|
الروائي نجم والي : وتغيير مكان ولغة عالمه القديم / الجزء الاول
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7931 - 2024 / 3 / 29 - 10:26
المحور:
الادب والفن
الروائي نجم والي متخلياً عن أدوات عالمه القديم
هذا مقال عن خبر ادبي نشره الروائي من اصل عراقي : نجم والي : أخبرنا فيه بأنه كتب رو.ايته الأخيرة باللغة الألمانية ولم يكتبها بالعربية ( لغته الأم ) . ادهشتي الخبر ، واعجبتني بطولة ناشره ، فاندفعت للكتابة عنه والتنويه بالانجاز الكبير الذي حققه ... ( ٢ ) لكن هذا الخبر - الذي سحرني - مرّ مثل غيمة صيف عابرة ، من غير أن يلفت انتباه الجهات المعنية : فلم تنوه به جريدة رسمية ولا مؤسسة ثقافية حكومية ، واحجمت. عن ذكره صحف الاحزاب المتكاثرة بفرعيها : الديني والعلماني . والتزم اتحاد الكتاب والأدباء الصمت ، ومثله فعل اتحاد الصحافيين والاتحادات والجمعيات المهنية الأخرى .. ( ٣ )
فماذا تفعل قيادات هذه التجمعات في اجتماعاتها الاسبوعية أو الشهرية ؟ .. (٤ ) لم ينتخب المثقف العراقي قيادات هذه الاتحادات والجمعيات لهدف أخلاقي : فتؤدي الدور نفسه الذي كانت تؤديه الدولة الإسلامية عبر مؤسستها الشهيرة : مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي دامت ١٣ قرناً : ( من خلافة أبي بكر حتى إسقاطها من قبل الجيش التركي عام ١٩٢٤ ) دون أن تجعل المعروف ثقافة معممة أو توقف انتشار المنكر . وفي العراق الحديث : حلت شرطة الأخلاق محل مؤسسة الأمر بالمعروف ، الى يوم الناس هذا . وقد هجا الجواهري بقصيدته " المملحة " عام ١٩٧٠ شرطة الأخلاق التي كانت تطارد فتيات الجامعات بمقصاتها الشهيرة ...
٥ ) تنطوي الثقافة العراقية على تنوع وعلى اختلاف في الرؤية داخل هذا التنوع ، وهو شيء طبيعي في بلد كالعراق قامت فيه حضارات متعددة الاثنيات ، وتعرض لغزو أقوام من الجنوب والشمال ومن الشرق والغرب ، وفيه ديانات متعددة ، ينتمي بعضها إلى ما قبل الاسلام ، وبعضها اقدم ، هذا إضافة إلى اكتظاظ المكان الكبير باثنيات وديانات وقبائل ولغات متعددة . نجح المثقف العراقي في إدارة هذا التنوع والاختلاف بترجماته لصنوف المعرفة والإبداع البشري ، وباستضافة رؤى ورموز مجتمعات ما قبل الاسلام وما بعده ، وبإعادة صياغة رموز وقصص واساطير الكثير من الديانات في نصوصه الإبداعية . في الوقت الذي فشل فيه السياسي العراقي في إدارة هذا التنوع الثقافي : بتحالفه الدائم مع الثقافة البدوية الرعوية ( ما عدا فترة حكم عبد الكريم قاسم المتحضر ) وقلبه للعلاقة مع الثقافات الأخرى ( الكردية ، الشيعية ، السنية ، آلتركماتية ، الأيزدية ، الشبكية ..الخ ) : من علاقة تعايش وأحياناً تفاعل إلى ثقافة انفصال وفرض وأملاء واستغلال : مشعلاً بؤر المكان الكبير بالتوتر والصراع ... ٦ ) حين سهّلت التكنولوجيا على الإنسان : الانتقال عبر القارات والاندماج بثقافة الشعوب والامم الأخرى ، انتج العالم القديم : تعريفاً جديداً للهوية ، لمحاربة الانسان الطامح إلى إعادة تأسيس ذاته ، وربطت هذا التعريف بمكان الولادة وليس بسيرة الفرد الذاتية . وبهذا التعريف ارتفع شأن الوراثة والبيولوجيا ، وانخفض شأن أحداث التاريخ في صياغة هوية الانسان : وذلك انسجاماً مع نظريتهم الموروثة عن القدر الذي حدد لكل إنسان خطواته التي لا يمكن أن يحيد عنها . فما أن ساعدت التكنولوجيا الانسان على التحرر من أسر اللغة التي ولد عليها ، والمكان الذي ولد فيه : حتى اعترضته فلسفة الهوية التي جعلت من سعي الانسان الحديث إلى تغيير ظروفه والشروع ببناء ذاته خارج اشتراطاتها ضرباً من الخرافة . فاذا ما استطاع الانسان تغيير لغته وتغيير مكانه الاصلي بمكان جديد ، وضعوا أمامه : مسقط الرأس كشرط شارط لتعريف الهوية ، فيظل الانسان المهاجر الذي غير مكانه ولغته بلا هوية ، لان المكان الجديد - في عرفهم - لا ينطوي على مسقط رأ سه . ووفق منطق العبودية هذا علينا : أن نستسلم لهذا القدر ، وان نتخلى عن أي طموح في تغيير ( قدرنا ) . انهم لا يريدون لنا أن نعيش كالامم الأخرى في تاريخ بل أن نعيش حياتنا بلا إرادة كالحيوانات خارج التاريخ . انهم لا يريدون لنا أن نتحرر من تبعيتنا للأمم المتقدمة تكنولوجياً ، وان نظل تابعين لها ، وحين يحرم منطقهم هذا علينا الوجود في التاريخ ، فلانهم استساغوا استعبادنا ولكي يظلوا راكبين على ظهورنا : ما أمامهم الا حرماننا من التحرر من قدرنا البيولوجي بابقاء وعينا بعيدا عن تلمس أهمية العبور للعيش في التاريخ ، فالتاريخ وحده بهيء لنا التجارب والخبرات الكفيلة بمساعدتنا على اكتشاف أهمية الوعي بالحرية والاختيار كطريق مضمون يقودنا إلى تغيير قدرنا ... ٧ ) عدم التنويه بتجربة نجم والي الذي حقق فيها عبوره الصامت ( من غير ضجة وبهرجة ) من الجبر البيولوجي ( في أن تظل اللغة العربية هي لغته الوحيدة التي يقرأ ويكتب بها ويطل منها على العالم ) إلى حريته الانسانية في أن يختار ، ليكون إنساناً قادراً على. التغيير : وهذا الانجاز هو ما جعل عالمه القديم بنظر إلى ما فعله بعدم رضا ، ويرفض التنويه به كفعل بطولي ينسجم مع حرية الإنسان ( = الابداع بلغة مكتسبة ولبس بلغته الأم ) ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة عيد الشعوب الكوردية القومي
-
تونسية - بمناسبة ٨ آذار
-
المسرحي باسم قهار
-
السيادة والوعي الطائفي ( ٣ )
-
الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة
-
رمزية نصوص الشاعر محمد النصار
-
مفهوم السيادة والوعي الطائفي
-
لا سيادة في العراق
-
اين انتم ؟؟
-
المطربة الواعدة : حنين الشاطر
-
جنوب افريقيا : دولة مؤسسات إنسانية
-
ما الكارثة ؟
-
نتنياهو حماس / حماس نتنياهو
-
الدولة الاسلامية ومفهوم السيادة ( ١ )
-
اضاءات على انتخابات المجالس المحلية في العراق
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٥ )
-
في اللغة العربية وعنها
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٤ )
-
ضوء على بعض عالم المهاجرين
-
ماذا تعني حروب الثأر ؟
المزيد.....
-
-عباسيون وبيزنطيون رجال ونساء-.. تحولات الحكم في قصور الخلفا
...
-
50 عامًا من الإبداع.. رحيل الفنان الكويتي عبد العزيز الحداد
...
-
حقوق المؤلف سقطت في أميركا عن تان تان وباباي وأعمال همنغواي
...
-
وفاة الفنان الكويتي عبد العزيز الحداد
-
المخرجون السينمائيون الروس الأكثر ربحا في عام 2024
-
تردد قناة روتانا سينما 2025 نايل سات وعرب سات لمتابعة أحدث ا
...
-
أبرز اتجاهات الأدب الروسي للعام الجديد
-
مقاومة الفن والكاريكاتير.. كيف يكون الإبداع سلاحا ضد الاحتلا
...
-
فيلم -الهنا اللي أنا فيه-.. محاولة ضعيفة لاقتناص ضحكات الجمه
...
-
أفضل الأفلام الروسية لعام 2024
المزيد.....
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
المزيد.....
|