أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - حارة الشيخ شعبان














المزيد.....

حارة الشيخ شعبان


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 7867 - 2024 / 1 / 25 - 04:54
المحور: الادب والفن
    


أرسل البنك بالأمس لي آخر كشف حساب ، وجدت أن رصيدي بعد آخر تعاملات لي مع البنك هو مليون دولار وبعض الفكه ، قلت في نفسي لماذا لا أحول رصيدي بالكامل إلي العملة المصرية ، وفعلا ذهبت إلي البنك وحولت المليون دولار بالكامل إلي العملة المصرية وسحبتها كلها في ذلك اليوم ، وقام موظفوا البنك بتعبئتها لي في مجموعة من الحقائب الكبيرة ذات العجلات وأوصلوني بسيارة نقل الأموال التابعة للبنك إلي البيت .
ازدحمت شقتي بالحقائب المليئة بما يزيد تقريبا عن التلاتين مليون جنيه ، وقفت أنظر إلي إليها وأنا أفكر فيما ينبغي أن أفعله بكل هذه الأموال ، نطت في رأسي الفكرة التي طالما تمنيت تحقيقها وأنا أجاهد لتكوين ثروتي تلك ، وعلي الفور سحبت واحدة من هذه الحقائب وخرجت من بيتي وأنا أقول في نفسي : سأنفذ اليوم أول بند في فكرتي التي ستحقق لي كل السعادة.
أهل الحارة التي أقطن فيها جميعهم غلابه ، عربجية ، وشيالين ، وبائعي خضار ، وحلاقين ، وبائعي طعمية ، وماسحي أحذية ، وجزمجية ، وشحاتين.
بمجرد خروجي من البيت ساحبا الحقيبة قابلتني جمالات الشحاته ، هي امرأة بلا زوج ، وبلا مورد رزق ، وحيدة لا أبناء ولا أقرباء ، تقيم في عشة من الخوص علي رأس الحاره بجوار كشك الكهربا ، ورغم قذارتها وجلبابها الوسخ المهلهل إلا أنها امرأة بارعة الجمال ، رشيقة وملفوفة ، ومن خلال لحوسة وجهها بالتراب والوساخه تبدو عيناها واسعتين يطل منهما ضوء ينم عن كبرياء واعتداد بالنفس لا يتناسبان مع كونها متسولة ، بمجرد أن صارت في مواجهتي أوقفتها ، وطلبت منها أن تفرد حجرها ، ثم فتحت الحقيبة ورميت في حجرها مجموعه من الرزم ، اندهشت جمالات ، وتوهمت أنا من نظراتها أنها ستحضنني وتقبلني قبلة طويلة ، لكنني فوجئت بها ترمي الأموال علي الأرض ، ثم تطبق بكفيها بكل عنف علي رقبتي وهي تقول لي : ماذا تظن بي أيها النجس؟! ، وقالت أيضا : منذ فترة وأنت تتابعني بنظرات غير بريئة...ماذا تريد مني مقابل هذه الأموال التي تظن أنك تغريني بها ؟! ، ثم راحت تلكمني وتغرز أظافرها في وجهي وهي تصرخ : سوف أقتلك يانجس يا إبن الكلب.
تجمع أهل الحارة جميعهم علي صراخ جمالات الشحاته ، بعد أن خلصوني من يدها سألني عم ابراهيم العربجي : من أين جئت بكل هذه الأموال ؟ ، وقبل أن أجيب قال لي عم مرسي الحلاق : لديك كل هذه الأموال أيها الوغد الحقير وبالأمس فقط كنت تتعارك مع محمود الفوال لأنه طلب منك نصف جنيه زيادة علي سندوتش الفول ، ثم لكمني في أنفي وهو يقول لي : هذه الأموال التي كنت تريد مضاجعة جمالات بها كانت تمكنك من الزواج من أجمل وأغني بنت من بنات الأثرياء في المدينة.
صار كل منهم يزاحم كي يتمكن من الوصول لي ليصفعني أو يلكمني أو يدفعني بقدمه في بطني وهو يقول لي : تريد أن تضاجع هذه المسكينة أيها السافل!!.
لم يخلصني منهم سوي إمام المسجد الذي أخذني تحت إبطه ليحميني وهو يقول لي : قل لنا فقط من أين لك بكل هذه الأموال حتي أتمكن من تخليصك قبل أن يجهزوا عليك.
قلت لهم إن لدي في البيت مثل هذه الحقيبة عشرات مليئة بالأموال وكنت قد نويت أن أنتشل الحا...، وقبل أن أكمل كلمتي جروني جميعهم جرا إلي البيت ، راحوا يمزقون الحقائب ويبعثرون الأموال في كل اتجاه وهم يصرخون : أي بنك سرقت أيها اللص....كيف استطعت تزوير كل هذه الأوراق...إلي أي عصابة تنتمي أيها الخبيث ، بدا وهم يضربونني وينهالون عليّ بأسألتهم كما لو كانت كثرة الأموال أصابتهم بالجنون ، كدت أموت من كثرة اللكم والرفس ، غير أن إمام المسجد أمرهم بالهدوء وهو يقول لي : أنت متلبس بمحاولة ممارسة الزنا مع جمالات الشحاته فقل لنا شيئا مقنعا بخصوص هذه الأموال حتي لا نقيم عليك الحد وتموت ميتة شنيعة.
بكيت من سوء ظنهم بي ، وبدأت أشرح لهم أنني كونت هذه الثروة من أجل انتشال الحارة من فقرها ، نزلت بالحقيبة الأولي بهدف توزيعها علي أهل الحارة لكي أقنعهم بعد ذلك بالمشروع الذي خططت لتنفيذه ، إذ كان في نيتي بناء مجمع سكني لائق في الخرابة المجاورة للحارة ، ثم نقوم بهدم الحارة التي تهالكت بيوتها وإنشاء مجمع حديث يتضمن مصانع ومدارس ومراكز تدريب يستوعب جميع أهل الحارة ويخلصهم من هذه المهن التي لم يعد عائدها يكفي معيشتهم.
بمجرد أن قلت ذلك بادرني أحدهم : تريد أن تهدم الحارة التي ورثناها عن أجدانا ياحقير؟! ، وقال آخر : تريد أن تحرمنا من المهن والحرف التي نتقنها ونكسب عيشنا منها؟!... تريد أن تقضي علي تاريخ الحارة وترمينا في المجهول باسم التحديث؟! ، كل منهم كان يلقي في وجهي بتهمة التآمر لإفساد حياتهم ، وكل منهم كان يشكك في مصدر أموالي أو يستشهد بواقعة جمالات ليثبت أنني لم أكن أنوي سوي استخدام هذه اللأموال في إغراء نساء الحارة والاعتداء علي شرف أهلها وتلويث سمعتهم.
أخيرا زعق إمام المسجد في وجهي قائلا : أنت تريد أن تتدخل في مشيئة الله لأنه لو أراد تغيير حياتهم لغيرها بدون أموالك النجسة التي كنت تحاول بها إغراء المسكينة جمالات ، ثم قرأ قول الله (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، وقال لي : أنت جرثومة وجودها في الحارة سوف يهز يقين الناس ويزلزل إيمانهم ، ثم أمر أهل الحارة بإحراق الأموال كلها وطردي نهائيا من الحارة.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنشودة للحياة
- الشيخ معروف
- هرتلة شخصية
- نظرة إلي التراث
- المستنقع
- الخطاب الديني
- ثرثرات
- المصرية
- الصليب
- السبهلله (29)
- السبهلله (28)
- السبهلله (27)
- السبهلله(26)
- السبهلله (25)
- السبهلله (24)
- السبهلله (23)
- السبهلله (22)
- السبهلله (21)
- السبهلله (20|)
- السبهلله (19)


المزيد.....




- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟
- معرض مسقط للكتاب يراهن على شغف القراءة في مواجهة ارتفاع الحر ...
- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - حارة الشيخ شعبان