أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - سعد والله














المزيد.....

سعد والله


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 1749 - 2006 / 11 / 29 - 10:19
المحور: الادب والفن
    


لم يجتز ساعاته الأُولى عندما كَبّر جده في أًُذنه كي يحميه الله من كل سوء ، حَبا ، مشى ، لم يدركوا الخطوة الأولى بل التالية ، سار خطوات سريعة نحو الحياة ،
: ملامحه تدل على الذكاء إنه في الخامسة ، عَلّمتَه القراءة ، قال الأب مفتخرا ، قالت الأم بفزع
: إنك لم تسمع أسئلته بالأمس عندما كنتُ اُُنيمه بالسطح ، الهواء العليل أطار النعاس من عينيه حدق في السماء سائلا
: هل الله يشبهنا ؟
: استغفر الله .
: هل هو نائم ؟
: لا
: واقف ؟
: لا
: إذا لم يكن نائما أو واقفا فهو جالس القرفصاء ، ضحكت الأم بخوف .
حمل حقيبته المدرسية على ظهره ، حمى شديدة أصابته ركضت الأم والأب به ، ليالي القلق والسهر مؤلمة قام من المرض بسلام ، عناية الآباء بركة ، متألق الجبين فالفوز في الحياة يكسب البشر المسرة ، والكسب في الدراسة يمنحهم الأمل والطموح ، اجتاز كل مراحلها بتفوق أكسبته السعادة ، دق أبواب الوظيفة ، فلم يحظ بجواب ، من لم ينتم للبعث لا شيء له ، انتمى ، اعترض الأب والأخوة والأخوات ، الأم سكنها خوف أبدي أخرسها مطلقا ، تكرههم منذ مقتل أبيها ، لأن من فعل الجريمة يشبههم ، فهم لا يعترفون بالآخر ، بل الآخر عدو مبين لابد من ازالته ليزول أي فكر عداه ، اقنع سعد نفسه بأنه لاينتمي الى أبيه بل اليهم وانه سوف يؤمن بهم ، لكنه سوف لن يرتكب اي فعل يُطلب منه ، فيه أذىً للغير ،
: إنك لست منهم وهم ليسوا منك ، اخرج من الداهية ياسعد ولا تدخل برجليك اليها ، لم يدم صوت أبيه طويلاً
ف (الأمة العربية الواحدة ذات رسالة خالدة ) أقنعته بالإضمحلال فيها ،
: انظر ياسعد فالكرة الأرضية واسعة والأمة العربية كبيرة ولكنها ليست وحدها ، فيها قبائل وأجناس ليتعارفوا وليتعاونوا ولا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى ، والإنتماء للوطن هو الأساس
: اتركني ياأبي ، من لم ينتمِ لاحياة له ، اريد أن احقق طموحي ، دمعت عينا الأب راوده حلم قديم يتكرر ، طائر أبيض في السماء يسقط داميا تحت قدميه ،
اغاني الجاز والهيبز تملأ البيت كلما حلت إجازته ، جند كغيره بل أغروه كي يُصبح ضابطا وهو الخريج من فرع مرغوب فيه في الجيش ، سُئل ، حاول التخلص من الإجابة لكنه حوصر بالوثائق ،
: أليس أبوك مؤلف نشيد الجمهورية الأولى والذي كان يُتلى في المدارس ، أليس أبوك من قادة الحزب الديمقراطي ! أليس أبوك ! أليس أبوك ! .........
نظر الى أبيه وأهله نظرة عتاب ، ليته يستطيع تغيير تاريخهم أو تغييرهم ، لكنهم مع كل تساؤلاتهم لم يتركوه ، بل صار لغما ، عليهم الاستفادة منه وتحجيمه .
بقي سعد في الثالثة والعشرين من عام 1981 في اليوم الثامن عشر من حزيران ....
بحث الأب في كل مراكز الشرطة والمستشفيات فلم يجد أي خيط يوصله لسعده ، عاوده حلم الطير الذبيح ، جفاه النوم ، جاءه صوت أجش ، يأنبه على إهماله لإبنه ، وإنه سيجده في الطب العدلي
: ليس لنا أعداء تبعثرت الكلمات وتردد صداها في هاتف الآخر المغلق
لم يجدوا في غرفته أي دليل على القاتل سوى شيك بآلاف الدنانير ورسالة لم تُرْسَل لشخص في الخارج يبث فيها همومه ويشكو له مخاوفه وأحاسيسه وشعوره بأن عيون كثيرة منبثة في أركان البيت تتطلع اليه وتراقب أهله ، بعد يوم عُثر على القاتل لم تستمر محاكمته كثيرا لأن مسدسه هدية من القائد الضرورة القائد التاريخي .. بعد شهر عاود الصوت الأجش الإتصال طلب الأب ليكلمه
: تعال غدا لتتسلم مكافأة الشهيد ( سيارة وعشرة آلاف دينار )
: قتيل وليس شهيد ( ابني ) ، جواب الأب أرعب الأم خافت على البقية من أولادها ..بعد شهر تجلجلت بالسواد اشترت فرشة عرس زاهية ، وسارت لزيارة قبر ابنها ، تفاجأت بالقبر وقد فرش فوقه العلم تسائلت واستنكرت ، لملمت العلم وطوته لتسلمه الى حارس المقبره ، فرشت شرشف العرس بديلا عنه .
عادت في الليل محمرة العينين ولم تنهض بعدها .



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زينب والمسرح
- حكاية من زمن الموت
- مناجاة
- التلفاز
- الآن حان الدرس الأول
- الحب بعد الرحيل
- الندم الأول
- أعاصير
- تاريخ أسفارنا /الفارزة الأولى والثانية
- تاريخ أسفارنا / الفارزة الثانية
- في يوم ما
- صورة
- مكتبتي
- جنون
- لحظة من لحظات الحرب
- لاشيء يعدل الحرية
- المحبرة
- القداس
- إمرأة تتسلى في الشرفة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - سعد والله