عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7938 - 2024 / 4 / 5 - 03:29
المحور:
الادب والفن
اِستمرتِ الأضواء تتمواج تياهة في دياجير الغرفة المعتمة.تتراقص في دعة وصفاء تتدانى تتناءى تتآلف تأتلف تتجمع تفترق في آنبساط تتلاقى في آنقباض في تلألؤ ساطع ذي جُذًى ذي ضياء ذي لهب تتهادى تتسامى .. شعاع كالحميم يتراءى تارة جليا واضحا وفاترا ساكنا هادئا أخرى كأنوار البدور تحت ركام الغيوم ... لم يكنِ الطريقُ لاحبا في يوم ما، الطريق إلى عوالمها المرتعشة مطوق بأسوار عملاقة سميكة لا أمل لطفل صغير مثلي في تخطيها أو تسلقها أو التعلق بخدوشها وثُلومها وشقوقها .. أراها أمامي، والأنوارُ تحيطها، شبحا بلون زعفران معصفر ببياض، هالة من آلاف الأطياف بلا ملامح .. يُسيجها الفراغ بأجرانه المعقوفة المحدودبة .. سجينة متاهات وجود بلا وجود .. لا عزاء في سراديبها .. لا معالم في ثناياها المتعرجة .. لا تفاصيل في مساحة الجسم الذي تسكنه روحها .. لا غايات تبرر مصائرها المستعصية .. لا أهداف توثق البدء أو تؤشر للوصول ... كل شيء يدور يموج تتيه البلورات هنا هناك غير آبهة بآهتزاز الظلال على الأسقف والجدران .. أدنُو .. لا تنبس .. أجلس حذاءها .. أحسستُ أنفاسها تداعب في دَعة وفتور صفحة وجه الفراغ أمامها .. حدجتُها لهنيهات آمتد ألقُها خسيفا دون أمل في الوصول إلى شيء ذي بال .. لا تتكلم .. لا تنطق .. لا تفصح بشيء البتة .. أليس هذا مفزع مرعب ؟؟ ألا تشعر بشيء كيفما كان أي شيء ؟؟ هل تحس ؟؟ إنها تحس .. هذا أكيد .. لكن ما تراه يكون هذا الإحساس ؟؟ أهو خوف من ضَوار وغيلان لا تراها إلا مخاييلها ؟؟ أهو مغص مزمن يسببه وجع حياة كالحياة ؟؟ أهو توجس من عدم قادم ؟؟ أو هو عدمٌ قارٌ كائنٌ في لحظاتها الراهنة أم شَللٌ يسكن جماجم تتناثر ذراتها منبئة بقدوم عواصف من نيازك ذات صليل وسعار ؟؟ أرُهَابٌ من غرق في التلاشي ؟؟ أتوجس من تفكك في عيش يجمع والآخرينَ ؟؟ حيطة من حياة بلا حياة ... وحده الصمت، صمتُها ينطق يصرخ في وجه هذا الصلف، هذا العتو، هذا الظلام، هذا الفراغ ... لا تتواصل في طلب حاجاتها القليلة إلا بغمغمات وهمهمات تصيح بها أحيانا لتصل إلى مستوى الضجيج واللغب .. ترتعش الحَنجرة والعضلات فيخرج زلزال النبرات ... أوغلُ في الدنو أتجرأ أكثر .. قليل من الفضول، من الرغبة في تمزيق كثافة السدف، وكثير من الالحاح في معرفة إجابات تتناسلُ أسئلتها في سخاء صعب عصيب ... تُرى، ما الأشياء التي تعتلج في صدرها ؟ فيمَ تفكر ؟ هل تفكر ؟ كيف السبيل إلى مخاطبتها والتواصل وإياها ؟ أقعيتُ على ركبتيّ قٌبالتُها، أدنيتُ من رأسها شفتيّ .. قبلتُ الجبين المتغضنَ البارد قبلة مبتسرة خاطفة و .. تكلمتُ .. أسكتتُ خواطري المترددة وهمستُ ...
_السلام عليكِ خالتي مريم
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟