الزمان ، لتعطيل الحل الاممي الذي تقره المشروعية الدولية . والنظام قد ينجح في التعطيل ، لكنه حل ليس بالأبدي المرهون بقرارات الأمم المتحدة ، بل وقتي فقط ، واصبح هذا الوقت يداهمه وبالسرعة الغير قياسية .. فإلى أي حد يستطيع النظام ارجاء تنزيل المشروعية الدولية ، المؤيدة من قبل الاتحادات القارية من أوروبية وافريقية .. وهل تدبير المزاج للقضايا الشائكة ، سيفلح في تغيير مسار الحقيقة التي تخيف النظام ليل نهار ... بالرجوع الى التاريخ ، سنجد ان النظام في معالجته للقضايا الجيوبوليتيكية و الجيواستراتيجية ، كان مزاجيا عشوائيا وارتجاليا ، يستعمل فيه القوة الضاربة ، ولا يستعمل العقل المفند لحل القوة ، خاصة بعد تطور العالم ، ولم يعد احد من الأنظمة العالم ثالثية يؤثر فيه كالسعودية ، والامارات وقطر ، بسبب البترول والغاز وبسبب الدولار ، وبسبب اعتماد هذه الدول كسوق للبضائع الغربية ، التي منها اليوم البضاعة الإسرائيلية التي تغزو السوق الخليجية والسوق العربية . اذن من اين ومنذ متى كان المخزن يعتمد على المزاج ، لحل القضايا الكبيرة التي ترهن المغرب وتنال منه : 1 ) ان المشكلة بالأساس ، هي مشكلة نظام طقوسي ، نيوبتريمونيالي ، نيوبتريركي ، غارق في المحافظة وفي التقليدانية ، نظام رعوي في دولة رعوية ، سكانها مجرد رعايا لن يرتقوا ابدا في صف المواطنة ، فأحرى ان يرتقوا الى صف ومستوى شعب .. ان اكبر الجرائم السياسية للنظام الرعوي ، التي تسببت في ضياع التراب المغربي ، كانت اتفاقية او معاهدة ( الحماية ) التي باع فيها السلطان عبد الحفيظ المغرب لفرنسا ، مقابل ان تحمي عرشه من ثورات القبائل البربرية التي كانت تغير على فاس . لقد تسببت اتفاقية الخيانة هذه ( الحماية ) التي باع فيها السلطان العلوي المغرب لفرنسا ، في كوارث كثيرة اضرت بالشعب الثائر على نظام فاس ، الذي كان ينشد الجمهورية التي تشكلت في الريف باسم الجمهورية الريفية . لقد الحقت اتفاقية ( الخيانة ) الحماية اضرارا بوحدة المغرب الترابية ، حين تم تفويت الصحراء الشرقية الى الجزائر الفرنسية ، ولا ننسى هنا المحاولة الفاشلة لإدارة ( الحماية ) الخيانية عند محاولتها تقسيم المغرب والمغاربة بواسطة الظهير الفرنسي ( البربري ) ، والاستحواذ على الأراضي الفلاحية وعلى العقار في المغرب . وكيف نفسر ابتلاء المغرب ارض تمزغا ، حين تضامن السلطان المخزني مع فرنسا واسبانيا ، في القضاء على جمهورية الريف الانفصالية التي دامت حتى سنة 1926 .. 2 ) عندما احرز المغرب على استقلال Aix-les Bains ، الخياني الذي رهن مصير ومستقبل المغرب بيد الخونة المتعاملين مع الكلونيال ، واصل جيش التحرير المغربي بالجنوب المغربي ، نضاله التحرري المسلح لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني . لكن للأسف تحالف النظام المخزني السلطاني مع الجيش الفرنسي والاسباني في واقعة " المكنسة ، شطّابة " " إيكو فيون " ، اجهضت حلم جيش التحرير المغربي ، لفائدة ترتيبات استعمارية مخزنية ، لا يزال المغرب يعاني منها الى اليوم . وهنا نطرح السؤال عن مزاجية وعشوائية وارتجالية النظام المخزني حين تحالف مع الاستعمار في ضرب جيش التحرير . اذا كان النظام المخزني يعتبر الصحراء مغربية حقا ، لماذا تحالف مع الامبريالية الفرنسية ، و الدكتاتورية الاسبانية الفرنكونية " Francisco franco " في الحاق ضربة كبيرة بجيش التحرير المغربي في الجنوب ؟ . اما اذا لم تكن الصحراء مغربية عند النظام ، ووضع الصحراء اليوم يشهد على ذلك ، لأنها مقسمة الى ثلاثة وحدات ، واحدة عند النظام ، والثانية مجرد أراضي عازلة ، والگويرة عند السلطة الموريتانية .. ، كيف نفهم انتظار النظام المخزني ، مرور اكثر من أربعة و عشرين سنة ، ليثيرها حتى سنة 1974 ، كعامل لإخراجه من ازمته الداخلية المستفحلة ، وابرزها مطالب المعارضة الجمهورية التي كانت تناضل على قلب النظام المخزني الطقوسي ، و تشييد النظام ، والدولة الجمهورية التي هَدَفَها الجيش من خلال الضباط الاحرار في انقلاب عسكري سنة 1971 و 1972 ، وحصول ثورة مسلحة في 3 مارس 1973 ، بعد ان جاؤوا من الجزائر . فالنظام استعمل الصحراء في سنة 1974 ، بدافع تقوية النظام المهزوز والمتهاوي ، ولم يستعملها كحق تاريخي جغرافي ديني تحرري ، حيث لم يعد النظام عند المعارضة التي أصبحت برلمانية ، كعدو رئيسي ، بل اصبح كعدو ثانوي ، وليصبح مع اشتعال الحرب ، وطنيا وديمقراطيا ( المؤتمر الرابع والخامس والتاسع للاتحاد الاشتراكي ) .. لقد استطاع المخزن تحقيق بعض النجاح من خلال هذا الالتفاف الميكيافيلي ، Machiavel ، بخلق العدو الوهمي المجسد في الخارج ، والانتصار على فكرة العدو الداخلي كما كان يعتبره اليسار المغربي ، فأصبحت المعارضة البرجوازية ملتفة حوله لا خارجه ، وتحول بفعل الدرهم والمناصب من صهيوني متواطئ مع الامبريالية ، الى وطني محرر . لكن هذه الالعوبة فشلت حين تم ادخال عبد الرحيم وعبيد الى السجن ، وتنظيم محاكمات سياسية للمعارضة الجمهورية في محاكمة مراكش سنة 1971 ، ومحاكمة قيادة " ك د ش CDT " و " ا ش ق ش USFP " في 1982 ، و 1984 ، و 1990 ... الخ . 3 ) في سنة 1966 ، اعلن مندوب المغرب بالجمعية العامة للأمم المتحدة ، بالاستفتاء وتقرير المصير لنزاع الصحراء التي سماها بالغربية . ومندوب المخزن بهذا الموقف المعلن عنه امام العالم ، ومن اعلى منبر اممي هو الجمعية العامة ، يكون قد اعتبر مشكلة الصحراء الغربية ، يدخل في اطار المناطق المشمولة بتصفية الاستعمار ، التي لا تزال اللجنة الرابعة تدرسها كل سنة كأراضي تنتظر الاستفتاء وتقرير المصير . هنا نطرح السؤال على ارتجالية ، ومزاجية ، وعشوائية النظام الطقوسي الرعوي ، النيوبتريركي ، النيوبتريمونيالي .. الكمبرادوري .. اذا كان النظام يعتبر الصحراء مغربية . لماذا لم يطالب ممثله ومن قلب الجمعية العامة للأمم المتحدة ، باستردادها واعادتها الى المغرب .. وركز فقط على الاستفتاء وتقرير المصير ... الا يعني هذا الموقف ، ان النظام المخزني الذي يخدم بالمزاج وبالطقوس ، لا يعترف بمغربية الصحراء ، وان الذي سيحدد جنسيتها ، هو نتائج الاستفتاء الذي طالب به النظام من أروقة الأمم المتحدة ، اذا كانت نتيجة الاستفتاء طبعا هي الاستقلال .. ولنا امثلة عن الحالة الموريتانية التي طالب بها النظام ، وليعود ويعترف مجددا ب " الجمهورية الإسلامية الموريتانية " . اذن من يتلاعب بالمغرب وبالمغاربة الذين يجهلون كل الشيء عن الصحراء .. فالنظام المزاجي الطقوسي الذي دعا الى الاستفتاء ، سيعترف بالدولة الصحراوية اذا كانت نتيجة التصويت مع الاستقلال .. 4 ) في سنة 1967 ، ومن نفس المنبر الاممي ( الجمعية العامة ) ، بعد ان وصف الصحراء ب " الصحراء الاسبانية " ، وليس بالصحراء المغربية ، عاد من جديد وطالب لحل قضيتها بالاستفتاء وتقرير المصير . وهنا نتساءل . كيف تجرأ النظام بوصف الصحراء بالإسبانية ويطالب بتقرير مصيرها .. لماذا لم يسميها بالصحراء المغربية ويطالب باسترجاعها الى المغرب ، اذا كان فعلا يعتبرها مغربية .. 5 ) في سنة 1968 ، ومن داخل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، وصف ممثل النظام الصحراء ب " الاسبانية " ، وليس بالمغربية ، وطالب بالاستفتاء وتقرير المصير في حقها ، ولم يطالب باسترجاعها . فماذا ترك النظام المزاجي الطقوسي للجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة . وماذا ترك لمناصري استقلال الشعوب وتكوين الكيانات الصغيرة والهزيلة .. 6 ) عندما احرز المغرب على استقلال Aix-les Bains الخياني ، ظلت أجزاء من الأراضي المغربية ، تحتلها الجزائر التي ضمتها فرنسا اليها ، وهي المعروفة بالصحراء الشرقية . في اطار التفاعل المحيطي لتصحيح الوضع ، دخل النظام المزاجي الطقوسي في حرب مع الجزائر ، عرفت باسم حرب الرمال في سنة 1963 . لكن رغم سقوط ضحايا من الجيش الملكي ، ورغم المعطوبين والمشوهين والارامل والايتام ... لم يتم تحرير الصحراء الشرقية التي ظلت جزائرية . بل ان الجزائر ضربت عرض الحائط حتى بالاتفاقيات المشتركة الموقعة بين البلدين ، لاستغلال ثروات المنطقة المتنازع عليها . لكن الغريب في الامر ، أنّ النظام الذي اشعل الحرب بتهوره ومزاجه ، عاد وابرم اتفاقية الحدود مع الجزائر، حيث اصبح النظام المزاجي الطقوسي يعترف بجزائرية الصحراء الشرقية مقابل لا شيء ، سيما وان الجزائر عارضت فكرة مغربية الصحراء . وفي الوقت الذي كانت الجزائر تنتظر ان يصادق برلمان الملك على اتفاقيات الحدود ، لتكون لها حجية قانونية ترقى الى مستوى المعاهدات والاتفاقيات في القانون الدولي ، انتظر النظام المزاجي الطقوسي حتى بداية النصف الأول من تسعينات القرن الماضي ، ليدفع بالبرلمان الملكي الى التصويت على اتفاقية 1971 الحدودية المشؤومة ، بحيث الان أصبحت الدولة العلوية ، وليس فقط المخزن تعترف بالحدود الجزائرية الدولية ، وتعترف بجزائرية الصحراء الشرقية ، في الوقت الذي دخلت فيه الصحراء الغربية عنق الزجاجة . بل ان استقلالها عن المغرب مسألة وقت بدأ ينفد .. اذن السؤال هنا عن مزاجية وعشوائية وارتجالية المخزن العلوي المزاجي الطقوسي . اذا كانت الصحراء الشرقية مغربية ، لماذا تنازل عنها النظام المزاجي الطقوسي للجزائر ؟ . واذا لم تكن الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر مغربية . لماذا الدخول معها في حرب عبثية سميت بحرب الرمال ؟ فهل الصحراء الشرقية مغربية ام ليست مغربية ؟ 7 ) الكل على علم ان وجود النظام المزاجي ، الطقوسي ، البتريركي ، البتريمونيالي طيلة السبعينات والستينات وحتى النصف الأول من الثمانينات كان مهزوزا . ولكي يخرج النظام من ازمته السياسية المستفحلة داخليا ، خلق مشكل الصحراء للحفاظ على الحكم ، وليس على وحدة الصحراء . وهنا نتساءل . عندما حرك النظام الساحة مستغلا الحس والشعور للشعب المغربي العاطفي ، قصد استرداد الصحراء ... لماذا وقع على اتفاقية مدريد الثلاثية مع اسبانية وموريتانية ، حيث تنص الاتفاقية على تقسيم الصحراء كغنيمة بين نواكشوط والرباط ، مقابل استفادت اسبانيا حقها في جزء من الثروات الصحراء .. هكذا نصت تلك الاتفاقية غير المسجلة بالأمم المتحدة التي لا تعترف بها ، ولا تعترف بها اسبانية لأنها لم تنشرها في جريدتها الرسمية ، ولا يعترف بها النظام المغربي ، لان البرلمان لم يصوت عليها ، ولم تصادق عليها موريتانية لأنها كانت مترددة في دخول الصحراء ..وخرجت من الصحراء في سنة 1979 اربع سنوات من ابرام الاتفاقية . ويصبح السؤال هنا . كيف للنظام ان يعتبر أراضي وادي الذهب موريتانية ، وسكانه موريتانيون ، وليسوا مغاربة ، ثم يعود في سنة 1979 عندما تنازلت موريتانية عن وادي الذهب ، واعترفت بالجمهورية الصحراوية ، ان يشفعه من جديد ، فيعتبر الإقليم مغربيا بعد ان تخلى عنه وكان موريتانيا ، ويعتبر سكانه مغاربة من جديد ، بعدما اعتبرهم في السابق موريتانيين ؟ . كيف يتجرأ النظام المزاجي الطقوسي بتقسيم الصحراء بينه وبين موريتانية كغنيمة ، وليس كحق تاريخي ؟ ولو كان النظام المزاجي الطقوسي يعتبر حقا ان الصحراء مغربية ، كيف يقتسمها مع موريتانية ، وبعد مدة تخرج موريتانية ، ويمارس حق الشفعة بالقوة والجيش ؟ ان تقسيم الصحراء مع موريتانية ، وتنازل هذه عن أراضي وادي الذهب في سنة 1979 ، هو جواب الجمعية العامة للأمم المتحدة ، للنظام الذي دخل في فوضى الى إقليم وادي الذهب ، عندما أصدرت القرار 37/34 الذي اعتبرت فيه جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي .. قد اضر بمواقف النظام كثيرا ، وادخل كل الصحراء في متاهة ، لان الصحراء اذا كانت مغربية ، كيف يفسر الوضع القانوني لها حيث جزء يسيطر عليه النظام المزاجي الطقوسي ، ولا احد يعترف له به ، وجزء فارغ وهو يكون الثلث ، والطامة الكبرى ان الگويرة التي كانت جزءا من وادي الذهب ، تخضع الان لسيطرة النظام الموريتاني .. فكيف يكون الجزء الذي يسيطر عليه النظام المزاجي مغربيا ، وثلث الأراضي الخارجة عن سيطرة النظام المزاجي ليس مغربيا ، في حين تبقى الگويرة خاضعة للاحتلال الموريتاني . 8 ) الكل يعرف ان رأس النظام كان مطلوبا ، وكان قلب قوسين من السقوط ،خاصة من ضباط الجيش الوطنيين الاحرار .. وهنا يجب التذكير بالحرب العنيفة مع جبهة البوليساريو التي تمكنت وبكل سهولة من أسر اكثر من 4000 أسير حرب من أبناء الشعب ، الذين لم يكونون يعرفون أي شيء عن حرب الصحراء ، ناهيك عن الالاف الذين سقطوا وتم دفنهم في مقابر جماعية ، وتركوا زوجاتهم وابناءهم عرضة للتسول والفقر . وفي هذه السنة يجب ان نتذكر انتفاضة الدرالبيضاء في سنة 1981 ، التي رفعت فيها شعارات اسقاط النظام ، وفشل الجنرال احمد الدليمي الذي نسق مع جزء من قيادة البوليساريو والجزائر ، من اسقاط النظام المزاجي الطقوسي . امام هذه المخاطر ، واشتداد الضغط الخارجي خاصة الأمريكي وبالضبط " جورج بوش الاب " George Bush في قضية Nancy طويل زوجة الملازم احمد الطويل بتزمامارت . وبعد الضغط المتوالي على النظام لتنظيم استفتاء في الصحراء ، لجأ من جديد الى التلويح بالاستفتاء وتقرير المصير في مؤتمر OUA ، بنيروبي سنة 1982 ، مطالبا الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات اللازمة ، لتنظيم الاستفتاء وتقرير المصير ، وتحت اشراف الأمم المتحدة . لكن مع مرور الوقت الضائع ، عاد النظام المزاجي الطقوسي من جديد ليتنصل من التزاماته بتنظيم الاستفتاء طبقا للمسطرة الأممية ، وعوضه بما اسماه " " الاستفتاء التأكيدي " غير الموجود في القانون الدولي . اذن السؤال هنا . ماذا يريد النظام العلوي ؟ لماذا لم يلجأ لاستفسار الشعب قبل الاقدام على هذه الخطورة الذي أدخلت عبدالرحيم بوعبيد الى سجن الملك ؟ من يملك المغرب حتى يتم التقرير في مصير شعبه ووحدته الترابية . هل النظام ام الشعب ؟ اذن من يتلاعب بالشعب وبالمغرب ؟ 9 ) رغم اعلان النظام في نيروبي عاصمة كينيا سنة 1982 بتنظيم الاستفتاء ، فان الحرب واصلت اشواطها ، والخسائر زادت حجما ، والازمة الخانقة بدأت تلقي بظلالها ، وسيضطرب الوضع ، وستخرج الجماهير في مظاهرات منددة بالوضع ، فكانت انتفاضة 1990 التي شاركت فيها نقابة UGTM الاستقلالية الى جانب CDT . امام هذا الوضع الذي اضحى عليه النظام المزاجي الطقوسي ، بادر النظام من جديد بمطالبة الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، بالإشراف على وقف الحرب ، بين النظام وبين الجبهة ، وليس بين النظام والجزائر، وتعهد النظام بالشروع في اتخاد الترتيبات لتنظيم استفتاء شفاف بالصحراء ، امام اشراف وانظار الأمم المتحدة ، وهو الاتفاق المعروف باتفاق 1991 ، الذي تمخض عن انشاء " هيئة الأمم المتحدة المكلفة بتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية La Minurso ، خاصة الأهم هنا المادة 690 التي ظلت جامدة . هنا من حقنا التساؤل من جديد . اذا كانت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، تعتبر نفسها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ، كما أشار الى ذلك قرار الجمعية العامة 37/34 ،وان العديد من الدول تعترف بهذا الحق للجبهة ، حيث توجد لها مكاتب بالعواصم وبالمدن الاوربية ، وبالأمم المتحدة .. واذا كانت اكثر من تسعة وثلاثين دولة تعترف بالجمهورية الصحراوية ، وهناك دول أخرى رغم انها لا تعترف بها ، فان تعملها ، معها يفيد بقرب الاعتراف بها ، فان النظام المزاجي الطقوسي هو كذلك يعترف بالجبهة الشعبية ممثلا وحيدا للشعب الصحراوي ، كما اعترف النظام المزاجي الطقوسي بالدولة الصحراوية في يناير 2017 ، واصدر ظهيرا يوثق فيه هذا الاعتراف الذي نشره بالجريدة الرسمية للدولة عدد . 6539 / يناير 2017 .. اذن يتضح من خلال المعطيات المتوفرة ، وتناقضات النظام في التعامل مع الاطروحة المغربية بمغربية الصحراء ، ان الصحراء في كفة والنظام في أخرى . واذا كان لا بد من التنازل عن احد الكفتين ، فأولى التفريط في الصحراء ، وبقاء النظام المزاجي الطقوسي ، ليستمر في تخريب ما تبقى من وحدة الشعب المغربي ، ووحدة أراضيه . ان اختيار النظام على حساب الصحراء ، يكون اختيار العبودية ، والمذلة ، والدونية ، والافتراس واختيار المزيد من التفقير ، ويكون قد اختار تقسيم التراب وتقسيم الشعب . اما اذا اختار الشعب الصحراء ، فيكون قد انتصر للمغرب وللشعب ، ويكون بذلك قد وجه ضربته القاضية للنظام المزاجي ، الطقوسي ، الرعوي ، البتريركي ، البتريمونيالي ، الرعوي ، الثيوقراطي ، المفترس والناهب لثروات الشعب المفقر ، وتهريب الثروة الى الابناك العالمية .. كما يكون قد ابدى ما يمكن من واجبات الوطنية ، لبناء الدولة الديمقراطية المدنية التي تتسع لجميع ابناءها .. ويكون بذلك قد وضع حدا لنظام البوليس السياسي المتغطرس المتغول ، الخارج عن القانون .. ان فشل حل نزاع الصحراء الغربية ، سببه القرارات المزاجية الارتجالية و العشوائية كما عرت هذه الدراسة المتواضعة .. فعلى الشعب ان يحسم .. اذا كان يريد الصحراء التي يجهل عنها كل شيء ، عليه التنازل عن النظام سبب ضياع الصحراء .. واذا كان يريد النظام فليتنازل عن الصحراء ، لأن خروجها عن المغرب مسألة وقت بدأ ينفد .. وكما قلت السبب ، المزاجية والارتجالية والعشوائية ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيكون شهر ابريل حاسما للنظام المغربي
-
تتمة دراسة في الثقافة والتثقيف السياسي
-
في الثقافة والتثقيف السياسي
-
السجون السياسية
-
هل هناك سلف صالح وسلف طالح ؟
-
المدرسة المغربية كانت حتى تسعينات القرن الماضي تفتح أبوابها
...
-
هل ممكن التراجع عن الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة ؟
-
هل اصبح ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ، في ملف الصحراء الغ
...
-
في العقلنة المشوهة
-
الاجماع
-
الشعب الصحراوي او شعب الصحراء الغربية
-
المدعية العامة لمحكمة العدل الاوربية ، تهندس خارطة طريق لقرا
...
-
الحكم الذاتي في الصحراء
-
الفرق بين الشعب والرعايا
-
ماذا تحضر اسبانيا الدولة ، لنزاع الصحراء الغربية ؟
-
سيرورة انهيار الدولة القائمة
-
لماذا نحن متخلفون ولماذا هم متقدمون
-
المشروع الأيديولوجي العربي الإسلامي
-
الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية و الجمهورية الريفية
-
الاساطير الإعلامية الحديثة
المزيد.....
-
إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي
...
-
10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
-
برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح
...
-
DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال
...
-
روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
-
مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي
...
-
-ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
-
ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
-
إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل
...
-
الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات
المزيد.....
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
المزيد.....
|