أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس في الثقافة مقتطفات 73















المزيد.....

هواجس في الثقافة مقتطفات 73


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 7899 - 2024 / 2 / 26 - 08:50
المحور: الادب والفن
    


صباح الخير أيها الصديق العزيز بشار العيسى، الفنان والإنسان والمبدع.
في العام 1972 أخذنا مدرس الفنون إلى مقر نادي الموظفين في مدينة القامشلي، قال وقتها:
ـ هناك معرض فني للفنان الشاب بشار العيسى، سنذهب إليه، وسنشاهد لوحاته الفنية.
منذ ذلك اللقاء الوحيد لم التق بك ثانية، شاءت الأقدار أن يذهب واحد في حال سبيله، لكن أسمك لا يزال مستيقظًا في ذاكرتي، تكلمنا عبر الهاتف أكثر من مرة.
البارحة توقفت عند كلمة لك، قلت فيها:
الطقس ثقافة!
توقفت، قلت لنفسي، هذا المفهوم لم اقرأ عنه، لم يمر معي، سمعته منك اليوم.
ثم أكدت أن كلامك صحيح بعد الامعان في التفكير، ونحن في السويد البلد البارد، والبرد ثقافة قاسية جدًا، الروح المنفلته من عقالها تبحث دائمًا عن الأمان وسط الجليد في بلاد الجليد.
ربما أنا تقليدي جدًا، أحب التمسك بالماضي، بطقس الماضي لهذا أكره التأقلم مع المكان الجديد، مع البرد القارس، هذا الآخير حول غربتي إلى غربة مضاعفة.
هل أخاف من وداع الطفولة، الينابيع، ذكريات الشاحنة الفستقية، نوع شيفروليه في المناجير، واللحظات الطويلة في انتظار مصابيحها ليلًا، الركوب في كابينتها والسفر عبر حدود الجزيرة السورية الواسع، عشقي لنهر الخابور الخالد المستيقظ في ذاكرتي دائمًا.
بصدق، هل البرد والثلج والجليد، نفوري منهما هم السبب المباشر الذي يجعلني أتمسك بالماضي؟
ربما؟
أنا لم أحب كل أنهار السويد الجميلة ولا بحيراتها الرائعة مخافة أن أغادر عالمي القديم الغني بكل شيء، ربما ذاكرتي هي التي صنعتني ولا تريد أن أغادرها.
هذا النص، نص صديقي العزيز بشار لم يحررني من نفسي الماضية، ولم يحرره أيضًا.
أرى فيه نفسي وعقلي، ربما لأننا من ماض قريب من بعضه، ولا زلنا فيه بالرغم من أن العقل وحش يفتك بكل شيء، ويغير فينا كل شيء من خلال الواقع القائم، وصدامنا به.
بالمناسبة لم أنس أن أجمعكما أنت ووالدي في لقاء واحد، لأني أدرك أن كليكما قطعة موسيقية متواصلة، بانوراما رائعة يمكن منه إنتاج الجمال من خلالكما، في قراءة جزيرتنا التي غادرتنا ولم نغادرها.
ربما أنتما، بل أقول جازمًا أنكما من طينة تلك الأرض وأخضرارها وغيابها أيضًا
علي أن أدخل في بنية الأرض، اتغلغل فيها، مثل الشجر، أمد جذورنا في قلب المكان واسترخي، أخرج بعض الوقت إلى الهواء الطلق اتنفس قليلا ثم أعود إلى ذات الجذور.
المكان شكلني مثلما غيري.
لا استطيع النسيان، كل قطعة زرتها، كل فلاح قابلته، كل معلم أو معلمة تحدثت إليه، لا زالوا في ذاكرتي. كل شيء مزروع في جمجمتي.
الطفل الذي لا يرى جمال الطبيعة، سحرها، غوايتها، الانبهار بها ويفرح بها ليس بطفل.
كيف لا ينبهر ذلك الصغير عندما يرى حجم الجمل الكبير، براءة الخاروف الصغير، المهر والشمس الساطعة، ونجوم السماء والقمر الذي يتساقط ضوءه كالنيزك على سطح الماء.
كيف ينسى القوارب الصغيرة؟
ثلاث مرات حاولت كتابة رواية عن الخابور لكني فشلت، أكتب ستين صفحة أو سبعين صفحة ثم أتوقف، أرمي كل شيء وأجلس في وحدتي أتامل فشلي بحزن شديد.
كانت فكرتي أن اكتري قارب صغير واسوح به بصحبة الخابور والماء، وأركن إلى جانبي آلة عزف وقنديل زيت أو شمع، ومجداف وطعام وبابور وخبز.
أزور كل ركن من هذا الخابور بتلاله وقراه وناسه وجزره الصغيرة وحيواناته.
كان هذا حلم يراوطني في السجن، وعندما عدت إلى البيت بعد رحلة طويلة من الزمن، رأيت أن هذا الرهوان قد جف، مات، ومات معه فرحي.
ومن مات فرحه، تكون الشيخوخة قد دبت في أوصاله.

العبث
قال لي في لحظة حزن طافحة بالمرارة:
لقد قضيت بضعة اشهر أسبح في العبث، ألعب معه وأغازله. أنا غارق فيه.
وتابع:
في القلق والتوتر والحرمان تجد نفسك الحقيقية. تجد عدم انضباطك واتزانك. وتطوف وتهرب من ضفة إلى آخرى، ثم تعود إلى المرافى البعيدة لتحملك من بحر إلى إلى أخر.
والحياة وحشة، فراغ.
لا شيء يملأ هذا الكأس أو ذلك الشغف في الحياة إلا ذلك الغريب المركون في نقي عظامك.
إنه ذلك الذي ينبت فيك كالفطر يوميًا دون أن تطاله أو تمسك به.
إذا أردت أن تحيا، فليكن جنونًا ولتكن مجنونًا تائهًا لا تستقر في أرض أو سماء.
إن تبقى تغازل الجدران وزرقة السماء وخدود الورد.
سألته:
ـ وماذا تعني لك المرأة؟
قال:
ـ إنها القلق ذاته.

قال لها:
إنها لحظات لذيذة أن يكون المرء بصحبة امرأة من خمر ونبيذ وفرح. وعلى مقربة منه صوت ناي يلون المساءات بأخاديد الزمن العجوز.
وبينه وبينها جرة نبيذ طافح بلون الحياة، ورائحة شواء وصوت احتراق حطب عتيق.
وصوت يقول:
أنظر إلي، أنني أقطع الوقت والتاريخ واللذات.

إذلال الذات ثقافة
الكثير من الناس يتمتعون بإذلال أنفسهم، يحقروها، يسبغون عليها أسوأ الصفات.
ويبدأ المرء يستمتع بهذا الحزن اللذيذ بالنسبة إليه، يدخل إلى أعماق النفس، نفسه، ويبدأ بطعنها بالخنجر والرمح أو السكين، يُخرج من أعماقه اسوأ الأشياء لتكون له الطريق، النبراس لتحقير الذات.
الذات أو النفس الإنسانية هي أشبه بالعجينة، بيدك أن تنميها أو تدمرها، المهم أن تنظر إلى نفسك بحيادية ثم عبئها بالصفات الجميلة، روضها بهذه الصفات، أغدق عليها الجمال والحب، والفرح، روضها، داعبها لأعبها بحنان، ستصبح صديقة لك.
لا تركن للحزن والألم، لا تذهب معهما إلى النهاية، أنهم فخ للإيقاء بك وتدميرك، وعندما تقع ستكثر السكاكين في طعنك.
أنت جميل وكن صديقًا للجمال، وسترى الحياة جميلة كذاتك الجميلة

لا تبنوا بيادر الجمال على الانقاض
لا تبنوا لكم عوالم جميلة على الأنقاض، لا بساط على هذه الأرض، أنها دائرة، متحركة.
فككوا كل شيء، كل ما ترونه في ترحالكم.
لا تركنوا إلى الاستقرار في عالم متحرك، مزعزع، رجراج، قائم على الانتقالات من حيز إلى أخر دون أي إنذار..
ابقوا يقظين غرباء.
راقبوا البشاعة في هذا العالم، الوهم والوهن والخنوغ الكامن في أيامها الراحلة والقادمة، علنّا ننتقل إلى عالم أقل قسوة، وأكثر قربًا إلى الإنسانية والطبيعة.

رواية مشكلة سبينوزا
مشكلة سبينوزا، رواية للكاتب الأمريكي إيرفن ديفيد يالوم:
" روائي وكاتب وطبيب نفسي وجودي أمريكي، ولد في واشنطن 13 مايو عام 1931 لأبوين يهوديين من روسيا.
لإيرفين عدة مؤلفات في الطب النفسي، كما كتب عدة روايات عن بعض الفلاسفة الكبار، كرواية "عندما بكى نيتشه"، و"علاج شوبنهاور"، و"مستلقيًا على الكنبة"، ومنها مشكلة سبينوزا التي نتحدث عنها.
وهو أستاذ فخري في الطب النفسي بجامعة ستانفورد".
هذه الرواية لم تعجبني على الأطلاق، فيها شخصيتين رئيسيتين على طول مسار الرواية، الفيلسوف سبينوزا، وألفريد روزنبرج.
فلا يجوز المقارنة بين فيلسوف بمقام سبينوزا، مع شخصية عصابية، مريضة، كألفريد روزنبرغ:
"المنظر السياسي للحزب النازي، الذي أسس عدة مذاهب أيديولوجية نازية منها نظرية إستمرار البشرية، وإضطهاد اليهود، وكان من أشد منتقدي معاهدة فرساي، والفن المنحط (الفن الحديث)، كما عُرُف برفضة للمسيحية.
وقد لعب دورا مهم في إنشاء المسيحية الإيجابية".
لقد ظلمهما معًا، عندما وضع أسمين متناقضين معًا في الرواية، سارا معًا طوال مدتها في الزمن والمكان والحياة، أحدهما عاش في القرن السابع عشر، والأخر في القرن العشرين، 1632 ـ 1677. والأخر 1893 ـ 1946.
لم تعجبني الرواية، لأن الكاتب لم يكن حياديًا، ولم يكتب رواية، أنما بكائيات.
لقد رأيت عقدة الأضهاد في كل سطر من أسطر العمل، حالة مرضية، كأنه لا يرى هذا العالم الظالم إلا من خلال نفسه وملته.
لا أرى مصداقة في عمله، وليس شريفا في أدبه، وأكره البكاء على الأموات. وعاهدت نفسي أن لا أعود إلى الوراء، ولن أبكي على الموتى الميتين، ولن أبكي على الأحياء الميتين الذي يدمرون هذا العالم.

السلطة صيرورة
تولد السلطة وهي نابضة بالحياة، في حالة صيرورة دائمة مستمرة.
تبدو للعيان في الحلقة العليا، بيد أنها موجودة في الشيفرة، في قرارة كل فرد في المجال الخاص به.
تبدأ بالحلقات الصغرى على شكل دوائر صغيرة، ثم تكبر وتتوسع إلى أن تصل إلى المرحلة العليا التي نراها في الرموز.
السلطة هي رموز وإشارات في داخلهما خزان من الأوامر والنواهي، فيهما يتم تحديد مصير البشرية والطبيعة وبقية الكائنات

في ظل الريح
ظل الريح، رواية رائعة للمبدع الأسباني كارلوس نافون ـ اعتقد أنها أجمل رواية قرأتها في حياتي.
منقول
تدور أحداث القصة في مدينة برشلونة في بداية ووسط القرن العشرين، حيث أن هناك رجلا مسنا يصطحب ولده دانييل إلى مكان يدعى مقبرة الكتب.
ويقع هذا المكان أسفل المدينة، ولا يعلم سره إلا القليل، كانت ترمى فيها الكتب التي كتبت ولم تنجح.
ومن عادة هذه المكتبة أن من يدخلها يجب عليه إذا خرج أن يأخذ معه كتابا، ويأتمنه على حياته.
يأخذ الولد كتاب ظل الريح، وعندما يعود إلى البيت يشرع في قراءته. ويتعجب من وجود هذا الكتاب في مكان كالمقبرة تلك.
ويريد أن يقرأ مزيدًا من كتب مؤلف الكتاب، خوليان كاراكس، فلا يعثر على شيء. يبحث ليعرف أن رجلا يدعى لايين كوبيرت يحرق جميع كتب خوليان لاعتقاده أنها مبعث للشر أو للشيطان.

الروابط العائلية
تثبت الأحداث، إن الروابط العائلية والقبلية والطائفية والعشائرية والدينية هي المحددة لوعي الناس في المجتمع العربي أكثر ما يحدده شعور الانتماء إلى جماعة واحدة.
لهذا يفتقد المجتمع إلى قوة التماسك في مواجهة مصيره.
في البلدان الاستبدادية، ضعيفة التكوين الاجتماعي، يكون الجيش هو المؤسسة الوطنية التي يحمي الدولة والمجتمع من الانهيار ويكون مرشدًا للاندماج الاجتماعي.
عملت الأنظمة العربية في فترة وجودها في الحكم على تخريب هذه المؤسسة من الداخل عبر إفسادها وتدمير مرتكزاتها إلى أن خرجنا عراة بالكامل.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس في الثقافة مقتطفات 72
- هواجس في الثقافة مقتطفات 71
- هواجس في الثقافة مقتطفات 70
- هواجس في الثقافة مقتطفات 69
- هواجس في الثقافة مقتطفات 68
- هواجس في الثقافة مقتطفات 67
- هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 66 ــ
- هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 65 ــ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 64
- هواجس في الثقافة ــ 63 ــ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 62
- هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 61 ــ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 60
- هواجس في الثقاف مقتطفات 59
- هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 58 ـ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 57
- هواجس في الثقافة مقتطفات 56
- هواجس في الثقافة مقتطفات 55
- هواجس في الثقافة مقتطفات 54
- هواجس في الثقافة مقتطفات 53


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس في الثقافة مقتطفات 73