أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة أمة الذرى.














المزيد.....


مقامة أمة الذرى.


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 17:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقامة أمة الذرى :
هل تتذكرون ألأغنية التي اشتهرت في السبعينات من القرن الماضي وكانت تؤديها شوقية العطار: (( آمالنا تطگ بالشجر, وجبالنا بعلو الگمر, وگاعنة فضة وذهب واحنا شذرها))؟ كيف لا يدمع من يعيش انهيار تلك الآمال؟
أي ريح أطاحت بأحلامنا , ونحن كنا أجيالا تعطي أنفسها للوطن , فلماذا ألآن نجدنا أزاء أناس يعطون الوطن لأنفسهم , كنا قد أعددنا للوطن كل مابوسعنا , ان نكون نبراسا يضيء درب مستقبلنا الآتي , ولم يكن يضيرنا أن نشتعل, ولماذا في هذا الزمن ان يوسم الانسان على انه غير متأرجح في مواقفه مكسب عظيم؟ لقد كنا جيلا يفتخر انه من خيرة اجيال العراق لما يتمتع به من حس وطني خالص وثقافة إنسانية منفتحة وعلاقات نبيلة لاتزال تحتفظ ببعض من طيب الأثر في نفوس من تبقى منه , لكن المؤلم ان هذا الجيل نفسه قد فقد خيرة عناصره ما بين اقبية التعذيب والتغييب ومطاحن الحروب الخارجية والداخلية وماتبقى منه غير أنفار يعاني اغلبها القنوط مما الت اليه خواتيم الامور.
بعد هزيمة المانيا في الحرب العالمية الأولى بأيام , وقف جماعة من الألمان في الطابور للصعود الى القطار , ولكن شابا يافعا حاول ان يتخطى الطابور, فقالت له عجوز : لقد خسرنا الحرب , ولكننا لم نخسر أخلاقنا, الهزيمة العسكرية قابلة للترميم , ولكن الهزيمة الحضارية والأخلاقية هي هزيمة فادحة من العسير الاستفاقة منها.
لا يفيدنا التاريخ في استشراف ما بعد العاصفة, لكنه يعلمنا دون شك التنبؤ بها, يعلمنا أن نرى ملامح التشقق في الحاضر واستحالة دوامه, يعلمنا التحسب والتحضير للطوفان, وكما تقول الأسفار: (( لو انتظر نوح الطوفان ليبني سفينته, لغرقت الكائنات على بكرة أبيها)) , والعراق على مر العصور لم يعش حالة وسطى ابدا فهو اما شامخ محلق فوق الذرى او ساقط تحت سنابك الخيل.
قال الشاعر: ((لقد هزلت حتى بدا من هزالها ......... كلاها وحتى سامها كل مفلسِ)),
يصف البيت الدابة التي يعرضها صاحبها للبيع, وقد زهد فيها من لا يملك مالا فضلا عن غيره, وذلك بسب الهزال الشديد الذي أصابها حتى ظهرت (الكلى) منها من تحت جلدها, ويستعار البيت في الإشارة إلى تصدر من ليس بأهل للتصدر.
يستدل على أفول الدول بأربع : تضييع الأصول , والتمسك بالفروع , وتقديم الأراذل , وتأخير الأفاضل, هناك دول مثلما هناك أفراد, تجيد شيئاً واحداً: الخراب, وفي العراق الوقت لا يداوي الجروح, بل يدسّ الملح فيها, ففي بلدنا أصبحت المبادئ السياسية والأخلاق تُساق في موكب جنائزي إلى مثواها الأخير وسط ترانيم إغتيال الفضيلة والحق والعدالة وشعارات بلهاء لاتغني ولاتسمن على مسامع الحاضرين يحيط بهم سكون مُطبِق تعزف فيه ألحان النصر للفساد والفاسدين التي تتلقى التهاني التبريكات.

هو زمن العبثية السياسية والفوضى بأكسيرها العلقم الذي جعل الشعب يدفع ثمنها قرابين تتلوها قرابين مجاناً أو بالدفع المسبق بعد أن أصبحوا مجرد كائنات هائمة في حسابات السلطة, أصبحنا نعيش وسط المجتمع المُنحط والفاسد والمليء بالقذارة الأخلاقية, مجتمع يرى البراءة سذاجة, واللطف ضعفًا, والأخلاق يراها موضة قديمة, والصدق دليل عدم قدرة على المراوغة, وهكذا صار من يعيش بقلبٍ سليم هو الأبله, والماكر في مجتمع الذئاب هو الذكي,ولعبة السياسة بينهم أصبحت تختزل مصالح العباد, تحولت إلى بطون لا تشبع, وعيون لا تدمع, وقلوب لا تجزع تتحيّن أي فرصة للإنقضاض على ما تبقّى من أنقاض ليكون شعارهم إستباحة أي شيء وكل شيء دون خوف من ضمير أو قانون, حتى تلوّنت السياسة بكل أنواع المكر والخداع وتحولت إلى مفهوم أدى بالعراقيين للسير بحياتهم إلى عالم المجهول.
في داخلي شتائمُ كثيرة , لا أعرف كيف أرتّبها , أو حتى كيف أقولها, لكني أتمنى أن يصل صداها إلى اولائك المعنيين التافهين المسئولين عن حال البلاد, إن الوطن هو الذاكرة, نحن من جيل فتح أعينه أواسط القرن الماضي على جيش من المتعلمين من الجنسين, يشمّرون عن سواعد مباركة في التربية والاقتصاد والهندسة والطب والصناعة والزراعة ومختلف الحرف والمهارات, وكان هناك سلاح منضبط شامخ يحمي كل ذلك, نغني له في مدارسنا: (الجيش سور للوطن), ذهب الملايين من أبناء وبنات الأميين والأميات إلى المدارس ودخلوا الجامعات وسافروا في بعثات, كان الوطن يكبر بهم ويتوهج ويشق مكانه في عالم واسع سريع التطور, ملعونة هي السياسة والأصابع الخارجية التي لعبت بعقول جامحة وصرفت الأحزاب عن نظرياتها الطيبة المفترضة وأحالتها ميداناً للتقاتل والدماء, جاءت الحروب واكتمل البلاء.
بوركت شوقية العطار, فقد هيجت مواجع وفتحت جروح .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة مرارة قهوة الكتابة.
- مقامة النهب الأستعماري للشعوب
- مقامة الترييف
- مقامة شجرة الحياة
- مقامة طمس التاريخ.
- مقامة مرافعة دفاع عن أحمد شوقي
- مقامة اليوم العالمي للمرأة


المزيد.....




- منشور يشعل فوضى في منتجع تزلّج إيطالي.. ماذا كتب فيه؟
- -أم صوفيا-.. سلمى أبو ضيف تنجب طفلتها الأولى
- رداً على تصريحات ترامب بشأن -تهجير- أهل غزة، دعوات إلى التظا ...
- اللجنة المحلية للحزب في الديوانية: ندين الاعتداء على المحتجي ...
- حادث مطار ريغان يربط موسكو وواشنطن في مباحثات إنسانية
- غزة.. انتشال 520 جثة من تحت الأنقاض منذ وقف إطلاق النار
- الدفاع الروسية تعلن تحرير 6 بلدات في كورسك ودونيتسك وخاركوف ...
- وقفة صامتة أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب للمطالبة بالإفر ...
- بيسكوف: التعليق على تكهنات حول -قوات كوريا الشمالية في كورسك ...
- فنلندا.. منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح حزمي الزهيري - مقامة أمة الذرى.