|
ألعنف في جهاز التعليم في المؤسسات التعليمية وطرق تقليصه!
عبد الجبار عويضة
الحوار المتمدن-العدد: 1751 - 2006 / 12 / 1 - 11:10
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
قبل ان ابدأ في سرد ظاهرة العنف في المدارس، لا بد من كلمة تقدير للجبهة على مبادرتها، في عقد مؤتمر علمي يبحث طرق مكافحة العنف في المجتمع الاسرائيلي عامة وفي المجتمع العربي خاصة. حيث ترى الجبهة ان قضية العنف لا تقل اهمية عن الحياة والنهج السياسي لها، بل ترى ان موضوع زيادة العنف على انواعه، يعتبر تهديدا اجتماعيا وسلاحا مصوّبا تجاه جماهيرنا، فعلينا جميعا نبذ العنف والعمل على ايجاد طرق واساليب ايجابية للتعامل بالتسامح والتفاهم وجسر الفوارق واحلال الوئام والسلم!!! ونتمنى لمجتمعنا العيش الهنيء والآمن والامان. ان ظاهرة العنف مركبة لها جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وهذه الظاهرة تعمّ جميع المجتمعات الانسانية، وكلها متفاوتة. في هذا المقال سوف لا اتطرق الى انواع واسباب العنف حيث اثير وتحدث عنه الكثير، ولكن للاسف اصبح حقيقة، وعلينا ان نتدارك كيف نتعامل مع هذه الظاهرة لتقليصها والتقليل من حدتها واستبدالها بقيم اجتماعية، تزيد المحبة والمودة بين الناس. في هذه المقالة سوف اتكلم عن العنف في المدارس وهذا النوع يهدد امان الطلاب والمعلمين ويمسّ بالعمل التربوي، هنالك مطلب جماهيري لمكافحة العنف وخاصة عند حدوث اعمال عنف قاسية وصعبة فيصيح الناس كفى! ولكن كيف؟! هذا الموضوع يثير الاهتمام في العالم أجمع وفي اسرائيل بشكل خاص، وهناك محاولات متنوعة للاطلاع والتعلم عن العنف في المؤسسات التعليمية والتعرف على طرق عمل تساعد على تقليص ومنع العنف. فما هي طرق العلاج لهذه الظاهرة؟ يعمل جهاز التعليم في اسرائيل على محاربة العنف، ولكن في السنوات الخمس الاخيرة، يوجد تكثيف واهتمام كبيران مما كان عليه في السابق، لقد اقيمت عدة لجان لمكافحة العنف ودراسته وخرجت بتوصيات الا انها لم تجد بما فيه الكفاية، لقد قدمت توصيات نتيجة للجنة فلنائي لتقليص العنف في جهاز التعليم 2001 وهنالك بحث شامل قدمه الدكتور بن بنيشتي عام 2001 بعد تقرير فلنائي الذي اشار الى وجود مستوى عال من العنف، لقد اتخذت بعض التغييرات في جهاز التعليم لمواجهة اعمال العنف منها: 1) زيادة وادخال عدد من المستشاريين في المدارس الابتدائية 2) اصدار تعليمات في منشور المدير العام لوزارة المعارف عن طرق مواجهة العنف. 3) ادخال قسم الخدمات النفسية والاستشارية (شيفي) الى المدارس في تشخيص اعمال العنف وعلاجها. الا ان هذه الخطوات لم تنفذ بشكل كاف وكامل بسبب النقص في الميزانيات! ان العنف هو وليد الفقر والاهمال الاجتماعي والاحباط! والطريق السليم للعلاج هي تحسين هذه الحالات وعلاج الاسباب، هنالك اصوات تنادي ان على الاهل تربية ابنائهم ونضيف ان المدرسة لا تستطيع ان تكون الدفيئة المطلقة، وانما اذا انخفض العنف في المجتمع فانه حتما سوف ينعكس على المدارس ويسبب تقليص العنف هناك، فمن هنا فان البيت المحمي والآمن هو شرط اساسي لتطور سليم للولد! فمعروف ان العنف في البيت يعني عنفا في المدرسة وكذلك العنف في المدرسة هو مرآة صادقة لوضع المجتمع. حسب معطيات الشرطة لسنة 2004 حدثت زيادة 13% في عدد ملفات الجنوح ضد الشبيبة. في سنة 2004 صدر التقرير عن 2736 مخالفة عنف في المؤسسات التعليمية مقابل في سنة 2003 كان التقرير عن 2376 مخالفة وفي سنة 1996 كان التقرير فقط عن 1537 مخالفة. أي ان ارتفاع نسبة المخالفات في المدارس كان 200% بالفترة بين 1996 – 2004. واضح من المعطيات ان النهج والمسلك في ازدياد كبير. وهذا معطى خطير وضوء احمر! اليوم النسبة اعلى بكثير، حيث توصف المدارس بأنها ساحة حرب. فنصف التلاميذ 50% تعرضوا للعنف الجسدي، 25% منهم يخافون ان يذهبوا الى المدرسة!؟ 20% - واحد من كل خمسة معلمين يعتدى عليهم من قبل الاهل، هذه المعطيات الرهيبة تعكس الوضع الحالي الصعب المقلق، وذلك حسب تقرير وزارة المعارف. وهاكم بعض الصور الحقيقية التي تحدث يوميا في المؤسسات التعليمية، ففي كثير من حقائب الطلاب توجد المسدسات، وفي احد التحقيقات تدعي بعض الطالبات بأنها تتعلم الرمي!!! طالب يقتل طالبا آخر بسبب نقاش حول بعض الشواقل. هنالك تقارير كثيرة من المدارس ان 50% من الطلاب يحملون السكاكين والادوات الحادة! تلاميذ يضربون معلمتهم مما ادى الى رقودها في المستشفى في حالة خطيرة وصعبة! جهاز التعليم في اسرائيل يقف محتارا ازاء هذه الاعمال والتصرفات، السلبية، وبذلك يحاول ايجاد حلول فهناك بعض المدارس اعادت الاصطفاف الصباحي. منها من اتبّع اللباس الموحد. في بعضها القيام عند دخول المعلم الى الصف، وفي بعضها فحص الشنط والحقائب في مداخل المدرسة والتفتيش عن السكاكين والادوات الحادة! هنالك من يعتبر ان هذا مسّ في حرية الفرد واختيار التلميذ؟؟!! حسب رأيكم: ما هو الحل المقترح لظاهرة العنف عند الطلاب في المدرسة والشارع؟؟ - ما هو السبب لهذا العنف؟ - هل حسب رأيكم اقامة جهاز تطبيق القانون خاص لمؤسسات التعليم الذي يعالج الظاهرة دون فتح ملف جنائي؟ - هل تحبّذ تدخل الشرطة في مستقبل الطالب؟ - ام هل جميع الامور في يدي المعلم؟ - ما هي مسؤولية الاهل؟ - ما هي حدود العقاب المسموح به للمعلم؟ - عوامل اخرى. * وسائل، اقتراحات، وابحاث لايجاد حلول وطرق علاجية للتخفيف من حدة العنف!! حسب منشور المدير العام لوزارة المعارف. هنالك اقتراحات وطرق مقترحة واجراءات محددة تبيّن كيف تتعامل المدرسة، ادارة وهيئة تدريسية ومستشارة وفاحصا نفسيا، وعاملا اجتماعيا في حالة حدوث اعمال عنف او اخلال في الامن والامان او تخريب ممتلكات المؤسسة، هنالك تعليمات واضحة ولكن قضية التطبيق تبقى ناقصة، هذا بالاضافة الى ان كثيرا من المعلمين لا يقرأون التعليمات ولا يعرفونها حقا. لذلك يحدث خلل في التعامل، ومن هنا تتفاقم القضية. لذلك اقول ان على ادارة المدرسة والهيئة التدريسية وكل من يهمه الامر متابعة وقراءة تعليمات المدير العام! - على المؤسسة التعليمية ان يكون لها دستور واضح لانظمة المدرسة وان يطبق بدون تمييز، ومتابعة الموضوع بشكل مهني وعن معرفة بحيث يكون الدستور مقبولا على الاهل والمعلمين والطلاب مما يسهل الالتزام به! - ادخال برامج – قامت وتقوم وزارة المعارف في ادخال برامج وقاية ومانعة ولكن للاسف سرعان ما تختفي وتذوب، حيث نسبة الاستمرارية والمتابعة والمواظبة فيها قليلة جدا فنسبة الاستمرار في البرامج حسب الاحصائيات لا تصل الى 24%. - تدخل العاملين الاجتماعيين – تظهر ابحاث ان – 91% من العاملين الاجتماعيين يؤيدون الزيارات البيتية لطلاب عنيفين لما فيها من نجاحات، لتقليص العنف الا ان هذه النجاحات محدودة في تغيير السلوك العنيف. - ادخال واتباع دورات تساعد الطلاب، مثل: ادارة صراعات وخصومات، فهذه الدورات تساعد في نسبة 63% في تغيير التعامل..! - اكساب مهارات اجتماعية من خلال فعاليات بناءة ومدروسة وبناء اجيال صالحة ساعدت في تقليص – 65%! - دورات رياضية او فتح نواد بعد ساعات دوام الدراسة ساعدت بنسبة 75%. - بينما برامج شرطية ضد العنف ساعدت بنسبة 38% - ادارة وسيطرة المعلم او المربي في الصف بصورة حازمة وناجحة تساعد في 60%. - حراسة او شرطي امان تخفض بنسبة 37%! - استعمال جهاز كاشف للمعادن يقلل بـ 14%! هنالك اجراءات يومية لمعالجة الموضوع مثل: - ابعاد نهائي - ابعاد لفترة محدودة حسب منشور المدير العام - انتقال الى مدرسة اخرى! هذه الخطوات مقبولة ومتبعة ولها تأثير على تقليص العنف، وجميع هذه الوسائل مفيدة وناجعة، وهنالك اجراءات اخرى مثل: - الاتصال الهاتفي مع الوالدين! - لقاءات مع الوالدين في المدرسة! - عقاب الطلاب في المدرسة بعد الدوام لفترة محددة ومع مراقبة! - مراقبة بواسطة المناوبين وتكثيف التواجد في الاماكن المشكوك فيها واحتمال وقوع العنف فيها، وبالرغم من ذلك هذه الطرق لم تعط النتائج المرجوة، فلذلك من الضروري فحصها باستمرار وتقييمها وايجاد وسائل بديلة او تجنبها! - منذ زمن غير بعيد هنالك محاولات من قبل المدارس، ادخال مشروع الوساطة (غيشور) لمكافحة العنف بين الطلاب حيث يتم من خلاله اكساب الطلاب مهارات في حل الخلافات وبناء شخصيتهم لتكون قادرة على تحمل المسؤولية في فض الخلافات. - اقامة ورشات ومحاضرات دائمة بمرافقة طاقم مختص مهني من جمعيات، محامين، اطباء، فاحصين نفسيين، مستشارين تربويين، عاملين اجتماعيين، شرطة، رياضيين، رجال دين، شخصيات جماهيرية ذوي سيرة حسنة وغيرهم ليتضح مما سبق انها كانت اقتراحات علاجية، ولكن لا بد من اقتراح وقائي. وهذا هو الهدف المنشود والناجع في خلق اجيال لا تعرف العنف، وان تتعامل مع بعضها البعض باتصال ايجابي وتصرف لائق وان يتحلى بالاخلاق الحميدة، ويعرف كظم الغيظ والعفو والتسامح. لذلك ارى ان قضية التربية في الصغر في الجيل المبكر هي اسس التصليح والاصلاح، فالتعليم في الجيل قبل الالزامي يقود حتما الى تقليص العنف وخاصة في حالة توفير روضات ذات مستوى وجودة عالية، فهنالك الكثير من المعطيات التي تشير من خلال ابحاث، ان التعليم قبل الالزامي في مستوى مرتفع يعمل على تقليص مستوى العنف طيلة حياة الطالب!! أي يكسب نمط حياة جديدة، هنالك ابحاث مقارنة طويلة الامد بين طلاب في الجيل المبكر وضعوا في روضات ذات مستوى عال بالمقارنة مع طلاب وضعوا في روضات ذات مستوى منخفض، اظهرت ان نسبة العنف لدى الطلاب في المستوى المنخفض كانت عالية ونسبة كبيرة منهم تورطوا في اعمال اجرامية، فمن هنا نرى ان العمل على تربية الاولاد في جيل مبكر يجلب ثمارا ايجابية، ويظهر ذلك في سلوكيات الطلاب في جيل المراهقة، حيث تظهر الابحاث ان نسبة العنف قلّت بكثير في هذه الفترة الحرجة، كما واظهرت الابحاث ان الطلاب المميزين (بمستوى عال) عندهم الاحتمالات الكبيرة في كسب المال من الطلاب في المستوى المنخفض، بالاضافة ان احتياجهم لعامل اجتماعي اقل، ولهم الاحتمال الاكبر، في انهاء دراستهم العليا بنجاح، فمن حيث الربح والخسارة في المجتمع فان التعليم في روضة مميزة وفّرت على الجمهور تكاليف باهظة من صندوق البلدية او الدولة بدل صرفها على تكاليف الاجرام والجريمة. هذا بالاضافة الى ان الاهل اصبحوا يتغلبون على حل المشاكل بصورة مبكرة واسهل. وكذلك الامر للمعلمات والمعلمين في تأهيلهم بشكل مبكر لعلاج نزاعات وخلافات وقضايا انضباط. ان هذا التعاون الثلاثي منذ الطفولة (آباء معلمين وتلاميذ) يساهم في تحصيل مستوى منخفض من العنف، خلال تطورهم وهذا هو المطلوب! هنالك برنامج آخر يُتبع في جيل مبكر وحتى جيل عشر سنوات، يسمى هذا البرنامج بالخطوة الثانية، هذا البرنامج مبني على نموذج (موديل) انماط تفكيرية التي تنص ان العنف هو سلوك مكتسب ويمكن التغلب عليه والتخلص منه، وهذا الاسلوب يعتمد على تنمية الصفات الايجابية في السلوك الاجتماعي ونسج علاقات اجتماعية ايجابية بين طلاب الصف واكساب مهارات لحل نزاعات بين اشخاص، وفي هذا البرنامج يتعلم الطالب كيف يكسب المحبة والتودد والتحكم بالدوافع واكتساب مهارات لكظم الغيظ. - هنالك برنامج آخر باسم "بُناة السلام" يستند على اتباع استراتيجية تشجيع السلوك الاجتماعي بين الطلاب والهيئة التدريسية المبني على خمسة أسس: 1. ان يعرف مدح الآخرين 2. الامتناع عن الاستهتار والتحقير 3. ان يقتبس عن اشخاص معروفين وحكماء 4. ان ينتبه لعيوبه ومحاولة اصلاحها 5. ان يحاول مساعدة طلاب تعرضوا لاهانات! وانهي مداخلتي هذه بان الوزارة ورجال التربية اليوم يحاولون ايجاد توجه جديد في ارجاع الصلاحية والسيادة الى الاهل والمعلم! سيادة الاهل تجاه الابناء، وسيادة المعلم تجاه الطلاب. الا ان هناك آراء تقول ان القضية ليست سيادة لاهل وانما قضية تواجد الاهل وكيانهم، حب ومحبة وحضن دافئ. وفي المدارس السيادة الفاعلة هي شخصية المعلم والمربي! بشكل عام هنالك محاولات للتغلب على ظاهرة العنف كل في مجاله وحده وهذه مشكلة!!! والشرطة تتعامل مع العنف في الشارع ووزارة المعارف في الصف والمدرسة، لذلك اذا اجتمعت وتكاتفت هذه الجهات معا وعملت بشكل مشترك وتعاونت بشكل تام، عندها يمكن التأثير والتغيير والعلاج.
(الكاتب هو مدير قسم التربية والتعليم في بلدية الطيبة)
#عبد_الجبار_عويضة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|