أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر26















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر26


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7890 - 2024 / 2 / 17 - 04:47
المحور: الارشيف الماركسي
    


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
الحلقة السادسة والعشرون

درَجَتَا المَعرفَة
تتيح أبحاث الفيزيولوجي بافلوف واكتشافاته أن نحدد بدقة الطريقة التي يتكون بها في الوعي انعكاس الواقع والكينونة أي تكون المعرفة.
لنضرب على ذلك مثلا بسيطا: كيف نعلم الطفل معنى الكلمات المستعملة؟ يجب اطلاعه عدة مرات متتالية على الشيء الذي تعنيه الكلمة، وفي نفس الوقت يذكر له الاسم ويُحمل على لفظه كلما كان ذلك ضروريا حتى يجمع من تلقاء نفسه بين الكلمة والشيء، يعرف كيف يستعمل الكلمة عند غياب الشيء أي بصورة تجريدية.
وهكذا أصبح معنى الكلمة بعد تمثله يمثل فكرة الشيء، وتتكون هذه الفكرة وهذا المفهوم على أساس الأحاسيس المتكررة وعلى أساس اللغة التي تشير إلى هذه الأحاسيس. هناك إذن درجتان للمعرفة: الإحساس المباشر، والفكرة المجردة (أو المفهوم) والاحساس بمفرده معرفة أقل كمالاً من الفكرة، فطالما لم ير الطفل الا البجعات البيضاء فسوف يعتقد أن البجعة طائر أبيض وهذا خطأ نوعا ما. اما عالم الحيوانات الذي يعرف البجعة بتعريفها العلمي فسوف يكوّن عنها فكرة أدق وأصدق وأكثر مطابقة لها.
وهكذا نرى أن الفكرة المجردة هي التي تعكس بدقة الواقع. ولكن هذه الفكرة العلمية عن البجعة لم تتكون الا على أساس حصر أنواع البجع التي توجد في الطبيعة أي على أساس الأحاسيس.
أما فيما يتعلق بالأشياء "المجردة" بذاتها كفكرة القرابة مثلا فأن الطفل لا يمكنه تلقيها الا بواسطة الاستعمال الاجتماعي الذي يتكرر غالبا.
ولنضرب على ذلك مثلاً أشد تعقيدأ. يرزح التاجر الصغير تحت عبء الضرائب الثقيل. كما تهدد البطالة عامل النسيج وكذلك يربح الموظف الصغير 20000 فرنك في الشهر.
لنفرض أن الأول يقرأ جريدة "الأورور". والثاني جريدة "فرانك تيرور". والثالث جريدة "الفيجارو". يجد كل منهم صدى لشقائه في جريدته، فمحرر الجريدة البرجوازي يتألم لمصير الفقراء المحزن.
تعكس هذه الجرائد الوضع إذن في مظاهره الحية ولا تتعدى ذلك. فهي تحذر جيداً من أن تشرحه وتفسره فتتهم إسراف الإدارة أو عدد المؤسسات الصغيرة أو عدد الفلاحين.
أما قارىء جريدة "الأومانيتي" أو قارىء تقرير وضعه موريس توريز، فلسوف يجد التفسير الذي يضع بيدنا مفتاح جميع أوجه الوضع، كتحليل أزمة الرأسمالية وتناقضاتها، وفكرة قانون الرأسمالية الأساسي الحالي الذي يعكس الواقع بعمق، والجري وراء الربح الأقصى.
وهكذا تنتقل المعرفة من الحسي إلى العقلاني في جميع الميادين. ويرى باركلي أن رؤيتنا للشمس مسطحة حمراء "دليل" على أنها لا توجد إلا في وعينا، أما الماركسية فهي ترى أن ذلك ليس سوى دليل على أن المعرفة الحسية غير كافية لأنها إذا كانت تصلنا بالواقع فانها لا تجعلنا نفهم ما هو الواقع.
ولقد علمتنا الجدلية أنه يجب علينا، كي نفهم ظاهرة ما، أن نربطها بظواهر أخرى هي أصلها، وأن ندرك تناقضاتها الداخلية. لأن العلم والمعرفة بواسطة الأفكار لا يجعلاننا نعرف فقط كيف تكون الشمس حقيقة بل لماذا نراها مسطحة حمراء. فالعلم يطلعنا على جوهر الظواهر.
تختلف المعرفة المنطقية عن المعرفة الحسية... وذلك لأن المعرفة الحسية تحيط بجوانب الظاهرة الخاصة وعلاقة الأشياء الخارجية، بينما المعرفة المنطقية تحيط بالأمور المشتركة بين الأشياء، فهي تحيط بمجمل الأشياء وجوهرها وعلاقتها الداخلية فتؤدي إلى اكتشاف التناقضات الداخلية في العالم الذي يحيط بنا، وتتمثل بذلك تطوره والعديد من علاقاته الداخلية .
والانتقال من الدرجة الأولى للمعرفة، وهي درجة الاحساسات والتأثرات والانفعالات، إلى الدرجة الثانية، وهي درجة المفاهيم، أنما هو مثال رائع على الجدلية لأن تجمع الاحساسات الكمي هو الذي يحدث الظاهرة النوعية الجديدة الا وهو "المفهوم".
الدرجة الأولى للمعرفة هي ما يسمى بالدرجة الانفعالية للمعرفة أي درجة الاحساسات والتأثرات.
ويؤدي استمرار الاستعمال الاجتماعي في تجربة الناس إلى تكرار الأشياء التي يدركونها بحواسهم والتي تؤثر فيهم. فيحدث في دماغ الإنسان قفزة في عملية المعرفة: إذ يظهر المفهوم. ويمثل المفهوم بطبيعته تمثل طبيعة الأشياء وما بينها من عناصر مشتركة وعلاقتها الداخلية.
وهناك اختلاف بين المفهوم والإحساس وهو ليس اختلافاً كمياً بل هو اختلاف نوعي أيضاً .
ويقول لينين: "المفاهيم هي أسمى ما ينتجه الدماغ، والدماغ نفسه أسمى ما تنتجه المادة .
فإذا كان هناك تناقض في أفكار الناس فذلك لأن هناك تناقضاً في الواقع الذي يعكسه تفكيرنا. وجدلية الأشياء تحدث جدلية الأفكار والعكس ليس صحيحا .
ولقد قال ماركس: ليست حركة الفكر سوى انعكاس لحركة الواقع بعد أن انتقلت إلى دماغ الإنسان .
5 – الخلاصة
ندرك الآن أهمية النظرية الماركسية من الناحية العلمية فيما يتعلق بأسبقية المادة على الوعي.
أولاً: إذا كانت الظروف هي التي تتغير أولا ثم يتغير وعي الناس فلا يجب البحث عن سبب أية عقيدة نظرية أو مثالية في أدمغة الناس أو في مخيلاتهم أو عبقريتهم المبدعة بل في تطور الظروف المادية لأن الفكرة التي تقوم على دراسة هذه الظروف هي الفكرة الصائبة المقبولة.
ثانياً: إذا كان وعي الناس وعواطفهم وأخلاقهم وعاداتهم تحددها الظروف الخارجية، فأنه يصبح من البديهي أن تغيير هذه الظروف وحده يمكن أن يغير وعي الناس. فليس هناك إنسان خالداً أو "طبيعة إنسانية خالدة". ومن الطبيعي إذن أن يكون الإنسان، في نظام يقوم على الملكية الفردية ويحتدم فيه النضال الفردي من أجل الحياة، ذئباً يفترس أخاه الإنسان. كما أنه من المحتم أن تنتصر أفكار الأخاء بين الناس في نظام تحتدم فيه المنافسة الاشتراكية ويقوم على الملكية الاشتراكية.
الإنسان ليس صالحاً ولا طالحاً بل هو ما تصنع منه الظروف. وتحمل الماركسية جواباً حاسماً على السؤال الذي يردده المفكرون البرجوازيون الا وهو:
هل يجب القول بأن "المؤسسات السيئة" هي التي تجعل الإنسان شريراً أم أن الشر الكامن في الإنسان هو الذي يفسد "المؤسسات"؟ لسنا بصدد "المؤسسات" وأنما نحن بصدد الرأسمالية التي تفسد الإنسان. ولهذا كانت فكرة الثورة عن طريق "الإصلاح الأخلاقي" فكرة كاذبة.
ويمكن أن يتكون إنسان جديد، له وعي جديد اشتراكي في ظروف معاشية جديدة اشتراكية.
فماذا يجب من أجل ذلك؟ الإسراع في إيجاد هذه الظروف الجديدة بتحويل الواقع الاجتماعي والنظام الرأسمالي الظالم. أو كما يقول ماركس: "اذ كانت الظروف تكوِّن الإنسان فيجب تكوين هذه الظروف بصورة إنسانية ".
وهكذا تبدو بوضوح العلاقة بين النزعة المادية وبين الاشتراكية. ولقد بدت لنا هذه العلاقة سابقا عند عدد من الفلاسفة الفرنسيين في القرن الثامن عشر، وهكذا اضطر الزعماء الاجتماعيون الديمقراطيون اليمينيون ـ الذين لا يؤمنون بالاشتراكية ـ إلى بذل جهودهم لتشويه الماركسية برفض النزعة المادية، والتجأوا وراء النزعة المثالية الرجعية كما سنرى في دروس أخرى.
أما النزعة المادية فهي تفتح، على العكس، أمام البروليتاريا والإنسانية طريق تحررها المادي والثقافي الا وهو الطريق الثوري.
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قليلا من التواضع يارفاق احتراما لمشاعر شعوبنا
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر25
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر24
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر23
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر22
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر21
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر20
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر19
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر18
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر17
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر16
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر15
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر14 ...
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر13
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر12
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر11
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-اصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر10
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-يوليتزر9
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر8
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر7


المزيد.....




- مؤسس -تويتر- يعرب عن دعمه للمتظاهرين في جامعة كولومبيا
- بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ ...
- تدمير فلسطين هو تدمير كوكب الأرض
- مصير فلسطين في ضوء العدوان على غزة
- بعد تداول فيديو -صراخه على متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين-.. رو ...
- لا لاتفاق العار، لا للمس بمكاسبنا في حرية الإضراب والتقاعد و ...
- مئات المتظاهرين في تل أبيب يطالبون بصفقة لتبادل الأسرى
- ‏ -الفوضويون- ينفذون أعمال شغب في مونتريال والشرطة تتصدى بال ...
- مدججين بمعدات مكافحة الشغب.. الشرطة الأمريكية تواجه وتعتقل م ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-صريخ- روبرت دي نيرو في متظاهرين ...


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر26