أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية














المزيد.....


عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7858 - 2024 / 1 / 16 - 10:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية !


يكاد يندر أن تجد إنسان عراقي يمتلك فضيلة (المطابقة) بين ما يقوله ويعلن عنه جهارا"من جهة ، وبين ما يفكر فيه ويعتقد به باطنا"من جهة أخرى ، بحيث يبدو كما لو أنه يعيش بين عالمين منفصلين ومتناقضين ؛ يظهر الجرأة والجسارة في الحالة الأولى ، ويضمر الاستكانة والتقية في الحالة الثانية . ولهذا قلما نصادف في حياتنا اليومية وجود من يعبر عن ومضات عقله بصراحة وخلجات نفسه بوضوح ، وهو ما يعتبر بالنسبة لعلماء النفس والاجتماع حالة متقدمة من حالات (سايكوباثيا) الشخصية بحاجة الى تشخيص الأعراض وعلاج المسببات .
وكما في كل الظواهر الاجتماعية والإنسانية الشاذة والغريبة التي يمكن مصادفتها في حياتنا اليومية ، لا يشكل الفرد العراقي - في هذا الإطار - حالة استثناء كما قد يوحي عنوان المقال لمن يستهويه هذا الأمر ويستمرئه ، وإنما هي ظاهرة من جملة ظواهر عامة وشائعة يمكن رصدها وتشخيصها لدى أفراد وجماعات أخرى في بيئات اجتماعية وثقافية مختلفة . ولكن ما يتميز به الفرد العراقي عن سائر أفراد المجتمعات كونه (يتفوق) بأشواط على أقرانه في استبطان عقدة (الهاجس الأمني) واجتياف تبعاتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ، لا في إطار وعيه الظاهر (الشعور) وما يتمخض عنه من تصرفات وسلوكيات غالبا"ما تتسم بالفضاضة والخشونة ، الأمر الذي يسبغ عليها طابع التطرف في المواقف والعنف في العلاقات فحسب ، وإنما في مطمور لاوعيه الباطن أو (اللاشعور) وما يتوقع أن يترتب عليه من تمثلات وتصورات غالبا"ما كانت مشحونة بفائض من القلق إزاء المستقبل ، والخوف من المجهول ، والريبة من الغريب ، التوجس من المختلف .
والحقيقة انه إذا ما حاولنا إيجاد تفسير مقنع يميط اللثام عن أسباب تمكن هذه الظاهرة من شخصية الإنسان العراقي المدجنة واستيطانها داخل شعاب سيكولوجيته المترجرجة ، فلعلنا لا نجانب الصواب حين نزعم ان العلة الأساسية التي وسمت تفكيره وبرمجة وعيه بالشكل الذي ينم عن قلة حيلة وانعدام إرادة وفقدان مصير ، إزاء سلاسل متواصلة من سياسات وإجراءات التجويع الاقتصادي والترويع النفسي والتركيع السياسي والتضييع الإنساني ، التي لم تبخل أنظمة الحكم السياسية السابقة واللاحقة في جعلها طقوس متوارثة بين أجيال المجتمع طيلة عقود متقادمة وتواضعات متراكمة ، حتى أضحت جزء حيوي من تكوينه الذهني والسيكولوجي .
ولعله لو بحثنا في سيرورات وديناميات تاريخ المجتمع العراقي ، لوجدنا من الأسباب والدوافع القاهرة ما لا يجعل فقط من شخصية الفرد العراقي عرضة لدوامات الخوف والقلق والتوتر فحسب ، وإنما يحلها الى كتلة مضطربة تتلظى بجحيم لا يطاق من جنون الارتياب والهلع من كل ما له صلة بمؤسسات الدولة الأمنية وعناصر السلطة القمعية التي تحيط به من كل جانب . لاسيما وان هذا الإنسان المقهور في إرادته ، والمهدور في إنسانيته ، والمغدور في حقوقه ، قلما عرف فترة من فترات تاريخه المخضب بدماء الأبرياء والبؤساء ، والمعفر بدخان الحروب والصراعات . استشعر خلالها انه يعيش في ظل (دولة راعية) تحميه من غوائل الخوف والعنف من الآخر ، مثلما يتمتع برعاية (مجتمع حاضن) يجنبه الوقوع بين براثن العزلة والاغتراب . ولهذا غالبا"ما نجد ان مشاعر (الثقة) المتبادلة بين رجل الأمن ونظيره المواطن العادي ، كانت - على الدوام - ليست فقط ضعيفة وهزيلة وإنما ملغية ومعدومة بالكامل ، هذا ان لم تكن ملغومة بالحقد والضغينة والكراهية ، بحيث ان الحديث عن هذا الأمر يبدو أشبه ما يكون بثرثرة سمجة منه بتوصيف حالة واقعية معاشة .
والمشكلة ان التربية البيتية (الأبوية) والتنشئة الاجتماعية (القبلية) ، ساهمتا – كلا"في مجالها الخاص - في تكريس مثل هذه المخاوف وترسيخ مثل هذه الهواجس ، سواء عبر سيرورات (المجايلة) الفاعلة في مثل بيئة المجتمع العراقي ، حيث الروابط الأسرية والصلات القرابية والانتماءات العصبية لها اليد الطولى في تنميط وعي الفرد ونمذجة سلوكه ، أو من خلال الممارسات والإجراءات البيداغوجية والإيديولوجية التي لا تفتأ السلطات السياسية من حمل مكونات المجتمع على الامتثال لتعاليمها والاجتياف لقيمها ، بحيث لا تترك أي مجال أمام من يتجاسر على ردم الهوة بين من يرمز الى الدولة / السلطة ، وبين من هو خارج وصايتها المستمرة ورقابتها المتواصلة ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !
- الجامعات الأهلية وانحطاط المستوى العلمي
- هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟
- معوقات تعافي المجتمع العراقي
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية


المزيد.....




- حماس تعلن مقتل 4 من مقاتليها بغارات إسرائيلية في الضفة الغرب ...
- -5 شبان يمارسون التأمل-.. مقطع فيديو قد يفك لغز حرائق كاليفو ...
- -أيها الدموي.. يا وزير الإبادة- هكذا قاطعت سيدتان خطاب أنتون ...
- سفن -أسطول الظل- تتحدى العقوبات الغربية وتحافظ على تدفق الأم ...
- عرض نتنياهو لا يُفوّت.. ما هو ثمن بقاء سموتريتش في الحكومة و ...
- زيلينسكي يزور بولندا لحل قضية استخراج رفات بولنديين قتلوا عل ...
- أردوغان يطالب إسرائيل بالانسحاب من أراض احتلتها ويتحدث عن أك ...
- فيتسو سيحضر احتفالات 80 عاما على النصر في موسكو على رأس وفد ...
- رئيس بردنيستروفيه: روسيا ستزود بلادنا بالغاز كمساعدات إنساني ...
- تقرير يتحدث عن شروط مصر لتطبيع العلاقات مع سوريا الجديدة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية