|
أكذوبة الثوابت ورواتب الموظفين
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 1747 - 2006 / 11 / 27 - 07:17
المحور:
القضية الفلسطينية
لم يتمكن أحيانا المرء أن يصمت كثيرا أمام ما يقرأ ويسمع من إستغباء للعقول ، وتلاعب بالمصطلحات ، وتجارة شعارات أكل وشرب عليها الزمن ، وأضحت مملة مبتذلة ... منذ الحصار الذي فرض علي شعبنا نتيجة فوز حركة حماس بالانتخابات (الديمقراطية) وانقطاع الرواتب عن الموظفين ، اجتهد العشرات من الكتاب والأدباء لكتابة رؤيتهم وتحليلاتهم حول هذه القضية ، ومنهم بل معظمهم ربط الرواتب بالثوابت الوطنية ، وصور الأمر بأن راتب الموظف مقرون بالاعتراف بالعدو ،والتنازل عن وطن ، وهنا لهم الحق فالوطن هو الهواء والماء ، هو الحياة ،والكرامة ،وهو الأغلى والاسمي منا جميعاً . فلا يمكن المطالبة براتب مقابل التنازل عن وطن أو الاعتراف بعدو ، كما تم تصويره من قبل الأخوة الكتاب والأدباء والسياسيين وخطباء المنابر ...الخ وهذا القول أعادني لزمن غلبت به العاطفة والشعار ، علي لغة العقل والمنطق والاتزان السياسي العقلاني ، حيث كانت مرحلة عنفوان الشباب لا تقبل أي كلمة تمس حماسة الصدور ، ولا نسمح بأي مساحة للعقل أن يفكر ويخضع للموضوعية وفق منظور المصلحة العامة لشعب ،وقضية . نحن جميعاً نقول بالقلب وباللسان وبالانتماء نموت واقفين ولن نركع ، نجوع ونعطش ولا نخضع ، شعارات تألقت ووجدت صدي رائع في قلوبنا ووجداننا ، وحشدنا كل الطاقات ، واستنفرنا الهمم من بريقها لرفع شأن الوطن . ولكن ..... هل التضحية هي فرض عين علي الموظف البسيط ؟ وهل لقمة العيش هي التي ستخضعنا للاستسلام والتنازل ؟ وتجعل من قضيتنا عرضه للضياع . وهل الأخوة موظفي القطاع الخاص ، والأخ الرئيس وموظفين مكتبه ، والأخ رئيس الوزراء ووزرائه ،وأعضاء المجلس التشريعي ، ومدرسي الجامعات والكتاب في الصحف والمجلات ،والصحفيين في وكالات الأنباء ، رواتبهم لا تُخضعِ فلسطين للتنازل ؟ سأسلم بما كتبت أقلامكم ورضيت ضمائركم بأن علي الموظف أن يصمت ويصمد وحيدا وهو يري الآخرين يتناولوا رواتبهم ويلبوا احتياجات أبنائهم ، وهو لا يقوي علي شراء حليب لرضيعه ، ولكن ماذا سنفعل مع فتاة جامعية لم تجد ثمن كتابها فباعت جسدها ؟ وماذا سنفعل مع شاب لم يجد لقمة عيشة فارتضي الخيانة مقابل 10 دولارات أمريكية ؟ قضية خطيرة تتطلب العقل والمنطق بلا شعارات احتفالية انتخابية ، لغة متوازنة تقنع شعب يتضور جوعا ، ويحاصر ما بين الفقر والصواريخ والموت ، علينا قبل أن نفكر بأحزابنا أن نفكر بشعب يتألم . فلم يجني ثمار الحصار سوي هذا الموظف ، فإبن الكتائب والألوية والمجموعات يتقاضي راتبه ، والعقيد والعميد والوزير لم تتأثر حياته ، والشرائح الأخرى كالعمال مثلا لديهم بعض نوافذ الأمل من خلال المساعدات الضئيلة التي يعيشوا بها رغم ألامهم وجوعهم ، والحالمين بأحلام وردية في دمشق لهم مصادر رزقهم ، واختزلت كل الثوابت براتب الموظف وقوت أطفاله . فالحكومة الفلسطينية المنتخبة ،والرئاسة الفلسطينية الذين ارتضوا قيادة هذا الشعب مطالبين بتوفير حياة كريمة ولقمة عيش تحفز شعبنا علي الصمود أمام مسئولياته ، وعليهم أيضا البحث عن حلول أكثر موضوعية بعيدا عن الغناء علي لحن مبتذل اسمه الثوابت والاعتراف ، أو فليرحلوا ويتركوا هذا الشعب . وأي اعتراف هذا الذي ارتبط برواتب الموظفين ، في الوقت الذي تم به إعلان الهدنة مع العدو رغم إنها رفضت بكل المراحل السابقة ، أم لا تأتي في سياق الحوار مع العدو ؟ وهل لقاء رئيس بلدية نعلين في أحد المستوطنات هو لقاء صداقة وتعارف ،وجس نبض النوايا الحسنة ؟ وهل يمكن لنا أن نفهم كيف يتم التعامل مع سفر الوزراء ؟ وتحويل المرضي لمستشفيات العدو ، وتوقيع اتفاقية الغاز مع شركات صهيونية ، فَتحت أي بند تأتي هذه الأمور؟ حقيقة وبدون عواطف فقضية الاعتراف بالعدو الصهيوني أضحت أكذوبة ،وعصا تهوي علي رأس كل من يحاول التمرد على حياة الفقر ، فالاعتراف يا سادة يجسد يوميا علي أرض الواقع من خلال التحركات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، التي لا تتم بدون موافقة ومباركة هذا العدو . أم إنها تتم من خلال وسيط ثالث غير معلوم لدينا ولدي شعبنا ؟ فإن أردنا وطن علينا جميعا الصدق مع النفس ، والتخلي عن المهرجانات الانتخابية ،وكشف الحقيقة لهذا الشعب .
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفطور والعشاء من الكماليات عند الطفل العربي
-
الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة(جورج حبش
-
مذبحة بيت حانون وعبثية المطالبة بموقف عربي
-
اسطورة نساء بيت حانون ...وجاهلية رجال خان يونس
-
بيت حانون وتعرية الوجوه القبيحة
-
ملفات الفساد تعالج علي الهواء مباشرة
-
فلسطين بعد التعديل
-
ضرورة وجود قوة ثالثة تعيد التوازن للساحة الفلسطينية
-
خالد ابو هلال يعلن بدء الحرب الأهلية
-
الأمة العربية ومصطلح المؤخرة الفكرية
-
عذرا راشيل كوري ... فخرا عبدالرحيم الحمصي ... سامي الأخرس
-
صمت وسقوط وموت
-
غزة تبكي قدرها
-
رحلة بغرفة العناية القلبية المكثفة
-
لينا ورمل البحر
-
ديمقراطيه بطعم الهزيمة والعلقم
-
إضراب الموظفين والحكومة وحماس
-
غزة بدولتين وسلطيتين
-
الفتاة العربية في غرف المحادثة
-
الامم المتحدة تهزم المقاومة في لبنان
المزيد.....
-
-حزب الله- يصدر بيانا عن حصيلة لقتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي
...
-
انفجارات ضخمة في بيروت بعد صدور أمر إخلاء من قبل الجيش الإسر
...
-
طائرة عسكرية تعيد 97 شخصًا من لبنان إلى كوريا الجنوبية
-
أوكرانيا تُسقط طائرة حربية وروسيا تدعي سيطرتها على قرية في م
...
-
مواجهات عنيفة في وسط الهند: مقتل 31 مسلحا ماويا في اشتباكات
...
-
فرنسا تنظر في طلب إفراج مشروط عن أقدم سجين عربي في العالم (ص
...
-
ترامب يعود إلى بنسلفانيا حيث تعرض لأول محاولة اغتيال
-
غارات إسرائيلية على منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية
...
-
عشرات القتلى والجرحى وقصف غير مسبوق.. تحديث الوضع الميداني ف
...
-
كاميرا RT ترصد معاناة ذوي الإعاقة داخل خيام النزوح والمستشفي
...
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|