ديار الهرمزي
الحوار المتمدن-العدد: 7902 - 2024 / 2 / 29 - 02:19
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
منذ فجر التاريخ حدثت هجرات كثيرة من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب الى الشمال وهكذا حدثت هجرات المعاكسة.
أما بالنسبة لتوركمان هم من اسسوا عدة الدول والإمبراطوريات والإمارات لهم حالة خاصة بهم لأنهم حكموا في ثلاثة قارات لمدة طويلة جدا
من الطبيعي لهم تواجد في أماكن كثيرة بعد هذه الفترة من الحكم .
لهم تواجد في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية و شمال إفريقيا.
أهمية الدراسـة التاريخ و الحديث عـن التوركمان في ارجاء المعمورة اسـتنادا على المصادر العلمية التاريخية الموثوفة، وألهـدف من هذه الدراسـة تكمـن : الاطلاع عـلـى تـاريـخ التوركمان بشكل العام ودورهـم في المناطق تواجدهم الاجتماعيا، الاقتصاديا، السياسيا.
يبدو عنـد الاطلاع على حياة التوركمان في مصر أنها وجود طبيعي في التاريخ مصر لأنهم حكموا مصر في عدد مراحل من الزمن.
أولى تواجد لهم كانت في زمن طولونيين.
وكان لهم دور بارز في تاريخ مصر .
من المعلوم ان التوركمان هي القومية التي سكنت في مصر منـذ العصـر الاسلامي الوسيط.
وكانـت لهـم بصمـة واضحة في كل مراحـل التاريخ المصري بعـد ذلك، وظهـر جليـا بـان العديـد مـن المصريين ذو الاصـول التوركمانية مـا زالـوا يفتخـرون باصولهـم و تاريخهم المشرف و يذكرون اجدادهـم واباءهـم و رفعهم الراية الحق و حماية المنطقة من الاعداء وتصديهم الحملات الصليبية.
توركمان مصر ويعرفون أيضاً باسم مصريون أتراك , بالتوركية:
Mısır Türkleri.
هم من العرقية التوركية الذين عاشوا في مصر منذ قدوم الطولونيون
والإخشيديون ومن ثم المماليك والعثمانيي.
بعض هذه العائلات التركمانية قدمت كموظفين في عهد الدولة العثمانية و في الجيش العثماني.
واشتهر منهم سياسيين وكتاب ومفكرين كثيرون وقامت على اكتاف كثير منهم حركة النهضة المصرية في النصف الأول من القرن العشرين.
ظهور التوركمان في مصر بدأت لأول مرة عندما استقل أحمد بن طولون بحكم مصر عن الدولة العباسية .
كان يعتمد على قواته من التوركمان الذين هم من جنوب بحر قزوين.
واستمر الاهتمام بتجنيد التوركمان في ظل حكم السلاطين المتعاقبة في المصر الذين تولى مناصب والمسؤوليات العسكرية والإدارية في عهد الايوبيين وفي عهد حكم المماليك.
استكثروا من تجنيد المقاتلين التوركمان حتى صاروا هم المكون الأساسي للجيش في مصر والشام.
علاوة على ذلك، مع توسع الدولة العثمانية، حيث تم فتح مصر من قبل سليم الأول عام 1517.
عندما قامت الدولة الإخشيدية، من قبل محمد بن طغج الإخشيدي أتي بتوركمان من الديلم ويقدر عددهم بثمانية آلاف مقاتل.
لقداحتاج الفاطميون
إلى جيش كبير يساعدهم على الحروب ويعينهم علي التوسع في الشرق.
كان جيشهم الأول من المغاربة وعربالمغرب وإفريقية وذلك عند دخولهم مصر وزودوا عليه مقاتلين من التركمان والديلم والسودانيين والبربر.
توسع السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب في تجنيد الشباب ومنهم التوركمان واستعان بهم ضد منافسيه الأيوبيين في الشام واسكنهم معه في جزيرة الروضة الواقعة في نيل القاهرة واسماهم المقاتلين التوركمان البحرية نسبة إلى سكنتهم وسط بحر النيل.
عندما أصبحت السلطة في يد الأيوبيين أخذوا يجندون التوركمان كونهم معروفين في بأسهم الشديد وتصديهم لصلبيين وخاصة في ملحمة ملاذكرد وذلك لخوض حروبهم مع الصليبيين تارة ومع ايوبيين الشام تارة أخرى.
ولكن عندما تولى السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب حكم مصر أخذ في تجنيد الشباب و منهم التوركمان بعد فقد الثقة بالمقاتليين من بني جلدتهم .
وذلك ليدربهم على الحسام والرمح وليجعل في نفوسهم الطاعة له وبنى لهم معسكرات وبراج في جزيرة الروضة في القاهرة
وأسكنهم اياها وكذلك جعل منهم فرقة لقلعة الجبل.
وعمل لهم نظام تدريب خاص ومعيشة خاصة، فأصبح له ولائهم وحبهم وإخلاصهم.
والذي أوعز إلي السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بهذا الأمر هو تمرد عسكره الأيوبيين عليه في المعارك..
أخذ السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب في بناء قلعة الروضة ووضع بها المقاتلين الخاصة التي سميت باسم المقاتلين البحرية.
وانتسب المقاتلين البحرية بالسلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب فكانوا يلقبون باسم المقاتلين الصالحية.
فبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي عام 1193م، تصدعت الدولة الأيوبية، وأصيبت دمشق بالبلاء العظيم قبل أن تسقط في أيدي المغول.
وقد تصد للمغول قادة مقاتلين التوركمان كل من قطز وظاهر بيبرس في معركة عين جالوت وهزم جيش المغولي على يد جيش المصري.
استمر التوركمان في الحكم وقاموا بتجنيد عدد أكبر من الشباب التوركمان وأصبحوا المكون الأساسي للجيش بفرقه المختلفة.
سميت الدولة بدولة المماليك كما شهد العصر المملوكي ما لم يشهده عصر إسلامي سابق من حركة واسعة في البناء والتعمير، فامتلأت مصر بالمساجد والمدارس والمنشآت العسكرية والمدافن التي لا تزال معظم آثارها قائمة في القاهرة والإسكندرية إلى أن جاء الفتح العثماني للمنطقة في معركة الريدانية عام 1517م بقيادة ياووز سليم الأول.
في العهد العثماني قدم التركمان إلى مصر كعائلات وضباط بالجيش العثماني وموظفين بمؤسسات الدولة وتطورت أوضاعهم وأخذت مسارين مُختلفين:
الأول انصهار جزء كبير منهم في المجتمع المصري سواء كانوا من طبقاته الفقيرة أم الطبقات المتوسطة أم من الفئات والنخب الإدارية، ومن أبرزهم
أمير الشعراء أحمد شوقي،
والكاتب يحيى حقي
أما المسار الثاني فانضوى فيه مُلاك الأراضي والأبعديات الواسعة والمشاركون بشكل فعال في الحياة السياسية للبلاد.
كما أن الغالبية من سكان مدينة العريش هم من أصل تركي، ويعرفون الآن بالعرايشية، ويسكنون ضواحي المدينة المختلفة ولهم أفرع ونسباً وصهراً بينهم وبين العائلات الأخرى المتواجدة بالمدينة.
كانت فئة الإداريين في الإدارة المدنية والعسكرية التي أقامها محمد علي باشا الألباني تتشكل من أفراد عائلته ومن الرعايا العثمانيين المتحدثين بالتوركمانية ذوى الخبرة والكفاءة ممن دعاهم إلى مصر عند الحاجة أو وفدوا عليها بقصد تحسين ظروف المعيشة والعمل، واستعان بهم على بناء الإدارة الحديثة.
فقد كان يستخدم عددا كبيراً من المقاتلين باختلاف أصولهم القوقازية والتوركمانية.
وهؤلاء كانوا من التوركمان، لأنهم تربوا على العادات والتقاليد الآباء والاجداد، وتزيوا بزيهم التوركي.
وكانوا يتحدثون التوركية بلهجات مختلفة.
كان يبلغ عدد التقديرات حينذاك خمسمائة عائلة، وكان من بينهم من تم تعيينه في وظائف مدنية وعسكرية، أو تولى وظيفة التربية والتدريس لأبناء عائلة محمد على باشا الألباني.
اكثر كبار رجال الحكم والإدارة في عهد محمد على باشا الألباني من التوركمان.
ولأن قسماً من هؤلاء التوركمان كانوا مرتبطين برباط المصاهرة بعائلة الوالي أو العائلات القريبة إليه فيكون من الطبيعي ثقته بهم كبيرة، وأن يتولوا الوظائف الحساسة في الداخل والخارج بكل اطمئنان.
مما أدى إلى تغير تركيب المجتمع المصري في عهد محمد على باشا. القادة المحليون في عهد المماليك الذين سيطروا على مصر لعدة قرون فقدوا ما بأيديهم من قوة وإلى الأبد،
وحل محلهم أعضاء عائلة محمد على باشا الألباني والكثيرون ممن قاموا على خدمته.
فالموظفون الذين يتحدثون التوركية ممن وفدوا بكثرة مع عائلتهم للتوظيف في دوائر الباشا وكانت أعدادهم تبلغ المئات والالاف أحياناً قد شكلوا عنصراً داخل المجتمع المصري.
وهؤلاء الأشخاص من ذلك القطاع قد شرعوا في الإقامة الدائمة في مصر بعد أن حصلوا على مساحات من الأراضي في أواسط 1830م، فتعلموا العربية وبدأوا يستخدمونها في حياتهم اليومية، وتصاهروا مع المصريين، واقاموا القصور والدور في القاهرة والأسكندرية
بدلاً من استانبول وإزمير.
وهذه الفئة التي شكلت الطبقة الأرستقراطية الجديدة في مصر.
أهم التشريعات القانونية التي أدت إلى اندماج التوركمان مع المصريين برباط واحد هو قانون المواطنة الأول الذي صدر عام 1899م ثم جرى تعديله في شهر حزيران من العام التالي في عهد الخديو عباس حلمي الثاني. وتقول المادة الأولى منه:
يتمتع بحق المواطنة المصرية كل من توطن القطر المصرى قبل أول يناير 1848م وحافظ على محل إقامتة فيه، وأفراد الرعايا العثمانيين المولودون في مصر ويقيمون فيها ويقبلون دخول القرعة العسكرية المصرية سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو دفع البدل عنها.
وفي المدة الثانية:
والرعايا العثمانيون المتوطنون في القطر المصرى منذ أكثر من 15 سنة.
وبعد قيام الإنجليز بعزل الخديو عباس حلمي عام 1914م وتنصيب حسين كامل باشا بدلاً منه بلقب سلطان.
ثم قيامهم عقب وفاته بتنصيب فؤاد سلطاناً في البداية ثم ملكاً بعد ذلك، حافظت الأحكام السابقة في قوانين المواطنة المختلفة التي صدرت على وجودها؛
وصدر في عام 1926م قانون أعطى حق المواطنة المصرية للرعايا العثمانيين المقيمين في مصر منذ الخامس من نوفمبر 1914م.
وهذا يعنى أن حق المواطنة الممنوح للتوركمان الذين يعيشون في مصر منذ اليوم الذي كانت فيه ولاية تابعة للدولة العثمانية قد ظل سارياً حتى بعد انتهاء علاقتها الرسمية بالدولة العثمانية نفسها.
بعد قيام الجمهورية التوركية في عام 1923م وإقامة علاقات دبلوماسية بين الجمهورية التركية والمملكة المصرية باعتبارهما دولتين مستقلتين، حصل قسم من التوركمان المقيمين في مصر على حق المواطنة التوركية، بينما تجنس القسم الآخر بالجنسية المصرية بناءً على القانون الذي صدر عام 1926م.
تأثير التوركمان في الحياة الاجتماعية المصرية واضح وجلي، من خلال استخدام المفردات اللغوية التوركمانية في اللهجة العامية المصرية فقد تأثر المصريون بالتورك في ملبسهم وزيهم وعاداتهم في تناول الطعام، ويمكننا أن نرى العديد من الأمثلة على هذا التأثر في آداب المعاشرة التي أصبحت جزءا من الحياة اليومية في البلاد.
وبالإضافة إلى العادات والتقاليد التوركمانية التي أصبحت جزءً من الحياة اليومية في البلاد، وان معظم المأكولات والحلويات اللذيذة توركمانية المنشأ والمواصفات والاسم.
شخصيات توركمانية مصرية
أحمد تيمور أديب مصري بارز الذي اهتم بتراث مصر الثقافي وحافظ عليه أديب مصري بارز.
محمود تيمور كاتب قصصي كما نال إنتاجه القصصي جائزة مجمع اللغة العربية بمصر سنة (1366هـ = 1947م)، وما لبث أن عُيِّن عضوا فيه عام (1368هـ = 1949م). وحصل على جائزة الدولة للآداب سنة (1369هـ = 1950م)، وجائزة «واصف غالي» بباريس سنة (1370هـ = 1951م)، ومُنِح جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة (1382هـ = 1963م) من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. وهو ابن الاديب أحمد تيمور باشا.
يحيى حقي كاتب وروائي مصري وفي يناير عام 1969 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب.
محمد فريد بك سياسي وحقوقي مصري، أنفق ثروته في سبيل القضية المصرية. وأنشأ أول نقابة للعمال سنة 1909 من أشهر ما كتب: تاريخ الدولة العلية العثمانية.
عدلي يكن باشا سياسي مصري، تولى رئاسة وزراء مصر ثلاث مرات بين أعوام 1921 و1930 وكان وزير المعارف قبلها كما أسس حزب الأحرار الدستوريين في أكتوبر 1922.
علي بهجت علي بهجت بن محمود بن علي أغا عالم بالتاريخ والآثار، يرجع إليه الفضل في استخراج آثار الفسطاط بالقاهرة
1858 - 1924 م.
وحيد فريد (1919 - 1998) مصور سينمائي مصري من الكبار لقب بشيخ المصورين.
مصطفى لطفى المنفلوطى أديب مصري نابغ في الإنشاء والأدب.
توفيق الحكيم كاتب وأديب مصري، من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث.
حافظ إبراهيم شاعر مصري ذائع الصيت. عاصر أحمد شوقي ولقب بشاعر النيل وبشاعر الشعب.
أحمد شوقي شاعر مصري يعد من أعظم شعراء العربية في جميع العصور ولقب بـ «أمير الشعراء».
زكريا أحمد موسيقي مصري أحد عمالقة الموسيقى العربية.
محمد عبده عالم دين وفقيه ومجدد إسلامي مصري، يعد أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي ومن دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي وتم تعينه كمفتى للديار المصرية في 3 يونيو عام 1899م
مصادر تاريخية الموثوقة....
عصر سلاطين المماليك للأستاذ محمود رزق 1/ 13-20 ملخصا، وتاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان.
عصر سلاطين المماليك للأستاذ محمود رزق 1/ 22-26 ملخصا.
د. راغب السرجاني: قصة التتار ص214-216
تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ -
الأتراك في مصر و تراثهم الثقافى, تأليف رئيس منظمة التعاون الإسلامى السابق أكمل الدين إحسان أوغلى, 15-18ملخصاً.
^ Khaled Fahmy, "The Era of Muhammad Ali Pasha, "1805-1848", the Cambridge history of Egypt, II: Modem Egypt,from 1517 to the end of the the twentieth centry, M.W.Daly (ed), Cambridge: Cambridge University Press,1998,s. 178-179.
^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب أحمد محمد محمود بحيرى، الأتراك في مصر (1882-1914)، رسالة ماجستير من قسم التاريخ بآداب عين شمس 1997، (ص 126-127)
^ الأتراك في مصر و تراثهم الثقافى, تأليف رئيس منظمة التعاون الإسلامى السابق أكمل الدين إحسان أوغلى, صفحة 26
^ Jean Deny, Sommarie des archives Turques du Caire, Cairo: Institut Français D Archeologie Orientale Du Caire, 1930,p159&160.
^ Jean Deny, Sommarie des archives Turques du Caire, Cairo: Institut Français D Archeologie Orientale Du Caire, 1930,p158.
#ديار_الهرمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟