أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تجاوزات المترجمين العرب في علم الآثار لدوافع أيديولوجية














المزيد.....


تجاوزات المترجمين العرب في علم الآثار لدوافع أيديولوجية


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 7870 - 2024 / 1 / 28 - 22:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التغيير في ترجمة العنوان أمر وارد، وخصوصاً في بعض الأعمال الأدبية والسينمائية لدواع تجارية أو اجتماعية بشرط أن يُذكر العنوان الأصلي في الصفحة الداخلية للكتاب باللغتين الأصلية والمترجَم إليها. ولكن هذا التغيير يكون غالباً ضمن إطار معنى العنوان الأصلي ولا يخرج من فضائه! لنلقِ نظرة على هذا المثال لنرى إنْ كان من النوع المسموح به أم أنَّ فيه تجاوزاً وخروجاً على المعنى الأصلي وتحميل العنوان الجديد بحمولات أيديولوجية "قومية عروبية على قومية سورية" خاصة بالمترجم؟
*ألَّفَ الباحث الآثاري الفرنسي جان كلود مارغورون في ستينات القرن الماضي كتابه (les mesopotamiens). وتعني هذه الكلمة سكان بلاد ما بين النهرين أو كما دأبتُ على تسميتهم في كتاباتي "الرافدانيون"، وقد وضحتُ مبرراتي في أكثر من نص. وبعد ربع قرن تقريباً على صدور كتاب مارغورون ترجمه سالم سليمان العيسى إلى العربية سنة 1999. ولكن تحت عنوان جديد طويل هو "السكان القدماء لبلاد ما بين النهرين وسوريا الشمالية". ثم، وكأن المترجم لم يكتف بزجِّ اسم سوريا الشمالية في العنوان فزاد وكتب عنواناً ثانياً تحت العنوان الرئيسي في الصفحة الأولى من الكتاب هو "التراث والكنز الثمين الذي أبهر الأجانب - مفخرة سوريا"!
يخبرنا المؤلف الفرنسي منذ البداية بجوهر فكرة كتابه وموضوعه وهو محاولة اقتراح هوية جغراحضارية لسكان هذا الإقليم متعدد القوميات. وهو يعترف منذ مقدمة كتابه بأن الكتاب سيهتم بسكان بلاد الرافدين أو ما بين النهرين دون غيرهم (ذاكراً حدود هذا الإقليم الواقع بين نهري دجلة شرقاً والفرات غرباً، وقلب الأناضول شمالاً والدلتا السومرية شمال الخليج العربي - ويسميه الفارسي - جنوبا/ ص20)، مؤكدا أنَّ هذا الاسم "الميزوبوتاميين" أي الرافدانيين لم يكن موجوداً في تلك العصور القديمة، ولم يكن الناس في هذه المنطقة يسمون أنفسهم به ذاكراً مبرراته لإطلاق هذه التسمية. ثم يسمي بعض شعوب بلاد الرافدين ومنهم السومريون والكاديون - والمقصود الأكاديون - والآشوريون والحوريون والسوريون. ومن غير الدقيق علمياً وكرونولوجياً خصوصاً إيراد ذكر الآشوريين والسوريين معاً، فالثابت تأريخياً أن أسم سوريا وبالتالي "السوريون"، اشتق لاحقاً - في عهد الاحتلال السلوقي (بين 312 ق.م حتى سنة 63 ق.م- من اسم آشور والآشوريين، وبعد سقوط الدولة الآشورية واندماج شعبها بشعوب المنطقة. على هذا، ينبغي الفصل بين التسميتين وعدم الجمع بينهما في حقبة تأريخية واحدة. أما هل وردت العبارة بهذه الصيغة في الكتاب باللغة الفرنسية وفيها كلمة "السوريون"، أم أنها أضيفت سهواً أو قصداً من قبل المترجم العربي، فلا يمكنني الإجابة على هذا السؤال قبل الاطلاع على النسخة الفرنسية منه.
لقد تجاوز المترجم على عنوان المؤلف الأصلي ووضع له اسما يتجاوب مع دوافعه الأيديولوجية، ولم يكتف بذلك، بل كتب مقدمة خاصة به كمترجم راح يلوي أعناق الحقائق والوقائع فيها ليروج فكره القومي العروبي المتداخل مع فكر الهوية السورية فيكتب معرفا الرافدانيين بقوله: "إنهم السكان السومريون - الحوريون - الأكاديون - السوريون الذين تواجدوا في بلاد الدجلة والفرات، إنهم جميعا من الأصل السامي مصدر قوميتنا العربية، وهذه حقيقة تاريخية ثابتة... ص5"، وكأن الأفكار والمعلومات تتحول إلى حقائق تأريخية ثابتة حين يقرر المترجم أو الكاتب ذلك بجرة قلم! وحتى إذا غضضنا النظر عن هفوة المترجم في استخدام الفعل "تواجدوا" والذي يعني "أظهروا الوجد الصوفي" وليس الوجود الانطولوجي وفعله "وُجِدوا"، لم يكتف العيسى بدوره كمترجم بل تدخل كباحث وجعل الحوريين ساميين، وحذف الآشوريين بعد أن جعلهم سوريين! وقد وضحنا وجه الخلط بين الآشوريين بالسوريين، أما بالنسبة للحورين فهم كما هو معروف بحثياً لا علاقة لهم بالساميين، لا أصلاً أثنولوجياً ولا لغة. فأصلهم العرقي ما يزال غامضا، ولكن لغتهم "الحورية فرع من اللغات الحورو- أورارتية، وهي لا تنتمي إلى اللغات السامية ولا إلى اللغات الهندية الأوروبية، ويرجعها بعض الباحثين الى مجموعة اللغات القفقاسية الجورجية. وتذهب بعض النظريات إلى أن بعض ملوكهم كانوا من أصول هندو آرية، وقد ظهروا في العصر البرونزي وأشادوا المملكة الميتانية ثم ذابوا في شعوب المنطقة بعد انهيار مملكتهم.
كانت هذه وقفة سريعة عند مثال من تجاوزات الترجمة إلى العربية وستكون لنا وقفة أطول عند هذا الكتاب في مناسبة أخرى ضمن مشروع دراسة لفحص العلاقات التأريخية والحضارية القديمة بين بلاد الرافدين وما يسمى من قبل البعض سوريا الكبرى "أو الهلال السوري الخصيب" التي يريدون أن تكون بلاد الرافدين كما شخَّصَ حدودها جغرافياً وحضارياً جان كلود مارغورون وغيره جزءا منها!



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصحيح المقالة/ رداً على مقالة نبيل جعفر عبد الرضا المرسومي ل ...
- رداً على ترهيب بالعقوبات الاقتصادية!
- ليس حبا بالحلبوسي بل كرها بلصوص القرن!
- الشقيقة الكبرى جنوب أفريقيا
- بغداد ليست جادة في إخراج القوات الأميركية لهذه الأسباب!
- المجتمع الصهيوني سيعيد انتخاب مجرم الحرب نتنياهو!
- عن الفرق بين الباحث والإعلامي وأنواع الصحافة في عصرنا
- دولة نرام سين -حبيب إله القمر- ووحدة بلاد وادي الرافدين القد ...
- كتابات خزعل الماجدي بين النقد العلمي والهجاء التكفيري
- اللغة العربية ودهشة المستشرق الفرنسي رينان
- بالفيديو/باحث كردي يدحض خرافة العلاقة بين السومريين والأكراد ...
- اسم العراق وبلاد الرافدين وكلمة سومر كما رصدها العلامة طه با ...
- العراق كله في وادي الرافدين ولكنَّ وادي الرافدين ليس كله في ...
- في الدين والتراث: قراءة في كتاب نادر ومبكر لهادي العلوي
- غزة -بنت الأجيال- التي صمدت أمام الاسكندر المقدوني: شوكة في ...
- هل يتناسب الأداء الدبلوماسي الباهت لروسيا والصين مع هول حرب ...
- وول ستريت جورنال: 15 ألف قنبلة بعضها زنة ألفي رطل أرسلتها أم ...
- المتصهينون السعوديون فاقوا أمثالهم من العرب والأجانب بسفالته ...
- أردوغان الحائز على جائزة الشجاعة من المؤتمر اليهودي الأميركي ...
- الجامعة الأميركية من بيروت إلى دهوك: نشاطات مريبة معادية لشع ...


المزيد.....




- -كأنه منطقة حرب-.. فيديو شاهد يظهر عمليات الإنقاذ بحادث اصطد ...
- فيديو يُظهر ما يبدو لحظة اصطدام طائرة الركاب وهليكوبتر وسقوط ...
- عربات طعام بنكهات أصيلة واستوديو متنقل..كيف جذب هذا الحي في ...
- السعودية.. فيديو مخالف للآداب العامة يثير تفاعلا والداخلية ت ...
- ترامب يعلق على الحادث الجوي المروع في واشنطن (فيديو)
- زيلينسكي يحيي ذكرى الجنود الذين تصدوا للهجوم البلشفي في يناي ...
- إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بـ16 تهمة ...
- لحظة اصطدام مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب قرب مطار رونال ...
- -واتساب- يواجه في روسيا غرامة قدرها 18 مليون روبل
- -ولادة عذرية- نادرة لسمكة قرش تثير حيرة العلماء


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تجاوزات المترجمين العرب في علم الآثار لدوافع أيديولوجية