رحاب حسين الصائغ
الحوار المتمدن-العدد: 1754 - 2006 / 12 / 4 - 11:39
المحور:
الادب والفن
من بين قوالب الثلج يتساقط على مسامات جلدهِ المتحمس لانعكاس الضوء القادم من قارات وهمهِ والحر الشديد أمرهُ بإعدام أوقات الراحة لم يطمئن يوماً لقلق صدرها الممتلئ الذي كان يلاحظهُ من وراء حجب الباب كلما نادتهُ لشراء الثلج فيخاطب نفسَهُ ويشيّدْ فقصهُ الصدري جواً من المرح لأنهُ اعتقل قلبه في صندوق التوفير فمازال قيس في نضال مع ليلى وهو لا يستطيع إبعاد الشك عن غرائزهِ المتهدمة. منذ أن تسرّحَ من الجيش وهو ينتقل من عمل إلى آخر فكل فصول السنة لهُ لون آخر من العمل وكلما سمع كلمة اقتصاد أو مال.. يبتسم في قرارة نفسهِ لتلك الحملة التي شنّها على المال، وبينما هو يعمل في شارع المتنبي فاجأَهُ كتاب كبير مكتوب عليهِ(رأس المال) تلعثمَ وجفَّ ريقهُ لهذه العبارة المجلجلة، لذا قرر تقسيم الوقت بين العمل وبين رأس المال من أجل الربح الوفير. وبعد العشاء يتمدد على أشياء تقول أُمّهُ إنها سريرهُ، لا يهم..! ما دام رأس المال بين يديهِ قضم شاربيه مع أول جزء، قضم أظافره مع ثاني جزء، قضم منديله الوحيد مع ثالث جزء، وأكمل مراحل الفقر عنده.
بعد أن أصبح لا يبيع أيَّ شيء ولا يشاهد مرابع ليلى وهو في ضباب فرحهِ على الجسر بدون عمل وقلبه الرقيق يندلع على بقايا خواطرهُ في رأس المال هذا.. ويسأل أين أرجُلْ رأس المال وأينَ ماركس هذا..؟ ثُمَّ يعود إلى البيت ولا يهمه غير رضى والدتهِ عنهُ وأول ما يشاهدها يسألُها هل راضية عنهُ..؟ فكان يشاهد الإعوجاج في فمها فلم يفهم شيئاً منها فيعاود السؤال ويصرُّ على معرفة رضاها لهُ، فما كان منها غير أن تعمل عينيها مثلُ ماسحات المطر في بعضِ السيارات التي يُشاهدها في الشارع، وتهدِدَهُ ببيعِ تلكَ الأوراق التي جلبت الشؤم منذُ دخولها البيت فييأس لعدم رضى أُمهِ وتشاؤمها ويبتسم لصندوق التوفير.
#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟