أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين تكتب المبدعة التونسية أ-نعيمة المديوني..برحيق الروح..ومداد الوجَع














المزيد.....

حين تكتب المبدعة التونسية أ-نعيمة المديوني..برحيق الروح..ومداد الوجَع


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7932 - 2024 / 3 / 30 - 02:48
المحور: الادب والفن
    


"إذا أردتَ ألا تخشى الوت، فإنّ عليك ألاّ xتكفّ عن التفكير فيه" (snénèque)


"البسمة كانت أمّي والفرحة هي أمّي وأجدني اليوم أسبح في مجرّات التّمنّي..ليت وجها منيرا يطلّ فجأة ليمسح من قلبي دمعا سخيّا..ليت وجعا سكن المكان يحلّ عنّي أستعيد ما ضاع منّي وأنسى للحظة أن أمي مازالت قربي.."( أ-نعيمة المديوني)

للوطن،للوالدَين،للحياة..للحزن،للفراق هي ذي أ-نعيمة المديوني أنثى مخضبة بالوجود،تخط مشاعرها بالحبر،وتنثرُ جنونها على الورق..هناك،حيثُ العقل،والقلب،والروح تسكنُ خاطرة، خاطرتان،عشرٌ،تخالط كل الحياة،بحبر الروح..ودم القصيدة..
الكتابة بالنسبة إليها عصف ذهني صادر عن تراكمات للإنسان،فيبدع في نسج تجاربه على شكل إيقاع يلامس النفس،ويغازل القلب ويحكم العقل،هي الفضفضات والآهات نسجت في قالب وحداتها البنائية تتمثل في الحروف،بتداخل التفاعلات تمزج فيحدث لها مختلف أنواع البلمرات فينتج من خلالها أجمل النصوص.
الكتابة هي ذلك الإعصار الذي يعصف بمملكتها،فتجد نفسها مجبرة على ترتيبها وهيكلتها وتنظيمها على أمل أن تسوقها على شكل موزاييكي يرمّم نفسها التي تشظت مزقا برحيل والديها..و"تصدّعت جدران روحها" حين أوغلت الأقدار في لسعها..
تتراقص كلماتها على وقع ذبذبات عصبية تحاكي الواقع المرير،آملة في غد مشرق قد يصنعه الدعاء الذي تتمسك به كمعين وسند لها في الدنيا،آملة في تغلبه على القدر.
تابعوا معي هذه اللوحة الإبداعية المضمخة بمواجع تحز شغاف القلب،نحتتها أنامل مبدعتنا أ-نعيمة المديوني :

حين رحل أبي رحمه الله تصدّعت جدران روحي..بكيْت..حزنت..تجرّعت مرارة الفقد..لكن وجدت في حضن أمي مرفأ لأحزاني وفي بحر حنانها مرقدا لآلامي..وحين رحلت أمّي ولحقت ببارئها آنسحبت الشّمس من دنياي وعمّ الظّلام المكان وماعاد في الكون ما يستحق التّنعّم وبالحياة وما يجلب الإبتسامة..استوى اللّيل بالنّهار وسبح البحر في الشّجن..توقّف الزّمان وأبى النّسيان..غاب منّي ماكان فيّ وحطّ فيّ ما علمته يوما عنّي..فبتّ غريبة عنّي شقيّة دونها ودوني..لست بأنا..الحزن عمّ مكاني وآستوطن روحي ووجداني..إن وجدتني يوما بين الأصحاب أضحك..فسرعان ما ينتابني الهذيان..وإن راودتني السّعادة فالشّجون إلى قلبي أسرع وقريبة من الوتين والشّريان..الكون كان أمّي..البسمة كانت أمّي والفرحة هي أمّي وأجدني اليوم أسبح في مجرّات التّمنّي..ليت وجها منيرا يطلّ فجأة ليمسح من قلبي دمعا سخيّا..ليت وجعا سكن المكان يحلّ عنّي أستعيد ما ضاع منّي وأنسى للحظة أن أمي مازالت قربي..أنعم بقربها..تحتضن أوجاعي..تسعد لأفراحي..تقاسمني أحلامي وتحميني من غدر الزّمان..لكن ليت لا تعود بي الى الوراء ولن تعبر بي شطّ الأمان..ليت عصيّة..شحيحة.. عنيدة..ستظلّ وسأظلّ حبيسة الدّمع والسّهاد..يكفيني من الحياة ذكرى حبيبة تنير اللّيالي الظّلماء..ذكرى أحبّ من الرّوح والولدان..

(نعيمة المديوني)

الحزن-يا نعيمة-"صديق وفيّ" لا يتركك أبداً بل يبقى معك تماماً كقرينك،يواسي جروحك ويخبرك بمدى قدرتك على تحمل المزيد من المرارة،بل يبني لك "مناعة" ضد الفرح الذي يعتبر علاج موسمي يأتي مرة ويغيب ألاف المرات.
نعم هو الحزن وما عسانا نفعل،فقط لنا اختيار واحد وهو الإسستلام للقضاء والقدر،الاستسلام للعيش في وسط مجتمع لا يهمه حالك ولا يفقه لما تريدينيه أو تحنين وتشتاقين إليه،هو نفسه من يجبرك على البكاء وكتم الصراخ داخل أعماق رئتك ليدمرها وليبعدك عن التنفس العادي الذي يتمتع به غيرك.
أعرف أن وجعك رباني،كما أعرف أيضا أن صبرك رسولي،لكنّك -يا مبدعتنا أ-نعيمة-لا تملكين في مواجهة القدر العاصف،والحزن الكافر سوى الحبر،وما من حبر يرقى إلى منصة الوالدَين حين يرحلا إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين.
وحتى حين يمور الوجَع في جسدك باحثا عن مخرج،فإنّك لا تجدين سوى الكتابة..فأكتبي لترميم خراب يسكننا جميعا في زمن مفروش بالرحيل.
الكتابة عن الراحلين تعادل حضورهم في الزمن،ووجودهم واستمرارهم في الحياة.
والصبر الجميل : هو الصبر الذي لا شكوى معه لغير الله-عز وجل-ولا يخالطه شيء من الجزع،أو التبرم بقضاء الله وقدره.
صبرا جميلا..ورحم الله والدَيك رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جنانه وإنا لله وإنا إليه راجعون.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان على لسان الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي (قصيدة أقبلت ...
- الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير..تكتب لغزة بحبر الر ...
- الشاعرة التونسية د- فائزة بنمسعود : تتعامل مع النص بوصفه غاي ...
- وجه من النخبة الفكرية والثقافية التونسية: الشاعر التونسي الك ...
- عبق الشعر..وعطر الكلمة في قصائد الشاعرة التونسية د-فائزة بنم ...
- بلاغة الصورة..وَمَهارة اللغة الشعرية في قصيدة الشاعرة التونس ...
- إشراقات صورة الوطن..في قصيدة :-يا تونس الأحداق-..للشاعرة الت ...
- جمالية الومضة الشعرية في نصوص الشاعرة التونسية د-زهيرة بن عي ...
- حين تخترق الكلمة سجوف الصمت والرداءة..وتتحدى لهيب الجحيم (جم ...
- حين يذهب الشعر إلى المحرقة..يدخل أتونها يحترق بها ومعها (قصي ...
- شعراء تونسيون حملوا هم القضية،وكتبوا -فلسطين شعرا-،ساروا بها ...
- قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -بلادي عزي..وفيك اعتز ...
- لقاء خاطف مع أستاذة الموسيقى الموهوبة نورة حمدي
- د-طاهر مشي..شاعر تونسي كبير..منبجس من ضلوع الألم..
- تمظهرات الموت بصوره القاتمة في قصيدة - تقترب منٌي الساعة..ال ...
- الإحتفاء ب-عيد الحب- بقلب مكسور..!
- الومضات الشعرية للشاعرة التونسية القديرة أ-نعيمة المناعي..مر ...
- تجليات صورة الموت في قصة - إلى عاصفة احتضار- للكاتبة والأديب ...
- قراءة في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -تقبّلْ دُعا ...
- إشراقات صورة الأم..وتجليات الصورة الشعرية في -مهما كبرت يا أ ...


المزيد.....




- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين تكتب المبدعة التونسية أ-نعيمة المديوني..برحيق الروح..ومداد الوجَع