|
أدباء ومثقفو طرطوس يحيون ذكرى الملوحي
شاهر أحمد نصر
الحوار المتمدن-العدد: 1745 - 2006 / 11 / 25 - 11:55
المحور:
الادب والفن
بدعوة من اتحاد الكتاب العرب ـ فرع طرطوس نظمت ندوة إحياء لذكرى الأديب والشاعر الموسوعي عبد المعين الملوحي وذلك في يوم الأحد 19/11/2006 حضرها حشد من أدباء ومثقفي محافظة طرطوس، كما حضرها مندوبون عن أسرة الملوحي وعلى رأسهم ولده الدكتور منقذ الملوحي قادماً من دمشق، وابنته الدكتورة شروق الملوحي قادمة من الكويت، وابن عمه سامر الملوحي من طرطوس، وقد افتتح الندوة الأديب الأستاذ مالك صقور رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب بطرطوس مقدماً المحاضر شاهر أحمد نصر بكلمة هذا نصها:
نداء الملوحي ووصيته
مالك صقور
.."سيقول السفهاء من الناس هذا تناقض. هذا نفاق. وأنا أقول لهم في صراحة، إنه ليس تناقضاً، وإنه ليس نفاقاً. هكذا عشت، وهكذا كتبت. وأنا في كل خلجة من خلجات حياتي.. صادق.. جد صادق". هذا ما يقوله الأديب الكبير الراحل عبد المعين الملوحي.
في زيارتي الأولى له، في مطلع تسعينات القرن الماضي، أدهشتني مكتبته العامرة. والبيت كله حوّله المرحوم إلى مكتبة. وفي ظني، أنها من أكبر المكتبات الشخصية. وحين رحت أنقل نظري بين صورة (فلاديمر إبلتش لينين) وصورة (جمال عبد الناصر) في صدر مكتبه ـ وكأنه قرأ ما كنت أفكر فيه لحظتئذ ـ فقال لي بالحرف الواحد:" أنا لم أخن مبادئي، أنا ثائر مزمن. أنا أممي بالفطرة، واشتراكي حتى آخر قطرة من دمي. لذا أجل لينين وأحترم مبادئه الاشتراكية. وأنا أقدس وطني. أنا مؤمن بعروبتي وقوميتي وعبد الناصر حمل راية القومية العربية والوحدة. ولذا، فأنا أحب عبد الناصر وأجله، أنا قومي وأممي. ولا أرى تناقضاً. أنسيتم قول لينين: "كي تكون أممياً جيداً يجب أن تكون وطنياً وقومياً جيداً". واستطرد رحمه الله قائلاً: قضية أخرى، لامني عليها بعضهم، وعاتبني البعض الآخر. وهاجمني آخرون. يوم فجعت بزوجتي، وكتبت( تلك القصيدة ) يقصد، طبعاً قصيدة( بهيرة) في رثاء زوجته. فهم تناسوا مضمون القصيدة الإنساني، تناسوا عذابات إنسان مفجوع ومعاناته. وصاروا يلوكون الأبيات التي أجدف فيها وأتساءل أسئلة وجودية. وأنا أعلن على الملأ:" لقد قضيت عشرين من عمري في إيمان مطلق. وقضيت عشرين عاماً أخرى في جحود مطلق، وأريد أن أقضي ما بقي لي من أيامي في إيمان قلبي ناعم لذيذ، وفي استسلام عقلي هادئ عذب".
وعندما صدر كتابه (كيف أصبحت شيوعياً) قبل أربعة أعوام، قلت له: يا أبا المنقذ: لقد تأخر كتابك خمسين عاماً،أو على الأقل أربعين عاماً. فلو نشرته قبل أربعين عاماً، لكان له شأن أخر. ولساهم مساهمة كبيرة في أمرين: الأول: برهانك العفوي الفطري الإنساني، أن الشيوعية ليست غولاً ولا ضبعاً. بل هي تختزل كفاح البشرية منذ فجر التاريخ، من أجل الخير، والعدالة، والمساواة، وإلغاء استثمار الإنسان للإنسان إنها، في النهاية، كما تقول: المعادل للإنسانية تماماً. والأمر الثاني: كنت وفرت على الشيوعيين العرب عامة والشيوعيين السوريين خاصة، وعلى الملتزميين بالتنظيم على الأقل ـ الكثير من هدر الوقت، ومن هدر الورق، والكثير الكثير من المهاترات، والانشقاقات، وذكرتهم بقوة: بمبدأ (النقد والنقد الذاتي) الذي لم يكن سوى شعار غير معمول به. فقال رحمه الله: عن قصد لم أنشر ذلك. كنت حريصاً على وحدة فصائل حركة التحرر العربية. وما زلت حريصاً على وحدة الفصائل التقدمية، وكان أملنا كبيراً في وحدتها وفي صمودها في مقاومة العدو الصهيوني، ورص الجبهة الداخلية. ولكن، الآن وقد انقسم الحزب، أعتقد أنه صار خمسة، وانهار الاتحاد السوفيتي، والمنظومة الاشتراكية، لم يبق ما أخاف عليه، يعني، نقدي للرفاق الآن لن يضر، أو يمنع الناس من الاتجاه إليهم. فنشرت الكتاب. وكنت جريئاً في قول الحق، وأن أقول: "لقد تركت الحزب الشيوعي السوري عام 1945 وبقيت شيوعياً".
لقد آمن الأديب الكبير الراحل إيماناً مطلقاً، بالإنسان، وآمن إيماناً مطلقاً أنه عندما يجوع إنسان واحد في مكان ما تبكي الإنسانية كلها، وعندما يتألم إنسان ما في مكان ما تبكي الإنسانية كلها، وعندما يفقد إنسان ما حريته تكبل الإنسانية كلها بالأصفاد. فمنذ أكثر من أربعين عاماً أطلق نداءه: "فكن أيها الإنسان حر:
صديقاً للإنسانية ـ عدواً للوحشية.. صديقاً للاشتراكية ـ عدواً للرأسمالية..
صديقاً للحرية ـ عدواً للعبودية.. صديقاً للإخاء بين الشعوب ـ عدواً للعنصرية؟؟
صديقاً للمساواة بين الناس ـ عدواً للطبقية.. صديقاً للحق ـ عدواً للباطل..
وأما وصيته لابنه فهي:
يا ولدي منقذ
الوحدة العربية منقوشة بمسامير كبيرة على أحداق رئتي
طافية على مركب حديدي في شرايين قلبي
يا ولدي
أعرف أني كنت جندياً مجهولاً في جيش الوحدة
أعرف أن الوحدة التي بناها قطران عربيان ذات يوم
قد تآمر عليها العالم كله فهدموها
يا ولدي
غداً إذا حقق العرب وحدتهم
فاكتب ذلك على شاهدة قبري
يا ولدي منقذ
وإن لم تستطيع كتابة ذلك في حياتك، وأسفاه،
فأوص بها أحفادي!
والآن، في الذكرى الأربعين للراحل الكبير، أقول لرفاقه وأصدقائه وللذين قرؤوا أدبه، ومن ثم نسوه أو تناسوه، سامحكم الله، لأنه هو سامحكم في حياته. وأقول للأجيال الشابة، التي لم تترك لها الفضائيات وقتاً للقراءة. تعرفوا على أدب الراحل الكبير عبد المعين الملوحي، فلقد أنجز أكثر من مئة كتاب، اقرؤوه، وانهلوا من مناهله الغزيرة الإنسانية النقية، وأتوجه إلى اتحاد الكتاب العرب، ووزارة الثقافة، والإعلام، وإلى كل الذين انشغلوا عنه في حياته ومماته: انصفوا هذا الأديب الكبير، فهو شاعر مطبوع أصيل، ومترجم فذ، ومؤرخ منصف، وباحث لم يتعب، إنه شمولي المعرفة، تقدمي الفكر، إنساني النزعة، عروبي العقيدة. يا أبا المنقذ، سامحنا جميعاً.
ثم ألقى المحاضر: شاهر أحمد نصر محاضرة تحت عنوان: "عالم عبد المعين الملوحي الموسوعي" وهذا نصها:
عالم عبد المعين الملوحي الموسوعي
شاهر أحمد نصر
"لو سألوني يوم حشري: ماذا فعلتَ؟
لقلتُ لهم في صدق: (( هاؤم اقرؤوا كتابيه))"
"أنا لم أخدع شعبي.
لم أبع قلمي.
لم أمدحِ الطغاة.
فإلى:
كل من لم يخدع شعبه؛
وإلى كل من لم يسرق شعبه؛
وإلى كل من لم يبع قلمه؛
وإلى كل من لم يمدحِ الطغاة؛
أهدي كتابيه". (شظايا من عمري ج.1ص7)
لعل هذه الكلمات التي وردت في "شظايا من عمر" عبد المعين الملوحي تلخص كثيراً من حياته وشخصيته.
فمن هو عبد المعين الملوحي؟
هو عبد المعين بن الشيخ سعيد الملوحي، أحد أحفاد المرحوم الشيخ زكريا الملوحي (1185؟ ـ 1265 ؟ هـ) الذي كان شاعراً، وقد أصدر له حفيده "عبد المعين" ديوانه عام 2001.
صفاته وأخلاقه: إنسان من أخلص الناس لوطنه وشعبه والإنسانية، متواضع، صادق وفيّ، يكره الظلم، صلب في الدفاع عن الحق، بحر عميق ذاخر بلآلئ اللغة العربية والمعارف والمشاعر الإنسانية. تذكرنا أخلاقه النبيلة وموسوعية علمه بأبي العلاء المعري.
الولادة :
في عام 1917 في بيت في باب هود في حمص ولد طفل وترعرع، أعطوه اسم عبد المعين، عاش في بيئة وطنية، ودينية محافظة، ولكنها غير متزمتة...
من قناعاته في الحياة :
إنّ حياته وما قاسى فيها من آلام وما رآه من كوارث حلت بالشعوب العربية دفعته إلى النضال في سبيل وطنه ومجتمعه، فكان "شيوعياً" ثورياً وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي عام 1943، ولكن الأحداث التي حدثت في العالم العربي وموقف الحزب الشيوعي منها أصابته بخيبة أمل مريرة، فترك الحزب عام 1945، ومع ذلك ظلّ يحتفظ بإيمانه في أن يكون الإنسان إنساناً، والعربي حراً والأمة العربية موحدة في دولة واحدة، وفي شيخوخته كانت نفسه نفس ذلك الشاب الذي يتأجج حماسة وانفعالاً وأملاً..
كان نصيراً قوياً للحرية والديموقراطية، وبناء مؤسسات المجتمع المدني، كما كان من الموقعين الأوائل على بيان الـ 99 مفكراً ومثقفاً سورياً، وعلى بيان الألف، وجميع البيانات التي تدعو إلى الحرية والديموقراطية، والإصلاح والتغيير السياسي والاقتصادي، والقضاء على الفساد، وإلغاء حالة الطوارئ، والإفراج عن المعتقلين السياسيين...
عرف الإلحاد في أواسط الشباب وحتى الأربعين من العمر، ليعود بعدها إلى الإيمان فقضى حياته مؤمنا دون تعصب وأدى العمرة... ومع إيمانه الروحي كان يؤمن إيماناً كاملاً بتغيير النظام الاجتماعي، ويرى أنّ على كل شعب من شعوب العالم، أن يأخذ من الماركسية ما يتناسب ووضعه الاجتماعي.
الأوسمة التي حصل عليها :
منحته حكومة فيتنام أرفع أوسمتها.. وقال له رئيس جمهورية الفيتنام في الرسالة المرافقة لمنحه الوسام: "لقد ساهمتم إسهاماً جدياً في تحرير بلادنا".
اختارته الصين أستاذ شرف للغة العربية في جامعة بكين.
كما حصل على وسام الثقافة من جمهورية بولونيا.
وكرمته جامعة البنجاب في الباكستان، وكان من المدعوين لاحتفالات تكريم الشاعر الباكستاني محمد إقبال .
بعض إنجازاته:
لا يعلم جميع المهتمين عدد الكتب والأعمال التي كتبها الملوحي، فهذا اتحاد الكتاب العرب بدمشق ينوه إلى أنّه صدر له 36 كتاباً، كما ارتكبت "الجمعية الدولية للمترجمين العرب ـ واتا ـ في الشبكة الدولية للانترنت الخطأ نفسه، عندما نشرت مقالاً يعدد مؤلفاته الـ 36، وفي الحقيقة تعدّ أعماله المنشورة وغير المنشورة بالمئات... وفقد نشر 96 كتاباً، وبقيت في أدراج مكتبته عشرات المخطوطات تنتظر النشر... وتوج أعماله المنشورة بترجمة ديوان الشاعر الفيتنامي تو هو، ووزعه هدية إكراماً لنضال الشعوب في سبيل الحرية التقدم لاجتماعي... وقال عن ترجمته للأدب والشعر الفيتنامي إنّه يريدها قاموساً للشعوب العربية عامة، وللشعب العربي الفلسطيني خاصة في نضاله ضد الصهيونية..
ومن مآثره أنّه ساهم في مجال الترجمة في كسر احتكار الترجمات الغربية إلى اللغة العربية، فترجم الأدب الفيتنامي والأدب الصيني، والباكستاني، والروسي، والسويدي... كما أنه عمل في مجال تحقيق التراث، وهو يرى أن إحياء الجوانب المشرفة في التراث لا يمنعنا من فضح القضايا المظلمة فيه.
وعرف بتمكنه المتميز من اللغة العربية، حتى لقب بسيبويه القرن العشرين، لقد كان مدافعاً عن اللغة العربية، ومع تطورها الدائب...
كان اسمه وعناوين كتبه من الأسرار التي تخفى عن أعين رجال البوليس، كما قال عنه المفكر العربي الحر هادي العلوي، والذي لقبه بـ "زيتونة الشام".
عبد المعين الملوحي إنسان منصف مظلوم:
ليس عبثاً أن أسمى ولديه منقذاً، ومنصفاً
لقد كان موسوعياً، طرق مختلف صنوف الأدب، من شعر ونثر، وسيرة، ومقالة، وتحقيق التراث، وترجمة، كما خاض في كثير من المواضيع الفكرية.. إذا أردنا التوقف لدقيقة واحدة فقط عند كل عمل من أعماله لاحتجنا إلى ساعات طوال، لذلك دعونا نمر بعجالة على بضعها، لأنّه كما قال أحدهم، لو قرأ كل عربي عشر ما كتب الملوحي، لكان حالنا أفضل بكثير مما هو عليه الآن. وعلى الرغم من ذلك جرى التعتيم على إصداراته، ولم ينل حقه، بل منع من نشر بعض كتبه، وبعضها ممنوع في دول عربية.
تجمعت ثلاثة عناصر رئيسية: الحب، والألم، والثورة في دفع الملوحي للأدب والشعر:
ما فيكَ يا ديوانَ شعري بسمةٌ بل أنت قطرُ دمٍ ونقعُ جهادِ
أول كتاب نشره، كان كتاب مكسيم غوركي "ذكرياتي الأدبية" وقد نشره في القاهرة، وقد يكون أول كتاب ينشر باللغة العربية لهذا الكاتب الثائر.
ولعل الخيط الجامع لأعماله هو نكرانه للظلم وللاستغلال والنفاق والاستبداد، وسعيه لنصرة المظلومين من كل لون وصنف؛ لقد كتب لإنصاف الفقراء، والمظلومين، فوقف في وجه ظالمي: المعري، وفي وجه ظالمي الإسلام، وظالمي الأدب العربي، وظالمي محمد إقبال، وظالمي الشعراء اللصوص، ودافع عن الغرب، وعن اللغة العربية، وسعى لإنصافهم.
في إنصافه ودفاعه عن اللغة العربية أصدر كتاب "دفاع عن اللغة العربية" كما ترجم كتاب "تحليل النصوص الأدبية" عن الفرنسية، تأليف شارييه وغرانج. وسبب ترجمته "أنّ التحليل الأدبي فن حديث ما يزال يتعثر في مدارسنا وجامعاتنا، ويكاد يكون محصوراً ضمن عبارات مكررة، تتردد في تحليل النصوص جميعاً". ولعل ترجمة الملوحي في عام 2001 لهذا الكتاب الذي صدر في باريس سنة 1938 يدل على تنبيهه لنا، وللمهتمين بمصير الأدب، كي نصحو، ونتدارك البون الشاسع بيننا وبين الشعوب والمتقدمة.
وبعدما انهار الاتحاد السوفيتي وسقطت التجربة الشيوعية في أوربا الشرقية، وانفض كثيرون عنها، أخذ يوقع مقالاته الفكرية باسم "شيوعي مزمن"، وتوج تلك المقالات في عام 2002 بإصدار كتابه القيم "كيف أصبحت شيوعياً" الذي يعد بحق قاموساً وهادياً لكل مظلوم. وهو يرى أنّ "الحل الوحيد لمأساة الإنسانية هو الاشتراكية، هو الشيوعية.
وإلاّ فسيبقى الإنسان غير إنسان.
سيبقى الإنسان وحشاً يأكل لحم أخيه الإنسان".
وفي زيارات الملوحي للباكستان لحضور مؤتمر الكتاب الآسيويين والأفريقيين، ثم في اشتراكه في المؤتمر العالمي للشاعر (محمد إقبال) الذي اجتمع فيه عدد كبير من المستشرقين رأوا في (محمد إقبال) شاعراً صوفياً فحسب، ولم يشيروا إلى أفكاره الثورية، وعندما كان موعد إلقائه كلمته فاجأهم بقصيدة (محمد إقبال): "لينين أمام الله"؛ وبيّن أنّ إقبال كان شاعراً تقدمياً ـ ويقال إنّه انتسب في شبابه إلى الحزب الشيوعي ـ فاصفرت وجوه، وأضاءت وجوه، وعندما أنهى كلمته، جاءته سيدة باكستانية وقالت: "شكراً يا أستاذ، لقد أعدت إلينا شاعرنا".
كتاب عبد المعين الملوحي "الإنسان ذلك المظلوم" لم يكن كتاباً ذاتياً، بل أراده أن يكون مرجعاً لكل من يريد سلوك حياة حرة شريفة نزيهة، بعيداً عن النفاق، وعن الاستغلال، والذل، والعبودية مهما كان نوعها: "جاءتني صبية حلوة في التاسعة عشر أو في العشرين من عمرها، قالت: يا عمي، أنت تعرف هذا المجتمع، إنّه مجتمع سلب، وغش، وفساد، وخداع، فأخبرني ماذا تريد أن أفعل؟
قلت:
ـ يا ابنتي إنّ الحياة حياتك، وأنت المسؤولة عنها أولاً وأخيراً، وأنا لا أنوي بل لا أستطيع أن أملي عليك سلوكك، وأن أخطط لك حياتك، ولكني أريد أن أعرض عليك سلوك هذا الشيخ الذي أمامك. لقد عشت حياتي مستقيماً، لم أغش، ولم أخدع، ولم أنافق، وأنا الآن أخطو إلى الثمانين، ولست بنادم على ما فعلت. استطعت رغم سلوكي الغريب؛ أن أجد لجسدي عشاً آوي إليه، وأن أجد لمعدتي خبزَها، وأن أجد لروحي مكتبةً، وأن أجد ليدي قلماً حراً أكتب به. وقبل أن تودعني قلت لها: اكتبي هذين البيتين فلعلهما يحفظانك عند هبوب العواصف:
أمطري لؤلؤاً جبال سرنديـ ـب وفيضي آبار تكرور تبرا
أنا إن عشتُ لستُ أعدم قوتا وإذا مت لست أعدم قبــرا
والشعر بالشعر يذكر؛ ولإنصاف الشعر العربي أصدر الملوحي كتابه القيم "مواقف إنسانية في الشعر العربي"، أهداه "إلى الذين ينكرون المواقف الإنسانية في الشعر العربي عن جهل، أو عن تعصب، ليعلم الذين لا يعلمون، ولينصف الذين لا ينصفون". ومن المواقف الإنسانية المميزة في الشعر العربي يبين الملوحي أنّ عروة بن الورد كان أول من دعا إلى الاشتراكية بين العرب، حيث قال:
إني امرؤ عافي إنائي شركة وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
(عافي إنائي: يأتيني من يشركني فيه)
ومن الشعراء الذين أنصفهم أيضاً ديك الجن الحمصي، فجمع وحقق ديوانه، وشرحه ذلك الديوان الذي كاد أن ينسى ويندثر.
كما أصدر كتاباً تحت عنوان "دفاع عن أبي العلاء المعري" يبرز فيه المعري مسلماً، يدعو إلى الله، ويوحده ويؤمن بقدرته، كما يتحدث عن شاعرية هذا الوجه المشرق في الشعر العربي، والذي لا نظير له في الآداب العالمية.
وعند الحديث عن إنصاف الملوحي للشعراء هل يمكننا نسيان "أشعار اللصوص وأخبارهم" هذا الكتاب الذي عمل على تحقيقه أكثر من عشر سنوات، وأصدره في ثلاثة مجلدات، وأهدى شعر الشعراء الذين أنكروا الظلم قديماً في أرضنا العربية، "إلى الذين ينكرون الظلم في كل مكان".
وفي دفاعه عن الغرب، يدعو الملوحي إلى الاستفادة من تجربته، ويقول: "إنّ الحياة المادية تعين الحياة الروحية... كفاك أيها الشرق عيشاً في أوهامك الوردية... إنّ في الغرب سلبيات، ولكن إيجابياته أكثر من سلبياته.."
كما قدم الملوحي كتاب "حكم النبي محمد" ترجمة سليم قبعين لتلستوي، وهذا الكتاب كان من بقايا مكتبة والده، وفي تعليقه على الكتاب قال: "يبدو أنّ الكاتب كان إنساناً منصفاً غير متعصب، فقد ساءه تحامل المتعصبين على الإسلام، والمسلمين وجهلهم بهما، فترجم هذا الكتاب".
ولم ينس "الحب بين المسلمين والنصارى"، و"مبادئ للثوار" لبرنارد شو، وكتب قصصاً "من أيام فرنسا في سوريا" تخلد نضال الشعب السوري ضد الاحتلال الفرنسي، وتصلح لأن تكون فلماً سينمائياً، يصور تلك المرحلة.
وأهدى (نجوى حجر) "إلى أحجار بلادي التي تجأر بالشكوى من إنسان بلادي".
وأصدر كتابه النفيس "نوادر دينية" التي جمعها من 25 خمسة وعشرين كتاباً، ولعل أهم أسباب إصداره هذا الكتاب "المقارنة بين سعة آفاق رجال العلم والدين والأدب في عصور الازدهار العربي وبين ضيق أفقنا في العصر الحديث". وإليكم على سبيل المثال هذه النادرة الدينية: "حكي أنّ تاجراً عبر إلى حمص فسمع مؤذناً يقول: أشهد أنّ لا إله إلاّ الله، وأنّ أهل حمص يشهدون أنّ محمداً رسول الله"فقال والله لأمضين إلى القاضي أسأله... فقال القاضي:
يا جاهل،.. إنّ مؤذننا مرض، فاستأجرنا يهودياً صيّتاً يؤذن مكانه، فهو يقول ما سمعت". (المستطرف2:4)
بعد هذا الاستعراض السريع لبعض أعمال الملوحي المنشورة، لنتوقف قليلاً عند شعره.
شيء من شعر عبد المعين الملوحي:
أسهمت قصيدة "بهيرة" التي يرثي فيها شاعرنا زوجته، إسهاماً بعيداً في شهرته والتعتيم عليه بآن معاً، وأعتقد أنّ قسماً كبيراً من شعره لم يأخذ حقه بسبب شهرة هذه القصيدة التي كسفت بقوتها وبهائها كل ما كتب قبلها، وبعدها...
أبهيرتي! قالوا لنا: ما هكذا عرف الرثاء
قولي لهم: بل إنّه نار بها احترق البكاء
كم ثائر للكبرياء بكت عليه الكبـريـاء
الحقد مثل النار، يأكله وتلعنه السمــاء
واكتفى بعض المهتمين بالأدب بإيراد مقطوعات من هذه القصيدة العصماء، ولم يذكروا من شعره الآخر إلاّ القليل..
من المعروف أنّ الملوحي بدأ نظمه الشعر بالرثاء، فكانت أول قصيدة يكتبها "إلى غادة" التي يرثي فيها تلك الحسناء التي قتلها أهلها الأرستقراطيون لأنّها أحبت البستاني وتزوجته، ثم رثى في شبابه أخويه عبد الباسط الأول، والثاني، اللذين ماتا ولم يتجاوز أي منهما الثانية عشرة:
يا أخي أين أنت؟ ما لك لا تســ ـمع صوتي؟ وكنت طوع بناني
لا تقولوا صِف الربيع فما أبــ ـعد وصف الربيع عن ديواني
....
وجاء فيها بيت طالما ردده في كل لقاء معه:
جمالك يا دنيا يثير متــاعبي وربّ جمال كان عون النوائب
وتتالت قصائد الرثاء لأصدقائه وذويهم وغيرهم من الشعراء والمناضلين... حتى تجاوزت قصائد الرثاء التي نظمها 26 قصيدة، ويتجاوز عدد صفحاتها 200 صفحة من القطع الكبير... من يتمعن بموضوعية في قصائد الرثاء التي كتبها الملوحي خاصة "بهيرة"، و"ورود"، و"عبد المعين الملوحي يرثي نفسه" من الناحية الفنية، والفكرية، والموسيقية، والموسوعية الشاملة التي تمتاز بها، لا يريبه أدنى شك في أنّه أميرٌ لشعر الرثاء على الصعيد العالمي بلا منازع...
من الأبطال الأوائل الذين رثاهم شاعرنا الشهيد يوسف العظمة:
قضيت شهيداً شامخ الرأس كاتباً بموتك للأجيال ملحمة كبرى
وقال في قائد الثورة السورية سلطان باشا الأطرش:
كم فتى عانق الرمــاح عناقاً يحسب النقع ـ إن دجى النقع ـ كحلا
إن دعاهم (سلطان) لبوا وهبوا يحسبون الرصاص غيثاً وطــــلا
وحيا القمرين: فارس الخوري، وفايز الخوري.
ورثى الشاعر حافظ ابراهيم في قصيدة من 43 بيتاً:
روعوه وحطموا أقلامه وسقوه بعد الشقاء حمامه
وفي رثاء أحمد شوقي قال:
كان للنسمة في الصبح أخاً يرسل الشعر علينا نفحـات
قلت لما قيل شوقي قضى أرفقوا في سحق قلبي يا نعاة
وتطلعت إلى أفق السـما فإذا الأنجم فيها خـامــدات
ورثى المجاهد الكبير إبراهيم هنانو، ومصطفى صادق الرافعي، والشهيد المصري: فتحي كامل محمود الذي استشهد عام 1946 نتيجة أوامر رئيس الوزراء بفتح جسر النيل لما بلغه الطلاب المتظاهرون، فتهاوى الطلاب في النيل، فاستشهد صديق شاعرنا، الذي كان قد غادر إلى حمص، فرثاه بقصيدة تحولت إلى منشور سري تتبادله الأيدي في مصر، وفلسطين، والدول العربية المجاورة:
قُبِرت ولم نحفر لأعدائنا قبـــرا ومت ولم نشعل لظى الثورة الكبرى
ونمت وباغي مصر في مصر ساهر يفاوضهـا جهـراً ويطعنها سـرا
قد تكون دمعة الصديق صادقة، وكلمات الرثاء النابعة من القلب برقة عاطفة شاعر قُدّ شعره من "الحجار السود"، وهذا مما قاله في رثاء وصفي قرنفلي:
أ أبكي كل يوم لي صديقاً ولا يبكي على قبري صديـق
أما من نسمة يا ليل قل لي وأغضى الليل، أقسم: لا يفيق
تمتاز قصائد الرثاء التي كتبها شاعرنا باهتمامها بالقضايا الإنسانية العامة، وعدم توقفه عند القضايا المكررة والشخصية البحتة، وهذا واضح في رثائه للعلامة "عبد القادر عياش"، ومحمد راتب النفاخ، وشعيب الجندلي، والدكتور عصام سرطاوي، ووالد السرطاوي، وعبد الرحيم بدر.
ولفلسطين والفلسطينيين مكان خاص في مهجة كل حر، فهم أصل المناعة الأولى في مقاومة العرب والإنسانية للصهيونية العنصرية... وشاعرنا لسان حال الأحرار:
احفروا في ربى فلسطين قبري في خليل الرحمن بين الكروم
قد سئمت الحياة نفياً وقهــــراً فعساني في القبر ألقى نعيمي
ومن الجدير بالذكر أنّ شعر الملوحي لا يقتصر على الرثاء، بل إنّ أعماله الشعرية غير المنشورة، والتي تتجاوز الخمسمائة صفحة من القطع الكبير تتوزع بين الشعر الذاتي، والغزل، والطبيعة، والهموم الأخلاقية والسياسية والاجتماعية والوطنية والقومية...
امتاز الملوحي برهافة الحس، والعاطفة الإنسانية الصادقة النبيلة، وعاطفته لا حدود لها، فهي من صدقها وقوتها لو هبّ جزء زهيد منها على الصحارى القاحلة الجدباء، لأحياها وكساها بالخضرة والزهور:
وعاطفة لو هبّ معشار خصبها على القفر أضحى القفر بالزهر كاسيا
والملوحي ضد جميع أشكال التمييز الطبقي والعرقي والديني، فعاطفته إنسانية ثورية، فهو ضد العبودية، ولم يكتف بالدعوة للرفق بالعبيد والمظلومين، وإنما دعاهم إلى الثورة ضد مستعبديهم، وبقي في خندق الثوار:
وإن ثار في الأرض العبيد وجدتني نصيراً لزحف الثائرين مواليا
لم تخل حياة شاعرنا من مكابدة الظلم والتجني، وتتمخض عن هذه المعاناة لوحات عاطفية صادقة تهز أقسى المشاعر، فالتعاسة والبؤس والقسوة تخرج الإنسان من طوره، وتحرمه صحة الحواس، فتريه الأزهار مكفهرة في أوج تفتحها، وتحوّل قطرات الندى الشفافة الصافية إلى مدامع نحس في نظره!
أي فؤادي ها أنت تكرع سماً كشراب وبئس هذا التحسي
ما أظن الأزهار تبسم للصبــــح وهذا الندى مدامع نحس
أعتقد أنّ الشاعر يتجاوز ذاته في هذه اللوحة، ويصف فيها حالة جميع بؤساء العالم، وهذه تعد من مصادر قوة شعره، التي لا تقف عند الذاتي، بل نرى فيها تناغم الذاتي بالموضوعي والعام في الخاص.
وللغزل نصيب وافر في شعر الملوحي... ها هو فنان يمسك بريشته ويرسم: المرح والنشوة تتحول إلى ألوان زاهية تطوق الزنود، وتكسو الخدود الوردية، وتنبعث آهات مكتومة تنشد المزيد والمزيد، وتوحد جسمين يأبيان الفراق:
قضينا الليالي في مراح ونشـوة فزند على زند وخد على خــد
أكاتم أنفاسي وتكتم مثـلهـــا فليس سوى لثم وليس سوى وجد
إذا قلت يكفيني الذي نلت هاجني إليها غرام بعضه جمرة الوقــد
وإذا ذكرت الطبيعة يرتسم العاصي والغوطة، وترواد الأحلام الشاعر، ويحلق بين الماضي، والحاضر، والمستقبل متسائلاً تساؤل العارف، لكنّه يتجاهل معرفته المرة القاسية، ويوهم نفسه، ولو في الخيال، بإمكانية تحقيق ما يبدو مستحيلاً فيعود العاصي كما عهده... يركض خلف الفراشات والبلابل على ضفافه، ويشرب من مائه النمير، ويعود ديك الجن لينسج ملحمة العشق الخالد مع جاريته ومتيمته المغنية الصبوح "ورد":
ترى أيعود للعاصي صبــاه؟ فيرفل بعد في ثوبٍ قشيــبِ
ترى أ أنام والصفصاف يضفي عليّ الظلّ في المرج الخصيب؟
وأشرب ماءه بيدي صفــواً؟ وكان يفيض بالماء الشـروبِ
وينظم فيه ديك الجن شـعـراً يفوح بيانه فوح الطيـــوب
تُغني عنده "وردٌ" و"بـكــر" فتسري "الآه" في الليل الرهيب
الشاعر عبد المعين الملوحي ليس مع الشعر القديم ولا مع الشعر الحديث؛ إنّه مع الشعر سواء أكان قديماً أم حديثاً، شريطة أن يكون شعراً.. ولقد نظم ونشر شعراً قديماً وحديثاً من شعر التفعيلة.
وهو يعتقد أنّ القصيدة الكلاسيكية لم تفقد بريقها بل ما تزال تتألق..
دعوة لكتابة أوزان للشعر الحديث :
نظراً لأنّ تطور الحياة يفرض التطور في طرق التعبير، بما في ذلك في الشعر وبالتالي فالتجديد في الموسيقى والأوزان ضرورة تستلزمها أوضاع العصر الحديث، ولكن ليس معنى ذلك أن يكون الشعر دون موسيقى. من هنا تأتي مطالبة شاعرنا بالتجديد وابتداع أوزان جديدة، ولكن دون التخلي عن الوزن كلياً.
لقد كتب عبد المعين الملوحي الشعر الحر، وصدر له ديوان من الشعر الحر تحت عنوان "من وحي الصين"، جهد فيه على المحافظة على العناصر أعلاه، التي تحدد قيمة الشعر وهي لا تنأى عن قصائده من النمط القديم من جهة صدق العاطفة، وملامسة خفقات القلب وارتعاشات الضمير.. ولكنها لا تصل من ناحية الوزن والموسيقى إلى المستوى الرفيع الذي عهدناه في ملاحمه الشعرية.
"من قال : إن عيني امرأة لا يمكن أن تكونا
أوسع من العالم ؟
من قال : إن عيني امرأة لا يمكن أن تكونا
أعمق من السماء ؟" ( عينان من فرنسا ـ الصين 1978)
رأي عبد المعين الملوحي في شعر المناسبات :
يقول الملوحي: "شعر المناسبات ليس شعراً على الإطلاق، وهنا أميز بين نوعين من شعر المناسبات، المناسبات الخارجية وتتعلق بالسلاطين والملوك.. الخ وهؤلاء الشعراء يتملقون لكسب ثقتهم واغتنام هداياهم.. والمناسبات الداخلية التي تخص الشاعر مما يتعلق بأفراحه وأتراحه..
وهو يعد قصائد التملق التي تكتب في عصرنا الحالي ابتغاء للشهرة، والمال، والحظوة لدى المتنفذين، أحد أشكال السقوط والانحطاط..
ولعل الحادثة التالية تنبأ بموقفه من الشعر القديم والحديث حتى آخر لحظات حياته:
عندما سألته عن صحته في آخر لقاء لنا في 7/3/2006 ـ أي قبل وفاته بأسبوعين ـ أجابني بصراحة لقد رأيت الموت منذ يومين، عندما تلقيت نبأ وفاة صديقي الأديب والمناضل الثوري الفلسطيني الذي عانى ليس فقط من عسف وظلم الاحتلال بل ومن السجون العربية: مطر عبد الرحيم، شعرت لوهلة بأنني فقدت وعيي.. ولقد ذهبت إلى مخيم فلسطين وسرت وراء صديقي.. كان الطقس بارداً، مضت عليّ ليلة رهيبة لا أصدق أنني نجوت من الموت..
ـ يا أستاذنا الكريم، وهل يعقل أن تخرج في مثل هذا الطقس البارد، وأنت في هذا العمر وصحتك عليلة منذ مدة، ثم بالله عليك قل لي: ماذا نستطيع أن نفعل في هذه المناسبات.. سألته.
ـ لن نستطيع فعل شيء، لن نستطيع تحريك إصبعاً من أصابعه.
إنّه لأمر غريب، وأخذ يقرأ عن ظهر قلب مقاطع من قصيدته "ثلاث رسائل من الصين":
"إنّه أمر عسير وقبيحْ
أن تعيشْ
طول تسعين سنةْ
ثم لا تدري: متى أنت تموتْ
أنا أعياني صُراخي
أنا أعياني السكوتْ
يا خيوط العنكبوت."
ـ أليس هذا هو العبث. سألته:
ـ "وحسبي من الدنيا طروسي وريشتي
وحسبي من البنيان عالم أوهامي
يهون عليّ الخطب ما عشت شاعراً
وتُضرب الدنيا إذا خنت أقلامي".
أجابني.
ـ من أية قصيدة هذه الأبيات. ـ سألته.
ـ من قصيدة بائعة الزهر التي كتبتها في عام 1937.
تدل هذه الواقعة على أنّه بقي متوقد، ومتفتح الذهن حتى آخر لحظة في حياته، كما تدل على تقديره لنمطي الشعر الحديث والقديم.
منع كتبه:
من الأمور التي كانت تثير شجونه انتظاره موافقة تلامذة تلامذته على طباعة كتبه... والملوحي الذي ربى الأجيال سجنه بعض من رباهم... ولم يسمحوا له بطباعة بعض كتبه، ونشر فكره، ومن كتبه التي منعت وزارة الإعلام نشرها كتاب: "عبد المعين الملوحي في السجن" الذي أهداه:
إلى نيلسون منديلا
المناضل الإنساني العظيم
...
والذي آمل أن تلتقي ثورة شعبه ضد العنصرية في جنوب إفريقيا بثورة شعبنا العربي ضد العنصرية الصهيونية في فلسطين ...
وإلى كلٍّ من: رياض الترك، وعارف دليلة، وجميع سجناء الرأي والحرية في العالم وفي الوطن العربي وفي سورية".
لماذا لم ينل عبد المعين الملوحي حقه؟
بعد هذا العرض الموجز والسريع، يعود السؤال يتردد: لماذا لم ينل عبد المعين الملوحي حقه لا رسمياً ولا شهرة ؟!
حياتي كأسان: حربٌ وحب وكلاً شربــت نهالاً نهــالا
ولولا النضالُ جهلت الهوى ولولا الهوى ما عرفت النضالا
هل الهوى، أم النضال هو من ظلم عبد المعين الملوحي؟! أم عقم المرحلة الفظيع الذي نعاني من فظاعته؟!
يقول الدكتور طيب تيزيني في مقدمته لكتاب يوسف بلال "هكذا رأيت عبد المعين الملوحي" ما يلي: "لعل عاملين اثنين كانا وراء إسدال حُجب صفيقة على (المبدعين الحقيقيين) ووراء محاولة إقصائهم عن المشهد الأدبي والشعري والفكري السوري والعربي. أما العامل الأول فيتمثل في أنّهم جاءوا ـ عموماً وإجمالاً ـ في مرحلة هيمنت فيها على منابر الثقافة وأقنيتها وتسويقها، بل على القرارات التي تتخذ بشأنها فئات من المثقفين "العاملين في جهاز أو آخر" مما نطلق عليه "الدولة الأمنية". ويأتي العامل الثاني متمماً للأول ويتمثل في انهيار المشروع العربي الديموقراطي...
لقد ظهرت "الخيانة الثقافية" لتجتاح ما عمل على تأسيسه رواد مثقفون ووطنيون وقوميون ديموقراطيون. وكان عبد المعين الملوحي هدفاً لمن قاد تلك الخيانة الثقافية".
عند الحديث عن الظلم الذي لحق بهذه الثروة الوطنية ـ الشاعر والموسوعي عبد المعين الملوحي ـ في وطنه، من الضروري التنويه إلى وجود من عرف قدره، وحاول رعاية أدبه وفنه، فقد قامت وزارة الثقافة بنشر 16 عشر كتاباً من كتبه؛ من بينها:اللاميتان: لامية العرب، ولامية العجم، وديوان عروة بن الورد، والحماسة الشجرية، والمنصفات، وتاريخ الشعر الصيني من أول عصوره حتى الآن، وتاريخ الأدب الفيتنامي، كما أصدر مجمع اللغة العربية كتابيه: الأزهية في علم الحروف، وأشعار اللصوص وأخبارهم الجزء الأول. وأصدرت وزارة الدفاع ترجمته لكتاب " تحفة المجاهدين في العمل بالميادين"، وكتاب " في علم الفروسية" ، وأصدرت وزارة الأوقاف كتاب حققه تحت عنوان "فهرسة الأغاني"، كما أصدرت مجلة الثقافة، التي يرأس تحريرها الأستاذ مدحت عكاش، أكثر من ستة كتب من كتبه. وساهمت مؤسسة البابطين بنشر كتابه "الطير والحمام في الشعر العربي"، بشرائها نسخ من هذا الكتاب بسعر تشجيعي. كما قامت غرفة تجارة وصناعة حمص بطباعة كتابه "في بلدي الصغير والحبيب حمص"، ونشره على نفقتها. وأفردت صحيفة "قاسيون" الوطنية زاوية خاصة باسمه عنونتها بـ "ملوحيات" وغطت جميع أخباره في السنوات الأخيرة... يوجد من ينتقد ذلك لأسباب بعضها شخصي، ويرى أن بعض التنظيمات تسعى لاستغلال اسمه وسمعته في صالحها، وفي هذا المجال نرى أن النظرة الموضوعية تجعلنا نقدر ما قامت به هذه الجهة أو تلك من تسليط الضوء على أديبنا وإنتاجه في الوقت الذي حاول الآخرون التعتيم عليه... ولعل ما حصل عند ضريحه أثناء مواراته الثرى، واندفاع المعارضة والموالاة والمتدينين لتأبينه، ومحاولة كل طرف للاستئثار باسم وتراث عبد المعين الملوحي، دليل على أنّه عاش مع الجميع وللجميع، والجميع لم يفهمه، ولم يقدره حق قدره، ولم يستطيعوا أن يرقوا إلى مستوى تفكيره، ونهجه في الحياة، الذي يتلخص في أنّه يريد أن يكون للوطن بكل أبنائه ومكوناته، ويريد أن يكون مصدر وحدة لا تفرقة، والملوحي أكبر بكثير من تأطيره في هذا التنظيم أو ذاك، أجل إنّه للوطن وللشعب بجميع مكوناته، وإذا أردنا تكريمه فلنتآلف جميعاً علمانيين ومتدينين متنورين، ولنتحابب كما كان الملوحي يحبنا جميعاً، ويوحدنا على تقدير جهوده وعلمه وعطائه.
ولا ننسى أنّ جهات رسمية عدة حاولت إقامة احتفالات تكريم له في حياته، رفضها جميعاً، مؤكداً أنّ لا يوجد عربي يستحق التكريم في هذا العهد، فضلاً عن أنّ الخطابات التي تلقى في حفلات التكريم كانت تتناقض مع قناعاته... فبعد رفضه أحد حفلات التكريم الروتينية المتكلسة، كرم أحدهم بدلاً منه، وعلق على الخطابات التي ألقيت في الحفل قائلاً: "لو قبلت التكريم، وألقيت تلك الخطابات في حضوري، لأغمي عليّ".
ويعترض بعضهم على رأينا بأنّ الملوحي لم ينل حقه، قائلاً ألا تعلمون أنّه كان مستشاراً في القصر الجمهوري؟ فكيف تقولون لم ينل حقه؟ متناسين حقيقة أنّه كان مستشاراً لكن بلا استشارة. وهذه قصة تعيينه مستشاراً في القصر الجمهوري: يقول الملوحي: "عندما قبلت النقل إلى وزارة الثقافة كان لي شرط واحد هو ألا يقف ترفيعي في الوزارة، ووعدت بذلك فانتقلت. ولكن الذي حدث أنني بلغت الدرجة الأولى والمرتبة الأولى في الوزارة، ثم وقفت ست سنين دون ترفيع، وكنت كلما طالبت بالترفيع احتج أصحاب السلطان بملاك الوزارة فأسكت مرغماً... في عام 1970 علم الدكتور نور الدين الأتاسي، وكان رئيس الدولة عن طريق صديق بوضعي الوظيفي ووافق على ترفيعي... فنقلني مستشاراً في القصر الجمهوري. وطلب وزير الثقافة ندبي لوزارة الثقافة... لم تستمر حياتي في القصر الجمهوري طويلاً، وكنت مستشاراً بلا استشارة."
إن بعض اللفتات الكريمة من هذه الجهة أو تلك لرعاية إبداع الملوحي لا يوازي الجهد الكبير والفائدة الجمة التي قدمها لشعبه وللمكتبة العربية، ولم يتم التعامل بجدية ومسؤولية مع إنتاجه ولم يتم الاستفادة منه، ولا تقديره حق قدره كثروة وطنية حقيقية.
يقول الملوحي: "أنا لست لاعب كرة، ولا ممثلاً، وجهدي وعطائي انصب في المستوى الأعلى الذي يصنع عقل ووجدان الأمة .."
وفي حياته الحافلة بالنضال والعمل والعطاء، ظلّ متمسكاً بالمثل العليا، لم ينافق ولم يخادع، ولم يبع قلمه، ولم يمدح الاستبداد، وربما كان ذلك أحد أسباب التعتيم عليه وعدم نيله حقه، في دنيا الفساد..
بعد نيل الملوحي وسام جمهورية فيتنام الاشتراكية، اتصلت به لأهنئه، وتساءلت متعجباً عن ذلك التعتيم الذي رافق النبأ، ومقاطعة المسؤولين لحفل التكريم، بمن فيهم تلامذته وأصدقاء له، فأجابني مباشرة:
ـ السبب بسيط: هذا الوسام ليس من أمريكا، بل من دولة انتصر شعبها على أمريكا.
ويبقى السؤال دون جواب: لماذا تكرم فيتنام، وبولونيا، والصين، وباكستان، شاعرنا وتصمت عن ذكره أمريكا، ولا ينال حقه كاملاً في بلده؟
هل ظلم نفسه؟
من المؤسف أنّه لم يتم نشر أعماله الشعرية الكاملة حتى الآن، بل نشر بعضها في دواوين متفرقة، وبعضها في الصحف والمجلات، وأكثرها محفوظ في أدراج مكتبته، لم ير النور بعد، وكان لنا شرف التعرف على تلك أعماله الشعرية كاملة، ولمسنا مدى الخسارة التي تصيب مكتبتنا العربية من عدم نشر تلك القصائد التي يحمل أغلبها بالإضافة إلى قيمتها الفنية والفكرية قيماً اجتماعية وتاريخية فائقة الأهمية..
أجل إنّ أحد أشكال الظلم الذي لحق بالملوحي عدم نشر أعماله كاملة بما فيها أعماله الشعرية.. إنّه ما زال مجهولاً حتى من أقرب المقربين إليه، ولم تصدر حتى الآن دراسة وافية تسبر أعماقه وجوهره..
جرى نقاش بيني وبين شاعرنا عبد المعين الملوحي بدءاً من عام 2000 حول ضرورة نشر أعماله كاملة، واقتنع بذلك ونضدت وأخرجت بشكل نهائي وأصبحت جاهزة للنشر، إلاّ أنّ الأحداث التي عصفت بالعالم أخيراً، والنظرة المشوهة للإسلام من قبل أعداء الشعوب التقليديين، ومأساة الشعب الفلسطيني، جعلته يضع علامات استفهام ذاتية حول إمكانية نشر أعماله كاملة ـ بما فيها قصيدة "بهيرة" ـ في هذه الظروف .. وإمكانية استغلالها من قبل أعداء الإسلام .. في الوقت الذي يضحي العرب الفلسطينيون بأرواحهم ويستشهدون دفاعاً عن شرفنا ومستقبلنا ، فمن غير الصحيح ولا المعقول أن ننشر أي عمل ينال من معنوياتهم أو يفسر في غير صالحهم أو يحسب في صالح العدو ..
ـ لقد قال: ليس منطقياً نشر أعمالي الشعرية، من غير نشر قصيدة "بهيرة" ضمنها. وكيف تريدني أن أنشرها الآن، وأبناء الشعب العربي الفلسطيني، بمن فيهم المتدينون يخوضون صراعاً مريراً ضد الصهيونية... ألن يفسر ذلك كطعنة في ظهر شبابنا المؤمن المناضل ضد الصهيونية العنصرية؟
أليست هذه تضحية ذاتية في سبيل صالح الأمة؟!
في بداية عام 2006 اتفقنا على نشر أعماله الشعرية الكاملة، مع اقتراح بأن نترك فراغاً في مكان الأبيات التي تثير الشك في "بهيرة"... أرسلنا الديوان إلى وزارة الثقافة للحصول على الموافقة على النشر، وحصلنا على الموافقة... واتفقنا مع دار نشر على الطباعة، وأبلغت شاعرنا بالاتفاق في آخر لقاء لنا في منزله بتاريخ 7/3/2006، فطلب مني أن أدقق النسخة النهائية من التنضيد قبل عرضها عليه، لأنّه كان ممنوعاً من القراءة... في اليوم التالي، وفي حوالي الرابعة بعد الظهر اتصل بي هاتفياً، وقال:
ـ يا شاهر، البارحة لم أستطع النوم.
ـ عسى الأمر خيراً. ـ سألته.
أجابني:
ـ لقد أقلقني ديواني طوال الليل. لا أريد لديواني الشعري بعد هذا العمر أن يصدر مقطوع الرأس.
ـ لم أفهم. ـ أجبته.
ـ بهيرة. قال لي، ثم أردف: الأمر لا يتعلق بالكلفة المالية. سأترك لك مبلغاً من المال، بعد أن أموت، لتطبع ديواني كاملاً في بيروت.
كان ذلك آخر كلام جرى بيننا. وأتاني الخبر الأليم، وأنا أدقق النسخة النهائية من أعماله الشعرية، التي مازالت محفوظة لدي، مع أصل مقدمته التي كتبها بخط يده، وموافقة وزارة الإعلام على الطباعة... وأنا محتار وعاجز عن تلبية هذه الوصية الشفهية حتى الآن...
وأعود لأؤكد أنّ في نشر أعماله بعض الرفع من الغبن الذي يحاصره ، بالإضافة إلى أنّ نشر هذه الأعمال خاصة الشعرية، سيقدم أعظم فائدة للقارئ العربي الذي ستغني قراءته لها من حبه لقضايا العدالة الاجتماعية، وتزيده وطنية وإنسانية، كما سيحيي القضايا العادلة التي دافع عنها وعن المظلومين فيها.. وكأنني أسمع أصوات: يوسف العظمة، وسلطان باشا الأطرش، وهنانو، وفتحي كامل محمود، والسرطاوي، وعبد الرحيم بدر، وشعيب الجندلي، ومحمد إقبال، وبهيرة، وورود، وبردى، ووادي العاصي، وفقراء الهند، وفلسطين والعروبة والإنسانية.. وغيرهم، وغيرهم تناشد أن أخرجونا من رفوف مكتبة الملوحي ..
لا يساورني شك في أنّه سيأتي يوم تتم فيه دراسة جدية لإنتاج الملوحي، ويقدر حق تقدير، وتترجم ملاحمه الشعرية إلى لغات العالم يتباهى بها أبناء شعبه.
اسمح لي يا أستاذنا الكريم أن أهمس في أذنك، وأقول لك: ـ يا من رفضت إجراء مقابلات مع الإذاعات الغربية، لأنّها تروج للمعتدي ـ، لا أستبعد أن يأتي مستشرقاً من بلاد أجنبية، وقد تكون غربية، يبين لأبناء شعبك أهمية ما أبدعت، عندئذٍ قد نصحو، وتنال بعض حقك، وتعود إلينا منيراً درب الحرية والتقدم... ويقول أحفادنا للمستشرقين، كما قالت تلك السيدة الباكستانية لك: شكراً لكم لقد أعدتم إلينا شاعرنا.
* * *
وفي ختام المحاضرة تحدث الدكتور منقذ الملوحي فشكر منظمي هذه الندوة منوهاً إلى أنّ طرطوس سبقت حمص مسقط رأس الشاعر والأديب عبد المعين الملوحي في تنظيم هذه الندوة، كما بيّن أنّ الملوحي كان للوطن والشعب بجميع مكوناته كما جاء في المحاضرة... وتحدث كل من الأستاذ عماد عثمان والأستاذ محمد سلوم نوها بأهمية أدب الملوحي...
طرطوس 19/11/2006
#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أدب السجناء السياسيين -غبار الطلع- رواية
-
إصدارات هامة في دمشق
-
حول -اقتصاد الحرب هل سمع شيوعيو -النور- ب -روزا لوكسمبورغ-؟
-
فريديريك انجلس والاقتصاد السياسي
-
تآلف العلمانيين والمتدينين المتنورين وسيلة ضرورية لتقدم الحض
...
-
-الإغواء بالعولمة- كتاب يتضمن أفكاراً هامة تدعو إلى التمعن
-
تحية إلى ميشيل كيلو وفاتح جاموس ورفاقهم
-
الحكومة العالمية والسلاح الصامت
-
نضال الطبقة العاملة والفئات المنتجة ضمانة اساسية لتحقيق الدي
...
-
صدور الطبعة العربية من الكتاب الإشكالي: اغتيال الحريري
-
عبد المعين الموحي خسارة لا تعوض
-
المعارضة في خطر
-
دمعة على أمير شعراء الرثاء عبد المعين الملوحي
-
أين يكمن الخطأ؟
-
تحية إليكِ وإلى ناشدات الحرية جميعاً في عيد المرأة العالمي
-
عبد المعين الملوحي زيتونة الشام
-
لا تنسوا الدكتور عارف دليلة
-
الماركسية والديموقراطية - نظرة تاريخية نقدية
-
الحوار المتمدن يؤلف القلوب ويوحد الأحزاب
-
كيلا تطغى الشعارات على الإصلاح في الوثيقة الوطنية
المزيد.....
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|