أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر20















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر20


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7884 - 2024 / 2 / 11 - 00:52
المحور: الارشيف الماركسي
    


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
الحلقة العشرون

– تتعَارض "المَادية" مَع "المثاليَة" في التَطبيق وَفي النَظريَّة
نستطيع الآن العودة إلى الجوابين اللذين يُذكران عادة للرد على السؤال الرئيسي في الفلسفة. ويتضح أن هذين الجوابين ينفي كل منهما الآخر بصورة مطلقة وأنه لا يمكن الا أن يكون واحد منهما صحيحا. فلماذا لم يعرف الناس، لأول وهلة الجواب الصحيح؟ سوف نرى سبب ذلك فيما بعد، عند حديثنا عن أصول النزعة المثالية.
يكفينا أن نلاحظ الآن أنه، لما كانت النزعة المثالية والنزعة المادية تنفي كل منهما الأخرى، فلا يمكن أن يكون هناك سوى جواب واحد صحيح، فأننا أمام تناقض. وهكذا فأن النزعة المثالية والنزعة المادية تكوِّنان وحدة لا يمكن فصل احداهما عن الأخرى، كما لا يمكن فصل الضد عن ضده. فكل تقدم تحرزه أحداهما هو تأخر بالنسبة للاخري. وهكذا فان تقدم النزعة المادية أنما هو ضربة تنزل بالنزعة المثالية. كما أن كل تأخر يصيب النزعة المادية انما هو تقدم للنزعة المثالية. تعني وحدة الضدين هذه أن النضال بين النزعة المثالية والنزعة المادية لا مفر منه وأنه لا يمكن التوفيق بينهما: (راجع الدرس الخامس، 3، والدرس السابع، الخلاصة العامة).
وهذا مهم لأن بعض الفلاسفة المثاليين يحاولون تشويه الماركسية فيدعون أن المادية الجدلية عبارة عن مركّب (synthese) يتخطى التناقض بين المادية والمثالية. ولا يمكن لمثل هذا "المركب" في الحقيقة الا أن يكون ستارا تختفي وراءه المثالية.
صحيح أن ماركس كتب يقول بأن المادية الجدلية ستقضي على التعارض القديم بين المادية والمثالية. وهو يعني بذلك أن المادية الجدلية تسمح بفض النقاش الذي استمر آلاف السنين؛ وذلك بانتصار المادية التي اكتمل نموها وجعلت المثالية تنهزم أمامها انهزاما لا مرد له. يمكن حل التناقض إذن بالنضال ضد المثالية . وليس بمحاولة التوفيق بينها وبين المادية كما رأينا ذلك في دراستنا للجدلية. ولهذا النضال النظري أهمية عملية كبرى. وذلك لأن هاتين النظرتين المتعارضتين للعالم تسيطران على مواقف عملية متعارضة.
يمكن تجنب الصاعقة بواسطة طريقتين: اما باستخدام القضيب المضاد لها أو بإشعال شمعة والتوسل إلى السماء. وتعتمد الطريقة الأولى على الفكرة القائلة بأن الصاعقة ظاهرة مادية لها أسبابها المادية المعينة ويمكن تفادي نتائجها بواسطة الوسائل التي تمدنا بها المعرفة العلمية وآلاتها وأما الطريقة الثانية فهي تعتمد على الفكرة القائلة بأن الصاعقة هي قبل كل شيء، مظهر من مظاهر غضب الله وقوته، لها أسبابها الخارقة ولهذا يمكن تفاديها بوسائل سحرية خارقة كالشمعة أو الصلاة، عن طريق تأثير الروح الإنساني في الروح الإلهي، وهكذا، تؤدي طريقة تصور أسباب الظواهر إلى طريقة تصور الوسائل العملية المختلفة وهي وسائل مادية في الحالة الأولى، روحية في الحالة الثانية، وكذلك تصور النتائج العملية المختلفة.
ولهذا التعارض النظري نتائج أخرى عملية إذ ليس من الصعب أن ندرك أنه كلما انتشر استعمال القضيب المضاد للصاعقة كلما قل إشعال الشموع وترتيل الصلوات. ولهذا كانت الكنيسة، التي رأت زوال نفوذها، غير راضية عن تقدم العلوم وزوال سرعة التصديق الساذج.
ولا يقل التعارض أيضا فيما يتعلق بظواهر الحياة الاجتماعية. فلقد خلَّف لنا رابليه وصفاً رائعاً لهذين الموقفين، في الفصل الذي عقده حول الحرب البكرو كولية (La guerre Picrocholine) إذ كان معظم الرهبان يغلقون على أنفسهم باب الكنيسة إذ ما هاجم بكرو كول picrocole الدير لنهبه متضرعين إلى الله أن يغفر له. ولم يشذ عن ذلك سوى الراهب حناJean Des Entommeunes الذي كان يتسلح بعصا غليظة صلبة يضرب بها ضربات قوية يفر على صوتها أصحاب بكرو كول بعد اجتياحهم لبساتين الدير. وهذا دليل على أن الهجوم أفضل من الصلاة للتخلص من المعتدي.
ولهذا شارك عدد من الكاثوليك، أثناء المقاومة الوطنية للمعتدي النازي في مختلف صور النضال ضد المحتل. ويلاحظ عادة أن أصحاب الفلسفات المثالية يتصرفون في الحياة تصرف الماديين.ويوضح لنا هذا أخطار النزعة المثالية العلمية، ذلك لأن نزعة الرهبان، كما صورهم رابلية، تؤدي في الحياة العملية إلى ترك الحقل بين يدي المعتدي. وكذلك كانت نزعة السلميين المثالية، الذين كانوا يأبون العمل ضد الحرب ويتظاهرون بإيمانهم في "حسن نية" الاستعماريين عامة، أمثال هتلر خاصة، أقوال كانت نزعة هؤلاء تساعد النازيين وتؤكد القول المشين: "العبودية أفضل من الموت".
وكذلك تبعد اليوم النظرية المثالية، القائلة بأن الحرب مقدرة وأنه يجب الرضوخ لها كعقاب الهي عن خطايا الأنانية، عددا كبيراً من الكاثوليك عن ساحة النضال من أجل السلام.
ولما كانت النزعة المثالية تؤدي، كما رأينا، لمواقف عملية تساعد أنصار الحرب والطبقات المستغِلة عامة (حسب الفكرة المثالية القديمة القائلة بعدم مقاومة الشرير) فأننا ندرك بسهولة كيف أن الطبقات المستغِلة قد اتخذت، عبر التاريخ، جميع الوسائل لتشجيع النزعة المثالية بين الجماهير، والعمل على تنميتها والدفاع عنها. ولا نزال نذكر كيف هرع حفار القبور بول رينو إلى كنيسة نوتردام يجأر بالدعاء لحماية فرنسا.
ولهذا يهم الطبقات المستغِلة، للمحافظة على الأوضاع الراهنة التي تستفيد منها، تعليم الناس بأن هذه الأوضاع تجسد "ارادة سامية" أنها تمثل "العقل الكلي" الخ.. ولهذا كان من مصلحتهم نشر النزعة المثالية التي تلقن الجماهير الخضوع والاستسلام.
نرى إذن الأهمية الكبرى العملية لإدراك النظريات المثالية ودراسة النزعة المادية الفلسفية.
6 – تمتَاز المَادَية الفَلسَفِيَّة الماركسِيَّة بثَلاث ميزات أسَاسِيَّة
وجدت النزعة المادية، كنظرة للعالم، قبل وجود النزعة الماركسية. وسوف نرى أن النزعة المادية أنما تقوم على اعتبار العالم "كما هو" دون أن تضيف إليه أي عنصر غريب عنه. ولقد اضطر الإنسان إلى الأخذ بهذه الطريقة في النظر للعالم منذ أمد بعيد وفي كل مرة كان يضطره فيها أشباع حاجاته للسيطرة على الطبيعة بالوسائل التقنية الفعالة. ولهذا شجعت الطبقات الصاعدة، عبر التاريخ، التفكير المادي، وذلك لأن مستقبلها كان يعتمد على تقدم الوسائل العملية وازدهار العلم؛ كما أن هذه الطبقات كانت تحارب الفكرة القائلة بأن النظام القديم للأشياء، الذي كانت تسعى لإزالته، انما هو تجسيد لإرادة العناية الألهية. وكانت هذه الطبقات تعتقد أنه لما كان باستطاعة الإنسان أن يحول المادة والطبيعة بعمله فهو يستطيع أيضا أن يحسن مصيره بعمله أيضا.
ولا نستطيع هنا دراسة تاريخ النزعة المادية؛ فلقد كانت أهم عصور الفلسفة المادية هي العصور القديمة اليونانية، حين سيطرت طبقات التجار، التي كانت آنذاك أكثر الطبقات تقدما؛ وكذلك القرن الثامن عشر في فرنسا، حيث وجدت طبقة البرجوازية الثورية؛ وأخيرا العصر الحاضر الذي يمتد من أواسط القرن التاسع عشر. فظهرت طبقة البروليتاريا الثورية ولا سيما في البلاد التي استولت فيها هذه البروليتاريا على الحكم اعني في الاتحاد السوفياتي .
ولسوف ندرس بالتفصيل النزعة المادية الفلسفية الماركسية التي تمثل النزعة المادية في العصر الأخير، وقد بلغت الذروة. كما سنرى في دروس أخرى كيف أن الفلسفة المادية اتخذت طابعها النهائي في مؤلفات ماركس وانجلز العبقرية اللذين وضعا أسسها حوالي أواسط القرن التاسع عشر.
وسنرى أيضا أن النزعة المادية السابقة على الماركسية لم تكن جدلية بصورة مذهبية منطقية، ولهذا لم يكن باستطاعتها أن تصور الواقع بكل خواصه، كما لم يكن باستطاعتها أن تكوِّن نظرة نهائية للعالم.
لهذا يجب التمييز بين النزعة المادية الفلسفية الماركسية وبين جميع المذاهب المادية السابقة عليها. وسوف ندرك في الدروس التالية صفات هذه الفلسفة الأساسية. وهي ثلاث صفات تتعارض مع صور النزعة المثالية الفلسفية الرئيسية.
1 – العالم مادي بطبيعته.
2 – المادة هي المعطى الأول والوعي هو معطى ثانوي مشتق منها.
3 – يمكن معرفة العالم وقوانينه معرفة تامة.
حتى إذا ما أخذنا بدراسة كل من هذه الصفات وصلنا بين دراسة النزعة المادية وبين النضال ضد النزعة المثالية، ثم وضحنا القول في نتائج النزعة المادية في ميدان الحياة الاجتماعية.
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر19
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر18
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر17
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر16
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر15
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر14 ...
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر13
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر12
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر11
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-اصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر10
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-يوليتزر9
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر8
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر7
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر6
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - الفلسفة الماركسية-بوليتزر5
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر4
- 3من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - أصول الفلسفة الماركسية - بوليت ...
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر1
- 2من أجل ثقافة جماهيرية بديلة - نصر حامد أبو زيد


المزيد.....




- مصر.. وفاة قيادي بارز في التيار اليساري وحركة -9 مارس-
- ‌الخطوة الأولى هي فضح الطابع البرجوازي للنظام وانتخاباته في ...
- إخفاقات الديمقراطيين تُمكّن ترامب اليميني المتطرف من الفوز ب ...
- «الديمقراطية»: تعزيز صمود شعبنا ومقاومته، لكسر شوكة العدو، ي ...
- العدد 578 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- المحرر السياسي لطريق الشعب: أكتوبر ثورة العدل والحرية
- برنامج مهرجان طريق الشعب التاسع
- تأخير محاكمة 13 مناضل من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة ...
- بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال ...
- في سلطنة عُمان.. بوليفية تُلهم جيلاً جديدًا من الباحثين والع ...


المزيد.....

- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي
- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر20