أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مسعد - -كوتار- متلازمة الواقع المشوه















المزيد.....

-كوتار- متلازمة الواقع المشوه


حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)


الحوار المتمدن-العدد: 7914 - 2024 / 3 / 12 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


ماندركه بحواسنا أو بالعقل يطابق الواقع يسمي حقيقة، وما لا يطابقه يسمي "خطأ"،او" وهم"،إذ يجوز الخطأ علي ما ادركناه بالسمع والبصر،والذائقة،والملامسة،والشم، فالإنسان يتأثر في إدراك الاشياء بالوضع النفسي الداخلي،والظروف الخارجية الخاصة،فيري كل شئ بشكل معين.
"كوتار" هو عنوان العرض العماني الذي تم تقديمه ضمن فاعليات الدورة الثامنة من المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب، "كوتار" تأليف،واخراج احمد الشبلي،وعنوان العرض هو نص موازي يستطيع أن يبني المتلقي من خلاله أفق توقعه الخاص قبل الدلوف الي قاعة العرض المسرحي،وتأتي مفردة "كوتار" لتشير الي حقل دلالي مرتبط بعالم النفس الفرنسي جول كوتار مكتشف متلازمة الوهم،او متلازمة الجثة المتحركة،والتي فيها يصاب المريض بإضطراب نفسي نادر يتوهم فيه أنه ميت،او غير موجود،فالوجود يبدأ من الإنسان لا من الطبيعة،وينصب على الذات لا على الموضوع،فهو فكر عيني يمارسه الفرد من خلال فهمه لذاته،ويصفه من خلال علاقته به، أى من خلال المقولات العينية التى يحياها بالفعل،ومن خلال خبراته المعاشة،لذا فإن كل حقيقة يقررها الإنسان،هي اختيار لذاته،فالانسان يمارس حريته في كل قرار يتخذه،وهذه الحالة ترد الحقيقة الي البذور الأولي العميقة للشخصية الفردية،والحقيقة الذاتية،التي هي وثيقة الصلة بالإيمان الديني،ومن ثم تصبح حقيقة الوجود،هي الإختيار، والصيرورة من أجل البحث عن حقيقة الإنسان التي تعتمد علي جماعية الصدق،والتفاعل مع الواقع بشكل مباشر،او غير مباشر.
-ينطلق الشبلي المؤلف بالتشكيك في حقيقة الواقع المادي الذي يحياه (الأبن) الكاتب الذي قدم للبشرية أكثر من ٥٠ كتاباً عن طريق الواقع الإفتراضي (الوهم)،فتتهمه الفتاة التي هربت من عنف ابيها،لتتوهم بحنو والد الأبن فيغتصبها،فتحاول الإنتقام من الأب في صورة الأبن الكاتب،فتنعته بالجنون،إذ يناقش المؤلف جدلية الحقيقة،والوهم،ونسبية الحقيقة،والحقيقة المطلقة من خلال المقولات العينية التى يحياها الإنسان بالفعل والتي وردت بالحوار الدرامي كالتالي (ليست كل الحقائق جوهرية هناك حقائق تخفي تحتها مخالب شيطانية)،ومن خلال الإشارة إلي خبرات الإنسان المعاشة أثناء سعيه للبحث عن المعني الجوهري للحياة، وخوفه من الموت الذي يخيم علي واقعه المادي،وما يعتريه من خطأ،وخرافة، وبحثه عن الوجود الميتافيزيقي الذي ربما يدرك فيه السكينة،او الموت كمعني جوهري لهذه الحياة،لذا فإن الشبلي المؤلف أنتهج اسلوبية المسرح المضاد في كتابة نص العرض،فتأتت قوة الحوار المسرحي لديه في اختيار الجمل،والألفاظ،والعبارات الدلالية التي تخلق نظام ديالكتيكي جدلي يطرح التسأولات الوجودية منذ الإستهلالة الأولي (اين دوائي؟) والتي تشير الي المرض،فالإعتراف بوجود المرض هو السبيل الأول للعلاج،اوكما ورد في نص العرض علي لسان الأبن ( اتخذت القرار)،والذي يشير إلي ممارسة الحرية،والإختيار الباحث عن حقيقة الإنسان،اوحقيقة الأبن المصاب بمتلازمة الجثة المتحركة الذي يشبه الآلة الصماء التي لا روح فيها،او حياة،بل ويتشابه مع المحيطين في مجتمعه،ليضحي هذاالوجود العبثي مثار قبول أو مجابهة حتي يصير الزمن القادم هو الزمن الذي تردم فيه الفجوة بين الإنسان والآلة .
-استطاع الشبلي المخرج أن يجسد حالة العزلة لكل من الأبن،والفتاة من خلال الرؤية التشكيلية في الفراغ المسرحي،والذي سعي مصممها يوسف البريكي أن يقرأ نص الشبلي،قراءة مغايرة جعلته يخلق تشكيل بصري سينوجرافي ذا مفهوم موازي يشير إلي معني مختلف ل( أُكتار) فصمم قاعدة الخنجر الهندي المعروف بذاك الأسم،والذي قبضته علي شكل حرف H باللغة الإنجليزية من خلال مربعين من الحديد كل منهما ينتقص ضلعاً ومثبتين علي عجلات متحركة،مما ساعد المخرج علي تحريك المربعين بآلية جمالية عزل خلالها الأبن بداخل الأول ،وفي الثاني تم عزل الفتاة في إشارة حين يجتمع المربعين علي العزلة،والإنتقام في حلقة الصراع الدائر في الواقع الإفتراضي التعبيري علي الخشبة،ليشكك الشبلي من خلال هذا الواقع المشوه الإفتراضي بحقيقة ومسلمات الواقع المادي الذي يحياه الأنسان في هذا العالم،لذا استخدم الشبلي الخطوط الدائرية،والأفقية،والتي كانت موحية بإيقاع الحركة من خلال الظرف الملائم،والمؤكد علي موقف الشخصيات من القضية الوجودية المطروحة،والتي تمثلت في شخصيات الأبن،والفتاة،والأب،والقرين،ومجموعة الفئران التي كانت وظيفتها بالعرض تحريك المربعين الحديديين،فضلاً عن أن الإضاءة المستخدمة في العرض والتي اتسمت أغلبها باللون الأصفر الذي يثير تفكير وذهنية المتلقي،ويشتبك بالتسأولات مع عقله خلال عملية التعبير عن مشاعر وافكار الشخصيات التي غلب علي لباسها اللون الأسود فيما عدا الفتاة التي كانت ترتدي فستان ذهبي اللون،وكانت الموسيقي المصاحبة للعرض موحية بتوتر الموقف الدرامي للحدث إلي أن تكشفت الاوهام بإختيار الشخصيات أنفسهم للتفكير والتأمل الصوفي المؤكد علي بقاء الروح مادام في الجسد قلب وعقل ينبضان،فالوعي بفقدان الإنسان لقيم الحب والوفاء،والدفأ،هو الوعي بتشظي الحلم،وتشويه الواقع والسخرية منه،والغربة في هذا العالم بين قبول العبث،او مجابهته بالعودة الي واقع ميتافيزيقي لا يعلم عنه الإنسان اي شئ بغية بلوغ المعني الجوهري للحياة.
- نجح الممثل عبدالله الشبلي في دراسة ابعاد الشخصية بمستوياتها النفسية،والإجتماعية،والجسمية بوعي مكنه من جودة الأداء ممتلكاً لأدواته وتقنيات التقطيع،والتلوين،والتنغيم الصوتي،فضلاً عن التكيف الحركي الذي عبر عن الحالة النفسية لشخصية الأبن المصاب بمتلازمة كوتار،كما نجحت الممثلة نور الهدي الغمارية في أداء دور الفتاة التي رغبتها الإنتقام،مبرزة بشاعة الواقع المادي الذي تعيشه الشخصية متزينة بالتباين الأدائي الذي خلق حالة هرمونية عكست اصوات الشخصية،وساهمت في تعدد المعني
وأجاد باسم الفارسي في دور القرين،الذي ميزه المكياج الخارجي الذي صممته الماكيير عزيزة البلوشية خالقة حالة من الوهم لتصوير واقع ميتافيزيقي لشخصية لاندرك وجودها في هذا الواقع المادي المشوه الذي لم يعد أمامنا إلا مجابهته بالتفكير والتأمل واتخاذ القرار نحو ارتقاء درجات السلم المعرفي لبلوغ اليقين الوحيد أو الحقيقة المطلقة المتمثلة في الموت حتي ندرك السكينة أو المعني الجوهري لهذه الحياة .



#حسام_الدين_مسعد (هاشتاغ)       Hossam_Mossaad#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معادلة (همس)١+١=٣
- فرضية -هنا،والآن- في إثبات البدايات لمسرح الشارع
- -الجسد السارد -
- نحن ندرك كل شئ
- مقدمة كتاب (مسرح الشارع -هنا،والآن)
- اهم ما كُتب عن كتاب مسرح الشارع بين الخلط الشائع -مقاربة مفا ...
- آليات التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع
- مسرح الشارع ( لاشئ خارج النص ...وليس إعلانا بموت المؤلف)
- العزلة الإجتماعية ...صرخة -اوفيليا-النباتية
- مسرح الشارع_الوجود والوعي
- ميكانيكا الكم ما بين الإيقان،والإرتياب أو يوربيدس الجديد (قر ...
- القدريات بين مطرقة المجربين،وسندان المارقين (نص شكسبير في جب ...
- مصطلح مسرح الشارع وغياب المفهوم عربيا
- إشكالية الكتابة النصية للمسرح الجامعي
- أسئلة الفضاء العمومي العربي وإجابات التلقي النقدي حول مفهوم ...
- مسرح الشارع وما بعد الحداثة تعديل المقال المنشور يوم ١& ...
- مسرح الشارع،ومابعد الإنسانية
- مسرح الشارع -الثابت ،والمتغير بين الفضاء وتقنيات الإداء
- -النص المسرحي القصير -بين الإستنساخ والوجه الآخر للمفهوم
- قراءة في كتاب -تمظهرات الحلم في بنية النص المسرحي -تأليف أد/ ...


المزيد.....




- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب
- بعد سنوات من الغياب.. عميد الأغنية المغربية يعود للمسرح (صور ...
- لقتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مسعد - -كوتار- متلازمة الواقع المشوه