أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عيسى محسن علي - تجديدات برتولد برخت وتجاوز الجماليات الارسطية














المزيد.....

تجديدات برتولد برخت وتجاوز الجماليات الارسطية


عيسى محسن علي

الحوار المتمدن-العدد: 7938 - 2024 / 4 / 5 - 03:30
المحور: الادب والفن
    


بعد ان رسخت نظرية الدراما الارسطية اسسها في المسرح وفرضت قوانينها على كتابات المسرح الاغريقي وما لحقه من عصور درامية ، ونظراً للتطورات الصناعية والثقافية التي دعت الى ثورة من الابتكار والاكتشاف ، وما خلفته الحرب العالمية من دمار للذات الانسانية ، التي جعلت من جسد وفكر الانسان مادة ترسخ من خلالها تفسخ القيم الاخلاقية والمعرفية ، كل هذا ساعد الى تحلل نظرية الدراما الارسطية التي لم تُعد ذات جدوى ، لان الانسان اصبح يعي ان وظيفة المسرح لا يجب ان تكون من اجل المتعة او اللذة فقط ، وانما يجب ان يكون مسرح يدعو للتغيير والثورة على واقعه المُعاش ؛ فقد ساهمت آراء برخت الفلسفية الى خلق جماليات مضادة للجماليات الارسطية ، سعت الى تشكل اساليب جديدة تحاول ان تعبر عن روح عصرها ، وخلق المسرح الجديد مسرح ما بعد الحداثة بما يتوافق مع رؤيته للعالم والعصر الذي يعيش فيه عصر الثورات والحروب ، من خلال تبني وسائل مسرحية جديدة تسعى الى اجراء التغيير والثورة ، وتقديم الوضع الاجتماعي بكل تناقضاته وعلائقه السياسية والتاريخية ؛ كما تجلى المسرح الملحمي لبرخت في رفض لغة المسرح السردية ، وتبني لغة مسرحية جديدة ، لغة الرقص والحركة والتصوير الفوتوغرافي ، وخلق لغة تتأسس على نظام يعتمد على اللوحات والتقطيع والمشاهد القصيرة ، وتعدد الازمنة وتداخل الامكنة ، وخلق فضاء مليء بالاشارات ، واستخدام تقنية الوسائط المتعددة مثل السينما ، فقد دعا برخت في نظرية المسرح الملحمي الى ضرورة مشاركة المتفرج مشاركة ايجابية في العرض المسرحي ، عن طريق ايقاض وعيه النقدي ، بحيث يدرك ضرورة تغيير الواقع ، والانسان في مسرح برخت قابل للتغير والتحول .
ومن اهم ابتكارات برتولد بريخت التي نتجت عن المتغيرات السياسية والفكرية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على الساحة الادبية والفنية والمسرحية , ظهور مسرح جديد يقوض ما هو قديم , ويسعى الى استيعاب تلك المتغيرات , فلم يعد حماس التعبيرية بمناداتها وصرخاتها الانسانية قادرة على مواجهة وإستيعاب المشكلات التي أحدثتها الاضطرابات الاقتصادية والسياسية , وهنا ظهر المسرح الملحمي لدى بريخت ليقوم بكسر حد التلاقي بين الارث الحضاري للفن المسرحي والقيود الارسطية التي هيمنت على كتابة النص المسرحي , فكان بريخت محطة مهمة استوقف فيها النص المسرحي , لكسر تلك القيود , والاتجاه نحو استدراج المتن الحكائي بأسلوب يُعاكس التوجه الارسطي , لذلك صار يسمى المسرح البريختي بالمسرح اللاأرسطي , وكان من أهم تجديدات بريخت هي أكتشافه صيغة المسرح الملحمي , وأهم سمة تجديدية لهذا المسرح يمكن أستخلاصها من آراء برخت نفسه فهو يرى أن مسرحياته ونظرياته هي ليست صيغاً نهائية بل هي عرضة للتغيير المستمر والدائم ، وأن تلك الاعمال التي كان يقدمها مجرد محاولات وهذا يعني ان المسرح غير ثابت ويبقى متجدداً دائماً , لذلك فقد عمل بريخت على تحقيق هذا الرأي من خلال مستويين , الاول يخص الكتابة المسرحية والثاني يخص العرض المسرحي , على صعيد المستوى الاول حاول بريخت معالجة الهموم اليومية بأسلوب فني جديد , وعلى صعيد المستوى الثاني فقد عمد بريخت الى جعل التمثيل يجري وسط الجمهور, مطالباً المتلقي بأن يكون واعياً للتغيير الذي طالب به بريخت وبنفس الوقت يكون مستعداً لإجراء هذا التغيير .
أذ يرى برخت أن التطهير الارسطي يجعل المتلقي يفرغ جميع شحناته العاطفية ويعيد التوازن النفسي الى داخله مما يجعله عاجزاً عن أتخاذ موقف ما , بعد أن يحقق المسرح له الكفاية العاطفية والنفسية , في حين أن مسرح بريخت يحفز الذهن ويهيج العواطف التي تساعد على أتخاذ موقف من أجل فعل التغيير ، ويختلف بريخت مع أرسطو في رفضه عنصر التماهي الذي يجعل المتفرج يتطابق مع الممثل ومع الشخصية التي يؤديها , وبذلك فأنه سيكون نسخة ثانية للشخصية الامر الذي يجعله يتبنى مواقفها وكأنه مخدر لا وعي له , في حين أن المسرح بحسب برخت يجب أن يجعل المتفرج واعياً يقظاً ذا شخصية مستقلة لا تابعة قادرة على أتخاذ موقف ما , لذلك فأن برخت أوجد بديلاً للتطهير والتماهي هو التغريب ؛ ومن تجديداته أستخدامه اليافطات والصور الفوتوغرافية والافلام والكورس لتؤدي وظائف أيقاظية تكسر الوهم , ودعا برخت الى الابتعاد عن التقمص والاندماج , لانها بأعتقاده عناصر تخديرية تجعل المتفرج يتلقى العرض وهو تحت تأثير التنويم المغناطيسي , وتجعل الممثل يعيش أزدواجية الشخصية ، أما الممثل لديه يجب أن يعي ويدرك كل ما يفعله وعليه أن يدرك أيضاً بأن الشخصية ليست هو , فالشخصية والممثل كائنان منفصلان , لكل منهما كيانه المستقل , وأن ما يقدمه الممثل هو عرض للشخصية وليس تجسيداً لها , وهذا الشعور يجب أن يرسخه الممثل طيلة لحظات العرض المسرحي , وان يوصله الى المتفرج بحيث يستطيع الاخير التمييز بين الشخصية والممثل ، وهذه إحدى تجديدات بريخت المهمة في عمل الممثل .
المصادر :
1 – برتولد بريخت ، الاورجانون الصغير ، ترجمة : فاروق عبد الوهاب ، ط1 القاهرة : هلا للنشر والتوزيع ، 2000 .
2- عيسى محسن علي ، التجديد في النص المسرحي ، ط1 ( عمان : دار المناهج للنشر والتوزيع ، 2017 ) .
3 - عبد المجيد اوهرى ، المسرح الجديد : من تحلل نظرية الدراما الى تشكل جماليات ما بعد الدراما ، بحث منشور ، مجلة (المسرح العربي) ، العدد (26) ، المغرب .



#عيسى_محسن_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عيسى محسن علي - تجديدات برتولد برخت وتجاوز الجماليات الارسطية