أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة















المزيد.....

السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 7934 - 2024 / 4 / 1 - 01:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


دور الميثولوجيا والدين السياسي دنيويا ، تفكيك العقيدة الإيمانية الاخروية ، كديناميكية لمنع الفكر من التأثر بالظواهر الطبيعة المتجددة ، ذات الأدلة المادية السماوية والأرضية ، المؤكدة على وجود خالق للكون ، في آلية عددت الإلهة ، وأفرغتها من المسخرات ، وأدخلتها في مفاصل الحياة المختلفة ، لتلبي الرغبات والأهواء الشخصية ، خرجت وصايا لقمان لابنه عن مفاهيمها الاجتماعية والإيمانية ، الى وصايا ثقافية وأدبية ذات إحسان ديني ، كسوسيولوجيا ، أنتج لها كم هائل من الكتب الفلسفية ، كمنهاج ثقافي أيدلوجي سياسي يتلاءم مع ثقافات أخرى ، ويتناقض مع أخرى عقائديا ، فالطائفة التي حملت وصايا لقمان لابنه الى القرن السادس الميلادي ،أعطت لهما إلوهية مفرغة من المفاهيم الإيمانية والاجتماعية ، وكذلك من الأدلة المادية السماوية والأرضية ، بعد ان صحح الله تلك الوصايا ، أعاد ترتيب المسخرات التي تتوافق مع وصايا لقمان الجديدة ، كأدلة مادية لتعزز الإيمان بالله واليوم الأخر، الم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات والأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ، ولما رأى المنتفعون من وصايا لقمان التراثية ، ان القاعدة الجماهيرية أخذت تستجيب للتغير العقائدي الجديد ، اخذوا يجادلون بالله للتصدي للوصايا الجديدة ، ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير

أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ{20}

شيطان الميثولوجيا والدين السياسي مستفيد سياسيا واقتصاديا من الجهل المعرفي ، وان أي حالة وعي في القاعدة الجماهيرية يعني تفكيك الايدلوجية، وبالتالي فقدان المصالح ، ولكي لا تتأثر الطائفة بوصايا لقمان لابنه الجديدة ، أصر منظريها على التمسك بالتاريخ والتراث ، كعامل نفسي واجتماعي وديني حرم عليهم مخالفة دين الآباء ، وإذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله ، قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه أبائنا ، ولو كان الشيطان ، منظر الميثولوجيا والدين السياسي ، يدعوهم الى عذاب السعير

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ{21}

كانت وصايا لقمان لابنه وصايا عقائدية واجتماعية ذات توجهات أخروية ، وعظ بها ابنه ، ولكن سرعنما تغيرت بعد تحول الدين الى طوائف سياسية ، فصاغوا لها مفاهيم جديدة ، تصب في توجهاتهم ومصالحهم ، فخرجت عن مغزاها العقائدي الاجتماعي ، الى ثقافة تاريخية تراثية وآداب ونصائح اجتماعية توعوية تحمل اسم الإحسان الديني ، ترك الله للطائفة حرية الاختيار ، بين الإحسان التراثي والإحسان الحقيقي، فقال ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى ، والى الله عاقبة الأمور

وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ{22}

اللسان فاضح للقلب وللفكر، أمام الذين لديهم القدر على تحليل الكلام من خلال لحن الحديث في كشف الباطن ، فالبعض يلقي قولا لكنه يخفي في داخله شيء مغاير، والبعض الأخر يعبرا عن ما في قلبه بكل صراحة ووضوح ، ولكون وصايا لقمان لابنه تحمل مضمونا ثقافيا وأدبيا وتراثيا يتلاءم مع الرغبات الشخصية وأكثر تفاعلا مع العامل النفسي والعاطفي ،عبرت تلك الطائفة عما في قلبها بكل صراحة ، رافضة وصايا لقمان الابنة الجديدة ، فانعكس ذلك على نفسية النبي ، ومن كفر فلا يحزنك كفره ، إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا ، ان الله علم بذات الصدور ، نمتعهم قليلا ثم نضطرهم الى عذاب غليظ

وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{23} نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ{24}

هدف الدين السياسي ذات الطابع الميثولوجي الشركي ، من انساب الولد الى الله ، لإفراغه من الإلوهية الشاملة لكل ما في السماوات والأرض ، وإعطاء للشريك دور الهي ينوب عن الله ، ليبقى اسم الله شكلي فقط ، ألغت وصايا لقمان لابنه ذات الإحسان الديني الإيمان بالله واليوم الأخر ، مكتفية باسم لله كخالق للكون ، ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ، هذا مدى علم البعض منهم ، أما البعض الأخر فلا يعلم من هو خالق الكون ، قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ، لله ما في السماوات والأرض ان الله هو الغني الحميد

وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{25} لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{26}

يحاول الدين السياسي جاهدا طمس الكتب الدينية المنزلة كالتوراة والإنجيل والقران ، عن طريق إنتاج كم هائل من الكتب البديلة ، يتولى المهمة منظر الطوائف السياسية في اختيار المناهج الدراسية التي تتلاءم مع توجهات كل طائفة ، مع تخصيص مدارس وكليات وجامعات لقبول الطلبة ، إما مركزيا حسب درجة المعدل ، وإما التقديم على الخاص ، وإما تخفيض المعدل لشمول الفاشلين في المراحل الدراسية ، أنتج منظري الدين السياسي كم هائل من الكتب الدينية التراثية التي تحميل بين طياتها وصايا لقمان لابنه ، كنوع من الإحسان الديني ، ولما اختصر التنزيل تلك الوصايا بفقرات قصيرة ، اعترض المنظرون عليها لقلة السوسيولوجيا القرآنية ، طبعا من شئن الكتب المنزلة ، حذف الكلام الزائد ، كالخرافات والأساطير والهرطقة لرفع القيود والأغلال الدينية عن الإنسان ، لينتبه الى ما ينفعه أخرويا فقط ، رد الله على منتجي الكتب، ان الله قادر على إنتاج الكثير من الكتب من كلماته ، ولو أنما في الأرض من شجر أقلام ، والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ، ما نفذت كلمات الله ان الله عزيز حكيم

وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{27}

الأبعاد السياسية من إنتاج كم هائل من الكتب الدينية والفلسفية الميثولوجية ، لطمس عقيدة الإيمان بالله واليوم الأخر ، وفكريا استبعاد البعث والنشور الأخروي ، وهنا يكمن دور الشيطان في تنفيذ إستراتيجية التي أصر عليها منذ بداية الخلقية ، في قوله {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أكد الله على سهولة البعث والنشور ، في صورة تقريبية على الخلق الدنيوي ، ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ، ان الله سميع بصير، عكس الإلهة الأخرى التي لا تسمع ولا تبصر ، ولا تملك حياة ولا نشورا

مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ{28}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة بعيون سليل ناجين من معسكرات الاعتقال النازية
- السوسيولوجيا والسيكولوجية في وصايا لقمان لابنه
- حرب الإبادة في غزّة، وانبعاث جيل جديد في الغرب
- صيام الأطفال في شهر رمضان
- الدورة الشهرية للمرأة في شهر رمضان
- اليد العاملة في شهر رمضان
- الحرب على غزة – ومستقبل الشرق الأوسط
- سيسولوجيا الحكمة بين الدين والتراث
- توقف فيسبوك وإنستغرام وماسنجر عن العمل
- حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟
- تداعيات حرب غزة.. عزل الاحتلال وخروج دول عن السيطرة الأميركي ...
- الاستغلال الرأسمالي للفطرة المكتسبة
- حل الدولتين بين القول والفعل
- الفينومينولوجيا - صنمية المادة والمادة المتجددة
- الحرب على غزة في ميزان الجيوبوليتيك
- لفينومينولوجيا - آلهة الأرض
- الجانب الأيديولوجي للحرب على غزة
- الحسابات الروسية في الحرب الإسرائيلية على غزة
- لفينومينولوجيا توازن القوى في غُلِبَتِ الرُّومُ
- التأثير الرأسمالي على الهجرة النبوية


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة