في السوق الكبير

عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة
(Ayda Badr)

الحوار المتمدن-العدد: 7900 - 2024 / 2 / 27 - 18:13
المحور: الادب والفن
    

‏#في_السوق_الكبير
‏#عايده_بدر
‏لم يخبرني أبي عن تلك الغابة خارج شرفتنا ،لم يخبرني أنه حين دق أوتاد بيتنا كان ذلك فوق سماء من تلك الثمانية البعيدة ، وأن ثامنهم راقت له كثيراً فآثر أن يهديني شرفة تطل منها على الغيم ، فتعلقت بالمطر وأنا أشاهد كل يوم كيف تخبزه السماء على عينها لي وحدي.
‏ لم يخبرني عن دوائر العراك أسفل شرفتي ، ولا أن ذلك الأزرق العملاق الكثيف الضباب حولنا ، وأن ذلك كان موطن ظهور كائن يدعى "الإنسان" . لكنه لم يخبرني كثيراً عن ماهية الإنسان .. لا عن أحواله .. لا عن حالاته .. لا تفاصيل كثيرة عن وجوده غير أنه من الآمن لنا أن نبتعد عنه قدر الإمكان فهذا النوع من الكائنات تظهر خطورته أكثر كلما اقتربت منه، أو فكرت أن تطعمه بيدك أو تمنحه من أيامك ، أو حين يشعر بدفء أنفاسك يأويه في صدرك خشية أن يصيبه مكروه.
‏ لم يخبرني أبي عن أسواق النخاسة التي يبيعون فيها الابتسامة حين الشدة ،والسند الطيب حين التعثر ، والعِشرة الممتدة وسنوات العمر المبعثرة على أعتاب الوقت المهدر .
‏ لم يخبرني أبي سوى أن أغلق شرفتي عن ذلك الأزرق العملاق وساكنيه لكنني بفضول الاكتشافات المثيرة عندما حاصرتني تغاريد الظلال الكاذبة، خطوت أول خطوة خارج شرفتي لأكتشف ضلالة الطريق وخداع الدروب.
‏ وها أنا أبحث عن طريقي إلى شرفتي، إلى حيث أبي ينتظرني هلعاً ، لكني أعود وأنا أحمل على صدري رقماً مجازياً ضخماً من أرقام السوق الكبير

‏ 19 يوليو 2023

#عايده_بدر (هاشتاغ)       Ayda_Badr#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات