أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - في الحاجة إلى تجاوز التأخر التاريخي العربي















المزيد.....


في الحاجة إلى تجاوز التأخر التاريخي العربي


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7924 - 2024 / 3 / 22 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العالم العربي في أزمة حقيقية، بل وفي أزمات متعددة، في هذه المرحلة من تطوره، إلا أنّ خروجه منها هو مسؤوليته وحده: مسؤولية شعوبه وقواه الحية من الشباب ونخبه السياسية والفكرية والعلمية المتعددة والكثيرة. والطريق يمرُّ حتماً في تجاوزه للتأخر التاريخي واندراجه في التاريخ العالمي المعاصر.
في الواقع، ليست العروبة اليوم بخير، ولا هي قادرة على أن تكون، بما هي عليه، مسلكاً مجدياً للمستقبل، ذلك أنّ نماذجها وتطبيقاتها لا يمكن إلا أن تبقيها مشروعاً في اللاوعي العربي إذا هي بقيت من دون مشروطية متجددة تحدد معالمها وإمكاناتها بواقعية، وتقيها شرور الانجراف نحو الماضوية والتحجّر.
إنّ الخروج عن هذا المسار الانحداري الذي سوف يقود العرب إلى قاع التاريخ، في حال استمراره، لا يكون إلا بعكس اتجاهه. ولكي يحصل ذلك لا بدَّ من استنهاض القوى الحية في المجتمعات العربية، من خلال العمل الجاد على خلق البدائل الوطنية الديمقراطية في السياسة، وفي الثقافة، وفي أنماط الحكم. وأنّ خلق هذه البدائل سوف يتطلب خوض معارك حقيقية في جميع الميادين المشار إليها، وهذه مهمة النخب الثقافية والاقتصادية والسياسية الوطنية الديمقراطية فهل تعي ضرورتها؟
لقد اكتشفت الشعوب العربية، بخبراتها وتجاربها، جوانب هامة من تهافت سياسات بلدانها، وخداع قادتها. كما اكتشفت توجهات السياسات الدولية، وبدأت تمتلك وعياً كونياً يضغط لوضع أيَّة معركة وطنية أو قومية في إطار النضال الإنساني من أجل حياة كريمة للمواطنين، في ظل أنظمة حكم ديمقراطية تحترم كرامات الناس وتوفر حقوقهم الإنسانية المعترف بها في مواثيق الشرعة العالمية لحقوق الإنسان.
إذ لا يجوز الدفاع عن الأمر الواقع الراهن الذي استنفد طاقة المجتمعات العربية وجعل من العالم العربي بؤرة للطغيان والإرهاب والفساد والتفاهة، حسب تعبير الأستاذ ياسين الحاج صالح، ولا يجوز أن ندافع عنه ضد أعدائه إلا في سياق كسر هذا التكامل القدري بين سلطات دول الطغيان وقوى الاستعمار الجديد. باختصار يدور الأمر حول وحدة معركة الحرية: استقلال الوطن وحرية المواطن والإنسان، التحرر من السيطرة الخارجية لا كبديل عن الحرية السياسية والثقافية وحقوق الإنسان بل كأفضل شرط لتحقيقها. فبكل بساطة لا يمكن للشعوب أن تدافع عن دول تجوِّعها وتحاصرها وتساومها حتى على حقها في مناقشة الشؤون العامة.
لسنا بحاجة لشعارات من أجل التعاطي المجدي مع التحديات الكبيرة المطروحة علينا بل الارتقاء إلى مستوى التحديات، بما يخدم مصالح شعوبنا ويضمن حقوقها الأساسية في السيادة والحرية والاستقلال التام. ولكي تتحول العروبة من مشروع تعاطف قومي، يعبِّر كل طرف فيه عن إرادة توحده ووحدة همومه وانشغالاته مع الآخر، إلى مشروع عملي يؤمل منه أن يتحول إلى واقع متحقق في المستقبل، ليس على الدول العربية المختلفة إلا أن تصلح أوضاعها وتنمِّي قدراتها المادية والبشرية، لكي تشكل كل منها أنموذجاً يُحتذى للآخر.
إنّ مشروع النهضة العربية كان ولا يزال في حاجة إلى فكر الأنوار والحداثة، وكذلك استيعاب التحوُّلات والتغيُّرات التي تطرأ على الساحتين العربية والدولية. مما يستوجب الاعتراف بالخصوصيات الوطنية، في إطار التنوُّع ضمن إطار الرابطة العربية، مع إمكانية تحويل هذا التنوُّع إلى عنصر غنى للثوابت الضرورية لتطور الرابطة العربية. ومن أجل ذلك، تبدو الديمقراطية في رأس أولويات التجديد العربي، والأمر يستدعي مقولات جديدة: المجتمع المدني، الديمقراطية، الدولة الحديثة، المواطنة. وتبدو أهمية ذلك إذا أدركنا أنّ العالم العربي المعاصر، بشكل عام، لا يملك لغة سياسية حديثة، منظمة وممأسسة، في بناه السياسية والثقافية، إذ بقي خارج تسلسل وتاريخ الأحداث، فالماضي مازال ملقى على هامش الحاضر، بل يهدد المستقبل.
وهكذا، فإنّ انخراط العرب في العالم المعاصر يتطلب منهم البحث عن مضمون جديد لحركتهم التحررية، بما يؤهلهم لـ " التكيُّف الإيجابي " مع معطيات هذا العالم، وبالتالي الانخراط في مقتضيات التحوُّلات العميقة للعلاقات الدولية، بما يقلِّل من الخسائر التي عليهم أن يدفعوها نتيجة فواتهم التاريخي، لريثما تتوفر شروط عامة للتحرر في المستقبل. فالعرب ليسوا المبدأ والمركز والغاية والنهاية، هم أمة من جملة أمم وحضارات وثقافات، لا يمكن أن ينعزلوا عن تأثيرات وتطورات العالم الذي يعيشون فيه. إنّ الأمم التي تدور حول نفسها لا يمكن أن تتقدم، خاصة عندما تكون خطابات نخبها الفكرية والسياسية متوازية لا تواصل بينها، في حين أنّ التقدم يتطلب تراكم خبرات كل النخب، التي تعانق تناقضاتها، وتبحث عن حلول ممكنة وواقعية لمشكلاتها.
ومن سياقات ما قدمته، يبدو أنه لا يجوز القفز عن واقع الدولة الوطنية تحت أي عنوان، بما فيه الطموح المشروع إلى دولة عربية اتحادية. إنّ المشكلة الأهم المطروحة أمام الحركة العربية المعاصرة هي بناء الدولة الحديثة، وما يتفرع عنها من أدوات مفاهيمية تنتمي إلى المجال التداولي المعاصر: الأمة، المجتمع المدني، المواطنة، الديمقراطية، حقوق الإنسان، التعاقد الاجتماعي، الشرعية الدستورية والقانونية، التنوير، العقلانية، العلمانية.
لعلَّنا بذلك نفتح من جديد باب التاريخ وندقُّ أبواب المستقبل وننهض لإطلاق خطاب عربي عصري، عناوينه في توجهاته ومضامينه وفي تجديدنا له، يحتمل دائماً التأويل والتعديل لصالح شعوبنا العربية. إنها إعادة قراءة واجبة، ليس فقط في تجديد هذا الخطاب وإنما في تجديد العقل العربي المدعو إلى خوض مغامرة المستقبل بأدوات جديدة وأفق مفتوح وحوار دائم على المصالح والأهداف والممكن والمستحيل.
وكل ما نستطيع قوله، في هذه اللحظة من تاريخنا، أنه لا خيار لنا غير تجربة هذا الطريق بعد أن تبين أنّ الأنموذج الاستبدادي يؤدي إلى عكس ما تطمح شعوبنا إليه. إذ لم يكن الاحتلال الأمريكي للعراق وتداعياته، وقبله الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان، ومحرقة غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لا بداية لأزماتنا ولا نهاية لمصائبنا إنما هو مرآة مكبِّرة لتقاعسنا عن إصلاح أنفسنا، ولعجزنا عن تشكيل أفضل لمجتمعاتنا، ولتكاسلنا في عملية الذود عن موقعنا في العالم. إنه مرآة لواقعنا، وصورة من اللامبالاة بضرورة التغيير، وعن غياب التضامن العربي الفعلي والمجدي، وعن التلكؤ في دخول العصر. والاعتقاد بأنّ مجتمعاتنا يمكن لها أن تسير إلى الأمام بمفاهيم متنافرة، منبثقة عن عصور مختلفة، هو الوهم عينه.
إنّ المدخل الصحيح لحل الأزمات العربية الراهنة هو إعادة بناء الثقافة السياسية، وبداية مشاريع للتنمية الشاملة لتحسين أوضاع شعوبنا. وإلا تدخلت القوى الغربية، باسم العدل والحرية والمساواة، لتفتيت الأوطان مستعملة كلمات حق يراد بها باطل.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرتكزات العيش المشترك بين المكوّنات السورية
- مخاطر لعبة الأمم على الجغرافيا السورية
- العالم العربي يفتقد الدولة الأنموذج
- تحديات الخطاب السياسي العربي
- العالم العربي بحاجة ماسّة إلى التغيير
- أهم القضايا المؤجلة للنهضة العربية الحديثة
- إخفاق العرب تجاه المطامع الأجنبية والعدوانية الإسرائيلية
- تفاقم احتقان الشعوب العربية على الصعيدين السياسي والاجتماعي
- تعثّر التنمية الشاملة في العالم العربي
- الموارد العربية اسُنزفت والإرادة انتُهكت
- هدر الموارد المادية والبشرية في العالم العربي
- مأزق العمل العربي المشترك
- انبعاث الفكر الأصولي والعصبيات ما قبل الوطنية
- الأبعاد الثقافية للتأخر العربي الراهن
- التعاطي العربي الكلامي السطحي مع المشكلات
- محرقة غزة في الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق ا ...
- أهم معوّقات النهوض الحضاري العربي
- مخاطر الماضوية على مستقبل العالم العربي
- شرعية الأمر الواقع في الدول العربية الفاشلة
- أية شرعية للحكومات العربية؟


المزيد.....




- كان على متنها.. رجل -يكبر ويتشهد- قبل لحظات تحطم الطائرة الأ ...
- بمساعدة الذكاء الاصطناعي.. شاهد -الثلوج تكسو- أبرز معالم دبي ...
- الدفاع الروسية: تحرير بلدتين جديدتين وحصيلة خسائر أوكرانيا ا ...
- كوريا الجنوبية تصوت لعزل الرئيس المؤقت هان داك سو
- عملية طعن في هرتسليا، وإسرائيل -أحرقت- مستشفى كمال عدوان في ...
- بعد أقل من أسبوعين على استلام مهامه.. برلمان كوريا الجنوبية ...
- مالي: مقتل 69 مهاجرًا على الأقل من بين 80 بعد غرق قارب قبالة ...
- الحرب الأهلية في السودان تخلّف أزمة إنسانية غبر مسبوقة: 150 ...
- نيوجيرسي: انهيار أرضي يغلق الطريق السريع 80 ويؤثر على حركة ...
- البرلمان الكوري الجنوبي يعزل رئيس البلاد بالوكالة


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - في الحاجة إلى تجاوز التأخر التاريخي العربي