|
روح اللقاء في لقاء الارواح .. قراءة نقدية
عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 7914 - 2024 / 3 / 12 - 01:05
المحور:
الادب والفن
تميز نص " لقاء الارواح " للكاتبة امل عجيل ابراهيم ، بمغزى صريح وضمني ، يبرز في ظل التحولات ، والتغيرات في الاحداث التي تتقلب عليها الشخصيات .. نلاحظ ان الاحداث تمر علينا بتراتبية ، وفي بعض الاحيان تستعين باسلوب التحليل النفسي ، لإغناء الاحداث بخلفية درامية . اذ تمكنت القاصة من سبر اغوار النفس الانسانية في وصف ارهاصات بطلة الحكاية ، وهي تسعى الى بناء عالم خاص بها في ظل امتيازات تتمتع بها ، من حيث شكل جميل ومظهر انيق. وطبيعة العمل . تبدأ القاصة بجملة وصفية لوضعية البطلة " امرأة تخطت شبابها " وهي جملة افتتاحية مختصرة ، تعد الجزء الاكبر من المعنى ، اذ استطاعت الكاتبة في ثلاث كلمات ، ان توجز بداية الحكاية لتأتي التفاصيل بعدها اشبه بالقاطرة التي تجر وراءها كل العربات ، حيث يتدفق الوضوح والطاقة السردية . حاولت الكاتبة ، ان تتم صورة البطلة في جانب آخر من حياتها ، فهي كما – ذكرت - تعيش وحيدة ، الا من والدتها المريضة التي تعيش معها .. فهي لا اخ بقربها ، ولا رفيق ، ولا حبيب يشعرها بالحياة ، وانها حية ؛ سوى عملها ، وطقوسها الخاصة في القراءة .. الا ان القدر وضع في طريقها من سيغير حياتها .. اذ يظهر شخص له صفات خاصة ، استرعى انتباها ، واشعل نار الحب في وجدانها . فكان هذا الشخص يتمتع بصفات شكلية مميزة كالوسامة ، والطول الفارع ، وعشوائية شعره الرمادي الكثيف ، ولون عينيه الغريب. – هذه الصفات ، طالما تبحث عنها اي امرأة في فتى احلامها - واعذر القاصة حين تصل الى الكمال في الوصف .. فهي – اي البطلة - لا ترضى بأقل من تلك المواصفات . فمنحت المثالية لصورة الشخص الآخر . وتلعب الفنتازيا دورا في مخيلة الكاتبة ، التي عالجت قضية التعارف ، معالجة ابداعية . فقد اضافت الكاتبة الغرابة والخيال في لحظة تعارف البطلة مع شخصية البطل " شعرت انها تعرف تلك اليد وقد لامستها سابقا تلك اللمسة التي تحتضن الروح والجسد معا وليس الاصابع فحسب . " فهي وجدت ذاتها وحقيقتها كأنثى وامرأة تبحث عن النصف الاخر من الحياة . استطاعت الكاتبة من استخدام جمل طويلة بترتيب زمني بالتناوب مع جمل قصيرة للوصول الى المعنى ، دون الاخلال بالبناء الدرامي للاحداث . تقفز جملها الى اعلى سلم التجريد ، من الحب صعودا الى ارهاصاته المتنوعة . اجادت الكاتبة ، في التعبير بالرمزية عن لحظة الامان والاستقرار ؛ حين قام البطل من رفع الغشاوة عن عينيها التي اعتادت الوحدة بتعبير رومانسي " انشغل هو بمسح الزجاج الذي غطاه الضباب ليتسنى لها ان ترى منظر السفن في البحر الممتد امامها بلا نهاية وقطرات المطر وهي تسقط على الامواج الهادئة في عناق دافئ وابدي ، بقيا لساعات في المكان ، فقدا الاحساس بمرور الوقت . " كان ذلك الشخص كالحلم، يبعث في الروح نشوة الحياة ، والهمة في مواصلة المشوار ، حين يخبرها انه وحيد بعد فقد زوجته .. هنا تضع الكاتبة سببيه في مواصلة البطلة بعلاقتها بالرجل ، خاصة قد سبق ان رأته في حلمها ذلك الرجل ، ولكن دون ملامح .. فقد وجدت ضالتها التي تحلم به طوال سنين عمرها .. ومن لطائف الامور ان الكاتبة جعلت من البطلة طبيبة في الطب النفسي وهو ما جعلها قادرة ان تحلل الشخصية والحلم بمنظور علمي ساعد ذلك في البناء الدرامي الذي ساهم في وضوح الصورة .. وهنا تظهر ثيمة الحكاية في تساؤل غريب من البطلة .. " كان الخيال الذي رأته مليئا بالمعنى في واقع لامعنى له كانت تعيشه . وهل كانت تعيش فعلا قبل ان تتعرف عليه ؟ " . وهنا جاءت لتخبرنا بعد كل تلك التفاصيل . لتستعين الكاتبة بتوظيف بعض الحقائق العلمية وعبارات المشاهير بشكل ناجح جدا، وجاء اختيار النماذج ملائم جدا للحدث في القصة . وأضاف لها الكثير من الاضاءات والفضاءات الناجحة. لتنهي حكايتها بأستنتاج يقين ان الحب هو الحياة .. تقول الكاتبة على لسان البطلة " حبها له تجاوز حتى السنن العلمية الثابتة ، عرفته قبل ان تتعرف عليه ، واحبته بعاطفة قلبين وامرأتين، والتقت روحها بروحه وامتزجت في موعد قدري ليس له تفسير . نقول ان القصة رائعة جدا .. اللغة مرنة ، شفافة ، تحفل بالكثير من الصور ، والاشارات الفنية ، لقاصة ناضجة ، صقلتها التجارب في الحياة .استخدمت الكاتبة الغرائبية ، والفنتازيا ، وتداخل الزمن ، والتلاقح بين الموت، والحياة ، أضاف للقصة بعدا جديدا مشوقا ، له نكهة الغرابة المحببة. تسير القاصة في إدارة النص ، وفق خطوات مهنية ، لكاتبة محترفة، تمزج بين الخيال ، والواقع في تداخل ناجح وحيوي
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار الصمت
-
المنتصف المميت
-
سقوط تعسفي
-
رمال الذاكرة
-
رشقة حب منسية
-
انهيار
-
انت والمطر
-
نصيحة
-
طائر ووردة
-
غياب
-
امرأة الظل
-
هندسة الحياة والحب
-
رسالة متأخرة
-
حب مع وقف التنفيذ
-
الموعد الثاني
-
خيبة .. أمل
-
الى اربعينية
-
اصيلة
-
الى نرجسية
-
صديق ملغوم
المزيد.....
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|