|
اشكال القهر والحكم في النظام السياسي العربي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7882 - 2024 / 2 / 9 - 14:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" طيلة اشتغالي على هذه المادة الثقافية السياسية ، كان البوليس السياسي يطفئ صفحة Word " . كقاعدة عامة ، تعتبر الأنظمة السياسية العربية ، ومن دون استثناء ، أنظمة لا علاقة تربطها ،لا من قريب ولا من بعيد بالديمقراطية . ولعل تقارير المنظمات الدولية سواء تلك التقارير التي تصدرها منظمات حقوق الانسان المستقلة ، او التقارير التي تصدرها المؤسسات الحكومية ، كتقرير وزارة الخارجية الامريكية ، وتقرير البرلمان الأوروبي ... غنية عن تعريف أنواع واشكال التسلط ، والقهر الذي يمارسه الحاكم العربي ضد الشعب المُكتوي بنيران التسلط والقمع ، ورمي المناضلين والمثقفين والكتاب وفاضحي الفساد بمحاضر بوليسية مزورة ، لرمي الناس في السجون لسنوات ، يذبل فيها العمر ، ويشيب الرأس ، وتخر القوة ، لا لشيء ، فقط لان الحاكم العربي ، الذي سرق الحكم يريد الاستفراد بالثروة والجاه والمال المكدس بطرق خبيثة في الابناك الأوروبية ، وبالملادات الآمنة .. لذا سنجد ان الحاكم العربي ، يكره الشعب حدّ التمالة ( تمل ) ، خاصة عندما يفلت من العقاب عن الجرائم المقترفة في حق الشغب . وبالرجوع الى اشكال الحكم التي يعتمدها الحاكم العربي ، سنجها تتوسع بين الدكتاتورية ، وبين الاستبداد وبين الطغيان .. فحين يتم رمي الناس ظلما في سجون الحاكم العربي ، سجون سرية وسجون رسمية ، كسجن تزمامارت ، وسجون سرية أخرى ، كان يشرف الحاكم نفسه على استنطاق الضحايا فيها ، تبدو في الحال سيطرة مرض السوسيو-باتية ، ومرض البسيكوباطية ، التي اصابت الحاكم العربي المريض مرض " نيرون " الذي احرق روما .. وطبعا تكون نهاية الحاكم العربي تراجيدية كنهاية " نيرون " ، ونهاية صدام حسين ، ومعمر القدافي ، وحسني مبارك ، وحاكم اليمن صالح ، وحاكم تونس بنعلي ، والحسن الثاني الذي مات ب L’emphysème .. أي ان الله يمهل ولا يهمل .. لذا سنجد اشكال الحكم التي مارسها ويمارسها الحاكم العربي ، وان كانت تختلف بالتسمية ، فهي كانت مسترسلة ، وتكمل بعضها البعض ، لنصل الى معرفة اصل حكم الحاكم العربي المريض ، الذي لا تعيرهم الدول الديمقراطية أهمية وكأنه غير موجود ، لان اصل السلطة التي يمارسها مرفوضة ولا تقبل بها الأنظمة الديمقراطية حكاما وشعوبا . اذن الحاكم العربي هو حاكم دكتاتوري ، حاكم مستبد ، وحاكم طاغية . 1 ) الدكتاتور : شعار الدكتاتور : أنا الدولة / الدولة أنا . الدكتاتور ، هو الحاكم الذي يجمع بين يديه كل السلط ، فهو المشرع ( البرلمان ) ، وهو المنفذ ( الحكومة والوزارة ) ، وهو القاضي الاول والأخير ( القضاء ) .الذي وحده مؤهل لحكم الرعايا ، من اجل تربيتهم ، او إعادة تربيتهم . فالقضات قضاته ، والاحكام تصدر باسمه ، وتنفذ باسمه ، والاعوان الذين ينفذونها هم اعوانه ، والسجون هي سجونه ..اي يتصرف مزاجيا كحالة خاليد عليوة ، والبيدوفيل " گلفان " الذي اطلق سراحه بعد ان كان محكوما بثلاثين سنة .. وتهريب احد الكويتيين من السجن بتهمة الاغتصاب .. الخ . الدكتاتور هو أعلى من البرلمان ، لأنه هو الدولة ، وهو الشعب الذي ينتخب موظفي ( برلماني ) الدكتاتور . هو أعلى من الحكومة ، لأنه هو من يملك سلطة القهر والبطش ، وما يسمى بالوزراء ، هم مجرد موظفين سامين بإدارته ، شأن البرلمانيين الذين هم برلمانيه .. اذن الدكتاتور هو أعلى من القضاء ، لأنه هو من يعين القضاة من مختلف الدرجات ، وهو رئيسهم الذي يتولى تعيينهم كما يتولى عزلهم .. الدكتاتور يأتي الى الحكم بانقلاب عسكري ، بعد ان ينقلب على من انقبلوا معه ، او قد يأتي عن طريق ثورة طبقية ، بعد ان ينقلب على الثوار الذين ثاروا معه ، وقد يأتي للحكم صدفة او مصادفة ، او بضربة حظ ، كملك المغرب محمد السادس ، الذي سلم المغرب الى اصدقاءه الذين ينعمون اليوم بثروات لا تحصى ولا تقدر .. 2 ) الاستبداد : عندما يتحكم الدكتاتور في الدولة ، ويتمكن من ذلك ، ينتقل الى المرحلة الثانية من السطوة والتسلط ، التي هي الاستبداد بالمجتمع ، ومن ثم تحنيطه طبقا لنواميس وطقوس رجعية بالية ( دار المخزن ) ، يصبح فيها الناس عبيدا لا مواطنين . الاستبداد كنظام هو اخطر من الدكتاتورية ، لأنه يفعل فعلته اللعينة في نفسية الدكتاتور المستبد المريض ، فيجعله يتصرف بدون ضوابط ، ولا ميكانيزمات ، أي يحكم البلد مزاجيا ، وخطورته انه ينتقل به الى المرحلة الخطيرة التي هي حالة " بسيكوباطية " ، " وسوسيو باتية " ، أي مرضية التي هي الطغيان . 3 ) الطاغية : عندما ينجح الدكتاتور المستبد ، في تحنيط المجتمع الذي غالبيته مجرد رعايا ، وليس فقط السيطرة على الدولة . وفي غياب وانعدام المعارضة الشريفة التي تصبح بفعل الخوف من الطاغية ، جزءا من فسيفساء نظام الدكتاتورية والاستبداد ، يتحول الدكتاتور المستبد الى طاغية ، وهي قمة المرض السسيوباتي ، والبسيكوباطي ، الذي يعاني منه الطغاة . الطاغي ، Le despote ، وفي أعلى وأوج درجات انفعاله ، يفقد البصيرة ، ويختلط عليه الوضع ، ولا يميز بين الخير و الشر ، الظلم والعدل ، القانون والاجرام ، بل وما علمنا التاريخ ومختلف تجارب الطغاة ، ان الطغيان يصبح ماكينة منتجة للأجرام ، والشر ، والظلم بأشكال متعددة ومتنوعة . في بلاد الطغيان ، يعشق الطاغية الطاووسية لانه خاوي الوفاض ، ويكره الفن ، والمثقفين ، واهل الفكر وبُعد النظر ، لأنه وبحكم الطغيان والامراض المختلفة ، يكون للطاغي فنه الخاص به ، وثقافته الخاصة به ، التي لا علاقة لها بالثقافة ولا بالفنون الإنسانية الرفيعة ، وله طقوسه الخاصة وجذبته ، وقد تصل به الجذبة والفراغ ، الى هجر البلد والعش ، والتسكع ليلا ثملا / سكرانا في عواصم الانوار ، مع شرذمة متخصصة في الاجرام . والطاغية يتميز بخصال خاصة ، يسببها له مرض السكيزوفرانية . فتراه يكذب و ينافق نفسه حين يحاول الظهور بحبه للشعب ، لكن الحقيقة المجردة ، أنه يكره الشعب حد الثمالة . ألم يحرق " نيْرون " روما فوق رأس شعبها ، وهو يتمايل سكرانا ، ومزهواً " بابسيكوباطيته " و" سوسيوباتيته " اللعينة . محيط الطاغي معروف ، والطيور على اشكالها تقع . التاريخ علمنا أن نهاية الطغاة تكون تراجيديا جد مؤلمة . نسأل الله حسن الخاتمة والسلامة . سؤال للمهتمين : من هو الحاكم العربي الذي تجتمع فيه كل هذه الصفات الحسنة ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ، السيد - ستيفان د
...
-
اعوجاج في نزاع الصحراء الغربية
-
الملك ودعوة إرحل
-
هل ستندلع حرب أمريكية إسرائيلية مع الجمهورية الإيرانية
-
بين محكمة العدل الدولية ، والمحكمة الجنائية الدولية
-
النظام المخزني السلطاني يتودد ويستعطف الدولة الموريتانية
-
في دولة الملك ، ودولة أصدقاء الملك ، ودولة اعز أصدقاء الملك
...
-
الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غتريس
-
هل البوليس المخزني متورط في عملية الاغتيال الفاشلة لاحد السي
...
-
الاقطاع المخزني
-
محاور : إسرائيل . محكمة العدل الدولية . مجلس حقوق الانسان
-
من دون استراتيجية ، يستحيل تحقيق الأهداف الثورية
-
حول مسألة الجنس
-
انقلاب الدولة البوليسية
-
من يعترف بالشعب الصحراوي ، ومن يعرقل حل نزاع الصحراء الغربية
...
-
الشعب الصحراوي
-
أين هو ؟ مسافر ولن يعود
-
الأمين العام الأمم المتحدة السيد أنطونيو گتريس
-
آليات السيطرة والعنف في المجتمعات المتخلفة
-
من هو الشخص الذي سرق الدولة ، وسرق كل المغرب ، أمام أعين الج
...
المزيد.....
-
-اختيار محتمل للغاية-.. محلل يشرح السبب الذي قد يدفع إيلون م
...
-
المبادرة المصرية تطالب بسرعة تنفيذ القرار القضائي النهائي بإ
...
-
-نتنياهو ضحى بالرهائن الإسرائيليين من أجل مصلحته الشخصية- -
...
-
أمريكا أوّلا وآخرا.. وزير خارجية ترامب المرتقب يتعهد بتغيير
...
-
فيرتز نجم ليفركوزن يدخل دائرة اهتمام بايرن
-
الانضباط أولا..مدرسة ألمانية تفرض غرامة مالية على المتأخرين!
...
-
سلطات مولدوفا تعرض الاستقالة على رئيسة إقليم غاغاوزيا مقابل
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مصادرة 3300 قطعة سلاح ودبابات للجيش ال
...
-
ساعر يرد على بلينكن: إقامة دولة فلسطينية ستؤدي إلى إنشاء -دو
...
-
نوع من الجبن -يحارب- ألزهايمر!
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|