|
- أمى - ليست ناقصة عقل ودين
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7887 - 2024 / 2 / 14 - 22:15
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
" أمى " ليست ناقصة عقل ودين ------------------------------------------------ كنت دائما أعتبر أن " الفقر " ، هو المأساة الكبرى ، التى يمكن أن تصيب الانسان . فلا أحد ، فى أى مكان ، يحب " الفقراء " ، وان كانوا أطيب القلوب ، وأنبل النفوس . للفقر جبروت ، يمسح الطيبة ، للفقر وطأة تحجب النبل . وان تمتع الفقير بموهبة ما ، فانها تموت سريعا قبل أن تكتمل ، من قلة الطعام ، ونقص التغذية . فالمواهب لا تنمو على معدة جائعة . وان وُلد الفقير بصحة جيدة ، فانها تتدهور بالاستيقاظ كل يوم ، فى بيئة ملوثة ، تصيبه بالأمراض وضعف المناعة . لكننى غيرت رأيى ، وبدا الفقر أمرا هينا ، رحيما ، مقارنة بالحدث " الجلل " ، وهو " ميلاد أنثى " فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " . انها حقا مؤامرة ، تمت حياكتها عبر آلاف السنوات ، لتنتج ثوبا خشنا ، من الأسلاك الشائكة ، والألغام المتفجرة ، ترتديه المرأة منذ صرخة الميلاد حتى شهقة الموت . فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، نكتشف أن ما قاله الله ، وما قاله الرسول ، يتركزان بشكل جوهرى ، وأساسى ، وعضوى ، فى تحديد معنى الأنوثة ، ورسم مسارات لحركتها . لا نعرف فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، شيئا عن كيفية النمو الاقتصادى ، وما هى الوسائل التى ترقى بالمستوى الثقافى ، والاعلامى والابداعى . أنصار حزب " قال الله وقال الرسول " ، صامتون عن طرق تحسين جودة التعليم ، والاكتشافات العلمية ، والصحة ، والزراعة والصناعة ، وآليات التجارة الدولية ، ومعايير البيئة الصحية ، والتوازن البيولوجى . الحقيقة ان مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، ليس لها مساهمة حقيقية ، تُذكر الا فيما يخص الأنثى ، وجودها ، طبيعتها ، دورها ، جسمها ، عقلها ، لبسها ، صوتها ، حواجبها ، تعطرها ، تزينها ، ضربها ، تأديبها ، تعبدها ، زواجها ، نكاحها ، طلاقها ، تكفينها ودفنها . كل ما يلمس الأنثى من قريب أو من بعيد ، هو " تخصص " كامل متكامل ، تنفرد وتفتخر به مجتمعات " قال الله وقال الرسول " وبامتياز ، لا ينافسها أحد . والهدف على المدى القصير والطويل ، هو الابقاء على حركة " الأنثى " ، داخل أربع أماكن رئيسية ، تكتب مصيرها ، غرفة النكاح ، غرفة الطبيخ ، دورة المياه ، القبر . فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، الأنثى كائن عاجز ، خائف ، موصى عليه ، ممنْ يهمه أو لا يهمه الأمر . كائن تراقبه العيون ، تتربص به الألسنة ، مادة خصبة للاشاعات والقيل والقال . مجتمعات ترى الأنوثة ، عار ، وعورة ، فضيحة ، وفتنة ، توقظ شهوات الذكور ، تقودهم الى الرذيلة ، والفحشاء ، والتهلكة ، واغضاب الله والرسول . وأول شئ يجب أن يجب أن تفعله هو أن " تتغطى " ، مثلما تتغطى قطعة الحلوى ، حذرا من جلب الذباب . شئ عجيب ، أن الأنثى الكائن العاجز ، الضعيف ، المفعول به ، لا يملك مصيره ، ولا ارادته ، ولا بد أن يعيش تحت كنف " ذكر " ، يكون مسئولا عن " الشرف " ، و حماية مجتمعات " قال الله وقال الرسول " من الفسق والفجور والغرق فى ملذات الجسد المدنسة الآثمة . فى هذه المجتمعات ، تتحول الأنثى الى مشروع جنسى متضخم ، يحتمل تنفيذه فى أى وقت ، تجتمع فيه بالذكر حاضر الشهوة دائما . والنتيجة الطبيعية لهذا الوضع ، هو تحول العلاقة بين الذكر والأنثى ، الى علاقة بين صياد جائع ، وفريسة هاربة . ويصبح الجنس هاجسا متضخما ، الى حد الهوس ، والانحرافات المتعددة . شاهدت على قناة متخصصة فى رصد الجرائم ، كيف عاشر الأب الأرمل ، ابنته المطلقة كأنها زوجته ، حتى حملت . وعند القبض عليه ، اعترف بسهولة وأريحية قائلا : " طب وايه يعنى .. أنا محتاج ومحروم .. وبنتى لازم تساعدنى فى أزمتى .. أمال باخلفها ليه ". وفى جريمة أخرى ، حملت الأخت من أخيها ، بعد علاقة عدة سنوات ، وتخلصت من المولود بتركه أمام أحد الملاجئ . قال الأخ عند التحقيق معه : " بفى سنى تلاتين سنة ومتجوزتش .. وأختى زى القمر وجسمها فاير ، وعايشة معايا .. مقدرتش وبعدين ده كان برضاها ". وشاهدت ايضا ، كيف الحفيد فى العشرين من عمره ، بعد أن سرق جدته ، اغتصبها جنسيا ، وهى فى الثمانين من العمر ، والذى اعترف بالجرم : " لحظة شيطان وجدتى حليت فى عينيا " . ليس مستغربا اذن أن تُثقل هذه المجتمعات ، بأكبر نسبة من التحرش الجنسى والجرائم الجنسية ، ونكاح المحارم . وتبرر مجتمعات : " قال الله وقال الرسول " ، الحصار المحكم حول الأنثى ، بأنه ضرورة لتعويض أنها " ناقصة عقل ودين " . وهو ما يحولها الى كائن مضطرب ، مرتبك ، معتل الذاكرة والتمييز ، يسيطر عليه الانفعالات الهوجاء ، والعواطف الغير متزنة . لكن هذا الكائن المضطرب ، بداخله شر عظيم . فهو يتحول عند الضرورة الى كائن غدار ، ماكر ، خائن ، يكيد بكل خبث ومهارة . ولأننا نحب أمهاتنا ، وهن السبب فى وجودنا ، واحساسنا بالاستقرار والأمان فى الأسرة ، كما يقول المثل : " الأم تعشش والأب يطفش " ، يكون لسان حالنا جميعا ، فى صرخة غضب كامنة فى القلب : " أمى ليست ناقصة عقل ودين .. أمى أحسن حاجة فى الدنيا ". وعندما نسمع فى الشوارع الشتائم بالأم ، نبتلع فى صمت ، اهانة أحب وأقرب الناس الينا . وهذا تناقض مخز ، يصيبنا بالاضطرابات النفسية ، والعاطفية . إن القاسم المشترك بين الرجال الناجحين المبدعين الأسوياء ، فى مجالات مختلفة، أنهم كانوا أطفالًا سعداء ، يستمدون سعادتهم وكرامتهم من سعادة وكرامة أمهاتهم. و شىء مألوف أن يعترف الرجل منهم قائلًا بكل فخر: " أمى هى التى صنعتنى " ..... .. " أمى علمتنى الكرامة " ... " هذا من فضل أمى " .. حقا كيف تكون ، وقد أوكل لها المجتمع ، واحدة من أصعب وأهم المهام ... تربية ورعاية وتنشئة الأطفال ؟؟. فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، الأنوثة حرفيا " مأزق" وجودى حقيقى ، و" مأساة " متشابكة الخيوط . لا خير يُرجى ، فى مجتمعات تسحق وتهين " الأنوثة " ، وكأنها الخطر الأكبر ، والعدو الأشرس ، يجب أن يُهزم ، وأن يُذل . لا خير يُرجى فى مجتمعات ، ترى نصفها من الاناث ، قطعا من " الحلوى " ، وترى نصفها الآخر من الذكور ، جيوشا من الذباب .
========================================
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بائعة الفجل وبائعة الشِعر
-
نعش اللعنات .. استعباد قصيدتان
-
الشيطان .. حبيبتك السابقة قصيدتان
-
هيئة الكتاب أماتت ديوانى الشِعرى قبل ولادته
-
أحبها .. الفرح قصيدتان
-
الطبيب الرومانسى .. قُبلة الحياة قصيدتان
-
أحبنى قليلا .. قصيدتان
-
اضطراب خماسى القطب ... قصيدتان
-
ألا أشتهيك لحظة .. قصيدتان
-
رأس المرأة ,, رأس المال .. رأس السنة
-
لست غاضبة منك .. أربع قصائد
-
كان عنده غسيل .. ثلاث قصائد
-
ماذا أعطيك ؟ .. لم يبق لى شئ .. قصيدتان
-
حضارة - الثقب -
-
تمجيد وتخليد رابطة الدم
-
العواصف تسقط الأوراق الميتة عن الشجر
-
- حماس - الجهاد المقدس لاتأسيس خلافة اسلامية عالمية
-
لنتجنب الخطر الأكبر
-
- مايسترو - جسدى .. قصيدتان
-
ماذا بعد ؟؟ .. قصيدة
المزيد.....
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
-
المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة
...
-
نائبة أمريكية تسعى لمنع أول امراة متحولة جنسيا في الكونغرس م
...
-
نهاية مروعة لامرأة في الصين.. سحبها سلم متحرك
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|