|
الأحزاب (السريانية الآشورية) ومسألة الأقليات في سوريا
سليمان يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 09:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المجتمع السوري، كما معظم مجتمعات المشرق، يتصف بالتعددية (الإثنية والثقافية واللغوية والدينية) .. جراء السياسات الشوفينية والعقلية الإقصائية لحزب البعث والحكومات العربية الإسلامية التي تعاقبت على حكم سوريا، تحولت هذه الظاهرة الحضارية(التنوع والتعددية) من ثراء وغنى للهوية الوطنية السورية إلى "عقدة وطنية"، أفرزت ما يعرف بـ(قضية الأقليات) . مع تفجر الأزمة السورية 2011 برزت وبقوة (مشكلة الأقليات) ، حتى باتت مصدر قلق وطني لغالبية السوريين على وحدة ومصير البلاد.. في الأجزاء السابقة من الدراسة تناولنا رؤية ومواقف العديد من الأحزاب و القوى السياسية السورية ،الفاعلة في المجتمع ، من مسالة الأقليات والتعددية (حزب البعث العربي الاشتراكي . أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية. أحزاب المعارضة . الأحزاب الكردية). في هذا الجزء نتوقف عند موقف الأحزاب (السريانية الآشورية) من هذه القضية الحساسة والبالغة الأهمية،على أمل أن تساهم هذه الدراسة المتواضعة في إيجاد مخارج وحلول وطنية ديمقراطية عادلة لقضية الأقليات في البلاد. بالنظر للخصوصية التاريخية والمجتمعية للآشوريين (سرياناً كلداناً) ، تبقى ( الأحزاب السريانية الآشورية) هي الأكثر التصاقاً بـ(الهوية السورية) في تناولها لظاهرة التنوع والتعددية في المجتمع السوري . سوريا، عن السريان الآشوريين أخذت اسمها وهويتها، هي بالنسبة لهم أكثر من وطن يعيشون فيه وأعظم من دولة يحملون جنسيتها ، أنها الأمل والمصير والمستقبل . بالعموم ، المقاربة الآشورية لمسألة الأقليات تنطلق من قاعدة "اللامساواة الدينية" (تفضيل المسلم على غير المسلم)،التي جاء بها الإسلام. وقاعدة "اللامساواة القومية " ( تفضيل العربي على غير العربي) التي جاء بها القوميون العرب . الأخذ من هاتين القاعدتين مرجعية للتشريع وسن القوانين ووضع الدساتير، أنتج بيئة (قانونية وثقافية وسياسية واجتماعية وتربوية) ساهمت في تقسيم المجتمع إلى أغلبية ظالمة وأقليات مظلومة. طبعاً، لا حل لمعضلة الأقليات من دون التخلي عن هاتين القاعدتين وإنهاء العمل بهما على الصعيد السياسي والمجتمعي والتربوي. التباين في المواقف والتباعد الكبير في الاصطفافات السياسية، لم يمنع من أن تتلاقى بعض الأحزاب السريانية الآشورية حول (مبادئ عامة) لحل مسألة الأقليات والتعددية في البلاد . في نيسان 2022 صدر عن المنظمة الآثورية الديمقراطية وحزب الاتحاد السرياني ما سمي بـ" بيان التفاهم/وثيقة سياسية" نورد هنا بعض ما جاء فيه : "" - الإقرار الدستوري بأنّ سورية دولة متعددة القوميات والثقافات والأديان، والشعب السوري يتكون من عرب وكرد وسريان اشوريين وتركمان وغيرهم، ويضمن الدستور حقوقهم القومية. وندعو إلى حيادية الدولة تجاه الأديان والقوميات وضمان حرية الاعتقاد والايمان وممارسة الشعائر وتجريم التمييز على اساسه، وتدعو الى الاعتراف الدستوري بالديانة الإيزيدية. - نتبنّى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية المكملة له، وتلك المتعلقة بحقوق المرأة والقوميات والشعوب الأصلية. وندعو إلى تثبيتها في الدستور السوري الجديد. - ضمان الحفاظ على مصالح المكونات القومية والدينية في البلاد على أساس التمييز الإيجابي لهم. - نرى في اللامركزية النظام الأمثل في إدارة البلاد مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، لحماية التعدد القومي والثقافي, وضمان أوسع مشاركة شعبية في الإدارة والتوزيع العادل للسلطة والموارد وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة لكافة المناطق في سوريا. "". البيان لم يحدد شكل "اللامركزية" المراد تحقيقها لسوريا الجديدة ما بعد الحرب، أكانت "لامركزية إدارية أم سياسية/فدرالية" . هذه نقطة خلاف اساسية بين الحزبين.. (حزب الاتحاد السرياني) منخرط في (سلطة الأمر الواقع الكردية) ممثلة بما تسمى بـ"الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا " ، التي أعلنها ويهيمن عليها (حزب الاتحاد الديمقراطي)، الطامح لنيل الاعتراف الوطني والدستوري بهذه "الإدارة الكردية" من خلال اعتماد " اللامركزية السياسية/الفدرالية " لسوريا الجديدة . أما(المنظمة الآثورية الديمقراطية)، منخرطة في ما يسمى "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية " الرافض لخيار "اللامركزية السياسية "ويصف (حزب الاتحاد الديمقراطي) بـ"الحركة الإنفصالية" ويدرجه ضمن صفوف المعادين لـ"الثورة السورية"... جدير بالذكر، سبق للآشوريين أن طالبوا بـ"اللامركزية السياسية" للدولة السورية في زمن الانتداب الفرنسي . البطريرك الآشوري (عبد الأحد تبوني)- مواليد نينوى 1879 - للسريان الكاثوليك، عبر رسالة له خاطب (وزارة العلاقات الخارجية الفرنسية) طالب فيها بإقامة "نظام حكم لامركزي في سوريا و بالإدارة الذاتية - حكم ذاتي لمنطقة الجزيرة/محافظة الحسكة" ، ذلك استجابة لرغبة السريان الآشوريين والمسيحيين عامة ،حيث كانوا يشكلون أنذاك غالبية سكان (محافظة الحسكة)، الجزء السوري من (بلاد ما بين النهرين - بلاد الآشوريين). البطريرك (تبوني) طالب أيضاً بـ"حماية مصالح وحقوق جميع الأقلّيات في سوريا، المساواة التامّة في الحقوق والحريات الدينية والأحوال الشخصية، و إنصاف المسيحيين في التعيينات الإدارية والمناصب الحكومية وتوفير ضمانات تكفل حماية المسيحيين في المناطق التي قد يكون الأمن المسيحي فيها مهدداً "…. " اللامركزية السياسية" كانت ومازالت إحدى القضايا الخلافية الأساسية بين مكونات المجتمع السوري، لما تنطوي عليه من مخاوف على مصير ووحدة البلاد . الحرب السورية ، بمفاعيلها المختلفة، عمقت مخاوف السوريين من أن تكون"اللامركزية السياسية/الفدرالية" خطوة على طريق انفصال المناطق الخارجة عن سلطة الدولة والخاضعة لسيطرة قوى الأمر الواقع في الشمال الشرقي والشمال الغربي عن الوطن الأم (سوريا). ما يزيد المشهد السوري تعقيداً ، خروج (القضية السورية) من أيدي أبنائها وجعلها رهناً لإرادة ومصالح الدول النافذة في الأزمة السورية و المحتلة لأجزاء من سوريا، ( أمريكا . تركيا. روسيا. ايران).
#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين توقف الزمن الآشوري فجر 23 شباط 2015
-
الأحزاب الكردية ومسألة الأقليات في سوريا
-
(نوري اسكندر)، موسيقار آشوري سوري عالمي، خذلته حكومة بلاده
-
مسيحيو المشرق في زمن -ثورات الربيع العربي-
-
إضاءة على (حركة التحرر الآشورية) المعاصرة
-
مسيحيو الجزيرة السورية من غير حماية
-
الأبعاد السياسية ل(المحرقة الآشورية) في بغديدا العراقية
-
المعارضة السورية و ( مسألة الأقليات)
-
حول الشأن الكردي
-
ماذا لو لم يعتنق الآشوريون المسيحية ؟؟؟.
-
الأبعاد السياسية ل(مذبحة سميل الاشورية - العراق 7 آب 1933 )
-
سوريا: أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و (قضية الأقليات)
-
حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم و(مسألة الأقليات في سوريا)
...
-
سوريا و (مسألة الأقليات)
-
الجديد في ملف قضية الإبادة ( الآشورية - الأرمنية) 1915
-
من أكيتو إلى نوروز
-
أكذوبة- ترحيب مسيحيي المشرق بالغزاة المسلمين كفاتحين ومحررين
...
-
المسيحية ، نعمة أم نقمة، على الآشوريين ؟؟
-
مونديال قطر 2022 ، بين ( التسييس والأسلمة )
-
آشوريو .. مسيحيو المشرق و(الإرساليات التبشيرية الغربية)
المزيد.....
-
إسرائيل تجري مشاورة أمنية لاستئناف الحرب على غزة وترامب واثق
...
-
هجوم أوكراني بـ49 مسيرة على روسيا يشعل النار في مصفاة نفط فو
...
-
-نفعل الكثير من أجلهم وسيفعلون ذلك-.. ترامب أكيد من قبول عما
...
-
إتمام ثالث عملية تبادل بين حماس وإسرائيل في إطار الهدنة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بعد تهديد ترامب.. الصين تؤكد تمسكها بشراكة -بريكس-
-
وزير الخارجية المصري يتوجه إلى لبنان
-
الرئيس اللبناني يوجه قائد الجيش بتفقد الجنوب
-
ترامب يهاجم صحفية بعد -سؤال غير ذكي- عن تحطم طائرة واشنطن (ف
...
-
زاخاروفا: 90% من وسائل الإعلام الأوكرانية تعيش على المنح الأ
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|