أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل شاكر الرفاعي - الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة















المزيد.....


الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 7884 - 2024 / 2 / 11 - 23:09
المحور: الادب والفن
    


ماجد مطرود والاقصوصة الشعرية


أما أنا فكنت خارج السرب وحيداً ألوذ باجزائي
وحيداً في بطن تفاحة سقطت تحت اضراس الأرق
ومن شدة قلقي ربطت عيني بالضوء وتركت عقلي
تركته بلا فكرة يسافر بعيداً نحو شمس الخيال
ويختم ماجد مطرود قصيدة النيران بالقول :
رأيت العراقي عارياً متسائلاً وقد ضيّع بلاده
وقطع أصابعه ورمى جثته لمرابط خيل أجنبية
ماجد مطرود ، من قصيدة : النيران



مائدتي الصغيرة التي ذكرتها في مقالي السابق عن الشاعر ،: محمد تركي النصار ، لا مجال فيها إلا للمبدعين الذين هم في حالة بحث دائم عن دنان جديدة : تطابق رؤاهم الشعرية ، وترفع التناقض الموروث بين الشكل والمضمون او بتعبير أرسطو بين : الصورة والمادة ...

تستضيف مائدتي الأثر ولا تستضيف خالقه : لا لانني لا أؤمن بوجود خالق للنص ، بل لأنني اعتدتُ على أن اقرأ النصوص بعيداً عن خالقيها الذين لا لزوم لحضورهم : اذ من الممكن لمحرك البحث : غوغل أن يجيب على جميع اسئلتك المتعلقة بسيرة حياة المبدعين : فيما الجهد الأساس يجب بالضرورة أن ينصب على مستويات النص الداخلية والعلاقة بينها ...

جميع الأجناس الأدبية لها حضور في نصوص الشاعر ماجد مطرود ، لكن نصوصه الأخيرة ( قرأت قبل ساعات على الفيس بوك نصه المعنون : النيران ) تميل إلى صياغة رؤاها الشعرية باستخدام أدوات السرد ، لكن الشاعر ماجد المطرود فيصوغ الماجد حكاية - تنتمي إلى ذلك الطقس الغرائبي الذي كانت فيه حكايات البالاد الشعرية التي سادت اسبانيا وأوربا مع بدء رحلات استكشاف العالم عبر البحار : تمثل الجد البعيد لحكايات الماجد ، لكن مع فارق أن عالم اسبانيا يمر بحركة نهوض ، فيما بلاد الماجد تمر بحالة غير مسبوقة من التراجع والنكوص ، مع اختلاف اقصوصة الماجد الشعرية ، كما يحلو لي تسميتها : عن حكايات الحيوانات والارانب السارحة في البرية ، وصياح الديكة ومقالب الثعالب ...

أؤكد هنا على انني لم التق شعراء هذه النصوص ، ولم استلم نصوصهم بالبريد العادي أو الالكتروني ، ولم اسمع باسمائهم ، وانني اكتشفت نصوصهم ( آثارهم ) قبل اكتشافهم ، وهي التي دلتني على وجودهم كأعضاء فاعلين في صناعة ذائقة جمالية جديدة . اذاً ، الاسماء التي لا تتعب من البحث عن مفهوم للجمال غير. تقليدي وغير موروث : تستطيع الدخول بترحاب الى ذاكرتي والعيش فيها الى الوقت الذي أشعر فيه بدبيب الشيخوخة في صناعتهم الجمالية ، وان مغامرة صياغة جمالية على وشك الولادة لشباب من جيل جديد يجربون أشكالاً ودناناً غير معروفة لتجاربهم الكتابية : عنن العلاقات الاجتماعية والثقافية والسياسية الجديدة داخل مجتمعهم العراقي بعد أن صار الدفاع عن الظلام ضد النور : بطولة ، والدفاع عن سرقة القرن وحماية منفذيها ،: بطولة ، وتبرير انتهاك السيادة : بطولة . هكذا تولد النصوص البديلة تعبيراً عن الشعور بالاختناق من واقع : ظل النص القديم فيه يمارس غواية التبرير والتغطية بعد أن جفت ضروع موهبته تماماً ، وتجرد عن الحس النقدي متماهياً تمام التماهي في آلية التبرير والدفاع ...

نصوص ماجد مطرود الى جانب نصوص محمد تركي وآخرين : لا بد وأن تكون قد حازت على معايير ( ابن شاكر الذي هو : أنا ) الجمالية ، وأصبحت ضيفاً مرحباً به على مائدتي المسائية : هؤلاء هم الشعراء الذين سدوا جوعي الجمالي للأدب المضيء الشفاف : هم بالنسبة لي كائنات ديكارتية : تسبقهم نصوصهم إلى الإفصاح عن وجودهم ، ويرددون مبتسمين : " انا اكتب نصاً نوعياً ، اذاً انا موجود على مائدة ابن شاكر " ...

فشرط دخولهم وجلوسعم على أحد كراسي مائدة المساء : أن تكون نصوصهم مختلفة : لا تحمل علامات الوقوع في غرام نصوص سابقة ، ولم يصبها تماهيها بتلك النصوص بالاتباعية وفقدان القدرة على الوقوڤ من دون إسنادها . نصوص مائدتي المسائية اخترتها لجدتها وطرافتها ، وخلوها من التقليد والتكرار ، واستقلالها ببنية خاصة بها : تشير إلى شعرائها وتدل عليهم ...

واذاً ، لا يؤثر على اختياري للنصوص عدم التقائي بكتابها ، وحتى لو التقيتهم فلا يؤثر على اصطفائي : موقعهم الطبقي أو الوظيفي ، ولا تؤثر على ذائقتي الجمالية - وقد ازمعت على ترقية نصوصهم إلى مرتبة : نديم - سحنات وجوههم أو اثنياتهم او نشاطهم السياسي أو الدبلوماسي أو الديني : أكانوا فقهاء أو حاخامات أو قساوسة . ذلك لأنني مأخوذ بحوار أفكارهم التي تتضمنها نصوصهم . قد تنفعني معرفة سيرهم الذاتية في النفاذ إلى عمق نصوصهم واستكناه مراميها البعيدة ، ولكن تجربة قراءتي لحياة شعراء الجاهلية وصدر الاسلام لم تساعدني كثيراً على فهم نصوصهم : لقد ساعدني القاموس على التوغل عميقاً في غابة عوالمهم الشعرية ، أكثر من معرفة حياتهم ، سيّما وان الكاتب الموسوعي طه حسين أنكر وجودهم في كتاب : في الشعر الجاهلي ، فاربكني قليلاً ، الا أنني واظبت على قراءة الادب القديم بمساعدة القاموس الذي لم يعد قراء الادب المعاصر بحاجة إليه ...

تبرز أهمية نص ماجد مطرود من خلال الحضور الفاعل لجميع عناصر النص ، وهو حضور مشاركة وبناء ، فهم جميعاً يروون الحدث ( مركز الخلاف أو النقاش أو الاشعاع داخل النص ) وهي تقنية تبرز من خلالها وجهات نظرهم ، وليست وجهة نظر الشاعر فقط . فيتكامل النص من خلال هذه السمفونية التعددية لاصوات عناصر وابطال النص ، وهذه تقنية جسدها : وليم فوكنر ، في رواية : " الصخب والعنف" ، ونجح نجيب محفوظ في إبراز دواخل شخصياته ( آراؤهم ) من خلالها هي تروي الحدث في رواية : ميرامار . وهذه التقنية لا نجدها في النص القديم الذي يروي فيه السارد أو الشاعر الحدث بمفرده : فطرفة بن العبد يبدأ معلقته - ككل شعراء الجاهلية ، ما عدا الاحناف منهم - بالحديث عن امرأة غائبة : يذكرها حين يمر بديارها التي لم يتبق منها شيء إلّا كبقايا ( الوشم في ظاهر اليد ) واذا لم يتبق من ديارها شيء : فكم سنة مرت على غيابه ؟ على الضد من هذا النص الذي لا نلمس فيه حضوراً لبطلته ، يبدأ نص ماجد مطرود بالحضور الفاعل لامرأة في مشهد العمل ، امرأة : أفعالها هي التي تروي الحدث ، وهي أفعال ذات نزوع انساني . نحن أمام نصين : قديم وحديث ، يتحدثان عن امرأتين : واحدة حاضرة في أتون الحياة واخرى غائبة .الحاضرة منهما ذات أفعال آنية ومستقبلية : فهي تعمل في مكان وتستثمر أموالها في مكان آخر ، ولكنها في المكانين ذات حضور فعّال : تبادر وتنشط كي تجعل الحياة أكثر إشراقاً في عيون شريحة من الناس : وقعت ضحية لآلية التشيء والاغتراب : النابعتان من آلية اكبر : آلية الامتصاص والكنز وحب تكثير الأموال ...

معشوقة الشاعر الجاهلي الشاب : طرفة بن العبد مرسومة في القصيدة بعيون طرفة وبمشاعر طرفة . وعلينا أن نصدق طرفة فوراً بما يخبرنا به . في الثقافة الشفاهية : انت غير مطالب بتقديم البرهان على ما تقول ، اما الثقافة الكتابية فتطالبك بالبرهان والدليل على ما تقول . في المجتمعات الشفاهية ، لا يطالبك احد بتقديم البرهان على ما تقول بل بالعكس : تطالب انت الجميع بتصديق ما تقول ، والا انزلت اللعنة عليهم اذا لم يصدقوك : حتى لو كان قولك مجرد ثرثرة وهذيان . بينما في المجتمعات الكتابية ، وخاصة في نماذجها الصناعية الأرقى : انت مطالب بتقديم الدليل الملموس على ما تقول ، وإدخالها الى المختبرات العلمية لتجريب صحة منطقها وسلامة مفاهيمها العلمية . كيف نصدق طرفة عما أخبرنا به عن مروره بديار محبوبته ؟ من حقنا أن نتساءل عن مصداقيته فيما أخبرنا به من حب لفتاته : وما سيخبرنا به في باقي القصيدة من ممارسته للصعلكة ، وان قبيلته طردته نتيجة صعلكته ومعاقرته الخمر واضاعته ما يملك من طارف وتليد ...

" السمينة " في قصيدة ماجد لا تقول : سوف افعل ، لان القصيدة تتحدث عن فعل جارٍ ، وتصفها وهي تفعل ، انها تعمل وتمنح من عملها المهمشين العابرين . وحين تنتقل بطلة قصيدة الماجد إلى بلاد أخرى : تجد أمامها المبنى نفسه الذي كانت تعمل فيه . فهي لا تقول للناس : انتي كنت ، وأنني منحتكم ، وأنني اطالبكم بإرجاع الدين ، بل تباشر عملها القديم فوراً يوم كانت اجيرة ، رغم أنها تملك المكان الجديد برمته ، أنها النموذج الذي يستحق أن نتأمله ، أنه الجمال الذي يحرر عيوننا من ادماننا على رؤية القبح والخراب والبشاعة الروحية التي تنهض أمامنا في كل ممارسة مبنية على : سوف اعمل ، وثقوا بي ...

" المغربية " هي النص الثاني الذي اعتز به لماجد مطرود . والمغربية اسم بطلة قصيدة المغربية ، انها اقصوصة عن الجمال الذي يشع ويضيء الممرات والدهاليز السرية للنفس البشرية التي حتى مدرسة التحليل النفسي غرقت في عوالمها السرية ، ولم تعلن عن فك شفرتها ، والمغربية عي اقصوصة - قصيدة عن الانسان الذي لا يدرك كنه ذاته ، ولا يعرف مزاياه ، وما يتمتع به من خصوصية . انها تخطو ولا تعرف شيئاً عن الأمواج التي تخطو بجسدها . وهي اقصوصة عن الحب الذي يرفض التمدد في المؤسسات الاجتماعية ، ويفضل عليها مؤسسة حرية الجسد المبنية على وحدة الشكل والمضمون ، الصورة والمادة ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمزية نصوص الشاعر محمد النصار
- مفهوم السيادة والوعي الطائفي
- لا سيادة في العراق
- اين انتم ؟؟
- المطربة الواعدة : حنين الشاطر
- جنوب افريقيا : دولة مؤسسات إنسانية
- ما الكارثة ؟
- نتنياهو حماس / حماس نتنياهو
- الدولة الاسلامية ومفهوم السيادة ( ١ )
- اضاءات على انتخابات المجالس المحلية في العراق
- هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٥ )
- في اللغة العربية وعنها
- هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٤ )
- ضوء على بعض عالم المهاجرين
- ماذا تعني حروب الثأر ؟
- هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٣ من ٣ )
- هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٢ )
- هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ١ )
- الاقتراب من الحقيقة
- انهم يسرقون صفات الآلهة ولا يستخدمونها ( ٤ : ايران )


المزيد.....




- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل شاكر الرفاعي - الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة