|
السيادة والوعي الطائفي ( ٣ )
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7902 - 2024 / 2 / 29 - 02:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السيادة والوعي الطائفي ( ٣ ) ( ١ ) اتخذت حكومة محمد شياع السوداني مع البنك المركزي - جملة قرارات لردم الهوة المتسعة بين سعر صرف الدولار الرسمي ، وسعره في السوق السوداء : لكن الهوة اتسعت ، ولم يتحقق شيء من احلام الحكومة ، فأثبتت القوى التي تقف وراء ظاهرة السوق السوداء : بانها الاقوى في معادلة الصراع حول السيادة بينها وبين الحكومة ، وانها قادرة على تعطيل أجهزة الحكومة ، ومنعها من أن تكون هي السيّدة الوحيدة في إدارة الشأن العام داخل أراضيها الدولية ... ( ٢ ) تعرف القوى المنافسة للحكومةَ على السيادة : ماذا تريد ، وتعرف كيف تسير صوب هدفها بثبات ، وآخر مبتكراتها التي عززت بها هيمنتها السلطوية تمثل بتشكيل : الإطار التنسيقي الذي منح نفسه صلاحية : أن يكون هو المرجعية الشرعية الوحيدة للحكومة وليس الدستور ، واوجب على الحكومة ان تأخذ موافقته قبل أن تقدم على اتخاذ أي قرار ... ( ٣ ) اعلن الإطار التنسيقي انتصاره على التيار الصدري في حرب لم تقع ، وأكد التيار الصدري هزيمته بانسحابه من البرلمان ، وترك الكراسي التي فاز فيها في الانتخابات : شاغرة فامتطاها الإطار التنسيقي واصبح هو الأكثرية التي سارعت إلى تعيين رئيس الحكومة مع تحديد قائمة پاسماء كابينته الوزارية . لقد حوّل اعتزال مقتدى الصدر السياسة ، والفرار من المواجهة كلما تأزمت الأمور واشتد وطيسها : الاطارَ التنسيقي إلى سيّد البلاد الفعلي ... ( ٤ ) السيادة مفهوم سياسي صرف : ولا دخل للدين في وجودها من عدمه . يوجد في الدولة الدينية ، ويوجد في الدولة اللادينية ، وهو شرط أساس من شروط قيام الدول وركن من أركانها ، ولا يمكن تصور وجود دولة من غير سيادة . فهي موجودة في دول مثل الدول الاوربية : مع انها غير دينية ( بمعنى أنها حرة في التشريع من قيود الدين ، ووجود السيادة لديها مرتبط بقوة الدولة وليس بدينها ، ولا بعادات أهلها وأخلاقهم ) فقوة الدولة هي التي تمنح حكومة الدولة ( سلطتها السياسية ) القدرة على أن ترد بقوة على الدول التي تحاول المساس بسيادتها والتجاوز على أراضيها . انا على الجانب الثاني الذي يضم الدول التي فقدت سيادتها أو الدول ضعيفة السيادة : فيمكن أن نأخذ العراق مثالاً على الدولة التي تثبت الاعتداءات المتكررة على أراضيها من جيرانها ، وكثرة عشائرها وميليشياتها المسلحة : بإنها ضعيفة السيادة ، ولا شيء يشير إلى أنها تمتلك خطة لردع الخارج والداخل من منافستها على السيادة ، ومعالجة هذا الضعف البنيوي في إرادتها ... ( ٥ ) وتتمثل السيادة داخلياً ىاحتكار الحكومة المركزية للسلاح والجيش والشرطة والقضاء والوان العلم ، والنشيد الوطني ، وتمثيل الدولة خارجياّ ، والأمن ، وسك العملة ، وتوفير الحماية للبلاد بغض النظر عن نظامها السياسي : ديني ، علماني ، شيوعي ، اشتراكي ديمقراطي ، فاشستي ، صهيوني ، دكتاتوري ، ديمقراطي . اذ لا تمايز ولا أفضلية لنظام سياسي على آخر فيما يخص سيادة الدولة ، فكل هذه الأنواع من الدول تظل مشاريع دول تقترحها الطلائع السياسية للشعوب على نفسها حتى تمتلك القوة الكافية على جعل دول الخارج تفكر طويلاً قبل أن تعتدي عليها ، وتصرع جماعات الداخل وتردعها من الاستمرار في التعبير عن نفسها بالطرق القديمة : قبل وجود الدولة ، وانا هنا الفت الإنتباه إلى النيل الجدرد : الذي ينتشر بسرعة في إقليم الشرق الأوسط والمتمثل بتكاثر الجماعات المسلحة التي شكلت دولاً داخل دولها الام ... ( ٦ ) الإطار التنسيقي نتيجة من نتائج صراع الاحزاب الاسلامية على السلطة داخل طائفة الشيعة ، وليس نتيجة من نتائج التنافس الديمقراطي الحر عبر صناديق الاقتراع . أنه نتيجة من نتائج صراع الاحزاب الاسلامية على السلطة بطريقة المجتمعات الأهلية وليس بطريقة المجتمعات الحديثة التي بلغت سن الرشد ، وايقنت بضرورة إلقاء السلاح والتخلي عن العنف واختيار طريق السلم والسلام في الوصول إلى السلطة . لا توجد ضرورة ديمقراطية استدعت وجود الاطار التنسيقي ، كما لم يولد بعد حرب أهلية لتحرير البلاد من العبودية على الطريقة الأمريكية ، أو تحريرها من الاحتلال الأجنبي على الطريقة الڤيتنامية المظفرة . انما هي تجربة تعكس بوضوح صراع الشخصيات السياسية الشيعية على مكاسب السلطة ( اذ لا توجد أحزاب شيعية بالمعنى الحديث لكلمة أحزاب ، بل يوجد مالكين لهذه الاحزاب ، يديرون ملكياتهم الحزبية كما يدير رئيس القبيلة قبيلته ) ما لا يريد أن يفهمه أنصار التيار التنسيقي وكذلك التيار الصدري : أن السيادة تكون منقوصة : اذا وجدت قوة الى جانب قوة الحكومة في إدارة الشأن العام ، انظر ما الذي تفعله قوات الدعم السريع في السودان ؟ وكيف تحكمت كتائب حزب الله العراقي باخطر قرارات السيادة حين قصفت القاعدة الأمريكية : وردت عليها امريكا ، والحكومة متفرجة . وأضعف الحكومات ( اي التي بلا سيادة ) هي التي تجري الحرب على أرضها من دون علمها ) ...
( ٧ ) تنطوي القوة في الطبيعة ، أو في تاريخ الاجتماع البشري : على ميل بنيوي متأصل جوهري إلى التوسع ودمج القوى الأخرى في هيكلها العسكري : أكانت قوى أهلية ام قوة الجيش الحكومية الرسمية . هذا هو منطق القوة الثابت والذي يتحكم بكل سيرورتها الوجودية مع وجود - طبعاً - قوة ضغط ومقاومة من قبل القوى الأخرى التي تتشكل إلى جانبها في مجرى الأحداث التاريخية . صحيح ان هذه القوى ( وتسمى قوى المقاومة ) التي تشكلت في العراق ( لأسباب معروفة ) مبرمجة على الحركة المحسوبة ضمن موازنات قوى إقليمية ودولية ، تنطلق من استراتيج وحدة الجبهات ، إلّا انها تعمل وتتخذ القرارات باستقلال عن الدول التي تنتمي إليها : في العراق واليمن وسوريا ولبنان ، وفي هذا مقتل للسيادة ، ودلالة على أن هذه القوى تعمل وفق استراتيج خارجي ) وهذا يعني أنها في لحظات خاصة من لحظات الصراع بين أمريكا وإيران تضطر إلى بلع المؤسسة العسكرية للدولة ( الكافرة ) لانها تقف على الحياد ) . لا توجد ظاهرة ازدواج القوة في البلدان الديمقراطية - والعراق يدعي أنه واحد منها - توجد حكومة واحدة : مرجعيتها رموز الشعب في الدولة الديمقراطية : الدستور والمحكمة الفيدرالية ، تحتكم إليهما الحكومة ، كتكوين بنيوي من صلب مكونات الدولة ولا تحتكم إلى جهة خارجية مثل الإطار التنسيقي في حالة حدوث خلاف بين أطراف العملية السياسية . أن الإطار التنسيقي يشبه من وجوه عديدة : الولي الفقيه الحاكم في إيران ، فهو تشكيل سلطوي لم يولد فجأة بل هو خطوة في سلسلة متصلة من الخطوات الهادفة في النهاية إلى السيطرة على بلاد الرافدين وجعله حاوية لمزابل ايران ومصبات مياهها الثقيلة ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة
-
رمزية نصوص الشاعر محمد النصار
-
مفهوم السيادة والوعي الطائفي
-
لا سيادة في العراق
-
اين انتم ؟؟
-
المطربة الواعدة : حنين الشاطر
-
جنوب افريقيا : دولة مؤسسات إنسانية
-
ما الكارثة ؟
-
نتنياهو حماس / حماس نتنياهو
-
الدولة الاسلامية ومفهوم السيادة ( ١ )
-
اضاءات على انتخابات المجالس المحلية في العراق
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٥ )
-
في اللغة العربية وعنها
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٤ )
-
ضوء على بعض عالم المهاجرين
-
ماذا تعني حروب الثأر ؟
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٣ من ٣ )
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٢ )
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ١ )
-
الاقتراب من الحقيقة
المزيد.....
-
ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
-
-هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص
...
-
زلزال قوي يضرب جنوب شرق جزيرة هونشو اليابانية
-
قتلى في غارات إسرائيلية على اليمن استهدفت مطار صنعاء ومواقع
...
-
كارثة بيئية في البحر الأسود: إنقاذ أكثر من 1200 طائر بعد غرق
...
-
اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء وال
...
-
-تلغراف-: على ترامب أن يعرض على بريطانيا صفقة الانضمام إلى ا
...
-
فنلندا تحقق في -تخريب- كابل كهرباء بحري يربطها بإستونيا وسط
...
-
اتهامات للسلطات التونسية بالتنكيل بقيادي في حركة النهضة
-
كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|