أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - كيف سأعاقب أمي؟














المزيد.....

كيف سأعاقب أمي؟


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1754 - 2006 / 12 / 4 - 10:09
المحور: الادب والفن
    


أمي إنسانه رائعة جدا تعلمت منها الكثير في حياتي. لكن من عادتها السيئة التي لم أحبها هي لجوئها الدائم إلى منحي عقوبات نتيجة لتصرفاتي التي تظن هي أنها غير صحيحة أو تلك التي كانت تبدر مني دون سابق إصرار كوني كنت صغيرة وكانت تبتكر أساليبا وطرائق حديثة في إيجاد منافذ جديدة لإلقاء الرعب في نفسي حين كنت أخطأ في تصرفاتي أو أذنب في أمر ما.. أحيانا كانت توبخني قبل أن تنتقل لمرحلة العقاب الفعلي وكانت في أوج حالات غضبها حين كنت أكذب عليها كذبا طفوليا.. فالكذب ممنوع.. هكذا كانت تقولي لي دائما.

عندما كنت أذنب كنت دائما مضطرة على قول الصدق, ليس لان الكذب ممنوعا أو محرما, بل لأنني كنت أخاف أن تضربني.

أكثر عقاب أحببته هو حرماني من المصروف أو من أشياء أحبها. فقد كان جدي دائما يهبني مصروفا دون علم من أمي وكنت اشعر بفرح غامر لأنني لن أكون بحاجة الى نقود أمي ساعتئذ.

في كثير من الأحيان كانت أمي تستقبل صديقتها في المنزل وفي إحدى هذه المرات جاءت صديقة أمي إلى البيت لزيارتها, يومها أوصتني أن أحافظ على الهدوء وان لا أدعو صديقاتي في هذا اليوم للعب عندي, فأمي تحب الهدوء جدا لكنها نادرا ما كانت تنعم به بسببي أنا وإخوتي. وعدتها بذلك, كم كنت رائعة وطيبه في ذلك اليوم, قالت لي إذا نفذت كل ما تطلب مني سوف تأتي لزيارتي في المدرسة, ليس فقط موضوع الزيارة الذي أسعدني وادخل البهجة لقلبي بل وعدها لي إنها ستخرجني قبل انتهاء الدوام. لملمت أشيائي من غرفة الجلوس, أوراق رسمي, الواني وعفش طفولتي.

كدت أطير فرحا من وعدها لي, انه عيد حقيقي, الخروج من المدرسة قبل الدوام ومع من؟ مع أمي, في نفسي تخيلتها وهي ماسكة يدي وتدعوني للخروج من درس الحساب.

لم انم ليلتها بدأت أرى الأمر قبل حدوثه, سوف أغيظ صديقاتي غدا. سوف أوزع الحلوى مرة واحدة. وان أرادوا أكثر سوف أعطي من أشاء. سأشترك بجميع الدروس كي اكسب ود المعلمة.

يا الله, ماذا فعل لي كلام أمي؟ اثملني وسرق النوم من عيني. ماذا ستحضر معها؟ أي نوع من الحلويات؟ كيف ستدخل؟ كيف سنخرج؟ عن ماذا سوف تتكلم مع المعلمة؟ فأنا أحرزت تقدما في الحساب والهندسة, أصابعي أصبحت تسيطر على ألمسطره والتسطير, أصبحت أجيد ألكتابه في المربعات. كل هذا سوف تقوله المعلمة لها. وربما سوف يزداد مصروفي, أو ربما سأنعم بهدية متواضعة.

جميلة هي أحلامنا البريئة. ما أروع أن يحلم الطفل, فبحلمه تتفتح آفاقه وخياله, تتفتح أزهار جميع المواسم. تتفتح الأنا خاصته هو. فحين يحلم الطفل يصبح أكثر إدراك لعتمة الليل وسكونه, يصبح أكثر سكونا وإصغاء لذاته الكبيرة, عندما يحلم الطفل يرى جمال الأسود وهدوء الرمادي. فتكتمل الرؤية في عالمه الكبير وينسى حكايات الغول والخالة القاسية والساحرة الشريرة.

أتى اليوم التالي, انه لأسعد يوم في السنة كلها. سوف تأتي أمي اليوم, سوف أتباهى بحضورها,وأقول للجميع هذه امي لقد أتت للمدرسة. وسوف نخرج من درس الحساب. صباحي جميل جدا يومي أجمل. كل شيء جميل ورائع.

بدأ اليوم الدراسي, كنت لامعة بحضوري واشتراكي.كل هذا من اجل زيارة امي.فقد سحرتني هذه الزيارة قبل حدوثها. انه لشعور غريب اذكره وقتها. شعور مختلط بالسعادة والانانيه الطفوليه الموشومة بنفاق الأطفال وكذبهم البريء.

بدأ الوقت يمر مسرعا, في نفسي خفت أن تركض عقارب الساعة ويأتي درس الحساب قبل قدومها فكنت كلما سمعت حركة أقدام خلتها أتت, وكلما احدهم قرع الباب مددت عنقي لأرى.

ستأتي, نعم سوف تأتي لقد قالت إنها ستأتي. أنا لم اجبرها على وعدها إلى إنها وعدتني.

كنت كلما سمعت صوتها قلت في نفسي لقد أتت. انتظرت وانتظرت. عددت للعشرين عشرات المرات, فقد آمنت إنني عندما أصل للعشرين ربما ستدخل فجأة, فهي معتادة أن تقول لنا عندما أردنا شيئا أن نعد للعشرين ريثما تحضر ما أردنا.

في أية عشرين ستأتي يا امي؟

مر الوقت وبدأت اشعر بالإحباط يتملكني في تلك اللحظات, لكني لم افقد الأمل لأية لحظة في حضورها للمدرسة. انتهت ساعات الصباح, فقلت في نفسي لابد وان تأتي بعد الفطور لأنها اشترت الحلوى وقد أخبرتني مرة انه لا يجوز أكل الحلوى قبل الأكل.

نعم امي ذكية جدا فهي فعلت هذا وتأخرت بسبب حبي أنا والأطفال للحلوى. لم ينفذ الأمل بعدا فهو ما زال موجودا.

انتهت فرصة الفطور ودروس الصباح ودرس القراءة والحساب والرياضة والفنون.

انتظرتها, انتظرت قدومها, انتظرت يدها لتجرني وتأخذني, انتظرت سؤالها للمعلمة, انتظرت اللحظات الجميلة لدخولها غرفة الصف, لكنها لم تأتي ولم أراها

انتهى اليوم, خرجت من المدرسة مشيت في الطريق مكسورة الحلم والخاطر أداري إحباطي من عيون الأطفال, فقد وعدتني وخلفت في وعدها لي.

تمنيت لو اني لست طفله, لأحرق جميع الكتب التي في مكتبتي التي تذكرني بالساحرة الشريرة والقصص التربوية التي يقصونها علينا.

تمنيت أن يعود الزمن ساعات للخلف لأعود وأبعثر أوراق رسمي والواني في كل الغرف.

ليتني أعود ألان طفله, لأصبح أكثر شقاوة أكذب وارقص وأبعثر الواني وأمزق أوراقي وأخالف قوانين الهدوء, وقوانين الضيوف.

ليتني أعود طفلة لأرسم قمرا وزهره على جدار غرفتي. واقترف الذنوب واعاقب بكل انواع العقاب.

ليت امي لم تكذب علي وقتها. لكان طعما آخرا لحروفي التي كتبت الآن.





#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برؤية مغايرة -Remorse-
- وجوهي التسعة
- رسائل إلى شخص ليس هو , الى برجر سلاين
- تقمص كائن شتوي
- ريتا
- فراشه مجنونة
- بانتظار الصياد
- طيف ريمورا
- نجيب محفوظ : كفرنا بك مرتين
- صعود اخر
- حلقات الضوء
- لغز اليد الممدودة
- نساء من نبيذ ونار
- مزامير ثقافية
- حفر في التعري,قبل قدوم البحر
- -جوانب أخرى للمرأة في أدب -زياد خداش
- عري القناديل: امرأة, قصيده ووطن
- النرجس لا ينبت في نيسان
- ضرورة انتقاد المسئولين
- العسر التعليمي الاكاديمي


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - كيف سأعاقب أمي؟