عرب أمريكا

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1755 - 2006 / 12 / 5 - 10:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية

تساءلت جريدة «لوموند ديبلوماتيك» الرصينة في عددها الأخير عن الكيفية التي استطاع بها ثمانية أو تسعة أشخاص من تيار المحافظين الجدد في الولايات المتحدة أن ينجحوا في التلاعب بالإدارة الأمريكية، وإعادة توجيه أولويات وسياسات وضعت منذ زمن طويل بكل هذه السهولة، وكيف تمكنوا من تخويف الصحافة وتضليل الكونجرس والسيطرة علي العسكريين؟ وهل الديمقراطية الأمريكية بهذه الهشاشة!!
وتنقل «لوموند ديبلوماتيك» عن الصحفي الأمريكي الشهير سيمون هيرش، صاحب الفضل الأكبر في فضح ممارسات سجن أبو غريب المشينة، التساؤل حول الطريقة التي أحكمت بها سلطة جورج بوش وديك تشيني، عبر واجهة دونالد رامسفيلد «كاتم الأسرار الخفية والمكلف بالمهام القذرة» سيطرتها علي جهاز الدولة الأمريكية وعلي آلياتها الديمقراطية.
وبعد التساؤل تلفت الجريدة الفرنسية الأنظار إلي النتائج الكارثية للسياسات التي تبناها المحافظون الجدد بحماس وهستيرية، حيث استعادت حركة «طالبان» زمام المبادرة وسيطرت من جديد علي أجزاء كبيرة من أفغانستان، وحيث ألحقت المقاومة الوطنية العراقية الذل والهوان بقوات الاحتلال الأمريكية، وحيث عهدت كوريا الشمالية إلي تفجير قنبلتها النووية الأولي وفجرت معها الوضع في شرق آسيا، وحيث كسب المتشددون الإيرانيون تحديهم، في ظل «عجز سياسي فاضح للإمبراطورية العالمية المعولمة».
لكن الأهم هو أن الجريدة الفرنسية المحترمة ترصد إلي جانب التساؤلات المثيرة التي تطرحها عنصرا غائبا حيث تقول إن «العرب يتباكون دوما أن الصهيونية العالمية وجماعات الضغط التابعة لها تسيطر علي السياسة الأمريكية، ولكن دون إنكار أهمية هذه اللوبيات، فالواقع ليس بهذه البساطة، إذ إن العرب حاضرون في كل أروقة السياسة الداخلية في الولايات المتحدة».
لكن ما نوعية هؤلاء «العرب» الذين تزدحم بهم أروقة وسراديب الإدارة الأمريكية ويعملون لها كـ «مستشارين» أو سمهم كما شئت؟
هؤلاء تصفهم «لوموند ديبلوماتيك» بأنهم «أدعياء معرفة لا تشابه مسيرتهم شيئا من مسيرة الكبار من أمثال المرحوم إدوارد سعيد.. يعملون في مراكز البحوث، ولكنهم يقومون بـ «التنظير» لكل ما هو دون الدولة «الطائفية والقبلية وغيرها» في سعيهم لتصفية حسابات قاسية مع بلادهم «ولكن هناك في المقابل باحثين أمريكيين يفهمون منطقتنا وقضاياها ويدافعون عنها أفضل من الكثير عندنا».
باختصار.. العرب موجودون في أمريكا، بشريا وسياسيا، لكن ماذا يفعلون؟ ومن يخدمون؟
والسؤال هنا ليس له علاقة بالعرب «العاديين» الذين يقيمون في أمريكا بحثا عن لقمة العيش، وليس له علاقة بالعرب «المثقفين» المشتغلين بالشأن العام والمهمومين بالقضايا العربية، وإنما المقصود «العرب» الذين «يلعبون» مع الأجهزة الأمريكية.. ويقدمون لها «الاستشارات» غير البريئة.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات