أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - اللقاء














المزيد.....

اللقاء


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7939 - 2024 / 4 / 6 - 20:48
المحور: الادب والفن
    


عبر الهاتف .. سمعت صوته لأول مرة وهو يدعوني إلى بيته ..
مشاعر فرح ممزوجة بالرهبة والدهشة انتابتني ..
خطر ببالي رفض طلبه .. لكن أيعقل أنْ أطلب من الشمس الرحيل بعد يوم ممطر؟!
لقاءه لم يعد حلمًا ..سأرقص مع ثيابي التي ابتهجت معي ..
أخيرًا .. بعد شهور من المراقبة .. سأدخل منزله بعد هروب جنيات الخوف اللواتي كنّ يحرسنه ..
أشعر بكل شيء فَرِح مثلي .. حتى شرفتي الصغيرة التي شاركتني الحيرة حينما كنت أراه يقف خلف جدار من الزجاج يطل على الحديقة الخلفية لبيته يتأمل بصمت ..
مكثت لثوان قبل رفع يدي لأرّنَ الجرس ..
قلبي يخفق بشدة .. وصوت أنفاسي كان كافيًا ليثنيني عما فكرت فيه .. لكن الأوان قد فات وأنا أرى امرأة تفتح الباب وتدعوني للدخول.
.. كانت تشبه تمثال شمع لا روح فيه .. فقط جسد يسير وأصابع تشير.
تركتني في صالة كبيرة بانتظار مضيفي بعد أن حدقت بيّ وكأني مخلوق قادم من عالم آخر.
سرت بيّ رعدة خفيفة اقشعر لها جلدي .. وكأني دخلت هذا المنزل. قبل هذه المرة!
كيف ومتى؟! .. لا أعلم .. وتلك اللوحة المعلقة على الجدار .. أليست لي؟!
تداخلت الأشياء والصور .. الزمن يحاول إخباري شيئًا ما .. لكنه تراجع أمام فزعي حينما سمعتُ باب الصالة يُفتح ..
لقد كان هو ..
وهو يخطو ببطءٍ نحوي .. ذهب بيّ عطره إلى مكان ما .. كفي التي غفت في كفه، وعيناه اللتانِ تحدقان بيّ .. غيبا الزمن إلا من اللحظة التي أنا فيها ..
- أهلًا بكِ.
قال .. ثم أشار إليّ بالجلوس ..
تبددت الكلمات في بحر الصمت .. لم ينقذني من نفسي سوى تلك اللحظة التي دخلت بها امرأة الشمع تحمل بين يديها صينية ..
ظلتْ تنظر إليّ طويلًا وهي تضع أمامنا فناجين الشاي ..
تضاعف خوفي ونما رعب كبير داخلي كمن يبحث عن سرٍ سفينة غرقت في أعماق البحر ..
غاصت نظراته في كوب الشاي أمامه ..
تساءلت: هل يشعر بوجودي؟!
عادت لحظات الصمت اللعينة تقاسمني الزمن .. فشعرت بالضآلة والانحسار .. غادر مكانه صوب الجدار الشفاف الذي يفصل الصالة عن الحديقة والتصق به حتى أخذت أنفاسه ترتطم بالزجاج وسرعان ما يبددها الهواء.
وهو ينظر عبر الزجاج إلى كرسي وضِعَ فوقه فراش وثير تجلس عليه قطة بنية اللون إلى جانبها كتاب غلافه وردي اللون وشال أسود قديم مربوط في إحدى جوانب الكرسي ..
شوق قادم من زمن سحيق ترسله نظراته، وتنهيدة أخرجها ببطء لذلك المكان في الحديقة ..
- أين أنتِ الآن عني؟
سمعته يهمس بهذه الكلمات..
شيء من الماضي شدني إلى المكان !
فجأة.. اقتربَ مني ليعرض عليّ سيجارة ..
- شكرًا لك، لا أدخن!
- بل تدخنين .. لطالما كنتِ تشاركيني هذه العادة السيئة ..
- ولكن هذا لقاءنا الأول فكيف؟ ...
قاطعني:
- كنت أرقبكِ كل صباح وأنتِ في الشرفة ..
لا أدري ما الذي أصابني حين فتح الباب ودعاني لدخول الحديقة.. أليس هذا ما كنت أتمناه ؟!
ألم يكن هذا حلمي الذي جعلتني الليالي أسيرة له؟
أما الآن، أقف كشجرة تتلاعب الريح بأغصانها وتهدد جذورها ..
طلب مني خلع حذائي ورميه جانبًا.. لم أجد سوى الامتثال لطلبه وكأني طفلة.
جلس على كرسي من الخيزران وبدأ يتفحصني حتى إنني تحسست ثوبي لأتاكد من أني ما زلت أرتديه ..
لم أكن أعرف من قبل أن هناك لحظات تساوي ما مضى من العمر .. كنت أريد للزمن الكف عن التسارع فيضع رحاله في المسافة التي تفصلني عنه..
خطواته وهو يسير نحوي أرعبت اللحظة ..
أغمضت عينيّ كي لا أفشي سرهما .. شعرت بيده تطوق رقبتي بشيء.. اقترب مني جدًا فشعرت بأنفاسه تستقر فوق وجهي..
أصابعه العابثة بشعري أيقظت فيّ شيء ما .. لكنه سرعان ما تبدد وأنا أسمعه يهمس لي طالبًا مني حمل القطة والجلوس على الكرسي ..
كرسي في حديقة منزل خلفية .. تحت شجرة توت كبيرة .. تجلس عليه امرأة يحيط عنقها شال أسود اللون قديم له حواش خضراء .. تحمل بإحدى يديها قطة بنية اللون .. القطة تمسك باطراف الشال تحاول منع السيدة من مواصلة القراءة في الكتاب الذي تحمله ..
أما الطرف الآخر ..
رجل يحمل فرشاة يحاول مسح دموعه قبل البدء بالرسم ..
بعد ساعات.. وهو يمضي إلى داخل الصالة.. قال: بإمكانك أن تأتي في الغد لاستلام اللوحة ••



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القراءة النقدية للناقدة إيثار محسن لمجموعة صباح كهرماني للقا ...
- حسن الحبيب
- الحزن لا يليق بكِ
- الزاوية الأخرى
- الطرف الآخر
- المرفأ الأخير
- الوشاح الأحمر
- المرء يموت مرتين
- توأم الروح
- قراءةعلي سلطان لقصة غمامة حب لفوز حمزة
- أحلام صغيرة
- امرأة ورجل
- محاورة الشاعر محمود فهمي للقاصة فوز حمزة
- قراءة نقدية في لنص - الليلة قبل ألف ليلة وليلة - للناقد داود ...
- الليلة قبل ألف ليلة وليلة
- اعترافات امرأة صامتة
- ورقمعاد .. حبر رخيص
- قبور تعود إلى أوطانها
- جميل وسناء
- خيوط وأبواب


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - اللقاء