أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم الحسن - الحب من المهد إلى اللحد : لماذا الحب؟














المزيد.....


الحب من المهد إلى اللحد : لماذا الحب؟


مريم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7916 - 2024 / 3 / 14 - 14:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا الحب؟

تناولنا في هذا المقال موضوعاً مهماً للغاية هو الحب, ونحن سألنا في مقدمة مقالنا أسئلة عديدة حاولنا الإجابة عنها قدر الإمكان من منظور تخصصنا الأكاديمي في مجال علم النفس. واعتمدنا في كتابة هذا المقال أسلوب الشرح المبسط, والمنهج الإستقرائي الذي يسمح للقارئ بمشاركة الكاتب في عملية استنتاج المعلومة أو الغاية المراد الوصول إليها. و غاية هذا المقال هو التعرف على الحب لفهمه بهدف تحسين ممارسته و توظيفه بشكله الصحيح في مختلف علاقاتنا الإنسانية, و في علاقاتنا العاطفية الأفقية و العامودية. و للوصول إلى هذه الغاية انتهجنا النهج الإستقصائي, الذي أردنا به تتبع مسار ظهور الحب في حياتنا لنمسك ببداية خيطه الذي ستقودنا نهايته إلى اكتشاف معاني الحب, و إلى التعرف على أنواعه بمختلف تمظهراتها و تجلياتها. فبدأنا المقال بمقدمة استعنا بها كمنطلق لرحلة تقصي بدايات ظهور الحب في حياتنا منذ لحظة الولادة, و من ثم تتتبعنا خط نموه و تطوره و نضوجه و تفرعه إلى أنواع. ثم حاولنا تبيان اشكال هذه الانواع وحصرها في تصنيف أقصاه ثمان أنواع هي على التوالي :حب الأم, الحب البدائي حب الأب, حب الذات, حب الغير, الحب المنتمي, الحب الجنسي و الحب الإلهي. ونحن قد فصلنا هذه الأنواع و عرضنا صفاتها على قدر ما أمكننا من إيجاز واختصار, لان الكلام في مواضيعها و تفصيلها سينقلب حكماً إلى مجلدات إذا ما توسعنا فيه أكثر. بعد أن أتتمنا محاولات الإجابة عن كامل الأسئلة التي طرحناها في المقدمة , ارتأينا إضافة هذه الفقرة التي تشرح أسباب كتابتنا لهذا المقال وغايتنا منه والأسلوب الذي اعتمدناه لكتابته, و هذا ما كان.

في النهاية أختم هذا المقال بمقولة للكاتب التشيكي ميلان كونديرا يقول فيها "إن لم يحررك الحب من كل ثقل, فهو ثقل إضافي لا يعوّل عليه". هذا هو الهدف النفسي من سعينا للحب, التحرر من الإثقال. ما قصده كونديرا في هذه المقولة هو أن الحب حالة تحرر, و سبيل للحرية, و الوسيلة التي نخفف بها عن أنفسنا أعباء و ضغوطات الحياة, الوجودية منها وأيضاً اليومية التي فرضها علينا زماننا, لا سيما في عصرنا الراهن, الذي أُنهكت روحه بالحروب و بمشاعر الكراهية و بالأحقاد الإستعلائية, و بأنماط الحياة الرديئة, و بثقافة التفاهة و تسطح مفاهيمها المفروضة علينا كأمر واقع لا مفر منه, و التي يُروّج لها على أنها مسار التطور الحضاري الطبيعي الذي يتسم به عصرنا المتقدم تكنولوجياً. و بالتالي أمراض روح العصر الحديث أنهكت أرواحنا فرداً فرداً, يأثقالها, و بوزر تراكم العادات السيئة و المشينة فيها, المتنافرة مع معاني الحب الراقية, و مع الهدف الأول من وجودنا الإنساني في هذه الحياة, فنحن وجدنا في الحياة لنتعرف على الحب, و من خلاله على مَن أوجدنا, و لنتطوّر إنسانياً بمختلف أنواعه, لنرتقي به كوسيلة لبلوغ سمونا الإنساني. لأن الحب هو منبع الدوافع النفسية الكامنة خلف فضول سعينا للمعرفة, فهو أهم و أقوى عامل يؤثر في سلامة استقرارنا النفسي, و الإستقرار النفسي يعزز قدراتنا العقلية و يطلقها نحو أقصى إمكاناتها, والحب هو الذي يكشف الغطاء عن قدراتنا و مواهبنا المخبوءة, و يحفز فينا رغبة الخلق و الإبداع و التجدد لتتزيّن حياتنا بمختلف أنواع الفنون والإبتكارات. كما أن مَن أوجدنا, وميّزنا عن باقي المخلوقات, جبل النفس البشرية على مشاعر عديدة, مختلفة ومتنوعة و متناقضة و متجادلة, لكن على مَيل في النفس قوي يتجه بشدة نحو الحب و يطلبه, على عكس باقي المشاعر, و ذلك لأن الحب هو طوق نجاتنا النفسي الذي به نتحرر من أثقال قلقنا الوجودي.

هذا على المستوى العام, أما على المستوى الخاص, في تجاربنا الخاصة مع الحب, لا سيما في علاقات الحب الرومنسية, أود الاستشهاد هنا ببيتين للشاعر المصري احمد شفيق كامل من قصيدته المعنونة "إنت عمري" و التي غنتها السيدة أم كلثوم وفيها يقول :

صالحت بيك أيامي .. سامحت بيك الزمن
نستني بيك آلامي .. و نسيت معاك الشجن

هذا هو تأثير الحب الحقيقي علينا, و هكذا يكون تأثيره فينا إذا ما كانت علاقة الحب التي نعيشها سليمة و صحية و غير مسممة بالمشاعر السلبية التي تسببها الإرتباطات غير الصحية, و هو ما يتلاقى تماماً مع مقولة كونديرا ,بأن الحب هو وسيلة الفرد للتحرر من كل انواع الأثقال, ثقل القلق الوجودي, ثقل هموم الحياة اليومية, و ثقل الضغوطات النفسية, لأن الحب الحقيقي, غير المريض أو الموهوم, هو سرور دائم و متعة ما بعدها متعة إذا ما تحققت فيه شروطه التي تلبيه. و كما يقول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل " الذين لم يتذوقوا متعة الإمتزاج الروحي الوجداني العميق, والإنسجام النفسي الذي ينطوي عليه الحب المتبادل والتوافق الفكري, فقد فاتهم أمتع شيء أعدته الحياة للأنسان "

إذن الحب الحقيقي هو امتزاجٌ روحي, وانسجامٌ نفسي, و توافقٌ فكري. فكل حب لا ينقل الذات المحبة من حال أسرِها في قلق وجودها, أو انعزالها السلبي غير المنتج, إلى حال انفتاحها على باقي المعاني الوجودية الإيجابية, وعلى الإنتاج المثمر من خلالها, و بالتالي إلى حال انعتاقها حرة في فضاء سعادة عيش الحياة بكل معانيها و في نعمة الصفاء النفسي, ليس حباً بل وهم حب. وكل علاقة حب لا تجلب على صاحبها الشعور بالإمتلاء العاطفي و الإحساس بالاحتواء النفسي المصحوبين برغبة مستمرة للاتحاد الروحي الوجداني الفكري مع ذات المحبوب, ليست حباً بل وهم حب.



#مريم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب من المهد إلى اللحد : الحب الإلهي
- الحب من المهد إلى اللحد : الحب الجنسي
- الحب من المهد إلى اللحد : نشأته و أنواعه
- معضلة السعادة
- مش خايف .. عن حلم أطفال فلسطين
- المتصوف الذي ألزم العبارة حدودها وسما في رحاب بلاغة الإشارة
- طوبى للغرباء
- هل الوجود و العدم ضدان ؟
- لا طعم لا نكهة ولا لون
- ترميم الروح
- الجوع
- قالت شهرزاد (2)
- قالت شهرزاد ...
- الأمير المتأمل في روحه لناصر خمير: فيلمٌ إيماني صوفي ناطقٌ ب ...
- عن ثقافة الإنترنت و علاقتها بالإحتجاجات و الثورات: الربيع ال ...
- عن الاستشراق و إدوارد سعيد و خطاب النقد التقويضي
- سؤال الزمان
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الثالث
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الثاني
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الأول


المزيد.....




- بعد زيارة وزير خارجية أمريكا.. بنما لن تجدد اتفاق -الحزام وا ...
- اتهامات بالتحريض وترهيب الشهود.. النيابة الإسرائيلية تفتح تح ...
- سوريا تحت قيادة الشرع تفتح صفحة جديدة مع الخليج، فهل تنجح بإ ...
- إسرائيل تصعد عملياتها العسكرية في جنين: نسف 21 منزلا وسقوط خ ...
- لقطات جوية تكشف حجم الكارثة.. أحياء بأكملها تغرق في كوينزلان ...
- كيف تتلاعب روسيا بالرأي العام في أفريقيا؟
- هل نجح نتنياهو بتغيير ملامح الشرق الأوسط؟
- الأطفال الفلسطينيون المرضى والجرحى يصلون إلى مصر بعد فتح معب ...
- المتمردون من حركة -إم 23- يدعون حكومة الكونغو الديمقراطية لل ...
- مصر.. خطاب للسفارة الأمريكية اعتراضا على تصريحات ترامب


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم الحسن - الحب من المهد إلى اللحد : لماذا الحب؟