|
لفينومينولوجيا توازن القوى في غُلِبَتِ الرُّومُ
طلعت خيري
الحوار المتمدن-العدد: 7877 - 2024 / 2 / 4 - 11:29
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في القرن الرابع الميلادي ، ونظرا للتشابه العقائدي بين ميثولوجيا الرومان ، ميثولوجيا عيسى ابن الله ، تمكن النصارى العرب من استقطاب الرومان الى الطائفة النصرانية ، ذلك مما ساهم في عودة النصارى الى المسجد الأقصى مرة أخرى بعد طردهم منه ، في تحالف سياسي جديد بدء به مرقس عندما ألف للرومان إنجيلا ليطلعهم على أهم المعجزات التي تحققت على يد عيسى ابن الله في بني إسرائيل ، كما ألف لهم نصوص روحية ميثولوجية إلهية وصفتهم بالمخلصين ، وان الرب قد نبئه بمجيئهم ، ولكي يستقطب مرقس أيضا ، التوراتيون من الذين هادوا وبني إسرائيل الى التحالف الجديد ، مرر تعاليم عيسى ابن الله على قراهم ومدنهم في كل من فلسطين ونهر الأردن والناصرة ، فتأثر الكثير منهم بدعوته ، ذلك مما زاد في نفوذ النصارى ليفوق على التوراتيين والذين هادوا من بني إسرائيل ، الأمر الذي جعلهم بحاجة الى مركز قياده ديني تنطلق منه الأوامر الإدارية والعسكرية لإدارة التحالف الجديد ، فاختاروا المسجد الأقصى ، كمركز تمويل مالي وعسكري للجيش الروماني ، يدار من قبل الأحبار والرهبان ، ماليا تم فرض الضرائب والجزية على كل من لم يدخل بالتحالف الجديد من بني إسرائيل ، كما استغل الأحبار والرهبان النصارى وحلفائهم في جمع الأموال باسم الله ، تحت ذريعة إنفاقها في سبيله ، ولكن بالحقيقة تم إنفاقها على الجيش الروماني ، أما عسكريا لقد انظم عدد كبير من النصارى والمتنصرين من بني إسرائيل الى الجيش الروماني ، فحمل الرومان الصليب في حملات تبشير عسكرية ، أخضعت كل من بلاد الشام وفلسطين والأردن للتحالف الجديد ، أشير الى نقطه تاريخية مهمة إلا وهي ، ان التحالف الروماني النصراني في القرن الرابع الميلادي ، لا علاقة له بالحملات الأوربية الصليبية التي تعرضت لها المنطقة ، في القرن الحادي عشر والثاني عشر ، تحت راية المسيح هو الله
وفي القرن الخامس الميلادي ، أكمل ملوك فارس استعدادهم لإعادة سبي بابل الى فلسطين ، بعد تغير عقيدتهم من القومية الى طائفة دينية يهودية عزراوية تؤمن بان عزير ابن الله ، نسبة الى عزرا مؤلف التلمود اليهودي ، وباتفاق سياسي ما بين ملوك فارس والتحالف الروماني النصراني ، تم إعادة الطائفة اليهودية الى فلسطين ، على ان تبقى إدارة المسجد الأقصى تحت الإدارة النصرانية ، مع الحفاظ على حقوق اليهود الدينية والعقائدية المتعلقة بالمسجد الأقصى ، وهنا نقطة اختلاف تاريخي قومي وعقائدي بين الصهيونية واليهودية على عودة سبي بابل من بلاد فارس ، والذي يمثل اليوم جزء من الصراع في المنطقة ما بين جمهورية إيران الإسلامية ودولة إسرائيل ، ان عودة اليهود الى فلسطين والمسجد الأقصى زاد من نفوذ الجيش الروماني في المنطقة ، فأخذ بالتوسع غربا الى شمال أفريقيا ، مشكلا طائفة نصرانية قبطية في مصر ، وطائفة أخرى في الحبشة ، ان هيمنة النصارى والرومان لأكثر من قرنيين على المسجد الأقصى لم يروق للتوراتيين والذين هادو لا سيما ان المسجد الأقصى كان في يوما تحت سيطرتهم ، وجزء من أمجادهم طيلة القرن الثالث الميلادي
نظرا للثقل الإقليمي الذي تحضا به الطائفة اليهودية العزراوية في بلاد فارس ، قامت بتحريض ملوكها على التحالف الروماني النصراني ، كجزء من أطماعها بالسيطرة على المسجد الأقصى ، وضم كل من الذين هادوا والتوراتيين وبني إسرائيل تحت إدارتها ، فنشبت حرب إقليمية بين الإمبراطورية الفارسة والإمبراطورية الرومانية في القرن السادس الميلادي ، آيات سورة الروم تعكس مجريات أحداث تغيرت بشكل سريع على الأرض ، خلال تلك الفترة مقسمةَ إياها إلى فترتين تاريخيتين ، الأولى قبل هزيمة الروم أمام الإمبراطورية الفارسية ، والثانية بعد انتصارها، ولقد لعبت الفترة الثانية (انتصار الروم ) دورا كبيرا في تغير مجريات التاريخ العقائدي للشرق الأوسط على الصعيد التاريخي ، بعدما سجلت تلك الفترة باسم الإمبراطورية الرومانية الصليبية، مما جعل المنطقة محل صراع وتكالب تاريخي وعقائدي مستمر ، لهذا السبب توالت عليها حملات صليبية أوربية واسعة وشامله على مدى القرون السابقة ، أخرها الغزو الامبريالي الأمريكي للعراق وسوريا
القرن السادس الميلادي
لكل بعثة دينية جغرافية مقدسة ، لا يشعر بقيمتها من يسكن حولها ، لأنه في تعايش مستمر معها ، ولكن متى نحس بقيمتها الروحية عندما تفصلنا عنها حدود مصطنعة أو اتفاقيات دولية ، مما يصعب الوصل إليها أو حتى زيارتها ، ولقد تعرض المسجد الأقصى عبر التاريخ الى مؤامرات داخلية وخارجية انتهت بتهجير سكانه بعيدا عن تلك الجغرافية ، فيبقى التواصل معه ، كثقافة مجتمعية يعبر عنها بأنواع مختلفة من الفنون ، تتناقلها الأجيال كدعوة دينية مطالبة بإرثها التاريخي ، ومن خلال اطلاعنا على القران صادفنا كم هائل من الديانات والطوائف في مكة ، سواء ان كان تواجدهم بسبب التهجير ألقسري من المسجد الأقصى ، أو جمعتهم المصالح الاقتصادية ، ففي كل الأحول عموم أهل الكتاب في مكة لهم ارتباط عقائدي وروحي بالمسجد الأقصى ، ففي القرن الثالث الميلادي احتلت الإمبراطورية الرومانية مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط ، متوسعة الى شمال غرب العراق ، وفي سنة عشرة للبعثة المصادف 602 ميلادية ، تصدت الإمبراطورية الفارسية للاحتلال الروماني التوسعي في مناطق التماس شرق سوريا وشمالها ، انتهت بانتصار الإمبراطورية الفارسية ، محور حديثنا حول الأسباب التي أدت الى نزول سورة الروم في ذلك التوقيت ، وما طبيعة الحديث الذي دار بين المؤمنين بالله واليوم الآخر والوثنيين العرب حول أبعاد النزاع الإمبراطوري في المنطقة ، من الطوائف الدينية التي لها ارث تاريخي في المنطقة هم ، اليهود والنصارى والذين هادوا وبني إسرائيل بالإضافة الى الطائفة اليهودية العزراوية ، فما لا يقبل الشك ان تلك الطوائف لها ارتباط مقدس بالمسجد بالأقصى الخاضع تحت إدارة النصارى العرب حلفاء الرومان ، فالذين سألوا محمد عن محور النزاع لديهم جيوثقافية قرأت الأحداث قراءة جيوبوليتيكية عامة من الناحية الجيوسياسية جيوستراتيجية ، لذا طرح المؤمنون بالله واليوم الأخر من أهل الكتاب تساؤلات عن مصير خسارة الروم ، فمن هي الجهة الأخرى التي تنظر الى محور النزاع ، من منظور أخر يختلف عن المؤمنين ، هم المشركون العرب ، ونظرا للتشابه الميثولوجيا العقائدية بين الفرس والمشركين اعتبر الوثنيون العرب الإمبراطورية الفارسية قوة داعمة لقبائلهم العربية التي لها امتداد قبلي داخل النفوذ الفارسي في جنوب وشرق العراق
الم{1} الم حرف مقطعة لها صلة بأرشفة السور الكاملة التي نزلت في مكة ، غلبت الروم ، خسرت الإمبراطورية الرومانية المعركة أمام الإمبراطورية الفارسية ، في أدنى الأرض ، بما ان الفرس توسعوا شمالا الى اليونان ، والروم أيضا بنفس الاتجاه الى القسطنطينية في تركيا ، أدى الأرض تعني الأقرب الى شبه الجزيرة العربية ، فالأقرب شرق سوريا وشمالها ، وهم من بعد غلبهم خسارة الروم ، سيغلبون سينتصرون ، كم يحتاج الروم من الوقت لقلب موازين القوى في المنطقة ، بضع سنين، والبضع اقل من خمسة سنوات ، فما هي الإجراءات التي ستتبعها الإمبراطورية الرومانية لإحراز النصر، أكيد استدعاء قوى إضافية من مناطق نفوذها في أوربا وغرب آسيا وشمال أفريقيا ، لله الأمر من قبل ، قبل خسارة الروم ، ومن بعد، بعد انتصارهم ، وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، لا يعلمون ، هنا اللاوعي الشمولي بالله ، ان التغير المفاجئ في موازين القوى إشارة للمؤمنين عموما بان الله قادر على قلب ضعفكم الى قوة ، أضفنا مصطلح الفينومينولوجيا للموضوع لان المشركين العرب قرؤوا توازن القوى قراءة ظاهرية ، على ان النصر للأقوى في كل زمان ومكان ، وهذا من باب عدم إيمانهم بالله واليوم الأخر ، فهم لا يؤمنون بان الله قادر على تغير موازين القوى ، ان الدراسة الظاهرية لموازين القوى لا تعطي نتائج حقيقية على الأرض ، لوجود متحكم خفي أعطى للظواهر الطبيعية والأشياء المادية قوة فيزيائه من شئنها ان تساهم في تغير الموازين بشكل مفاجئ ، يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ، وهم عن الآخرة هم غافلون ، استغل التنزيل حدث انتصار الروم للدعوة الاخروية ، فالذي قلب الهزيمة الى نصر ، قادر على قلب الناس الى الآخرة ، وهم عن الآخرة هم غافلون
غُلِبَتِ الرُّومُ{2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ{3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ{4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{5} وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{6} يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ{7}
#طلعت_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التأثير الرأسمالي على الهجرة النبوية
-
الحرب في غزة وتأثيراتها على العالم
-
العنصرية الفكرية التميزية بين الميثلوجيا والدين السياسي
-
محرقة غزة - ومحرقة -الهولوكوست-
-
القوى العظمى وبيت العنكبوت
-
عالم ما بعد سايكس بيكو إذ يتخلق انطلاقا من الشرق الأوسط
-
إبراهيم بين الكسمولوجيا وانطولوجيا قومه
-
انثروبولوجيا النفاق الديني
-
صِدام الحضارات لهانتنغتون دراسة جيوبوليتيكية
-
قارون بين الدين السياسي وتراكم رأس المال
-
الصهيوانجيليه بين الصليبية ومظلومية اليهود
-
الإغواء الديني
-
إنشاء وطن قومي للامبريالية في فلسطين
-
نهاية حُبك القبر
-
الله والميتافيزيقا وفرعون
-
فرعون وهامان
-
الوفاء
-
سليمان ومملكة سبأ
-
الرأسمالية تاريخ مخزي للشعوب
-
الإبراهيميون في القرن السادس الميلادي
المزيد.....
-
الكونغو الديمقراطية: غوما تحت سيطرة المسلحين … دمار ونهب وال
...
-
قولوا وداعًا لأمريكا.. ترامب يُعيد تهديد مجموعة -بريكس- إذا
...
-
الخارجية الروسية: إجراءات شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب مستم
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بريدنيستروفيه ومولدوفا تتفقان على خطة أولية لتوريد الغاز
-
أبرز مواصفات الهاتف الجديد من -Nothing-
-
اكتشاف بكتيريا خطيرة في بعض منتجات الدجاج التي تورد إلى روسي
...
-
-فينشينزو.. رجل المافيا-.. عدالة العصابات وتهجير السكان لاست
...
-
العبور من الثورة إلى الدولة في سوريا
-
سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية العام
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|