صبري الرابحي
كاتب تونسي
(Sabry Al-rabhy)
الحوار المتمدن-العدد: 7891 - 2024 / 2 / 18 - 00:47
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
عرف العرب الديمقراطية مع إرتداد الإستعمار على أراضيهم وتمايز مواقف نخب هذه الدول حول منح الإستقلال لهذه المستعمرات من عدمه.كان الجدل بين أبناء الجلدة الواحدة على إخلاء سبيل الحكم المنتزع بالبنادق والمدافع ملهماً للنخب الفتية أنذاك، غير أن إعجابهم بترجيح الأغلبية والتمثيل النسبي وسيادة شعوب القوى الإستعمارية ألهمهم إلى محاولات محتشمة لترسيخها في أوطانهم.
هنا ألقت العائلات الحاكمة بثقلها في الساحة وإعتبرت أمل النخب في الديمقراطية هرطقة يسارية تخفي طموحهم الشيوعي وفي بعض الأحيان سفسططة إسلامية تخفي خلافتهم المنشودة.
وأد النقاش لسنوات داخل مهد نقاشات الطلبة والمهجّرين وسكن في رفوف النخب الصامتة التي كانت مستفيدة على الأرجح من حكم العائلات حتى أصبح من الصعب عليها التفريق بين الملكية والجمهورية وخلُصت إلى أنها لا تملك بعد مُلك هذه العائلات.
عندما أزهر الربيع العربي من ياسمين تونس المنتشية بصحوة شعبها على حين غفلة من عائلات الحكم والتحكّم لعقود، بدأ الأمل يدب في أوصال الحلم الديمقراطي العتيق، فإلتقت جماهير الأنظمة العربية في الساحات والميادين وأستنسخت المطالب كما الشعارات ولخّصتها في إسقاط النظام حتى يتسنى بناء حكم ديمقراطي على أوطان تتسع للجميع ولا تحتدّ فوقها الخلافات القبلية أو الإثنية إلا بصواعق أنظمة العائلات.
كان الحلم مشتركاً وكان يتحول في كل يوم إلى حقيقة سحرية أذهلت المواطن العربي الذي لم يكن متأكداً من سقوط جبابرة عصره بهتافات الجماهير الغاضبة ليصبح له صوتاً مهماً غير صوته في الإنتخابات التسعينية ككل مرة.
لمّا كان الحلم فتياً ومازالت النخب في مراهقة حسم الخلافات وتبويب مطالب الشارع فوق مكاتب السياسة وتحويلها إلى واقع إجتماعي يحس به المواطن الغاضب، عندها كشّرت العائلات من جديد عن أنيابها الصلبة في كل المستويات والمراكز وأجهزت على الديمقراطية لتحويلها إلى مغامرة جامحة وإقناع ذات المواطن العربي بأن لا يحاول إتيانها مجدداً وأن يعود إلى طاعة العائلات كما تعوّد أن يفعل.
وهنا صار إنكار الديمقراطية واقعاً جلياً يختزله المواطن في سنوات التجربة دون تحليل أو مراكمة أو حتى البحث عن ما يمكن أن يرشَح من هذه التجربة من أجل تجارب أخرى قد لا تتأخر.
#صبري_الرابحي (هاشتاغ)
Sabry_Al-rabhy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟