|
المقاتلة الصينية: جَي-20 الشبح تجاوزت التوقعات
ماجد علاوي
الحوار المتمدن-العدد: 7887 - 2024 / 2 / 14 - 11:11
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
هيئة تحرير مجلة ميليتري ووتش ترجمة: ماجد علاوي 11 شباط 2024
كانت مقاتلة تشنغدو جَي-20 من الجيل الخامس أول طائرة غير أمريكية من جيلها في العالم تدخل الخدمة، حيث انضمت إلى القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني في آذار 2017 بعد أن قامت بأول رحلة لها قبل ست سنوات. على الرغم من أن الطائرة ترمز إلى ظهور الصين كقوة رائدة في مجال الطيران العسكري مما يعكس حجم اقتصادها واستثماراتها في البحث والتطوير، إلا أن طبيعة أصول البرنامج وأهدافه الأساسية ظلت أكثر غموضا من أي جهد آخر لتطوير المقاتلات الشبح. أحد المصادر النادرة للرؤية القيمة حول برنامج مقاتلات الجيل الخامس الأول في الصين يأتي من ورقة سرية باللغة الصينية يعود تاريخها إلى عام 2003 بعنوان "دراسة استراتيجية لتطوير الطائرات المقاتلة الصينية"، والتي وصفت الأساس المنطقي لتطوير طائرة من الجيل التالي من الوزن الثقيل والتي ستصبح جَي-20 والأدوار التي ستهدف إليها. يبدو أن الورقة قد كتبت في الأصل بين عامي 1996 و 2003، وتم تأليفها من قبل عالم الفضاء قو سونغفن في الأكاديمية الصينية للعلوم والأكاديمية الصينية للهندسة، الذي عمل سابقا في مناصب رفيعة المستوى متعددة في صناعة الطيران الصينية بما في ذلك نائب الرئيس وكبير المصممين في معهد شنيانغ لتصميم الطائرات. ويعكس محتوى هذه الورقة التهديدات الأساسية المتصورة في العصر - أي برامج الجيل الخامس للولايات المتحدة - بالإضافة إلى الأولويات في الطيران المقاتل الصيني، والتوقعات لأداء المقاتلة الجديدة والأدوار التي كان من المفترض أن تؤديها جَي-20. على الرغم من كتابتها قبل دخول أي مقاتلات من الجيل الخامس الخدمة، حيث أن أول طائرة من الجيل الخامس، أف-22 رابتر، انظمت إلى القوات الجوية الأمريكية فقط في أواخر كانون الأول 2005. كان تطوير هذه الطائرات جاريا منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين مع توقع كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة البدء في نشرها حوالي عام 2000. واجه برنامج أف-22 تأخيرات كبيرة حيث تقلص قطاع الدفاع الأمريكي بشكل حاد في تسعينيات القرن العشرين، في حين تم إلغاء الطموح إلى ميغ1. 42 مع تفكك الاتحاد السوفيتي وتقلص قطاع الدفاع والبحث والتطوير والاقتصاد العام في روسيا بحلول عام 1997 إلى جزء بسيط من أحجامها السابقة. وأكدت الدراسة الصينية على المزايا التي تمتعت بها مقاتلات الجيل الخامس على أسلافها من الجيل الرابع مع الاتصالات المتفوقة وقدرات التخفي والقوة النارية وأداء الحرب المرتكزة على المعلومات، وشددت أيضا على الدور المركزي المتزايد الذي تلعبه القوة الجوية في الحرب الحديثة التي أثرت بشكل خطير على الفكر العسكري الصيني منذ حرب الخليج عام 1991. كان قطاع الطيران العسكري الصيني متأخرا بنحو ثلاثة عقود عن الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي عندما انتهت الحرب الباردة، مع اعتماد ما يقرب من ثلاثة أرباع أسطوله نتيجة لذلك على مشتقات مقاتلة منتصف خمسينيات القرن العشرين ميغ-19، التي عفا عليها الزمن منذ فترة طويلة. وبدأت في عام 1991 فقط في تلقي مقاتلة الجيل الرابع من الاتحاد السوفيتي في شكل مقاتلة الاتحاد السوفياتي الأفضل سو-27 فلانكر. والتي تعتبر على نطاق واسع، المقاتلة الأكثر قدرة بين مقاتلات الوزن الثقيل في جيلها، وسيتم نشر فلانكر من قبل الصين بأعداد أكبر من أي دولة أخرى، مما ولد اتجاها في الجيش التحرير الشعبي نحو استخدام مثل هذه المقاتلات الكبيرة، والتي من شأنها أن تمهد الطريق نحو تطوير جَي-20 كخليفة مباشر لها. تم وصف تطوير مقاتلة من الجيل الخامس كوسيلة لتسهيل التحسينات الكبيرة لكل من القدرات الدفاعية والهجومية للقوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني، ولتوفير وسيلة فعالة لمواصلة تطوير صناعة الطيران العسكري التي يتم تحديثها بسرعة كبيرة في البلاد. وكان من المتوقع، كما حدث بالفعل، أن يحفز تطوير مثل هذه المقاتلة على تطوير التقنيات المتقدمة التي يمكن أن تزيد من تحسين تصميمات الجيل الرابع الحالية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك المواد المركبة ورادارات منظومة الكشف النشط )AESA( Active Electronically Scanned Array وروابط البيانات وصواريخ پي أل-15 و پي أل-10 جو-جو من الجيل التالي والتي تم دمجها، أثناء تطويرها كتقنيات لـ جَي-20، في مقاتلات جَي-10سي و جَي-11بي جِي و جَي-16، الأخيرتين تعتبران مشتقات "جيل 4+" من سو-27 فلانكر. وشوهدت اتجاهات مماثلة في الولايات المتحدة وروسيا بدرجات أقل، حيث استخدمت الأخيرة تقنيات واعدة من طراز ميج 1. 42 غير المكتمل لتحديث طائرات الجيل الرابع. ومن الأمثلة البارزة على ذلك محرك أي أل-41أف-1أس للمقاتلة سو-35، استنادا إلى أي أل-31أف من سو-27، والذي شهد زيادة بنسبة 17 في المائة في الدفع باستخدام التقنيات المطورة لمحرك ميغ 1. 44 الخاص. وقد ذكر بوضوح في التقرير أن البرنامج الذي سينتج جَي-20 كان يركز على إنتاج مقاتلة للتفوق الجوي مع التركيز على الاشتباكات بعيدة المدى، على غرار أف-22 الأمريكية ولكنها تختلف عن ميغ 1. 42 التي كان من المفترض أن تكون أكثر توازنا وتنوعا. كان من المفترض أن تكون المقاتلة قادرة على تحييد طائرات دعم العدو مثل طائرات الإنذار المبكر المحمولة جوا، والعمل في مهام قتالية معلوماتية وتوفير بيانات الاستهداف للأصول الصديقة، وإجراء هجمات إلكترونية، والعمل كطائرة إنذار مبكر مساعدة محمولة جوا باستخدام مجموعة أجهزة الاستشعار القوية الخاصة بها. كان التنافس مع أف-22 الأمريكية، والتفوق بشكل مريح على نظيرتها ذات المحرك الواحد خفيف الوزن والتي أصبحت فيما بعد أف-35، مهما للبرنامج، حيث توقعت الورقة بشكل خاص أن أف-35 يمكن أن يتم نشرها من قبل القوات الجوية لحكومة تايوان من منتصف عام 2010. وكان هذا متسقا مع استثمار الصين الضخم في طائرات فلانكر، والتي تم تصميمها لتتفوق على أكبر مقاتلة أمريكية للوزن الثقيل أف-15، سلف أف-22، وأثبتت قدرتها على القيام بذلك في تدريبات متعددة. وفي تسعينيات القرن العشرين وسنوات الألفين شهدت الـ أف-22 تخفيض 75 في المئة من إنتاجها المخطط له، مع أوامر لوقف إنتاجها بعد أقل من أربع سنوات من دخولها الخدمة. تم تأكيد التكهنات القديمة بأن الطائرة المضطربة ستشهد تقاعدا مبكرا في عام 2021، ومع عدم تصدير المقاتلات مطلقا وبطئها في تلقي الترقيات، فقد تركت بعيدا عن أف-35 و جَي-20 في العديد من جوانب الأداء الرئيسية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الافتقار إلى المشاهد المثبتة على الخوذة والحرب المتمحورة حول الشبكة وقدرات الحرب الإلكترونية. وقد ترك هذا جَي-20 باعتبارها طائرة الوزن الثقيل الوحيدة من جيلها، في مستوى السرب وفي الإنتاج على حد سواء، تنافسها أف-35 الأكثر عددا ولكن الأخف بكثير. وفي حين أن أف-35 لم يتم تصميمها للاشتباكات الجوية عالية الكثافة، وتم تصورها في المقام الأول على أنها طائرة هجومية، فقد أدى التقدم في تطوير جَي-20 إلى تسريع الولايات المتحدة الجهود لتطوير مقاتلة التفوق الجوي من الجيل السادس كخليفة لـ أف-22. ومن المتوقع أن تبدأ كل من الصين والولايات المتحدة في نشر مثل هذه المقاتلات في عام 2030 تقريبا. توقعت الدراسة الاستراتيجية بشكل خاص أن صناعة الطيران في الصين ستكافح من أجل تطوير محرك الجيل الخامس لـ جَي-20، مما يشير إلى أن تصميمات الجيل الرابع المتقدمة ستشغل الدفعات الأولية كما كان الحال بالفعل. وتوقعت أن تبدأ الطائرة في التطوير الكامل حوالي 2006-2007، وتبدأ اختبار الطيران حوالي عام 2013، وتدخل الخدمة في عام 2020 مع دخول محرك الجيل الخامس الخدمة في عام 2021. ولكن هذه المقاتلة دخلت الخدمة قبل حوالي أربع سنوات من هذه التوقعات، على الرغم من أن محركها المتفوق الذي تحقق منذ ذلك الحين باسم دبل يو أس-15 كان من المقرر أن يتم تشغيله بعد ثلاث إلى أربع سنوات. مع توقع أن يكون لمحركات الجيل التالي قوة دفع تبلغ 15 طنا فقط، ومع ذلك، من المتوقع أن يكون محرك دبل يو أس-15 أقوى بكثير مما كان متوقعا في الأصل مع قوة دفع تبلغ حوالي 18 طنا. وتم توقع دورة حياة له تتراوح بين 40 و 50 عاما، ومقطع عرضي للرادار أقل من 0.3 متر مربع وقدرة تحمل عالية تسمح للمقاتلة بتغطية جميع أنحاء اليابان بجولة واحدة فقط للتزود بالوقود الجوي، ويعتقد أن المستهدفات قد تحققت جميعها. ربما كانت مواصفات رادار منظومة الكشف النشط الذي ينتج عنه نطاق تتبع يبلغ 200 كيلومتر والقدرة على تتبع 20 هدفا هي المواصفات الأكثر بروزا، واضعين في الاعتبار مدى ما كان من خيبة أمل مع رادارات منظومة الكشف النشط خفيفة الوزن على المقاتلات الأصغر مثل جَي-10سي و أف-16 بلوك 70 التي كان يعتقد أن لها نطاقات التتبع أعلى بكثير، بينما يعتقد أن تغطية جَي-20 تبلغ ضعف ذلك. في نهاية المطاف، يبدو أن برنامج جَي-20، على عكس أف-22 أو ميغ 1. 42، كان ناجحا للغاية ليس فقط في تحقيق الأهداف المحددة لأدائها والتاريخ المخطط لدخولها الخدمة، ولكن في تخطيها تلك الأهداف. إن افتقار المقاتلة إلى المنافسين فيما يجري إنتاجه من فئة وزنها، على أي مقياس جاد، قد تركها في وضع فريد، حيث ترجمت الاستثمارات الهائلة فيها إلى تحسينات كبيرة جدا في الأداء منذ عام 2017. لقد شهدت الطائرة أول مواجهة لها مع مقاتلة أجنبية من الجيل الخامس في آذار 2022، حين التقت بطائرات أف-35 الأمريكية فوق بحر الصين الشرقي، وأبدى قادة القوات الجوية الأمريكية انطباعات إيجابية للغاية عن أدائها، مع القليل من الخلاف على أن المقاتلة في أحدث موديلاتها هي الأكثر قدرة ببعيد خارج الولايات المتحدة. ومع الاستمرار في تطوير ميزات لها وموديلات بديلة للمقاتلة، بما في ذلك البديل ذو المقعدين الذي تم الكشف عنه في تشرين الأول 2021، فمن المتوقع أن تؤدي الطائرة أدوارا أفضل بخلاف التفوق الجوي بما في ذلك القيادة والتحكم المحمول جوا والحرب الإلكترونية التي سيكون الضابط في المقعد الثاني مفتاحا لها. وعلى العكس من أف-22، من المتوقع أن تشهد جَي-20 استمرار الإنتاج لعدة مئات منها مع توقع أن يتجاوز العدد 300 بحلول منتصف عام 2024، ومن المتوقع أن يتجاوز الإنتاج 100 طائرة سنويا في عام 2025. وتشير التقديرات حاليا إلى أن القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني تحصل على المقاتلة بأكثر من ضعف حجم ما تحصل عليه أي منظومة عسكرية أخرى في العالم من طائرات مقاتلة من أي فئة أخرى.
#ماجد_علاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف عزز ترامب السلام العربي الإسرائيلي لكنه أجج الغضب الفلسط
...
-
الإبادة الجماعية في غزة
-
كنت طبيبا في العراق. أرى كابوسا يحدث مرة أخرى.
-
حرب القرار الإسرائيلية
-
هذا الجزيء عبارة عن بلدوزر نانوية
-
بحث يفضح كارثة
-
المستشار -الفطن-... حسناً فعل
-
أفتونا مأجورين
-
تساؤلات
-
لماذا يعفى الإقليم من النفقات السيادية وتستقطع حصته منها من
...
-
بين التقيمين العراقي والأمريكي للتفجيرات الاخيرة
-
إنها الكلمة: -مفتاح الجنة في كلمة، دخول النار على كلمه-
-
أيها السادة: لقد وصلتم إلى نهاية الطريق
-
الموازنة وأوامر السيد الأمريكي
-
الفساد القائم هو منظومة وليس سلوكا فرديا
-
زمن الفرهود والضباع... طبخة موازنة 2021 بين الحكومة الاتحادي
...
-
صحيح شبهة الخطأ بهدم الهيكل
-
هل تنبهوا إلى الكوارث المحيقة بهم؟
-
هل نحن أمام موازنة أم سرقة وتواطؤ
-
يا أيها السلطتين التشريعية والتنفيذية: هل حفظتم الأمانة
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|