|
قراءة نقدية تؤشر للأخطاء في مسيرة الثورة ، بمناسبة اقترابنا من العام الثالث عشر
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 7914 - 2024 / 3 / 12 - 18:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة نقدية تؤشر للأخطاء في مسيرة الثورة،بمناسبة اقترابنا من العام الثالث عشر :ـــ استطاعت انتفاضة الشعب السوري على سجن الصمت والرعب الأسدي...كسر أقفال التعبير وحواجز الخوف من النظام ومن سلطة الأجهزة الأمنية، لكنه لم يكسرها كلياً في رأسه وفكره ولم يتجاوزها تربوياً...ظل هاجس الأقوال المُدَّورة والالتفاف على الحقائق مغروساً في ذاكرته مطبوعاً في تعبيره...لأن أصعب العُقد وأشدها إلتصاقاً بسلوكية الإنسان هي ثقافته ...وهذه لم تسطيع الثورة أن تخرق عمقها ...مست السطح دون الايغال بالجوهر وتفكيك عقده. وكشف مسبباته...خاصة وأنه منتج وضحية لاقصاء طويل وتهميش لكل فكر ولكل طرح مغاير لخطوط السلطة ، التي ربطت المجتمع بها...وقيدته بأغلال تفريقية تلعب على أوتارها لتستقيم لها الأمور ولتمسك بتلابيب المجتمع من أضعف النقاط وأكثرها حساسية مستخدمة رجال دين أوفياء لسلطانه من جهة، وأصحاب قلم مأجور وأبواق مستفيدة تلهج باسمه وتُماهيه مع الوطن والمواطنة...بالإضافة إلى ركائزه الأمنية والعسكرية ، التي أمسكت بعنق الوطن... نعم خرجنا من الأقفاص إلى ساحات المدن وخرج صوتنا من محبسه وانطلق يلعلع في الفضاء...لكن تراث الاستبداد لم يخرج من جلد فكرنا وتربيتنا..ولم نكن بعد مؤهلين لاستيعاب معنى ووسائل التغيير الذي نُنشد...وأقصد هنا عامة الشعب وبسطائه...أما المُسيسين بينننا ، فكل له أجنداته الأيديولوجية، التي يغني على مواويلها مهما أغرقت في القدم وتجاوزتها أحداث الثورة ...حاولت الأحزاب التقليديه أن تضفي بعض المسوح وأن تنفض بعض الأفكار العتيقة ...لكنها ظلت تراوح في نفس الطرق وعلى نفس المنهج ...ظلت تداور دون تصريح أو توضيح ..تلعب بأكثر من مزمار وعلى أكثر من وتر معتقدة أنها ستلتقط كل خيوط الشارع السوري فيقع في حضن خطابها! لهذا لم تلعب هذه الأحزاب دورها الفاعل كما لم يأخذ المثقف مكانه الحقيقي في التأثير بثقافة المواطن وتوعيته خارج أطر السلطة وتجييشها مستخدمة كل وسائل الترغيب والترهيب...فجاءت الثورة في وقت لم يكن فيه المواطن مؤهل لتغيير مدني حقيقي واعٍ بمعنى المواطنة مُسَّلح بثقافة الإخاء والعدالة والمساواة، وكيفية إدارة المجتمع المدني...الخ، ــ فمن أين يأتي بها مع الحرمان والاقصاء وانعدام الحرية والديمقراطية سواء في التعبير أو على صعيد الحقوق القانونية المُطبقة والمُعترف بها والممارسة من أجل المواطن ــ وهذه جميعها لم يرَّ منها المواطن إلا خطب إبعاده وإلهائه بقضايا خارج حدود الوطن " كقضية العروبة والقومية العربية ــ التي انسحب منها النظام الآن ــ وقضية فلسطين وممانعته ــ التي كشفت عورات ادعاءاته مع قيام الثورة السورية ــ لهذا وجدنا أنفسنا بعد الثورة نتخبط دون قيادة سياسية تؤطر المرحلة وتساهم في تنظيم العمل الفكري / السياسي ولاحقاً العسكري، ففي الوقت الذي تتصارع فيه الأحزاب الأكثر يسارية وليبرالية أو علمانية وتتناحر وتبرز شرذمتها من خلال الاختلاف على كيفية التغيير وإنهاء الاستبداد والديكتاتورية الأسدية...علماً أن الواقع أبرز أنها خلافات واهية أسبابها صراع مصالح...لأن كافة الأطراف تتفق على إنهاء حالة الاستبداد والانتقال للديمقراطية والدولة المدنية " بدون الأسد "، خاصة بعد أن تبين للجميع أن كل دول العالم الغربي لاترغب إطلاقاً بالتدخل لإنقاذ الشعب السوري من الطغيان والقتلة ، وبات واضحاً للعيان أن الجميع عرباً وغرباً وشرقاً يسعى للحل السياسي دون المساس برأس النظام وعائلته الأمنية ــ والاختلاف يقع في تفسير بنود جنيف فقط لاغيرــ في هذه المعمعة العسكرية / السياسية...لم يكسب فيها عملياً على الأرض السورية إلا الأطراف الإسلامانية، لأنها الأكثر تنظيماً والأكثر إمداداً وقدرة مادية، فقد ُفتِحَت أمامه أبواب الدخول في التنظيمات العسكرية من خلال غض الطرف العلماني وتمريره لمشاريع الإسلام السياسي والسلفي إعتقاداً منه أنها استراتيجية تتطلبها المرحلة الثورية!...فانقلب السحر على الساحر العلماني والليبرالي المغشوش بقدراته والفاشل باستقطاب الشارع السوري وإثبات الوجود على الأرض من خلال برامج سياسية فعلية مدروسة من أخصائيين وكوادر يملكها هو أكثر من غيره ــ مع شديد الأسف ــ مما أعطى كل الفرص السانحة والأوراق الرابحة سقطت تباعاً بأيدي الاسلامانيين وهاتبرز ملامحها في المدن السورية المسماة " محررة" ، كما تبرز قواها من خلال فرض شروطها على التشكيل الأكبر في المعارضة " الإئتلاف السوري" ، وإلا كيف يتسنى لجبهة النصرة ومثيلاتها أن تقيم شروطها وتفرض حكومتها على سكان ادلب وأطراف حلب ؟!!، بينما يغط الائتلاف في صراعاته وجلساته ويختلف على " العليقة قبل الفرس " ــ مثل شعبي ــ ولم يستطع منذ وجوده ووجود المجلس الوطني ، الذي سبقه بزمن أن يوحدا القوى العسكرية ويجعلاها تنضوي تحت إدارة مركزية لجيش واحد ...حتى لو أبدى البعض منكم تفسيراته على أن هذه الثورة ثورة شعبية...لكنها اليوم باتت خارج أطر وفهم كل مامر علينا من تاريخ في الثورات الشعبية وغير الشعبية...فلا الفييتكونغ في فييتنام كانوا على هذه الشاكلة ولا ثوار أمريكا اللاتينية في تشيلي ونيكاراغوا والاكوادور ولا حتى " الغيرييه في كولومبيا " فلماذا يحدث عندنا مالا يعرفه التاريخ؟! ، ليس فقط ممارسة الأسد وعنفه الوحشي المفرط ، وماتلقاه من دعم إيراني-روسي، وإنما إغراقنا شيئاً فشيئاً في عملية ( صوملة ، أو أفغنة) ...تكتسب طابعاً وحيد اللون ومذهبي لايقوم على علاقة المواطن السوري بوطنه كأم حاضنه للجميع ، بقدر مايقوم على شحن الطائفية وتمزيق الوحدة الوطنية وتعريض السلم الأهلي لحرب طاحنة ربما ستدوم طويلاً... والنتيجة تحويل سورية لكانتونات طائفية -اثنية ، تدعمها دولة ما،"تركية،ايرانية ،اميركية،روسية " لكن المواطن السوري بدأ يدرك مايخطط له الاسلامانيين وهذا سيضع البلاد على مشارف تصفيات أخرى بانتظارنا لاحت تباشيرها في بيانات جبهة النصرة في ادلب وما أستته من نظام متطرف إسلاميا يتحكم في رقاب الشعب،الذي بدا بالثورة على سلطة الجولاني، التي تُكَّفر " الديمقراطية" والديمقراطيين وتحلل إهدار دمهم ،وتفرض طريقتها وشرعيتها بسلطة السيف وتحت سوط الدين -حسب مفهوم القاعدة الداعشي -،وليس لدينا اليوم من أمل نعول عليه سوى ثورة الكرامة المستمرة في (السويداء)، والتي لم تلق الدعم والالتفاف الحقيقي حولها من بقية المدن السورية، اللهم إلا بعض البيانات والمواقف الفردية ،التي لاتغني ولاتثمر،ويساورنا اليوم الرعب الذي يلوح في الأفق من إمكانية إجهاض هذه البذرة النقية من خلال تسليم ملفها للروس وطرح القضية وكانها قضية (مصالحات! )،والتي سبق وحصلت في درعا وساهمت في دفن جذوة التحدي، فماذا تنتظر معارضاتنا لتقف معاً بوجه المد الجنوني الذي يخطف الثورة من أصحابها ويدمر البلد أكثر فأكثر؟ ألأ نتعظ ونسارع في خطى الحل السياسي الممكن لانقاذ ماتبقى من سوريا ...لان التآكل والتمزق في خريطة بلدكم وعلاقة مكوناتها ببعضهم تشير لخراب ربما يطول وتتعقد الحلول أمامه، فماذا بقي لكم من سورية؟ ،اتمنى ان تكون المناسبة الثالثة عشر...يقظة للخروج من شرنقة العنكبوت وانقاذ مايمكن من وطنكم،بالبحث عن حل سياسي،من خلال جهود الأشراف والنخب المثقفة فيكم. فلورنس غزلان ــ باريس
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة الفرنسية ...سيدة النساء هذا العام :ــ
-
ماهي مكاسب حماس في غزة بعد الحرب؟
-
( مزار الدب ) قراءة في رواية المفكر الراحل ميشيل كيلو الصاد
...
-
اغسلوا عينكم من قذاء إيران
-
الكوميديا السوداء في السودان :ــ
-
لم هذا اللغط حول قرار أوربا بإدخال مسحوق بعض الحشرات الغنية
...
-
يوم العنف ضد المرأة:
-
الأخلاق والدين عبارة عن قطعة قماش !
-
السياسة غدت - تجارة -
-
الأسبوع الأول من حزيران :
-
مابين - شيرين أبو عاقلة - وتغريد المحزم:
-
عيدٌ، بعد مذبحة - التضامن -!
-
الخاسر الأكبر هو - الشعب الأوكراني - كما هي حال الشعب السوري
...
-
طرطارة - تحسين - أي موتوسيكل تحسين
-
أحقاً أن للمرأة عيد؟
-
يسمونه - الوطن-!
-
غداً يصادف اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
-
عدالة القوة ! :
-
جسور
-
لماذا كل هذه السذاجة، أو بعض الغباء؟
المزيد.....
-
مصدر سعودي: الرياض حذرت ألمانيا 3 مرات من المشتبه به في هجوم
...
-
تفاصيل جديدة عن هجوم الدهس في ألمانيا.. هذا ما رصدته كاميرا
...
-
طبيب ولاجئ وملحد.. من هو السعودي المشتبه به تنفيذ هجوم الدهس
...
-
ارتفاع حصيلة هجوم ماغديبورغ وشولتس يتعهد -بعدم الرضوخ للكراه
...
-
وزير الخارجية التركي لا يستبعد نشوب صراع بين إسرائيل وإيران
...
-
زاخاروفا: صمت الغرب عن الهجمات الأوكرانية على قازان مثير للغ
...
-
جائزة خالد الخطيب الدولية لعام 2024
-
سعودي ومعاد للإسلام... ما نعرفه عن منفذ الهجوم على سوق لعيد
...
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|