|
التجديد اللغوي في - المعجم العربي الجديد - لهادي العلوي
ابراهيم ازروال
الحوار المتمدن-العدد: 7919 - 2024 / 3 / 17 - 20:47
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
انخرط هادي العلوي، في مسار لغوي و فكري يروم تجسير الفجوة بين الفصحى وبين العاميات؛ وقد رسم هذا المسار رواد من أبرزهم : الشاعر واللغوي حفني ناصف(1855-1919) و الأديب واللغوي محمود تيمور(1894-1973) و اللغوي إبراهيم أنيس(1906-1977) . -المنطلق النظري: I لابد في اعتبار هادي العلوي من تجسير الفجوة بين الفصيح وبين العاميات ،واستحداث ثروة قاموسية ومعجمية جديدة ،أكثر دقة وشمولا و أقدر على إغناء اللغة العربية وتأثيل مخزونها المعجمي وتقوية قدراتها التعبيرية وتعضيد كفاءتها الأدائية في مضامير العلوم والصناعات والشؤون الإنسانية بعامة. لا مناص في اعتباره من إعادة النظر في كثير من المسلمات اللغوية، ومن التخلص من شرائط ما يسميه بالإكليروس اللغوي لاستيفاء مستلزمات التطور، ومسايرة متطلبات العصر المتكاثرة. ولا يتم ذلك إلا باستمداد آليات التطوير من قطاعي اللغة: المنطوق والمكتوب. لمواجهة الصدمة الحضارية بعد حملة نابليون على مصر وإصلاحات محمد علي باشا ، كان من الضروري الانكباب على التجديد والإصلاح اللغويين( محيط المحيط لبطرس البستاني و الجاسوس على القاموس لأحمد فارس الشدياق ...إلخ)، والتغلب على الفقر اللغوي، الناتج عن غياب الفعالية الثقافية –الحضارية في أزمنة الانحطاط. لابد في اعتباره، من تجديد لغوي يتولاه مفكرون وعلماء، لهم دراية فكرية ومعرفة تقنية بقضايا التركيب والمعجم ومعرفة موسعة بالعاميات وبتجارب التطوير اللغوي في العالم. (يجب إخراج اللغة من دائرة الأدب والنظر إليها كأداة استذهان تخص المفكرين والعلماء أكثر مما تخص أهل الأدب، فهي الشأن الأكثر التصاقا بقضايا الفكر، ومهمة تقع على كواهل المفكرين والعلماء في المقام الأول.) -1- يحصر مشكلات اللغة العربية في ما يلي :العلاقة بين الفصحى وبين العامية وإشكالية لغة العلم أو الاصطلاح والفقر اللغوي في مضامير العلم والصناعات والتقنيات وأزمة المعاجم وتعقيدات الإعراب. - نقد الإعراب: II لا تقتصر مقترحات وانتقادات هادي العلوي على المعجم، بل تطال النحو والإعراب. يفيد الإعراب، في تبيان وإيضاح المعنى المقصود من خلال التمييز بين حركات المفردات وفي موسقة العبارة. ويمكن ،في منظوره، تحقيق القصد الأول دون التقيد الصارم بالإعراب وتحديدات النحاة. إن الإعراب هو المشكلة الأساسية في الوضع اللغوي الراهن في اعتباره، رغم أنه ليس ركنا أساسيا في اللغة العربية ،في منظوره .ويشير إلى المخالفات الإعرابية في النصوص القديمة ،للإبانة عن إمكان تجنب ما يسميه بالأصول الإكليروسية المضبوطة.وأحال على نصوص شعرية لأبي نواس والمتنبي و الصوفي عبد الغني النابلسي ونثرية ( ألف ليلية وليلة ومنامات الوهراني وعيون التواريخ لابن شاكر الكتبي )،دالة على إمكان التخفف من صرامة الإعراب والدمج بين العاميات والفصيح في المفردات والتراكيب. من الضروري، في منظوره، إعادة النظر في النحو العربي، استنادا إلى السوابق والجذور والمخالفات التراثية، الدالة على مرونة المنشئين والمتأدبين والعلماء. (ويمكننا ،الآن،استشراف لغة عربية متكاملة :نحوا وقاموسا تميل في الجانب الأول إلى التخلص من الإعراب فيلتقي طرفاها،المكتوب والمنطوق،في وحدة شمولية تتأكد بالتقنين الواعي وتراعى فيها الفروق الطبيعية بين شطريها. وتنزع في الثاني إلى استيعاب مجمل القاموس الكلاسيكي الموزع الآن بين لغتي الكتابة والكلام.) -2- - تطوير المعجم: III لا يمكن مجابهة تحديات العصر والحداثة، دون استحداث اصطلاحات جديدة، وكلمات مستحدثة قادرة على استيفاء المطلوب. ويمكن في هذا السياق، الاعتماد على الطرائق المتبعة في الاستحداث، دون التقيد، بالضوابط المقررة من قبل اللغوين الكلاسيكيين. (ويصبو المقترح –في جملة ما يصبو إليه – إلى أن يتأسس في مشروع معجم جديد يقوم على العربية الموسعة: عربية القاموس مضافا إليها عربية الدارج.) -3- من المطلوب، في اعتباره ،استعادة المفردات العامية أو المشتقة أو المولدة أو المعربة (القد/الفرملة/المونة/الحنطور/الشلب/الولدنة/الرهاوة /باهي) ،واستعمالها في إغناء لغة الكتابة. فعلاوة على المفردات القاموسية ،لا بد من إدراج المعاني المولدة للمفردات القاموسية والمفردات المحورة عن الأصل القاموسي (شلة/ثلة ،جدع/جذع/خنفر/فنخر....الخ) والمفردات المحرفة عن ألفاظها(الضنايا /الضنء،موس/موسى ،عق/العقي،الكلوة/الكلية،السليف/السلف ...الخ) في المعجم الجديد/المعاصر . لا تصلح كل مفردات العامية، للإدراج في القاموس المنشود في اعتباره، لخلوها –أحيانا-من الدقة، والتباسها وغرابتها وإمعانها في المحلية ومقررات آونات التحلل الحضاري. يتسع المعجم المنشود، إذن، للمنطوق الشعبي ولمحتويات القاموس الفصيح، بناء على عمل تأليفي قائم على الغربلة والانتقاء. لقد اعتمدت ثلاث قواعد رئيسية، في عصر التدوين، لتوفير المفردات الضرورية لمسايرة متطلبات العصر، ثقافيا وحضاريا، وهي الاشتقاق والمجاز أو التوليد المعنوي ، والتعريب .ولئن تم توظيف المركب الإضافي (بيت المال/أستاذ الدار) ،فإنه لم يتم التوسع ،في النحت والتركيب المزجي ،لاعتبارات تقنية وفكرية. وقد اضطرت النخب الفكرية، بعد احتداد الصدمة الحضارية ،إلى الاعتكاف مجددا على إشكالية الاصطلاح ،وإيجاد آليات مختلفة التوجهات والمنطلقات والمقصديات ،والصمود بكفاءة لغوية-فكرية في النزال الفكري-الحضاري الحديث( أعمال الشدياق والبستاني وناصيف اليازجي وإسماعيل مظهر ومحمود تيمور...إلخ) . 1-الاشتقاق: يقترح التوسع في استعمال اشتقاقات، قادرة على إغناء اللغة مثل : وزن تفعيل (تصنيع/تشريك)وفعلنة(شرعنة/عقلنة) ووزن المطاوع ووزني متفلل(مثل متدهور ومتدرج) ومتفعل(مثل متنوع ومتعلم )و المضارع المبني للمجهول في معنى المطاوعة (مثل يصارع ويقاوم ) وأخذ الاصطلاح من الفعل ( يعربي/يعرب،أباني/أبان/ كنتي/كنت ... إلخ). 2-التوليد المعنوي أو التجوز: يمكن التوسع في التوليد المعنوي أو التجوز (الهاتف/ البرق /الإذاعة/القطار/..إلخ) ،وإدماج المصطلحات المولدة في العمل المعجمي الجديد ،وإعادة توظيف المفردات المهجورة . 3-التعريب: يمكن ،في منظوره ، الاعتماد على التعريب ،دون الإفراط في استعماله كما في العاميات .من الضروري ،إذن ،إعمال التعريب ،وتجاوز ،محاذير اللغويين الكلاسيكيين من جهة ،وانفتاح العاميات المفرط على التعريب ،بحكم ارتهانها بمقاصد نفعية وتدبيرية وإجرائية في الغالب. (فنحن نجابه من جهة تزمت اللغويين ومزايدات أولياء نعمتهم، ومن جهة أخرى تدفق المفردات الأجنبية بلا حساب على اللغة في قطاعها المحكي-الذي يعيش كما قلنا حالة انقراض لغوي تجعله مكشوفا للاكتساح.) -4- 4-النحت: يمكن الاستعانة بالنحت (الشقحطب وهو الكبش /شق وحطب،الحيعلة/ حي على،أيان/أي أوان ،ليس /لا أيس،الجعفدة/ جعلت فداك، الطلبقة/ أطال الله بقاءك ، الدمعزة/ أدام الله عزك .. إلخ) في إيجاد كلمات ومصطلحات ومفاهيم جديدة. 5-التركيب: كما يمكن التوسع في التركيب بكل أنواعه، رغم تحذيرات وتنبيهات اللغوين الكلاسيكيين. ويوفر التراث اللغوي، نماذج للتركيب، لا مناص، من الاستفادة، من منحاها الإجرائي، لإيجاد مركبات جديدة، ستفيد، بلا شك في إغناء المعجم العربي، وإثراء لغة المفكرين والعلماء والباحثين المتخصصين، في العلميات و الإنسانيات على حد سواء. المركب المزجي :مثل : حضرموت/بعلبك . المركب الإضافي: مثل : الدار قطني/الخبز أرزي/التمر هندي/العرقسوس. المركب الاسنادي: مثل :تأبط شرا . يمكن في اعتباره، التوسع في استعمال النحوت والتركيبات ،لإغناء القاموس العربي ،وإيجاد مفردات وتعبيرات دقيقة .كما يمكن التوسع في استعمال البوادئ (جمع بادئة) والكواسع(جمع كاسعة) أو اللواحق ،لتعزيز الرصيد العلمي للغة العربية. ويقترح بعض البوادئ مثل : أحا للدلالة على الواحد ،مثل : أحا –خلوي /أحا عشري ،وإلكترو وأورو و إنسو وهي متعلقة بالإنسان ،مثل : إنسومركزية ، وبعد بمعنى الزمن التالي : مثل:العصور البعد-نابليونية، ثنا ،وتفيد الازدواج ،مثل :ثنا-شهري و ثنا-فلقي. ويشير إلى كواسع، كفيلة بإغناء المعجم؛ مثل: الألف والنون، للمبالغة في الوصف، مثل: روحاني أو جسماني، أو للتشبيه مثل: بشراني، للكائن الشبيه بالبشر أي النسناس. (وهكذا بالتوسع في وسائل النحت والتركيب نستطيع أن نقدم حلولا هامة لمشاكل الاصطلاح ونضفي على اللغة العربية مزايا اللغات الاشتقاقية والتركيبية على السواء.) -5- -مواقف وانتقادات: IV 1-موقفه من اللغويين المحافظين: من البين أن هادي العلوي ،يرفض ،عمقيا ،تنظيرات وقواعد وضوابط ما يسميه بالإكليروس اللغوي .فقد عمل هذا الإكليروس ،في منظوره ،على تجميد اللغة ،وإفقارها ومنع الباحثين من إيجاد طرائق مختلفة للتجديد والإغناء ،من خلال الاستمداد من العاميات أو من خلال الإكثار من النحوت والتركيبات أو التوليدات الطريفة. (..إن اللغويين حرموا علينا القياس والاشتقاق والمجاز والنحت والتركيب ..وبالجملة استعمال أي وسيلة لإيجاد المفردات والتعابير التي نحتاج إليها في أي منحى من مناحي الحياة ...)-6- يتهم هادي العلوي اللغوين المحافظين بالتحيز وتضييق عالم اللغة بالاقتصار القاصر على الفصيح دون العامي مع اتساع عالم اللغة العربية ، وتكريس القواعد وتجميدها مع أنها شأن متحول بحكم تجدد قضايا ومسائل الحياة وتحولات العصور والأزمان .صار من الحتمي تجاوز بعض المقررات ،في اعتباره ،فلابد إذن ،من الاشتقاق من الأسماء والمشتقات وعدم الانحصار في الاشتقاق من الجذور والتمسك بالأصول الصرفية في إيراد المشتقات وصيغ الجموع (جمع الساق على سوق واستبعاد السيقان مثلا). 2-موقفه من العاميات: تتمثل الفوارق بين العاميات وبين الفصيح، في اعتباره، في ما يلي: 1-بقاء الإعراب في الفصحى دون العاميات؛ 2-اعتماد العاميات على الإبدال ( لفظ القاف كافا/إبدال الهمزة عينا/ لفظ الجيم كافا /إبدال الذال دالا/إبدال القاف عينا ... إلخ) ؛ 3-اعتماد القلب أو الابدال أو الترخيم في العاميات؛ 4-الاعتماد على الاختزال أو الإدغام في استحداث تعابير اصطلاحية جديدة؛ 5-التوليد المعنوي الغزير في العاميات؛ 6-إدماج الدخيل في العاميات. لا ينتصر هادي العلوي للعاميات بالكلية ،فهو يقر بفقرها المعجمي في كثير من الجوانب ومحدودية قدراتها الإبداعية ؛إلا أنه لا ينفي قدرتها على إيجاد صيغ لغوية واختزلات وتركيبات وتوليدات وتعريبات جديرة بالدمج في المعجم الجديد/المعاصر.من الضروري ،في اعتباره ،الاستفادة ،إجرائيا وعمليا ،من مرونة وسلاسة ،العاميات ،واستيعاب مفرداتها ،والسعي إلى تفصيحها .فالعامية تتجنب التفاصح (قول بيانو بدل البيان الملتبسة مثلا)،و وتتوخى الإيجاز (يتغدى في مقابل يتناول غداءه عند الكتاب)، ونقبل عدم همز ما هو على وزن فعايل (مصايب بدل مصائب ومكايد بدل مكائد وفضايل بدل فضائل ). ليس إذن نصيرا بالمطلق للتلهيج ،بل لفتح قنوات الحوار اللغوي الموسع بين الفصيح والدارج ، قصد تبسيط الفصيح وتفحيص الدارج. (نصل من هنا إلى تصور خطة لمعجم عربي موسع يضم المنطوق في كل البلدان العربية إلى جانب المحتوى الراهن للقاموس الفصيح؛ كلا بعد الغربلة والانتقاء، بما يضمن إثراء اللغة وتحريرها من البلبلة في آن واحد.) -7- إن للحشود والجماهر قدرة على التعريب دون الترجمة، في اعتباره. ومن الجدير بالذكر، أن العاميات تتفاعل في الغالب مع وضع لغوي تعددي، يطبعه التنافذ بين الفصيح و بين الموروث اللغوي السابق على العربية (الأمازيغية والآرامية والسريانية ..إلخ) والدخيل الآسيوي والأوروبي ( الفارسية والتركية والفرنسية والإنجليزية .. إلخ) .لا يستبعد إذن أن تتنوع الأوزان المعتمدة ،وأن تختلف التراكيب ،تبعا لمفاعيل ذلك التنافذ والتفاعل . (وللعامة قدرة سليقية على تعريب المفردات وإخضاعها للأوزان العربية وليس لها قدرة على الترجمة لإيجاد مقابل عربي للفظ الأجنبي فهذه شغلة اللغويين وأهل الاختصاص.) -8- ينفتح هادي العلوي بمقدار على العاميات، ويروم الاستفادة من مناحيها الإيجابية، في التكيف والتفاعل والتحرر من الضوابط والمحددات اللغوية الكلاسيكية الصارمة، دون أن يغفل قصورها الناتج عن افتقارها إلى فكر لغوي وقواعد منهجية وآليات للتجديد مفكر فيها ومتوافق عليها. (وقد مر بنا الكلام عن ضرورة التهذيب والانتقاء عند أخذنا من العاميات حتى نستبعد غير الصالح منها ونتجنب ما فيها من أسباب التخلف والقصور.) -9- 3-موقفه من المعاجم الحديثة: قدم هادي العلوي، ملاحظات نقدية هامة على معجمين حديثين: المعجم الوسيط الصادر عن المجمع اللغوي للقاهرة ومعجم المنجد للأب لويس معلوف (1867-1946)ولثلاثة معاجم(معاجم الإنجليزية –العربية): قاموس النهضة لإسماعيل مظهر(1891-1962) والعصري لإلياس أنطون إلياس (1877-1952)والمورد لمنير البعلبكي(1918-1999). لقد أغفل المعجم الوسيط(1960)، الكثير من المحدث، وتمسك بالمعاني القديمة لبعض المفردات واستعمل لغة متقعرة في الشروح، وتمسك بالقياسات القديمة في الجموع (جمع السائق على ساقة)، واقتصر على المفردات العامية المصرية. ورغم تخلص المنجد (1908) من التقعر أو التعقيد في الشروح، فإنه لم يلتفت كثيرا إلى المعاني الحديثة للمفردات وإلى المفردات العامية. لتجاوز محدودية المعاجم والقواميس، يقترح: اعتماد الترتيب الأبجدي، أي اعتماد حروف المفردة دون اعتبار لجذرها، واعتماد مادة قاموسية واسعة مثل المنجد، وتجنب المشترك أو المتجانس، واعتماد المدلولات والمعاني الحديثة للكلمات، والتوسع في استعمال الذخائر المعجمية العامية مثل القاموس العصري(1913) لإلياس أنطون إلياس(1877-1952)، والتوسع في النحت والتركيب مثل قاموس المورد(1967) لمنير البعلبكي(1918-1999). 4-المعجم العربي المعاصر: لم يكتف هادي العلوي، بوضع المقدمة العامة لمشروعه اللغوي -المعجمي، بل بادر إلى إعمال آرائه والالتزام بها في مقالاته ودراساته الموسعة.فقد نشر-مثلا- دراسة ،موسومة ب"الفكر العربي-الإسلامي وضرورة التجديد المنهجي "،وظف فيها تعابير دارجة ومفردات ونحوتا وتركيبات ومعربات مثل( الثمنعشر/الآسيو-إقطاعي/كوزموبوليتي/الأورومركزي/معرفياتي/الكولونيالي/المتروبول /الغربنة/البرامج السيا-اقتصادية//تحرك ضد-ثقافي/التموسع/المثقفية/التمثقف/اليهمسلامية.....إلخ).-10- وقد توج عمله النقدي والتجديدي في اللغويات، بصياغة" المعجم العربي المعاصر"، المشتمل- نظريا- على عشرة قواميس: قاموس الإنسان والمجتمع / قاموس الدولة والاقتصاد / قاموس المعيشة والعمران/ قاموس الفكر والثقافة/قاموس العلوم والصناعات/ قاموس النبات والحيوان/ قاموس الفلك والجغرافيا / قاموس الطب/ قاموس العنف والحرب( العسكريات / قاموس الكليات .و قد نشر القاموس الأول والثاني فقط. -نقد المشروع: V 1-غياب الساميات: يعقد هادي العلوي مقارنات مع لغات أوروبية في الغالب (الإنجليزية والإسبانية ..) ، علاوة على إشارات متفرقة إلى اللغة الصينية أو التركية أو الفارسية .وكان من المتوقع ،أن يعقد مقارنات ،بين العبرية وبين العربية ،بحكم اشتراكهما في الجذور السامية من جهة ،وكذلك بحكم ما توفره المقارنة بين طرق التجديد والإغناء المعتمدة في النطاق العبري-اليهودي والنطاق العربي من إفادات على صعيد الصوتيات و البنية والتركيب والمعجم والعلائق بالموروث اللغوي القديم والدخيل الأوروبي ،من جهة أخرى. 2-صعوبة الإلمام بالعاميات: بذل هادي العلوي مجهودا لا يستهان به في استقراء بعض ملامح العاميات ؛وقد ركز بحكم الانتماء والمعرفة على العامية العراقية والمصرية واليمنية في المقام الأول .والواقع أن العاميات مركبة ،تمتح من الفصيح ومن اللغات واللهجات المحلية من ناحية الصوتيات والتركيب والمعجم ( علاقة الدارجة المغربية بالأمازيغية مثلا) ومن اللغات الأوروبية، من ناحية المعجم بالأساس. لقد اعتمد على عاميات مخصوصة، وأقر بقصوره في استيفاء مقتضيات تدبر كثير من العاميات ومخزوناتها وإمكاناتها المعجمية (لهجات شبه الجزيرة العربية و ليبيا وتونس والجزائر ..). (..فإلى جانب لهجة المؤلف،العراقية/والبغدادية في الأساس / سيضم المعجم العربي المعاصر،ونتمنى أن يكون اسما على مسمى،عامية بلاد الشام التي تسمي أحيانا سوريا الطبيعية وبلاد الشام أوفق عندي،وعامية مصر والسودان باستيفاء واسع نسبيا وعامية المغرب الأقصى باستيفاء أقل.)-11-. إن تأثير الأمازيغية في الدراجة المغربية، كبير على صعيد الصوتيات والتركيب والمعجم. إن علاقة العاميات باللغات المحلية، أكثر تعقيدا وتركيبا مما يعتقد صاحب "المعجم العربي المعاصر ".ولذلك لا يمكن استثمار إمكانيات الدارجة المغربية ،إلا بعد دراسة تاريخها وبنيتها ،وعلائقها باللغات المتوسطية (اليونانية والفينيقية والرومانية )قديما وعلائقها ،باللغات الأوروبية ( الإسبانية والفرنسية )حديثا،علاوة على علائقها باللغة العربية . (..إن أسماء الحرف كانت كلها أو جلها أمازيغية البنية والصيغة.وقد حاولت أن أحصيها فيما دون منها في المراجع ،فلم أزل أعثر منها على ما لم أكن أتوقعه ،لا كما ولا نوعية ،وكأن المغاربة كانوا قد أجمعوا على "تمزيغ" اسم كل حرفة.) -12- لقد استمدت الدراجة المغربية مواد لغوية ومعجمية كثيرة من الأمازيغية ومن اللغات الأوروبية، علاوة على العربية. و من المحقق أن دراسة هذه الاستمدادات المعجمية وتاريخها ومفاعيلها، يمكن من استيعاب كفاءة الدارجة المغربية وقدرتها على الأداء اللغوي الرفيع كما في الملحون ورباعيات سيدي عبد الرحمان المجذوب مثلا. إن للدارج تاريخا وبنى ومؤسسات تاريخية –أنثروبولوجية وسياقات ثقافية تفاعلية ،لا بد من استقصائها قبل أي تدبر لمخزونه المعجمي . (فانزوت العناصر المعجمية الأمازيغية في حيز المحسوسات عامة، وما هو منها مميز للبيئة المغربية بصفة خاصة. ولذا تجد سواد المغاربة لا يعرفون في الغالب أنواع النباتات وأنواع الأسماك، مثلا، إلا بأسمائها البربرية.) -13- 3-الإشارات والتلميحات: اكتفى هادي العلوي فيما عدا المعجم وكيفية إغنائه، بإشارات وتلميحات وتوجيهات عامة، في مقام يتطلب في الحقيقة كثيرا من التدقيق والإبانة والإبراز والتأسيس. كان من الممكن تدقيق بعض الإشارات الواردة في الكتاب عن صوتيات العربية وإشكاليات الإعراب والإملاء. يكتفي بإشارات نقدية خاطفة، لما يسميه بالإكلروس اللغوي،في مقام يقتضي التوسع في رصد واستقصاء وتسويغ الانتقادات وإبراز الخلفيات الفكرية والمنهجية للفكر اللغوي الكلاسيكي المحافظ. لا يتوسع هادي العلوي كثيرا في نقد المعاجم المعتمدة وتبيان اختلال شرائط اللغوين الكلاسيكيين؛ علما أن للمقررات المعتمد في التأليف المعجمي أو التقعيد اللغوي بالإجمال ،ركائز وشرائط ومؤسسات فكرية وإبستمولوجية ، جديرة بالكشف كما فعل محمد عابد الجابري في "تكوين العقل العربي" مثلا. ومن الجدير بالذكر أن إطلاق الإكليروس على اللغويين المحافظين يفتقر إلى الدقة وينطوي على خلفيات ثقافية غير مسلمة من منظور دهراني ؛كما أنه يصر على وسم جمهور الناطقين -حصريا- بالعاميات بالعامة ،دون أن يلتفت إلى إمكان استحداث مفردة جديدة تخلو من التحيز ومن التراتبيات الثقافية والفكرية القديمة.فكيف يتمسك بمفردة العامة ، وهو المتمركس ،المهتام باللقاحية والمشاعية الآسيوية ؟ألم يتحدث في "المرئي واللامرئي في الأدب والسياسة" ،عن الفروق بين شيوعية القاعدة وشيوعية القمة؟ الهوامش: 1-هادي العلوي، المعجم العربي الجديد، المقدمة، المدى، دمشق، الطبعة الثانية 2003،ص.19. 2-هادي العلوي، المعجم العربي الجديد ، المقدمة ، ،ص.83. 3-هادي العلوي، المعجم العربي الجديد، المقدمة، ص.08. 4-هادي العلوي، المعجم العربي الجديد، المقدمة، ص.117. 5-هادي العلوي، المعجم العربي الجديد، المقدمة، ص.126. 6-هادي العلوي، قاموس الإنسان والمجتمع، تقديم: عبد المعين الملوحي، دار الكنوز الأدبية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى :1997،ص.48. 7- هادي العلوي ، المعجم العربي الجديد ، المقدمة ، ،ص.98. 8- هادي العلوي، قاموس الإنسان والمجتمع، ،ص.74. 9-هادي العلوي، المعجم العربي الجديد، المقدمة، ص.152. 10-هادي العلوي، الفكر العربي-الإسلامي وضرورة التجديد المنهجي، مواقف، العدد :63، ص: 222. 11-هادي العلوي، قاموس الإنسان والمجتمع، ص.73. 12-محمد شفيق، الدارجة المغربية مجال توارد بين الأمازيغية والعربية، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة 1999،ص.20. 13-محمد شفيق، الدارجة المغربية مجال توارد بين الأمازيغية والعربية، ص.37.
أكادير-المغرب
#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ورطات العلائق في فيلم -أربعاء الألعاب النارية - لأصغر فرهادي
-
الإنسانية الانتقالية ونسيان تراجيديا الحياة والموت
-
أشواق الذات في فيلم - أرض الأحلام - لداوود عبد السيد
-
استشراف المستقبل وإشكاليات الحرية في فيلم -انفصال - لأصغر فر
...
-
لمحات عن السيرة الذاتية للمختار السوسي -الجزء الثاني
-
لمحات عن السيرة الذاتية للمختار السوسي الجزء الأول
-
الذات والتاريخ في -رحلة من الحمراء الى إيلغ -لمحمد المختار ا
...
-
نبيلة قشتالية –برتغالية في القصر السعدي بتارودانت
-
الدراسات التراثية : إشكاليات المنهج والتداول
-
إفريقيات -موانع المأسسة السياسية
-
موزار والإشهار
-
حكايات حارتنا : حكايات التوت والنبوت
-
ميرامار : شخصيات باحثة عن موقف.
-
معاصر السكر بسوس في عصر المنصور الذهبي . قراءة في (أخبار أحم
...
-
جماليات في عالم بلا خرائط : هوامش على -شارع الأميرات-
-
مسخرة بوجلود : نحو تاريخية للكرنفال الأمازيغي
-
حتى لا ننسج جوارب-للعقول-!
-
أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 4
-
أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 3
-
أصول المراقبة في الفضاء الثقافي الإسلامي 2
المزيد.....
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيران بالتورط في خطة اغتيال مأجور
...
-
-لحظة إصابتها وسقوطها-..الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاطهم مسيّر
...
-
نيبينزيا: مؤسسات الرعاية الصحية الروسية تتعرض بانتظام لهجمات
...
-
ضجة في إسرائيل عقب أحداث أمستردام
-
إيران: امتداد المواجهة مع إسرائيل دولي
-
فوز ترامب يخيم على قمة بودابست
-
كيف سيتعامل ترامب مع إيران وبرنامجها النووي؟
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيرانيا بالتخطيط لاغتيال دونالد ت
...
-
إشكال دبلوماسي قديم جديد بين فرنسا واسرائيل ..ما الرسائل؟
-
ما جدوى مقترح -تقدم- بإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين بالسو
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|